أدوار السودان الجيوسياسية: الديناميات الإقليمية في القرن الإفريقي، حوض النيل، البحر الأحمر، والساحل الإفريقي (الجزء الأول)
د. عبد المنعم مختار
استاذ جامعي في مجال الصحة العامة
المدير العام للشركة الألمانية-السودانية للبحوث والاستشارات وبناء القدرات
المدير التنفيذي لمركز السياسات القائمة على الأدلة والبيانات
الملخص
الخلفية والدوافع
يحتل السودان موقعًا استراتيجيًا عند تقاطع أنظمة إقليمية تشمل القرن الإفريقي، حوض النيل، البحر الأحمر، والساحل الإفريقي، ما يجعله لاعبًا محوريًا في الأمن الإقليمي والتجارة وإدارة الموارد. هذا الموقع يضع السودان تاريخيًا مركزًا للتعاون الإقليمي، وفي الوقت نفسه نقطة توتر للنزاعات العابرة للحدود. النزاعات الداخلية، خصوصًا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، تؤثر على التحالفات الإقليمية وتدفقات الأسلحة وتؤثر على أداء مؤسسات مثل آيغاد، وتشكل الانحيازات السياسية وهياكل الأمن في المنطقة.
تلعب القوى الخارجية دورًا مؤثرًا في الجغرافيا السياسية للسودان، بما يشمل دول الخليج (السعودية والإمارات) عبر الاستثمارات الاقتصادية والشراكات العسكرية، والصين من خلال البنية التحتية والمبادرات الاقتصادية، وروسيا عبر الدعم العسكري والمتعاقدين الأمنيين. التنافس على الموارد الحيوية مثل المياه، الذهب، الأراضي الزراعية، والموانئ الاستراتيجية يعزز الدور الإقليمي للسودان ويؤثر على استقرار المنطقة والدبلوماسية العابرة للحدود.
الأهداف
تهدف الدراسة إلى تحليل الدور الاستراتيجي للسودان، وتحديد الفاعلين والتحالفات الإقليمية، وفهم تأثير النزاعات الداخلية وإدارة الموارد على الأمن الإقليمي، مع تقييم قدرة السودان على التوسط في النزاعات العابرة للحدود، وتقديم توصيات سياسية قائمة على الأدلة.
المنهجية والمصادر
تعتمد الدراسة على مراجعة أدبية سردية شاملة، مع الاستناد إلى 30 مرجعًا عالي الجودة من مقالات علمية محكمة، أطروحات دكتوراه، وتقارير مراكز الفكر الدولية للفترة من 1978 إلى 2025. شملت البيانات مواقع السودان في القرن الإفريقي، حوض النيل، البحر الأحمر، والساحل الإفريقي، بالإضافة إلى الموارد، الفاعلين الخارجيين، والتحالفات الإقليمية. ركزت المنهجية على استخراج البيانات بدقة من المصادر الأصلية مع التوليف الموضوعي في سبع فئات رئيسية لتوضيح الأمن الإقليمي، التأثير الخارجي، إدارة الموارد، والتحالفات الاستراتيجية.
النتائج
يحتل السودان موقعًا استراتيجيًا في القرن الإفريقي يجعله محورًا للتنافس الإقليمي والدولي، حيث تؤثر نزاعاته الداخلية وحدوده مع إثيوبيا على الأمن الإقليمي وتدفقات اللاجئين. لعبت آيغاد والاتحاد الإفريقي أدوارًا بارزة في الوساطة، خصوصًا في اتفاقية السلام الشامل 2005 والمرحلة الانتقالية بعد ثورة 2019، إلا أن تضارب مصالح أعضائها قلّل من فعاليتها.
تعزز علاقات السودان مع دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات، نفوذ هذه القوى عبر المساعدات الاقتصادية والعسكرية، مما يربط سياسته الداخلية بالمنافسة الجيوسياسية على البحر الأحمر.
وفي جانب الموارد، تبرز نزاعات المياه والطاقة الكهرومائية—سد مروي وسد الروصيرص وسد النهضة—كعوامل حاسمة تؤثر على الزراعة والطاقة وأمن الحدود، وتفرض على السودان دورًا تفاوضيًا رئيسيًا بين مصر وإثيوبيا.
بشكل عام، يتحدد دور السودان في القرن الإفريقي عبر تفاعل معقد بين موقعه الجغرافي، نزاعاته الداخلية، التدخلات الخارجية، والموارد، ما يجعله عنصرًا رئيسيًا في استقرار المنطقة.
يحتل السودان موقعًا محوريًا في حوض النيل بفضل سيطرته على النيل الأزرق ونهر عطبرة وسدوده الكبرى مثل مروي والروصيرص، مما يجعله فاعلًا أساسيًا في الأمن المائي والزراعة والطاقة. علاقاته المائية متشابكة مع مصر التي تعتمد كليًا على النيل، ومع إثيوبيا التي تتحكم في التدفقات عبر سد النهضة، حيث يجني السودان فوائد تنظيم الفيضانات وتوليد الطاقة لكنه يتعرض لمخاطر التشغيل الأحادي. تاريخيًا ضمنت اتفاقيتا 1929 و1959 حصصًا للسودان ومصر، لكنها استبعدت دول المنبع وأنتجت اختلالات مستمرة. داخليًا، يعتمد مشروع الجزيرة والمشروعات الزراعية الكبرى على تدفقات مستقرة، بينما تؤدي الفيضانات أو النقص إلى خسائر اقتصادية ونزوح وصراعات محلية. خارجيًا، تزيد استثمارات الخليج والصين والضغوط الغربية من تعقيد المفاوضات، لتصبح قضية المياه جزءًا من تنافس جيوسياسي أوسع. يوازن السودان بين دوره كوسيط وضامن للتعاون وبين هشاشته أمام الإجراءات الأحادية، ما يجعل استقراره الداخلي وقدرته على بناء أطر مؤسسية ملزمة شرطًا أساسيًا لتحويل المياه المشتركة إلى رافعة للتنمية الإقليمية بدلًا من أن تكون سببًا للصراع.
يمتد الساحل السوداني على البحر الأحمر أكثر من 700 كيلومتر، ما يمنحه موقعًا استراتيجيًا يربط القرن الإفريقي بشبه الجزيرة العربية والمحيط الهندي. هذه المنطقة تمثل فضاءً جيوسياسيًا معقدًا تتقاطع فيه اعتبارات الأمن البحري، وجود القوى الأجنبية، التجارة، الطاقة، البنية التحتية، البيئة، والتوازنات الإقليمية.
يمثل الأمن البحري ركيزة أساسية لاستقرار السودان، إذ يتأثر بالمخاطر العابرة للحدود مثل القرصنة والتهريب والاتجار بالبشر، إضافة إلى تحديات بيئية كتآكل السواحل وارتفاع مستوى البحار. قدرات السودان البحرية محدودة، لكن تحديثها يشمل تطوير الدوريات، الرادارات، الطائرات المسيرة، وأمن الموانئ. كما أن التنسيق الإقليمي مع دول البحر الأحمر والاتحاد الإفريقي ضروري لمواجهة التهديدات.
الوجود العسكري الأجنبي يتجسد عبر قوى إقليمية كـمصر والسعودية والإمارات، وقوى عالمية كالصين وروسيا. يتركز في قواعد لوجستية، تدريبات مشتركة، واستثمارات بالموانئ. يمنح السودان فرصًا لتطوير بنيته البحرية والاقتصادية لكنه يهدد سيادته ويجعله عرضة للتبعية أو الانخراط في صراعات إقليمية.
الأهمية الاقتصادية تتمثل في الموانئ (بورتسودان، سواكن) التي تدعم الصادرات الزراعية والمعدنية، والواردات الأساسية، وشبكات الطاقة. مشاريع التوسعة والتحديث (محطات الحاويات، المناطق الحرة، البنية الصناعية) تزيد من قدرة السودان على الاندماج بالتجارة العالمية، لكنها تثير تحديات بيئية واجتماعية خاصة للمجتمعات الساحلية التي تعتمد على المصايد.
التنافس الجيوسياسي يتعاظم مع تنافس مصر والسعودية والإمارات على النفوذ، واستثمارات الصين في البنية التحتية، ومحاولات روسيا لتعزيز حضورها العسكري. على السودان الموازنة بين استغلال هذه الفرص والحفاظ على سيادته ومنع التورط في النزاعات بالوكالة.
يشكل البحر الأحمر للسودان ساحة استراتيجية متشابكة الأبعاد. الإدارة المتوازنة لهذا الفضاء – عبر دمج الأمن البحري، التنمية الاقتصادية، حماية البيئة، الشمول الاجتماعي، والدبلوماسية الحذرة – يمكن أن تمنح السودان نفوذًا إقليميًا واقتصاديًا كبيرًا. أما سوء الإدارة فيعرض البلاد لمخاطر الهيمنة الخارجية، الاضطرابات الاجتماعية، وتدهور البيئة.
يشغل السودان موقعًا محوريًا في منطقة الساحل الإفريقي، حيث يربط شمال إفريقيا وقرن إفريقيا والساحل الإفريقي الأوسط، مما يجعله ممرًا مهمًا للتجارة والهجرة والتواصل الإقليمي، لكنه في الوقت نفسه يعرضه لمخاطر أمنية معقدة تشمل نشاط الجماعات المسلحة وشبكات الجريمة العابرة للحدود والتطرف. وتتميز حدوده مع تشاد وليبيا وإفريقيا الوسطى بضعف الهياكل الأمنية، الأمر الذي يتيح تحركات المتمردين وعمليات التهريب وتدفقات الهجرة غير النظامية. كما تشهد مناطق دارفور وكردفان والمناطق الشمالية تداخلاً بين النزاعات المحلية والأنشطة المسلحة المرتبطة بجماعات مثل بوكو حرام والقاعدة وداعش، مما يفرض على السودان تعزيز جهوزيته العسكرية والاستخباراتية.
يسعى السودان للتعامل مع هذه التحديات من خلال التعاون الإقليمي ومشاركته في الاتحاد الإفريقي ومجموعة الساحل الخمسة والاتفاقيات الثنائية مع تشاد ومالي والنيجر، حيث تنفذ دوريات مشتركة وتبادل معلومات استخباراتية ونظم إنذار مبكر. كما تعمل قواته على مراقبة الحدود واعتراض التهريب ومنع تجنيد المقاتلين، في إطار استراتيجيات متكاملة تشمل أيضًا برامج للتنمية المحلية، مثل توفير المياه، وتنظيم المراعي، ودعم الزراعة للحد من دوافع الصراع.
يحضر البعد الخارجي بقوة في استراتيجية السودان، إذ تقدم روسيا دعمًا عسكريًا ولوجستيًا عبر التدريب والمعدات والمتعاقدين الأمنيين، بينما تركز الصين على البنية التحتية والربط اللوجستي من خلال استثمارات في الطرق والموانئ ومراكز الخدمات. يعزز هذا الانخراط قدرات السودان العملياتية والاقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يفرض تحديات تتعلق بالتبعية وضغوط النفوذ الجيوسياسي.
يعتمد السودان أيضًا على الدمج بين التعاون العسكري والأمني، سواء عبر اتفاقيات ثنائية مع دول الجوار أو ضمن الأطر متعددة الأطراف، وعلى تعزيز نظم المراقبة والاستخبارات باستخدام التكنولوجيا الحديثة والمصادر المجتمعية. كما تُفعَّل وحدات الاستجابة السريعة المدربة على الحروب الصحراوية وشبه الجافة، ويجري التنسيق مع القبائل والقيادات المحلية لضبط الأمن ومنع استغلال المجتمعات الهشة من قبل الجماعات المسلحة.
ترتبط هذه الجهود بالاعتبارات الاقتصادية والبيئية، حيث يؤدي التصحر وتغير المناخ ونقص الموارد إلى زيادة التنافس على المياه والمراعي، مما يستدعي إدماج استراتيجيات الاستدامة البيئية وإدارة الموارد مع السياسات الأمنية. ومن خلال هذا النهج الشامل، الذي يجمع بين الأمن والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، يسعى السودان إلى تعزيز استقراره الداخلي، وتوسيع نفوذه في الساحل، والمساهمة في استقرار المنطقة ككل.
يشارك السودان في الاتحاد الأفريقي ومبادرات مجموعة الساحل الخمسة، وينسق أمنه مع الدول المجاورة وتدخلات القوى الخارجية مثل روسيا من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي، والصين عبر مشاريع البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، لتعزيز الأمن والتكامل الإقليمي مع مراعاة التحديات الجيوسياسية واحتمالات التبعية.
تركز استراتيجية السودان على دمج القدرات العسكرية والاستخباراتية والتعاون الإقليمي، مع تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية وحماية الموارد، إضافة إلى مراقبة البيئة وإدارة آثار التغير المناخي. يشمل التعاون العسكري التدريبات المشتركة، والدوريات الحدودية، والاستجابة السريعة، ونظم المراقبة الحديثة، ما يعزز فعالية العمليات ويقلل دعم السكان للجماعات المسلحة.
من خلال هذا النهج المتكامل، يجمع السودان بين الأمن والتنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي وحماية الموارد، ليكون فاعلًا إقليميًا رئيسيًا في استقرار الساحل، مع تعظيم نفوذه الاستراتيجي والجيوسياسي.
التوصيات
يجب على السودان تعزيز دوره كوسيط محايد في النزاعات الإقليمية من خلال تطوير أطر مؤسسية قوية تضمن استقرار سياساته الداخلية وقدرته على التفاوض بين الأطراف المختلفة، مع مراعاة مصالح دول حوض النيل والقرن الإفريقي والساحل الإفريقي.
ينبغي تعزيز التعاون الإقليمي والأمني مع الاتحاد الإفريقي، آيغاد، ومجموعة الساحل الخمسة، عبر تنسيق أفضل للجهود الاستخباراتية، تنفيذ دوريات مشتركة، ونظم إنذار مبكر، بما يحد من نشاط الجماعات المسلحة والتهريب والهجرة غير النظامية.
يجب على السودان الاستفادة من قدراته المائية في حوض النيل بطريقة استراتيجية، عبر إدارة السدود الكبرى والمشروعات الزراعية بما يضمن الأمن المائي والزراعي، ويحد من المخاطر الناتجة عن التدخل الأحادي لدول المنبع أو المصب، مع مراعاة اتفاقيات 1929 و1959 والتفاوض على حلول مشتركة مع مصر وإثيوبيا.
ينبغي تطوير القدرات البحرية والأمنية على الساحل الممتد للبحر الأحمر، مع تحديث الدوريات، الرادارات، الطائرات المسيرة، وتعزيز أمن الموانئ، بالتوازي مع دمج استراتيجيات التنمية الاقتصادية وحماية البيئة لضمان استدامة الموارد البحرية وحماية المجتمعات الساحلية.
ينبغي إدارة النفوذ الخارجي بعناية، خصوصًا من دول الخليج والصين وروسيا، بحيث تستفيد السودان من الاستثمارات والدعم العسكري واللوجستي دون التأثير على سيادته، مع تعزيز القدرات المحلية عبر التدريب والتكنولوجيا الحديثة.
يجب ربط الاستراتيجيات الأمنية بالاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بما في ذلك مواجهة التصحر، التغير المناخي، ونقص الموارد، لتقليل النزاعات المحلية وتحقيق استقرار داخلي يسمح بتوسيع نفوذ السودان الإقليمي.
يجب تعزيز مشاركة المجتمعات المحلية والقيادات القبلية في إدارة الأمن وحماية الموارد، لضمان فعالية الاستجابة السريعة وتقليل دعم السكان للجماعات المسلحة، مع التركيز على برامج التنمية المحلية مثل تنظيم المراعي، توفير المياه، ودعم الزراعة كوسائل للحد من دوافع النزاع.
من خلال هذا النهج المتكامل، يمكن للسودان أن يكون فاعلًا إقليميًا رئيسيًا في استقرار القرن الإفريقي والساحل الإفريقي، مع تعظيم دوره الاستراتيجي والجيوسياسي، وتحويل التحديات الأمنية والمواردية إلى فرص للتنمية والتعاون الإقليمي المستدام.
الخلفية والدوافع
يحتل السودان موقعًا استراتيجيًا بالغ الأهمية عند تقاطع أنظمة إقليمية متعددة، تشمل القرن الإفريقي، حوض النيل، البحر الأحمر، والساحل الإفريقي. يربط موقعه الجغرافي شمال شرق إفريقيا بأفريقيا جنوب الصحراء ويوفر الوصول إلى الممر البحري للبحر الأحمر، مما يجعله لاعبًا محوريًا في الأمن الإقليمي، والتجارة، وإدارة الموارد [1,4,5,9,10,17,19,20,22,28,29,30]. وقد جعل هذا الموقع السودان تاريخيًا كل من مركز للتعاون الإقليمي ونقطة اشتعال للنزاعات التي تتجاوز حدوده الوطنية.
إن عدم الاستقرار السياسي الداخلي في السودان، وخصوصًا الصراع المستمر بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، له آثار كبيرة على الدول المجاورة ومجمعات الأمن الإقليمي. تؤثر هذه النزاعات الداخلية على التحالفات عبر الحدود، وتدفقات الأسلحة، وعمليات المؤسسات متعددة الأطراف مثل السلطة الحكومية الإقليمية للتنمية (آيغاد)، التي تسعى للتوسط في النزاعات وتعزيز الأمن الإقليمي في القرن الإفريقي [1,9,10,14,16]. وبذلك، فإن الديناميات الداخلية للسودان لا تقتصر على حدوده، بل تمتد لتؤثر في القرن الإفريقي، مشكّلة الانحيازات السياسية، وهياكل الأمن، والاستقرار الإقليمي [4,5,24,25].
تمارس القوى الخارجية تأثيرًا كبيرًا على الجيوسياسة السودانية، مستغلة ثرواته وموارده وموقعه الاستراتيجي. تشارك دول الخليج، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بفعالية في السودان من خلال الاستثمارات الاقتصادية، والشراكات العسكرية، والانحيازات السياسية، بهدف تعزيز نفوذها عبر شرق إفريقيا ومنطقة البحر الأحمر [5,13,16,19,20,23]. كما شاركت الصين في تطوير البنية التحتية والمبادرات الأمنية الإقليمية، مستفيدة من السودان كنقطة استراتيجية في سياستها الإفريقية [21]. ويبرز دور روسيا، خصوصًا عبر الشركات العسكرية الخاصة مثل مجموعة فاغنر، كمثال على تعدد الفاعلين الخارجيين الذين يشكلون الديناميات الداخلية والإقليمية للسودان [7,26].
يمثل التنافس على الموارد، بما في ذلك المياه، والذهب، والأراضي الصالحة للزراعة، والموانئ الاستراتيجية، بعدًا حاسمًا آخر لأهمية السودان الجيوسياسية. وقد ارتبطت موارد الذهب السودانية بتمويل النزاعات وتشكيل التفاعل الخارجي [2]. وتعد الموارد المائية والزراعية، خصوصًا داخل حوض النيل، مركزية في المفاوضات العابرة للحدود مع إثيوبيا ومصر والدول المطلة على النيل الأخرى، مؤثرة على كل من الاستقرار الإقليمي ونفوذ السودان في الدبلوماسية الهيدرولوجية [3,15,28,29]. كما يعزز التحكم في موانئ البحر الأحمر والوصول إلى الممرات البحرية الأهمية الاستراتيجية للسودان في التجارة، والوجود العسكري، والشراكات الخارجية [17,19,20,22,30].
خلاصة القول، إن خلفية السودان كفاعل جيوسياسي تتحدد بتقاطع عدم الاستقرار الداخلي، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، وموارد الدولة، والمشاركة الفاعلة للعديد من القوى الخارجية. وتبرز تفاعلاته مع القرن الإفريقي، وحوض النيل، والبحر الأحمر، والساحل الإفريقي دوره المزدوج كوسيط إقليمي ونقطة توتر استراتيجية، حيث تتردد الديناميات السياسية الداخلية وقرارات إدارة الموارد عبر المشهد الأمني الإقليمي الأوسع [1,2,3,4,5,7,9,10,13,14,15,16,17,19,20,21,22,23,24,25,26,28,29,30].
الأهداف
الهدف العام لهذه الدراسة هو تقديم تحليل شامل لدور السودان الجيوسياسي عبر تقاطعاته الإقليمية الحيوية، وهي القرن الإفريقي، حوض النيل، البحر الأحمر، والساحل الإفريقي، استنادًا إلى الدراسات العلمية المحكمة وتقارير المؤسسات.
الأهداف التفصيلية هي:
- تحليل الدور الاستراتيجي للسودان في الأنظمة الإقليمية الرئيسية – لرسم موقع السودان كنقطة مركزية للأمن الإقليمي، والنفوذ الاقتصادي، وإدارة الموارد العابرة للحدود، مع مراعاة تفاعلاته مع القرن الإفريقي، وحوض النيل، والبحر الأحمر، والساحل الإفريقي.
- تحديد الفاعلين والمصالح والتحالفات التي تشكل علاقات السودان الخارجية – لفحص مشاركة الفاعلين الدوليين وغير الدوليين بما في ذلك دول الخليج، ومصر، وإثيوبيا، والصين، وروسيا، وتركيا، وأصحاب المصلحة الدوليين الآخرين، وتقييم كيفية تأثير هؤلاء الفاعلين على الديناميات السياسية الداخلية والإقليمية للسودان.
- فهم آثار الانخراط الجيوسياسي للسودان على الاستقرار الإقليمي والأمن وإدارة الموارد – لتقييم كيفية تأثير النزاعات الداخلية للسودان، مثل التنافس بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ومشاركته في إدارة المياه والذهب والموانئ العابرة للحدود، على أطر التعاون الإقليمي، وآليات منع النزاعات، والدبلوماسية الاقتصادية.
- تقييم قدرة السودان على التوسط والتأثير في النزاعات العابرة للحدود – لاستكشاف دور السودان في التفاوض حول اتفاقيات مياه النيل، وتيسير الحوارات الأمنية متعددة الأطراف، والمشاركة في المبادرات الإقليمية في الساحل والقرن الإفريقي، مع التأكيد على الطبيعة المزدوجة للسودان كونه مركزًا للنزاع ووسيطًا استراتيجيًا.
- تقديم أساس مستند إلى الأدلة للتوصيات السياساتية – لتوليد رؤى قابلة للتطبيق لصانعي القرار السودانيين وأصحاب المصلحة الإقليميين بهدف تعزيز التعاون متعدد الأطراف، وإدارة الموارد، والمشاركة الاستراتيجية مع القوى العالمية.
المنهجية والمصادر
تستخدم هذه الدراسة مراجعة سردية لتحليل الديناميات الجيوسياسية للسودان عبر القرن الإفريقي، وحوض النيل، والبحر الأحمر، والساحل الإفريقي . تتيح الطريقة السردية تحليلًا متعمقًا وسياقيًا للأدلة، مع التقاط الروابط الموضوعية والتفاعلات الإقليمية. ومن خلال تجميع الدراسات المحكمة عالية الجودة، وأطروحات الدكتوراه، والتقارير الصادرة عن معاهد أبحاث ومراكز فكر دولية مرموقة، تقدم المراجعة فهمًا شاملاً لموقع السودان الاستراتيجي، وتأثيره الإقليمي، وأدوار الفاعلين الخارجيين.
تم إجراء البحث في الأدبيات باستخدام قواعد بيانات ومصادر مؤسسية متعددة، بما في ذلك Scopus، وWeb of Science، وJSTOR، وGoogle Scholar، وProQuest Dissertations & Theses Global. كما شملت المصادر التكميلية تقارير معاهد ومراكز فكر مثل Chatham House، وBrookings Institution، وStockholm International Peace Research Institute، وInternational Crisis Group، وأرشيف African Security Review. وقد تم اختيار الكلمات المفتاحية بعناية لتغطية نطاق التفاعلات الجيوسياسية للسودان، بما في ذلك: “السودان”، “الجيوسياسة”، “القرن الإفريقي”، “البحر الأحمر”، “حوض النيل”، “الساحل”، “الأمن الإقليمي”، “الفاعلون الخارجيون”، “التدخل الأجنبي”، “الصراع على الموارد”، “دبلوماسية المياه”، “المفاوضات الهيدروليكية والسياسية”، “التحالفات العسكرية”، “التعاون العابر للحدود”، “الذهب والصراعات المموَّلة بالموارد”، “التنافسات الإقليمية”، و”الدبلوماسية الاقتصادية”.
ركزت معايير الإدراج على المقالات العلمية المحكمة، وأطروحات الدكتوراه، والتقارير الصادرة عن المنظمات الدولية ومراكز الفكر المرموقة التي تناولت مباشرة الجيوسياسة السودانية والتفاعلات الإقليمية في القرن الإفريقي، وحوض النيل، والبحر الأحمر، أو الساحل. تم تضمين المنشورات التي قدمت تحليلات قائمة على الأدلة للفاعلين الخارجيين، أو صراعات الموارد، أو التحالفات الإقليمية، وشملت الفترة من 1978 إلى 2025 لتغطية الديناميات التاريخية والمعاصرة. وتم استبعاد الصحف، والمجلات، والمدونات، والمنشورات منخفضة الجودة، والمصادر التي لا تركز بوضوح على السودان، والمكررات أو مقالات الرأي غير البحثية.
شملت عملية الاختيار تحديد المصادر أوليًا عبر البحث بالكلمات المفتاحية، تلاه فحص الملخصات والملخصات التنفيذية لتحديد الصلة بالموضوع. ثم تم تقييم النص الكامل لضمان أن كل مصدر يعالج مباشرة موضوعات السودان الجيوسياسية. أسفر هذا الإجراء الصارم عن اختيار 30 مرجعًا عالي الجودة تشكل قاعدة الأدلة لهذه المراجعة.
تم استخراج البيانات بدقة من الملخصات والمقتطفات والبيانات الوصفية لكل مرجع، لضمان أن جميع الموضوعات والموضوعات الفرعية مستمدة حصريًا من المواد المصدرية دون استنتاج، أو تخمين، أو حذف. وتم ربط كل موضوع فرعي بالمرجع المقابل له، مما يتيح تتبع الأدلة والتحقق منها بالكامل.
أُجري التوليف الموضوعي للبيانات عبر تجميع الأدلة في سبع فئات رئيسية: السودان والقرن الإفريقي، السودان في حوض النيل، السودان والبحر الأحمر، السودان في الساحل الإفريقي، الجيوسياسة القائمة على الموارد، الفاعلون الخارجيون والتحالفات الاستراتيجية، والتنافسات الإقليمية وآليات التعاون. وضمن كل موضوع رئيسي، تم تحديد موضوعات فرعية لالتقاط أبعاد محددة لدور السودان الجيوسياسي، بما في ذلك الأمن الإقليمي، التأثير الخارجي، إدارة الموارد العابرة للحدود، والتحالفات الاستراتيجية. كما تم تسليط الضوء على الأنماط، والتداخلات، والترابطات لبناء سرد متماسك يعكس أهمية السودان متعددة الأقاليم وتأثير العوامل الداخلية والخارجية على الاستقرار الإقليمي.
تتمثل قيود هذه المراجعة السردية في عدم إجراء تقييمات مفصلة لجودة الدراسات، فضلاً عن احتمال وجود بيانات ناشئة أو غير منشورة لم تُدرج. ويضمن الاعتماد على المراجع الثلاثين المختارة الصرامة وقابلية التتبع، ولكنه قد يحد من نطاق الديناميات الإقليمية الأقل توثيقًا. ومن المهم الإشارة إلى أن النتائج مقتصرة على الأدلة المقدمة صراحة في المصادر المختارة، دون أي افتراضات أو استنتاجات تتجاوز ما هو موثق.
- النتائج
4.1.1 السودان والقرن الإفريقي
يحتل السودان موقعًا جغرافيًا مهمًا بالنسبة للقرن الإفريقي، حيث يربط بين الدول المجاورة مثل إثيوبيا وإريتريا ويطل على البحر الأحمر، ما يجعله جزءًا من الديناميات الإقليمية المعقدة [1,4,10]. هذا الموقع يمنحه قدرة استراتيجية على التأثير في تدفقات التجارة عبر الممرات البحرية، كما يتيح له النفوذ في التفاعلات الإقليمية المرتبطة بموارد المياه والطاقة. تشير الدراسات إلى أن السودان يستفيد من موقعه كحلقة وصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب ضمن القرن الإفريقي، مما يسمح له بالانخراط في عمليات الوساطة والتعاون عبر الحدود ضمن آليات مثل آيغاد [10].
النزاعات الداخلية في السودان، بما في ذلك الحروب الأهلية السابقة التي اندلعت بين شمال وجنوب السودان قبل اتفاقية السلام الشامل 2005، كان لها أثر مباشر على استقرار بعض المناطق المجاورة مثل ولاية كسلا وأجزاء من دارفور، كما يوضح البحث حول دور السودان في التفاعل مع جيرانه ضمن الأمن الإقليمي [14,24]. هذه النزاعات أثرت على حركة اللاجئين عبر الحدود، وأسهمت في انتشار أسلحة صغيرة ومتوسطة في الدول المجاورة، ما شكل تحديات أمنية متشابكة. كما تغطي بعض المراجع النزاعات الحدودية بين السودان وإثيوبيا في منطقة الفشقة على أنها جزء من التحديات الإقليمية للأمن، وتشير إلى أن هذه النزاعات ترتبط بمسائل الأراضي الزراعية والموارد المائية المشتركة والنزاعات القبلية المتداخلة [1,4,5,10].
آليات الوساطة الإقليمية، مثل دور آيغاد في دعم اتفاقية السلام الشامل 2005، أثرت على بيئة التفاوض بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، بما يعكس الدور الذي تلعبه هذه الأطر في التهدئة وتحقيق بعض الالتزامات السياسية والأمنية [10,25]. كما يظهر من الدراسات أن مشاركة السودان في آليات الوساطة ساهمت في تقديم الدعم اللوجستي والتنسيق مع الأطراف الدولية، بما في ذلك بعثة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، لتسهيل عمليات المراقبة وتنفيذ وقف إطلاق النار في مناطق النزاع. بالإضافة إلى ذلك، تشير المراجع إلى أن السودان استخدم شبكة التحالفات الإقليمية لتعزيز موقفه التفاوضي في قضايا مثل تبادل الأسرى، تأمين طرق التجارة، ومراقبة حركة المجموعات المسلحة العابرة للحدود [10,25].
4.1.2 تأثير دول الخليج والفاعلين الخارجيين
توضح الدراسات أن دول الخليج، بما في ذلك السعودية والإمارات، تهتم بنفوذها في السودان عبر التفاعلات الاقتصادية والسياسية، وتسعى لتعزيز مصالحها في القرن الإفريقي [16,18,23]. هذا النفوذ يتمثل في استثمارات استراتيجية تشمل قطاعات الزراعة، والموانئ البحرية مثل بورتسودان وسواكن، بالإضافة إلى دعم مشاريع البنية التحتية، بما يعزز موقع السودان كنقطة عبور للتجارة الإقليمية [16,18].
تشير المراجع إلى أن هذه الدول تشارك في السودان عبر دعم النشاط السياسي والاقتصادي، بما في ذلك تمويل بعض البرامج التنموية، وتسهيل الوصول إلى التمويل الدولي، وتعزيز المشاريع الزراعية الكبرى، ما يؤثر على الديناميات الإقليمية [16,23]. كما تستخدم هذه الدول أدوات الدبلوماسية الاقتصادية لتعزيز تحالفات سياسية داخل السودان، بما يشمل دعم بعض القوى السياسية المحلية والمجتمعات القبلية المشاركة في إدارة الموارد، وهو ما يعكس التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والسياسية لنفوذها [16,18].
بالإضافة إلى ذلك، تظهر الدراسات أن تدفقات الاستثمارات من دول الخليج تؤثر على استقرار الأمن الغذائي والطاقة في السودان، حيث تساهم في تطوير مشاريع الري الزراعي والسدود الصغيرة، لكنها في الوقت نفسه تزيد من التعقيدات في إدارة الموارد الطبيعية، خصوصًا المياه المشتركة مع دول الجوار مثل مصر وإثيوبيا [16,23]. كما تشير بعض المراجع إلى أن النفوذ الخليجي يرتبط أحيانًا بآليات ضغط دبلوماسي على الحكومة السودانية لضمان حماية مصالحها الاقتصادية، بما في ذلك التسهيلات الجمركية، السياسات الضريبية، وتنظيم التجارة عبر الموانئ [18,23].
كما توضح الدراسات أن السودان يستخدم علاقاته مع دول الخليج لتوسيع نفوذه الإقليمي، عبر الاستفادة من التمويل والاستثمارات لتعزيز قدراته على الوساطة في النزاعات الإقليمية، ودعم المشاركة في أطر الأمن متعدد الأطراف مثل آيغاد ومجموعة الساحل الخمسة [16,18,23]. هذه العلاقة المعقدة تظهر أن التأثير الخارجي الخليجي ليس فقط اقتصاديًا بل يمتد ليشمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية وأمنية، ما يجعل السودان نقطة ارتكاز مهمة في الحسابات الجيوسياسية للمنطقة [16,18].
4.1.3 آيغاد وأطر الأمن متعددة الأطراف
تلعب السلطة الحكومية الإقليمية للتنمية (آيغاد) دورًا محوريًا في الوساطة الإقليمية للنزاعات، بما يشمل النزاعات في السودان والصومال وأريتريا، وتعزيز التعاون الأمني بين الدول الأعضاء في القرن الإفريقي [10,25]. الدراسات تشير إلى أن مشاركة السودان في هذه الأطر تعزز قدراته على الوساطة، وتوفر له منصات للتفاوض حول القضايا الحدودية واللاجئين والتهريب [10,25].
توضح المراجع أن آيغاد توفر آليات محددة للوساطة تشمل الوفود التفاوضية، لجان المراقبة، ومراقبة خطوط وقف إطلاق النار، إضافة إلى برامج دعم بناء قدرات القوات المسلحة والشرطة المحلية، وهو ما يسهم في تعزيز الأمن الإقليمي وتخفيف التوترات عبر الحدود [10,25].
يشارك السودان أيضًا في برامج التقييم المشترك للأمن الحدودي، والتي تشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية ومراقبة النقاط الساخنة على الحدود، بما يسهم في تقليل المخاطر العابرة للحدود مثل التهريب وانتشار الجماعات المسلحة [10,25]. كما تدعم آليات آيغاد تطوير استراتيجيات للتعامل مع اللاجئين والنازحين، بما في ذلك تنسيق مع الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني لتوفير المساعدات الإنسانية وتأمين المخيمات [10,25].
علاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى أن السودان يساهم في تطوير أطر الإنذار المبكر الإقليمي، عبر جمع البيانات عن تحركات الجماعات المسلحة، وأنشطة التهريب، وتغيرات الوضع السياسي في دول الجوار، وهو ما يتيح التنبؤ بالأزمات والاستجابة لها قبل تفاقمها [10,25].
كما تشمل مشاركة السودان في آيغاد التدريب المشترك للقوات العسكرية والأمنية على التعامل مع النزاعات الحدودية والحروب، إضافة إلى برامج تعزيز الحوار بين المجتمعات المحلية والقبائل، ما يسهم في تقليل دعم السكان للجماعات المسلحة ويزيد من فعالية الأمن المحلي [10,25].
وأخيرًا، تؤكد المراجع أن الأطر متعددة الأطراف مثل آيغاد توفر للسودان منصة لتعزيز دوره الإقليمي، وخلق توازن بين النفوذ الخارجي والدور الداخلي، بما يعزز من قدرته على إدارة النزاعات والموارد المشتركة بطريقة مستدامة ومسؤولة [10,25].
4.1.4 الطاقة الكهرومائية ونزاعات الموارد
تتناول الدراسات أهمية إدارة السودان للموارد المائية والطاقة الكهرومائية في حوض النيل، خصوصًا في ضوء سد النهضة وتأثيره على التعاون الإقليمي بين السودان، إثيوبيا، ومصر [3,15,28,29]. تشير المراجع إلى أن هذه المشاريع لها آثار على التعاون الإقليمي والأمن، دون وجود ذكر محدد لتأثيرها على المجتمعات المحلية أو الملاحة أو الزراعة بالتفصيل [3,15,28,29].
4.2 السودان في حوض النيل
يحتل السودان موقعًا مركزيًا في حوض النيل، حيث يشترك في النظام المائي مع مصر وإثيوبيا وجنوب السودان، مما يجعله فاعلًا رئيسيًا في إدارة المياه الإقليمية والزراعة والطاقة الكهرومائية [3, 15, 28, 29]. يسيطر السودان على روافد رئيسية مثل النيل الأزرق وعطبرة، وعلى سدود كبيرة مثل مروي والروصيرص، التي تؤثر مباشرة على الري وتوليد الطاقة ومكافحة الفيضانات [3, 15, 28]. هذه البنى التحتية تدعم احتياجات الطاقة والزراعة المحلية، وتؤثر على توافر المياه في الدول الواقعة أسفل النهر، تحديداً مصر [3, 15, 28, 29].
تُظهر مشاركة السودان في المبادرات الإقليمية، مثل مبادرة حوض النيل، دوره في التنسيق لإدارة المياه العابرة للحدود [3, 15, 28, 29]. تتركز المفاوضات على تخصيص المياه، وتشغيل السدود، وإدارة التدفقات الموسمية، خصوصًا فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي ومعاهدات مياه النيل التاريخية مع مصر [3, 15, 28, 29].
تاريخيًا، ساهمت النزاعات المائية في توترات بين دول الحوض، بما في ذلك الخلافات حول حقوق الري وإدارة الخزانات وتأثير الفيضانات الموسمية على الأراضي الزراعية الواقعة أسفل النهر [3, 15, 28, 29]. في المقابل، توفر المشاريع التنسيقية مثل مشروعات الري المشتركة وتطوير الطاقة الكهرومائية فرصًا لتعزيز الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي وإدارة الموارد المشتركة [3, 15, 28, 29].
كما تتقاطع سياسات السودان بشأن المياه والطاقة الكهرومائية مع الاعتبارات الجيوسياسية، بما في ذلك حركة السكان على طول النيل والتجارة عبر النقل النهري والإنتاج الزراعي الذي يغذي الأسواق الإقليمية [3, 15, 28, 29]. قدرة السودان على إدارة الموارد المائية العابرة للحدود بشكل فعال تمنحه نفوذًا استراتيجيًا في المنتديات الإقليمية [3, 15, 28, 29].
بشكل عام، يوضح موقع السودان في حوض النيل الترابط بين إدارة الموارد المحلية، والتعاون الإقليمي، والاستراتيجية الجيوسياسية، وقدرته على الموازنة بين أولويات التنمية الداخلية وتوقعات الدول المجاورة أمر جوهري لاستقرار طويل الأمد وأمن المياه ومنع النزاعات [3, 15, 28, 29].
4.2.1 الجيوسياسة المائية والتعاون الزراعي
تُعد الجيوسياسة المائية في حوض النيل جزءًا من الاستراتيجية الزراعية للسودان ودوره الإقليمي، إذ يسيطر على أجزاء مهمة من النيل الأزرق وعطبرة، المساهمين الرئيسيين في حجم مياه النيل [3, 15, 28, 29]. هذا الموقع يمنح السودان قدرة على التوازن بين تدفقات المياه الداخلة من إثيوبيا وحقوق مصر التاريخية، مما يجعل سياساته هامة في الاقتصاد السياسي للحوض [3, 15, 28, 29].
على المستوى المحلي، استثمر السودان في مشروعات الري الكبرى، بما في ذلك مشروع الجزيرة، الذي يمتد على نحو مليوني هكتار بين النيلين الأزرق والأبيض، ويعد أحد أكبر مشروعات الري في العالم [3, 15, 28]. ساهم المشروع تاريخيًا في دعم الإنتاج الزراعي المحلي وتحقيق الأمن الغذائي، ويتطلب تعاونًا هيدرولوجيًا على مستوى الحوض [3, 15, 28].
كما أسهمت منشآت الطاقة الكهرومائية مثل سد مروي (اكتمل 2009) وسد الروصيرص (جرى توسيعه 2013) في توفير الكهرباء وتنظيم تدفقات المياه لدعم الري وتقليل مخاطر الفيضانات [3, 15, 28].
يتطلب الموقع المائي للسودان تنسيقًا دائمًا مع إثيوبيا بشأن تصريف المياه من المنابع، خصوصًا في موسم الأمطار، لتقليل الفيضانات وحماية الزراعة [3, 15, 28, 29]. هذا التعاون يساهم في استقرار جداول الزراعة وحماية مناطق الإنتاج الزراعي في سنار والجزيرة [3, 15, 28, 29].
ويمتد التعاون الزراعي إلى آليات إقليمية مثل مبادرة حوض النيل، التي توفر منصات للتخطيط الزراعي المشترك وبناء القدرات في إدارة الري وتبادل البيانات الهيدرولوجية [3, 15, 28, 29]. تساعد هذه الآليات على توسيع الرقعة الزراعية وتأمين تدفقات أكثر استقرارًا، لكنها أيضًا تضع السودان في قلب مطالب متنافسة بين مصر ودول المنبع [3, 15, 28, 29].
تتسم المشاريع الزراعية واسعة النطاق بتأثيرات اجتماعية وأمنية، فهي تخلق فرص عمل، وتقلل انعدام الأمن الغذائي، وتدعم الاستقرار في المجتمعات الحدودية [3, 15, 28, 29]. لكن المشاريع أيضًا قد تولد توترات، مثل احتجاج بعض المزارعين المتضررين على التعويضات أو فقدان الأراضي [3, 15, 28, 29].
التغيرات المناخية تزيد تعقيد الجيوسياسة المائية، إذ تؤثر تقلبات الأمطار على تدفقات النيل الأزرق ودورات الري، مما يستلزم تحسين القدرات التخزينية وتوسيع الإنتاج الزراعي مع تنسيق أعمق مع إثيوبيا ومصر [3, 15, 28, 29].
توضح هذه الآليات أن التعاون الزراعي المائي يمثل فرصة للتكامل الإقليمي، ويعزز دور السودان كدولة جسر بين دول المنبع والمصب، مما يجعله مستفيدًا وضامنًا لاستقرار الحوض [3, 15, 28, 29].
4.2.2 مفاوضات مياه النيل وديناميات إثيوبيا–مصر–السودان
يشغل السودان موقعًا فريدًا بين إثيوبيا في المنبع، التي توفر غالبية تدفقات النيل الأزرق، ومصر في المصب، التي تعتمد بشكل شبه كامل على النيل كمصدر رئيسي للمياه [3, 28, 29]. هذا الموقع يحدد دور السودان في المفاوضات الإقليمية ويؤثر على سياساته الداخلية.
تأسس الإطار القانوني للمفاوضات الحديثة على اتفاقيتي 1929 و1959، اللتين خصصتا حصصًا ثابتة لمصر والسودان وأعطتا مصر سيطرة نسبية على موارد النهر، مع استبعاد دول المنبع، بما فيها إثيوبيا [28, 29]. مكّنت هذه الاتفاقيات السودان من تنفيذ مشروعات ري كبرى مثل مشروع الجزيرة، لكنها أيضًا أوجدت قيودًا هيكلية على استخدام المياه وأدت إلى توترات سياسية مع دول المنبع [28, 29].
مع بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، أصبحت الخيارات السودانية حاسمة، إذ يوفر السد فوائد محتملة مثل تنظيم التدفقات وتقليل الفيضانات الموسمية وتحسين إدارة الرواسب، كما يمكن أن يسهم في تبادل الكهرباء مع السودان [3, 28, 29]. ومع ذلك، فإن أي خلل في عمليات الملء أو نقص البيانات يمكن أن يخلق مخاطر تشغيلية كبيرة على مشاريع الري والكهرباء في السودان [3, 28].
تغيرت التحالفات التفاوضية للسودان بحسب الظروف الفنية والسياسية. ففي بعض الفترات تعاون السودان مع إثيوبيا لضمان تدفقات منظمة، وفي أوقات أخرى انحاز إلى مصر للمطالبة بضمانات قانونية ومراقبة طرف ثالث، خاصة أثناء الملء السريع أو توقف تبادل البيانات [3, 28, 29]. هذه المواقف تعكس حرص السودان على حماية مصالحه في الطاقة والري مع تقليل المخاطر الهيدرولوجية والسياسية.
على الصعيد الفني، يشدد السودان على تبادل بيانات النهر ومراقبة التدفقات وإدارة الرواسب، وتطبيق بروتوكولات الطوارئ للسدود، لضمان استقرار الموارد وتجنب الكوارث الإنسانية والزراعية [3, 28, 29]. لكن ضعف الآليات المؤسسية، مثل غياب إنفاذ الاتفاقيات متعددة الأطراف وتفاوت القدرات الفنية، يجعل الحوض عرضة للممارسات الأحادية وسوء الفهم.
اقتصاديًا وبيئيًا، فإن التدفق المنظم يخفف من المخاطر المرتبطة بالفيضانات والتملح وفقدان التنوع البيولوجي، بينما يسمح التخزين والتنسيق بتحقيق التكيف الزراعي وتعزيز التنمية الإقليمية [3, 28, 29]. موقع السودان الجغرافي يجعله محور هذه النتائج، إذ يمكنه ترسيخ التعاون أو أن يصبح مركز توترات إذا فشلت الاتفاقيات أو نُفذت دون شفافية [3, 28, 29].
وباختصار، يلعب السودان دورًا مزدوجًا: مستفيدًا من التعاون ومتعرضًا للمخاطر في حالات الأحادية. نجاحه يعتمد على استقرار الحكم الداخلي، وتعزيز الأطر المؤسسية متعددة الأطراف، ودمج الاعتبارات التقنية والاجتماعية والسياسية في استراتيجيات إدارة المياه العابرة للحدود [28, 29].
4.2.3 إدارة الموارد العابرة للحدود ومخاطر الصراع
يقع السودان في موقع حيوي داخل حوض النيل، ما يجعله يتقاطع هيدرولوجيًا وزراعيًا مع إثيوبيا في المنبع ومصر في المصب، مع تعرضه لتأثيرات مباشرة من القرارات الأحادية لدول المنبع وقيود المصب [3, 28, 29].
الاتفاقيات التاريخية وتأثيرها
تحدد مستحقات السودان بموجب اتفاقيتي مياه النيل لعامي 1929 و1959، إذ خصصت هذه الاتفاقيات حصصًا ثابتة لمصر والسودان، بما يقارب 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان سنويًا، اعتمادًا على متوسط التدفقات عند أسوان [28, 29]. سمحت هذه الاتفاقيات للسودان بتنفيذ مشروعات ري كبرى مثل مشروع الجزيرة ومشروع حلفا الجديدة، لكنها استبعدت دول المنبع، وأثرت على قدرة السودان على التكيف مع النمو السكاني والتغيرات المناخية، مما أنتج اختلالات هيكلية طويلة الأمد [28, 29].
البنية التحتية وإدارة المخاطر
تشمل البنية التحتية للمياه والطاقة في السودان سدود مروي، الروصيرص، وسنار، التي تنظم التدفقات للري وتولد الكهرباء وتحمي من الفيضانات الموسمية [3, 28]. ومع ذلك، فهي عرضة مباشرة لمخاطر الإطلاقات غير المنسقة من المنبع، والسياسات الأحادية لسد النهضة، وتراكم الرواسب الذي يقلل من سعة الخزانات ويهدد التشغيل [3, 28]. على سبيل المثال، أدى الملء الأحادي لسد النهضة في 2020 و2021 إلى تعطيل محطات المياه السودانية وفرض إجراءات طارئة لإدارة السدود، مع تأثير مباشر على إمدادات المياه الحضرية والإنتاج الزراعي [3, 28].
الزراعة والاقتصاد المحلي
يشكل القطاع الزراعي العمود الفقري للاقتصاد السوداني، وتعتمد مشروعات الري واسعة النطاق على التدفقات العابرة للحدود [3, 28]. يظهر مشروع الجزيرة، الذي يعتمد على النيل الأزرق، ومشروع حلفا الجديدة، الذي يعتمد على نهر عطبرة، كيف يمكن للاضطرابات في التدفقات أن تسبب انخفاض إنتاج محاصيل أساسية، تراجع العائدات التصديرية، زيادة البطالة الريفية، وتصاعد انعدام الأمن الغذائي [3, 28]. كما أن الفيضانات أو نقص المياه يؤدي إلى نزوح السكان، وزيادة التوترات الاجتماعية بين المجتمعات الريفية والرعاة [29].
التحديات البيئية والاجتماعية
تتعرض الاستدامة البيئية للتهديد بسبب ضعف إدارة الموارد العابرة للحدود، ما يؤدي إلى تملح التربة، فقدان الخصوبة، تهديد الإنتاجية الزراعية، وتدهور المناطق الرطبة الضرورية للتنوع البيولوجي والرعي [3, 28, 29]. هذه الأضرار البيئية تزيد من هشاشة المجتمعات المحلية وتكلفتها الاجتماعية والسياسية، خصوصًا فيما يتعلق بانعدام الأمن المائي [29].
دور الأطر المؤسسية والتحديات السياسية
قيدت الهشاشة السياسية السودانية، بما في ذلك الإطاحة بعمر البشير في 2019 والحكومات الانتقالية والانقلابات، قدرة السودان على تنفيذ أطر متعددة الأطراف مثل اتفاقية الإطار التعاوني (CFA)، وأضعفت الموقف التفاوضي في الحوض [28]. بالإضافة إلى ذلك، الاختلافات بين الفنيين المدنيين والقادة العسكريين وأصحاب المصالح الزراعية خلقت أولويات متباينة، بعضهم يركز على التعاون مع إثيوبيا لتحقيق التنمية، والآخرون على حماية الحقوق المائية التاريخية مع مصر [29].
التدابير الفنية
يشدد السودان على ضرورة التنسيق في نمذجة التدفقات، والمراقبة اللحظية للتدفقات، وإدارة الرواسب، وتطبيق بروتوكولات الطوارئ للسدود، لضمان استقرار الموارد وحماية المجتمعات والإنتاج الزراعي [3, 28, 29]. هذه التدابير تهدف إلى تحويل المنافسة المائية الصفرية إلى إدارة تعاونية يمكن التنبؤ بها.
الأطراف الخارجية
تلعب الاستثمارات الخارجية دورًا مهمًا، فدول الخليج المستثمرة في الأراضي الزراعية لها مصلحة في إمدادات المياه المستقرة، وتمويل الصين للبنية التحتية في المنطقة يعزز الربط مع التنمية الإثيوبية، بينما المانحون الغربيون يستخدمون المساعدات وإعفاء الديون والتدخل الدبلوماسي لتعزيز التعاون [3, 28, 29].
الخلاصة
يؤدي السودان دورًا مزدوجًا كمتلقي ومتعرض للمخاطر في حوض النيل، إذ يحقق فوائد عند تطبيق إدارة تعاونية، بينما يواجه تهديدات مباشرة عند تبني السياسات الأحادية. لضمان أن تصبح الموارد المائية منصة للتنمية المستدامة والاستقرار الإقليمي، يحتاج السودان إلى استقرار داخلي، وأطر إدارة متعددة الأطراف، ودمج الاعتبارات التقنية والاجتماعية والسياسية في استراتيجيته الوطنية [28, 29].
4.3 السودان ومنطقة البحر الأحمر
يمثل خط الساحل السوداني على البحر الأحمر، الذي يمتد لأكثر من 700 كيلومتر من الحدود المصرية إلى إريتريا، موقعًا جغرافيًا واستراتيجيًا محوريًا، يربط السودان بالقرن الإفريقي وشبه الجزيرة العربية، ويمثل جزءًا من شبكة التجارة في المحيط الهندي [17,19,20,22,30]. هذه المنطقة الساحلية ليست مجرد مساحة جغرافية، بل فضاءً استراتيجيًا تتقاطع فيه مجالات الأمن البحري، الوجود العسكري الأجنبي، التجارة، البنية التحتية، إدارة الموارد، نقل الطاقة، الاستدامة البيئية، والمنافسة السياسية الإقليمية، مما يخلق بيئة معقدة تجمع بين الفرص والتحديات.
تشكل الموانئ الرئيسية مثل بورتسودان وسواكن نقاطًا حيوية لتصدير السلع الزراعية مثل الذرة الرفيعة، القمح، السمسم، والصمغ العربي، بالإضافة إلى الموارد المعدنية مثل الذهب والفوسفات والمواد الخام الاستراتيجية، بينما تسهم أيضًا في استيراد السلع الأساسية للاستهلاك المحلي والتنمية الصناعية [17,22,30]. وتزداد أهمية هذه الموانئ لكونها نقاط وصول للممرات الملاحية الدولية، بما في ذلك الممرات المتصلة بمضيق باب المندب وقناة السويس، التي يمر عبرها جزء كبير من حركة النفط والغاز والحاويات العالمية [17,19,20,22,30].
4.3.1 الأمن البحري والتنافس الاستراتيجي
يمتد الساحل السوداني على البحر الأحمر لأكثر من 700 كيلومتر، مما يضع السودان في قلب أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية عالميًا [17,19,20,22,30]. يتصل الساحل مباشرة بمضيق باب المندب، الرابط بين البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، وبشكل غير مباشر بقناة السويس، وهي نقطة اختناق تمر عبرها نحو 12٪ من التجارة العالمية، بما في ذلك 8–10٪ من صادرات النفط السنوية. ومن ثم، يرتبط الأمن البحري للسودان ارتباطًا وثيقًا بتدفقات الطاقة العالمية، ولوجستيات الشحن، واستقرار التجارة الدولية [17,19,20,22,30].
تنبع الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر بالنسبة للسودان من عدة أبعاد مترابطة: حماية مسارات الشحن، السيطرة على البنية التحتية للموانئ الحيوية، مواجهة التهديدات البحرية العابرة للحدود، دمج الشراكات الأمنية الأجنبية، دعم الممرات الاقتصادية، وإدارة المخاطر البيئية [17,19,20,22,30]. تتفاعل هذه الأبعاد ديناميكيًا، ما يخلق بيئة استراتيجية معقدة تتطلب تنسيقًا متعدد المستويات بين الجوانب العسكرية والمدنية والدبلوماسية.
تشمل التهديدات البحرية في المياه السودانية نشاط القراصنة، وعمليات التهريب عبر الحدود الساحلية، والاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، التي ترتبط بعدم الاستقرار الإقليمي [17,19,20,22,30]. كما تتفاقم هذه التهديدات خلال المواسم البحرية مثل الرياح الموسمية والعواصف، ما يقلل فعالية الدوريات البحرية ويهدد المجتمعات الساحلية.
تعد قدرات السودان البحرية محدودة تاريخيًا من حيث حجم الأسطول والتقنيات والكادر البشري، مما يفرض قيودًا على تنفيذ الدوريات وتأمين المنشآت البحرية. تتضمن برامج التحديث اقتناء زوارق دورية سريعة، وطائرات مسيرة للمراقبة، وأنظمة رادار وأقمار صناعية، ووحدات استجابة سريعة للتعامل مع التهديدات متعددة المجالات [17,19,20,22,30]. ويعد التنسيق بين الوحدات البحرية وخفر السواحل والجهات الجمركية والاستخبارات أمرًا حيويًا لإنشاء إطار أمني متكامل.
4.3.2 الوجود العسكري الأجنبي والتحالفات
أصبح إقليم البحر الأحمر في السودان محورًا للانخراط العسكري الأجنبي نظرًا لموقعه الاستراتيجي على طول الممر البحري الذي يربط القرن الإفريقي بشبه الجزيرة العربية وشبكة التجارة الأوسع في المحيط الهندي [19,20]. تجذب الشواطئ الطويلة، والبنية التحتية للموانئ الرئيسية، والقرب من نقاط الاختناق الحيوية مثل مضيق باب المندب وقناة السويس، القوى الإقليمية والدولية لأغراض عسكرية ولوجستية ومراقبة، بما يخلق فرصًا للشراكات الاستراتيجية، وفي الوقت ذاته مخاطر التبعية والانخراط في النزاعات والتأثير السياسي [19,20].
يتميز انخراط القوى الإقليمية بتعدد الأبعاد. تحافظ مصر على اهتمام استراتيجي بالبحر الأحمر لتأمين الجناح الجنوبي وحماية طرق الملاحة البحرية المؤدية إلى قناة السويس، من خلال الوجود البحري المصري، واتفاقيات التعاون في الموانئ، والتدريبات المشتركة لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات [19,20]. في المقابل، تسعى السعودية والإمارات لتوسيع نفوذها العسكري واللوجستي عبر التدريب المشترك، والتعاون في البنية التحتية للموانئ والبحرية، بما يضمن حماية التجارة والاستثمارات الأجنبية على الساحل السوداني [19,20].
أما القوى غير الإقليمية، فتسعى أيضًا لتعزيز نفوذها. يشمل الدور الصيني مشاريع تطوير الموانئ والبنية التحتية البحرية ضمن مبادرة الحزام والطريق، لتعزيز القدرة الاقتصادية للسودان ودعم العمليات الأمنية غير المباشر [19,20]. بينما تسعى روسيا، غالبًا عبر المتعاقدين العسكريين الخاصين مثل مجموعة فاغنر، إلى إنشاء حضور تدريبي واستشاري وعملي يركز على تحديث القوات المسلحة، وجمع المعلومات الأمنية، والوصول المحتمل إلى البنية التحتية البحرية [19,20].
تشمل الشراكات العسكرية واللوجستية دوريات بحرية مشتركة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وبرامج تدريبية مشتركة لتعزيز استجابة القوات السودانية للقرصنة والتهريب والتهديدات غير المتماثلة [19,20]. ويعزز هذا التنسيق القدرات التشغيلية للبحرية وخفر السواحل والسلطات المينائية، لكنه يتطلب دمجًا دقيقًا ضمن الهياكل الوطنية لتجنب التبعية التشغيلية والحفاظ على السيادة السودانية.
تعد موانئ بورتسودان وسواكن محورًا أساسيًا للانخراط العسكري الأجنبي، حيث توفر البنية التحتية واللوجستيات الممولة من الشركاء الأجانب مراقبة حركة الملاحة، ومنع الدخول غير المصرح به، والاستجابة للحوادث الأمنية [19,20]. وفي الوقت ذاته، تخلق هذه التحسينات مخاطر استراتيجية، إذ يكتسب الأطراف الخارجيون نفوذًا على المنشآت الحيوية، ما يستدعي موازنة دقيقة بين الفوائد والمخاطر.
ترتبط الاعتبارات الاقتصادية بالوجود العسكري الأجنبي، حيث تساهم الاستثمارات في الموانئ، ومحطات الحاويات، والمناطق الحرة، وشبكات نقل الطاقة في التنمية الاقتصادية السودانية مع ضمان الحماية الأمنية المقدمة من الشركاء [19,20]. كما يتعين على السودان إدارة هذه العلاقات لتحقيق المكاسب التقنية والاقتصادية دون المساس بالسيادة أو الانخراط في النزاعات الإقليمية الأوسع.
تلعب العوامل المحلية دورًا مهمًا في فاعلية التعاون العسكري الأجنبي، إذ يؤثر الاستقرار الوطني، والعلاقات المدنية-العسكرية، والتماسك المؤسسي على القدرة على التفاوض وتنفيذ التدريبات المشتركة ودمج المساعدات الفنية الأجنبية [19,20]. كما تتأثر المجتمعات المحلية بالوجود الأجنبي، مما يستدعي إدارة التأثيرات الاجتماعية بشكل عادل لمنع النزاعات الداخلية.
تأخذ الاعتبارات البيئية واللوجستية أيضًا أهمية كبيرة، إذ تتأثر النظم البيئية الساحلية، والمصائد السمكية بتوسعات البنية التحتية والمعدات العسكرية. ويتيح دمج التخطيط البيئي في مشاريع التعاون الأجنبي الحفاظ على سبل العيش المستدامة وتقليل الاحتكاكات الاجتماعية وضمان القدرة التشغيلية للأصول البحرية [19,20].
باختصار، يمثل الوجود العسكري الأجنبي والتحالفات في البحر الأحمر السوداني أداة استراتيجية متعددة الأبعاد، تعزز الأمن البحري، وتوفر القدرات التقنية والتشغيلية، وتدعم التنمية الاقتصادية، وتقوي النفوذ الإقليمي، وفي الوقت ذاته تفرض مخاطر التبعية، والضغط السياسي، والتحديات البيئية والاجتماعية. ويجب على السودان إدارة هذه الديناميكيات عبر حوكمة متكاملة، وموازنة دبلوماسية، وسيادة تشغيلية، ودمج المجتمع المحلي لتحقيق أقصى استفادة وتقليل المخاطر [19,20].
4.3.3 الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية للبحر الأحمر
يمثل إقليم البحر الأحمر في السودان قيمة اقتصادية واستراتيجية كبيرة بسبب امتداد شريطه الساحلي لأكثر من 700 كيلومتر، وقربه من نقاط الاختناق الحيوية مثل مضيق باب المندب وقناة السويس، ووصوله المباشر إلى طرق التجارة البحرية الدولية [17,22,30]. تعمل هذه المنطقة كبوابة حيوية للتجارة الإقليمية والدولية، حيث تربط السودان بالقرن الإفريقي، وشبه الجزيرة العربية، وشبكات التجارة في المحيط الهندي، كما تسهم في تصدير المنتجات الزراعية مثل الدخن والقمح والسمسم والصمغ العربي، والمعادن مثل الذهب والفوسفات، واستيراد الوقود والآلات الصناعية ومواد البناء والسلع الاستهلاكية [17,22,30].
تشكل الموانئ مثل بورتسودان وسواكن محاور رئيسية للتجارة واللوجستيات، داعمة الاقتصاد الوطني وتعزز الاتصال بالأسواق العالمية [17,22,30]. ويشمل تحديث الموانئ التجريف، توسيع الأرصفة، بناء محطات الحاويات، تطوير المناطق الصناعية والمناطق الحرة، بهدف زيادة القدرة الاستيعابية، جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسهيل التكامل التجاري الإقليمي [17,22,30]. كما تسهم هذه المشاريع في دعم ممرات نقل الطاقة، بما في ذلك خطوط أنابيب النفط والمنتجات البترولية، مما يزيد من النفوذ الاستراتيجي للسودان [17,22,30].
تتداخل الأبعاد الاقتصادية مع الأبعاد الجيوسياسية، حيث جذبت السواحل السودانية قوى إقليمية مثل مصر والسعودية والإمارات، إلى جانب قوى خارجية مثل الصين وروسيا، التي تسعى للوصول إلى الموانئ والبنية التحتية البحرية والمحاور اللوجستية لأغراض استراتيجية [17,19,20,22,30]. وتتيح هذه الانخراطات الأجنبية فرصًا لنقل التكنولوجيا، وتحديث القدرات البحرية، والاستثمار في البنية التحتية، مع خلق مخاطر التبعية والانخراط في النزاعات الإقليمية، ما يتطلب إدارة مفاوضات دقيقة لتحقيق المنافع الاقتصادية وحماية السيادة [17,19,20,22,30].
تمثل إدارة الموانئ واللوجستيات محورًا أساسيًا للاستراتيجية الاقتصادية للسودان في البحر الأحمر، حيث تسهّل تصدير المنتجات الزراعية، وتمكين السودان من الاندماج في سلاسل الإمداد العالمية، كما تضمن استيراد المواد الصناعية والاستهلاكية الحيوية لضمان استقرار الاقتصاد المحلي واستمرارية القطاع الصناعي [17,22,30]. وتمتد الشبكات اللوجستية عبر الروابط البرية والسكك الحديدية لربط الموانئ بالمراكز الاقتصادية مثل الخرطوم والقضارف، لتعظيم الأثر الاقتصادي للبنية التحتية البحرية [17,22,30].
تعد مشاريع تطوير البنية التحتية محركًا رئيسيًا للأهمية الاقتصادية للمنطقة. فالاستثمار في محطات الحاويات الحديثة والمستودعات والمناطق الصناعية والمناطق الحرة يزيد من قدرة السودان على معالجة كميات كبيرة من البضائع، وتنويع تدفقات التجارة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما يمكن لهذه المرافق أن تعمل كمحاور لوجستية إقليمية تربط القرن الإفريقي وساحل البحر الأحمر وشبه الجزيرة العربية [17,22,30]. وغالبًا ما يتم دعم هذه المشاريع من شركاء أجانب، ما يربط التنمية الاقتصادية بالتحالفات الاستراتيجية والتعاون الأمني البحري [17,22,30].
يلعب الساحل السوداني دورًا مهمًا في نقل الطاقة وإدارة الموارد، إذ يوفر ممرات محتملة لنقل النفط الخام، والمنتجات البترولية المكررة، والغاز الطبيعي المسال، سواء للاستهلاك المحلي أو التصدير الإقليمي والدولي، ما يعزز قوة السودان التفاوضية ويجذب اهتمام القوى الخارجية الساعية للوصول أو التأثير على تدفقات الطاقة البحرية [17,22,30].
تكتسب الاعتبارات البيئية والاجتماعية أهمية كبيرة، حيث توفر الأراضي الرطبة الساحلية، والمصائد السمكية، والنظم البيئية البحرية خدمات أساسية للمجتمعات المحلية، بما في ذلك سبل العيش والأمن الغذائي والاستقرار البيئي [17,22,30]. وإذا لم تتم إدارة التوسع في الموانئ والمرافق الصناعية بعناية، فقد يؤدي ذلك إلى تقويض هذه النظم البيئية، وخفض المخزون السمكي، وتهجير السكان الساحليين، ما يخلق توترات اجتماعية تهدد الأمن واستدامة العمليات الاقتصادية [17,22,30].
يتداخل الأمن البحري والتكامل الاقتصادي، إذ يضمن حماية مسارات الشحن والبنية التحتية للموانئ والمنشآت اللوجستية استمرار التجارة، ويعزز ثقة المستثمرين، ويمكن السودان من المشاركة الفاعلة في الشبكات الاقتصادية الإقليمية والعالمية [17,19,20,22,30]. وتوفر المبادرات المشتركة للأمن البحري مع الشركاء الإقليميين والدوليين حماية إضافية وتعزز القيمة الاستراتيجية للممر الاقتصادي السوداني على البحر الأحمر، رغم الحاجة لإدارة دقيقة للتأثير الأجنبي والسيادة التشغيلية [17,19,20,22,30].
يسلط التكامل الإقليمي والقدرة الاستراتيجية الضوء على الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية للبحر الأحمر، حيث يمكن لموانئ السودان أن تعمل كمحاور لوجستية للمساعدات الإنسانية، وتسهيل التجارة، وتوزيع الطاقة في القرن الإفريقي وشبه الجزيرة العربية. ومن خلال استغلال الموقع الجغرافي، يمكن للسودان تعزيز قدرته الاقتصادية، وتقوية الشراكات الدبلوماسية والأمنية، شريطة إدارة البنية التحتية والاستدامة البيئية والأمن البحري بشكل متكامل [17,19,20,22,30].
في الختام، يشكل إقليم البحر الأحمر أصولًا استراتيجية واقتصادية متعددة الأبعاد للسودان. توفر موانئه، ومساراته البحرية، وبنيته التحتية، وموارده الطبيعية نفوذًا حاسمًا للتجارة ونقل الطاقة والتأثير الإقليمي، بينما تواجه المنطقة تحديات معقدة تشمل التنافس الجيوسياسي، والوجود العسكري الأجنبي، والضغوط البيئية والاجتماعية، والمخاطر الأمنية. ومن ثم، يصبح الدمج الفعال للأمن البحري، وتطوير البنية التحتية، وإدارة البيئة، والدبلوماسية الاستراتيجية أمرًا أساسيًا لتعظيم الفوائد الاقتصادية والاستراتيجية مع حماية سيادة السودان وأهدافه التنموية [17,19,20,22,30].
4.4 السودان في منطقة الساحل الإفريقي
يشغل السودان موقعًا استراتيجيًا محوريًا في منطقة الساحل الإفريقي، التي تمتد من الدول الساحلية الغربية مثل السنغال وموريتانيا وصولاً إلى حدود السودان الشرقية مع إريتريا، وتشمل تنوعًا بيئيًا وسياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا معقدًا [6,11,26,27]. يجعل هذا الموقع السودان ممرًا حيويًا للتجارة والهجرة والاتصال عبر الحدود، لكنه يعرض البلاد أيضًا لتهديدات أمنية متعددة تشمل التمرد، وشبكات الجريمة العابرة للحدود، والجماعات المتطرفة. تمتاز الأراضي الحدودية مع تشاد، وليبيا، وجمهورية إفريقيا الوسطى بحدود هشة وهياكل حكم ضعيفة، مما يتيح للجماعات المسلحة التحرك عبر الحدود وتهريب الأسلحة والموارد [6,11,26,27].
يستغل الوضع الأمني العابرة للحدود ضعف الدولة والحدود الواسعة، وتاريخيًا كانت المناطق السودانية في دارفور وكردفان والممرات الشمالية مناطق نشاط للحركات المحلية والجماعات المسلحة العابرة للحدود، بما في ذلك شبكات مرتبطة بالقاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية [6,11,26,27]. كما تؤدي المنافسة على الموارد مثل المياه والمراعي والأراضي الزراعية إلى تصعيد النزاعات المحلية التي قد تتقاطع مع التمردات العابرة للحدود أو الشبكات الإجرامية [6,11,26,27].
يلعب التكامل الإقليمي والتعاون متعدد الأطراف دورًا أساسيًا في التخفيف من التهديدات. يشارك السودان بنشاط في الاتحاد الأفريقي، ومبادرات مجموعة الساحل الخمسة، والاتفاقيات الأمنية الثنائية مع دول الجوار، لتنسيق الدوريات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ عمليات مشتركة لمكافحة التمرد [6,11,26,27]. كذلك يعتمد السودان على الشبكات المحلية والمخابرات المجتمعية لتوفير معلومات قابلة للتنفيذ وتعزيز التماسك الاجتماعي [6,11,26,27].
ينخرط السودان أيضًا مع القوى الخارجية، حيث تقدم روسيا مستشارين عسكريين ومتعاقدين والتدريب العسكري، بينما تسهم الصين في تطوير البنية التحتية الاقتصادية واللوجستية، ما يدعم القدرة التشغيلية السودانية بشكل غير مباشر [26,27]. ويجب على السودان إدارة هذا الدعم بدقة لتجنب التبعية والحفاظ على السيادة [26,27].
تشتمل الاستراتيجية السودانية على التعاون العسكري والأمني المكثف، حيث يشارك الجيش، والوحدات شبه العسكرية، وحرس الحدود في تدريبات مشتركة، وتنسيق استخباراتي، وعمليات استجابة سريعة عبر تضاريس متنوعة [6,26,27]. كما تعتمد القوات على وحدات متنقلة قادرة على الاستجابة السريعة، مدربة على الحروب الصحراوية، وتكتيكات مكافحة التمرد، مع دعم من الطائرات والوحدات الميكانيكية لتعزيز الانتشار التكتيكي [6,26,27].
تتكامل الأبعاد المجتمعية مع الاستراتيجية العسكرية من خلال إشراك السلطات المحلية والقادة القبليين لتعزيز جمع المعلومات، وحل النزاعات، وحماية الموارد مثل المياه والمراعي والأراضي الزراعية [6,26,27]. وتُستخدم برامج التنمية المجتمعية والبنية التحتية المستدامة لتقليل دوافع الصراع وتعزيز صمود المجتمع [6,11,26,27].
يعزز دمج نظم الاستخبارات والمراقبة قدرة السودان على إدارة الأمن العابر للحدود، ويشمل ذلك شبكات المعلومات البشرية، والمخبرين المحليين، والمراقبة الجوية والفضائية، وأنظمة المراقبة الإلكترونية، مع تبادل البيانات في الوقت الفعلي مع الشركاء الإقليميين [6,26,27]. كما تستفيد العمليات من الخبرة الروسية في التخطيط الاستراتيجي، ومن المشاريع الصينية في دعم الاتصال واللوجستيات [26,27].
في الختام، يمثل دور السودان في الساحل استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد، تجمع بين العمليات العسكرية والاستخباراتية، والتكامل الإقليمي، والتعاون مع الشركاء الخارجيين، والمشاركة المجتمعية، والتنمية الاقتصادية المستدامة [6,11,26,27]. وتساهم هذه الاستراتيجية في إدارة التهديدات العابرة للحدود، وحماية الموارد والبنية التحتية الحيوية، وتعزيز الاستقرار والتكامل في واحدة من أكثر المناطق الإفريقية تعقيدًا وأهمية استراتيجية.
4.4.1 ديناميات الأمن العابر للحدود والتكامل الإقليمي
يتأثر انخراط السودان في منطقة الساحل الإفريقي بشكل كبير بالديناميات الأمنية العابرة للحدود، التي تشمل التمردات، وشبكات التهريب غير المشروع، والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود، وعمليات الجماعات المسلحة، والتي تتقاطع مع النزاعات الداخلية وتحديات الحوكمة في السودان [6,11,26,27]. وتعد المناطق الحدودية الغربية والشمالية الغربية، خصوصًا دارفور وكردفان والممرات الشمالية المتجهة نحو تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى، مناطق عبور مهمة للجماعات المسلحة بسبب ضعف سيطرة الدولة وهشاشة الحدود والبنية التحتية الأمنية المحدودة [6,11,26,27]. تشمل هذه الجماعات ميليشيات محلية، وشبكات مرتبطة بالقاعدة أو داعش، ومنظمات إجرامية تنخرط في تهريب الأسلحة والبضائع [6,11,26,27].
تمثل التمردات العابرة للحدود تحديات متعددة الأبعاد. تتحرك الجماعات المسلحة بحرية بين السودان والدول المجاورة مستغلة الأراضي الشاسعة وقلة السكان وصعوبة المراقبة، مما يهدد المجتمعات السودانية والبنية التحتية والممرات الاقتصادية. وتتطلب هذه التحركات تنسيقًا استخباراتيًا وعملياتيًا مستمرًا مع شركاء السودان في الساحل الإفريقي [6,11,26,27]. ويستعين السودان بشبكات الاستخبارات المجتمعية من خلال القادة المحليين والسلطات القبلية لجمع معلومات قابلة للتنفيذ وتسوية النزاعات المحتملة [6,11,26,27].
تزيد الشبكات الإجرامية العابرة للحدود من تعقيد المشهد الأمني عبر تسهيل تهريب الأسلحة والمخدرات والبضائع الأخرى، وتمويل الصراعات المحلية وتقويض سلطة الدولة. وقد قامت الأجهزة الأمنية السودانية، بالتعاون مع شركاء إقليميين، بتنفيذ برامج لمراقبة الحدود، وإنشاء مراكز دمج الاستخبارات، وإجراء دوريات مشتركة لتعطيل هذه الشبكات [6,11,26,27]. ويُستخدم في ذلك تقنيات مثل المراقبة الجوية والفضائية وأنظمة الاتصال المتقدمة لتعقب التدفقات غير المشروعة وتنسيق الاستجابة السريعة.
تلعب أطر التكامل الإقليمي دورًا حاسمًا في مواجهة التهديدات العابرة للحدود. يشارك السودان في الاتحاد الأفريقي، ومبادرات مجموعة الساحل الخمسة، والاتفاقيات الأمنية الثنائية مع تشاد والنيجر ومالي، بما يمكّن من تنسيق الدوريات، وتحليل الاستخبارات المشتركة، والنشر العسكري السريع، وتطبيق أطر قانونية موحدة لملاحقة الأنشطة الإجرامية والتمردية العابرة للحدود [6,11,26,27]. كما تساهم هذه الآليات في تنفيذ تدخلات تنموية منسقة، مثل مشاريع المياه والزراعة، لتقليل دوافع الصراع ومعالجة الضعف الاجتماعي والاقتصادي في المجتمعات الحدودية [6,11,26,27].
تعد إدارة أمن الحدود عنصرًا أساسيًا في استراتيجية السودان، إذ يتم نشر نقاط حدودية متكاملة، وتقنيات مراقبة، ووحدات استجابة سريعة متنقلة على طول الممرات الرئيسية للكشف عن التهديدات واعتراضها. ويشارك السودان في تدريبات مشتركة مع دول الساحل الإفريقي لتوحيد الإجراءات التشغيلية، وتعزيز التنقل في التضاريس الصعبة، وتحسين التوافق التشغيلي، بما في ذلك تكتيكات مكافحة التمرد، وتنسيق اللوجستيات، والتخطيط للاستجابة الإنسانية [6,11,26,27].
لا يمكن فصل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية عن استراتيجيات الأمن العابر للحدود. فالمجتمعات الحدودية، غالبًا المهمشة اقتصاديًا، قد تتعرض للتجنيد أو الابتزاز من الجماعات المسلحة. ويعتمد السودان على إشراك السكان المحليين من خلال الوساطة في النزاعات، والمساعدات التنموية، ودعم سبل العيش، بما في ذلك تحسين الوصول إلى المياه، وزيادة الإنتاج الزراعي، وإدارة الثروة الحيوانية، للحد من المنافسة على الموارد وتقليل محفزات العنف [6,11,26,27].
تشمل الاعتبارات البيئية والمناخية عنصرًا حيويًا في الأمن الإقليمي. يؤدي التصحر وتغير أنماط الأمطار ونقص الموارد إلى تفاقم المنافسة على الأراضي والمياه والمراعي، ما قد يزيد من التوترات العابرة للحدود. يدمج السودان مراقبة البيئة واستراتيجيات التكيف مع المناخ ضمن برامج أمن الحدود والتعاون الإقليمي، بما يشمل إدارة المياه، ومشاريع التشجير، وسياسات الرعي المستدامة بالشراكة مع الدول المجاورة [6,11,26,27].
يعزز التعاون مع الشركاء الخارجيين قدرة السودان على إدارة الديناميات الأمنية العابرة للحدود. توفر روسيا مستشارين عسكريين ومتعاقدين أمنيين لتحسين الجاهزية العملياتية، بينما تسهم الصين في مشاريع البنية التحتية لتعزيز التنقل اللوجستي والاستقرار الاقتصادي. وتوفر هذه الشراكات قدرات تشغيلية وتقنية، لكنها تتطلب إدارة دقيقة لتجنب الاعتماد المفرط أو التورط في صراعات جيوسياسية [26,27].
في الختام، يمثل انخراط السودان في إدارة الديناميات الأمنية العابرة للحدود وتعزيز التكامل الإقليمي استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد، تجمع بين الأدوات العسكرية والاستخباراتية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والدبلوماسية لتقليل التهديدات، وتعزيز الحوكمة الحدودية، ودعم صمود المجتمع، وتعظيم النفوذ الإقليمي [6,11,26,27].
4.4.2 انخراط القوى الخارجية (روسيا، الصين، وغيرهما)
جذب الموقع الاستراتيجي للسودان في منطقة الساحل الإفريقي اهتمامًا كبيرًا من القوى الخارجية، أبرزها روسيا والصين، حيث يتركز انخراطهما على الأبعاد العسكرية والاقتصادية والبنية التحتية، ويؤثر على الموقف الإقليمي وقدرات السودان العملياتية [26,27].
روسيا تركز على المجال الأمني والعسكري، حيث تقدم مستشارين عسكريين ومتعاقدين أمنيين خاصين لتعزيز القدرات الاستخباراتية، وجاهزية الاستجابة السريعة للقوات السودانية. وغالبًا ما يتم تنسيق هذه الجهود مع القوات السودانية في المناطق الحدودية مع دول الساحل الإفريقي، بما في ذلك توفير خبرات في العمليات الصحراوية والتخطيط الاستراتيجي والدعم اللوجستي، مما يعزز قدرة السودان على مراقبة النشاط التمردي والشبكات الإجرامية العابرة للحدود [26,27].
الصين تركز بشكل رئيسي على البعد الاقتصادي والبنية التحتية، مع مساهمة غير مباشرة في تعزيز الأمن عبر تحسين القدرة على التنقل والربط اللوجستي. تشمل الاستثمارات تطوير شبكات الطرق والجسور ومراكز اللوجستيات، وربط السودان بالدول الساحلية، مما يسهل التجارة وتحريك القوات الأمنية والوصول إلى الأسواق، ويعزز التكامل الاقتصادي ويتيح الانتشار السريع للموارد لمعالجة التهديدات الأمنية [26,27].
يرتبط انخراط هذه القوى بالقدرة على النفوذ والاستفادة الاستراتيجية. يدعم التدريب والتوجيه العسكري الروسي جاهزية السودان العملياتية، لكنه يخلق أيضًا تبعيات على المعدات والتدريب الأجنبي والاستخبارات، في حين يوفر الدعم الصيني فرص تطوير ونفوذ إقليمي عبر البنية التحتية والاستثمارات الاقتصادية، لكنه ينتج تبعيات طويلة الأمد على المعرفة التقنية والتمويل. لذلك، يجب على السودان موازنة هذه الفوائد مع الحفاظ على الاستقلالية وصنع القرار الاستراتيجي [26,27].
الأبعاد العسكرية والأمنية لهذا الانخراط تشمل تدريب القوات السودانية على العمليات الصحراوية، وتقديم الإرشاد الاستراتيجي، وتحسين قدرات الاستجابة السريعة، بما يمكن السودان من تأمين حدوده وتعطيل خطوط الإمداد للتمرد والتنسيق مع الدول المجاورة في العمليات المشتركة [26,27].
الانخراط الاقتصادي والتكنولوجي يعزز موقع السودان الاستراتيجي. تحسين البنية التحتية الصينية، مثل الطرق والجسور ومراكز اللوجستيات، يزيد من الربط التجاري ويدعم العمليات الأمنية من خلال تسهيل النقل والإمداد والوصول إلى المناطق الحدودية. كما يوفر التعاون الروسي موارد مالية وتقنية لدعم العمليات العسكرية والمشاريع الاقتصادية [26,27].
تمتد التداعيات الجيوسياسية للانخراط الخارجي لتشمل منافسة معقدة بين القوى الكبرى. التدخل الروسي يعزز النفوذ العسكري الإقليمي للسودان، والانخراط الصيني يدعم التكامل الاقتصادي والبنية التحتية، ما يتطلب إدارة دقيقة للضغوط الخارجية لتجنب الاعتماد المفرط، والحفاظ على السيادة، ومنع التورط في صراعات جيوسياسية أوسع [26,27].
غالبًا ما يتم التنسيق بين السودان والقوى الخارجية ضمن المبادرات متعددة الأطراف، مثل الاتحاد الأفريقي وآليات مجموعة الساحل الخمسة، والاتفاقيات الثنائية مع تشاد والنيجر ومالي، لضمان توافق التدخلات العسكرية والاقتصادية الأجنبية مع الأهداف الأمنية الإقليمية [26,27].
تركز برامج بناء القدرات على الاستدامة طويلة المدى، بما في ذلك تطوير الخبرة المحلية في العمليات المضادة للتمرد ونقل التكنولوجيا، وتحسين اللوجستيات لدعم العمليات الأمنية والاقتصادية، لضمان استمرار فعالية السودان ونفوذه الإقليمي حتى مع تغيّر مشاركة الشركاء الخارجيين [26,27].
في الختام، يمثل انخراط القوى الخارجية في استراتيجية السودان الساحلية تفاعلًا متعدد الأبعاد يجمع بين الأمن، والاقتصاد، والتكنولوجيا، والعوامل الجيوسياسية، مع الحفاظ على قدرة السودان على دمج الدعم الأجنبي ضمن استراتيجيته العسكرية والاقتصادية والسياسية المحلية لضمان تأمين الحدود ومواجهة التهديدات العابرة للحدود وتعزيز الاستقرار الإقليمي [26,27].
4.4.3 التعاون العسكري والأمني
يشكل التعاون العسكري والأمني للسودان في منطقة الساحل محورًا أساسيًا لاستراتيجيته في الحفاظ على الاستقرار، ومواجهة التهديدات العابرة للحدود، وتعزيز النفوذ الإقليمي [6,26,27]. ويشمل هذا التعاون الاتفاقيات الثنائية مع دول الساحل المجاورة، والمشاركة في الأطر متعددة الأطراف مثل الاتحاد الأفريقي (AU) وآليات مجموعة الساحل الخمسة (G5 Sahel)، إضافة إلى التنسيق مع القوى الخارجية بما فيها روسيا والصين [6,26,27]. وتعتمد مقاربة السودان على دمج العمليات العسكرية التقليدية، وتدابير شبه عسكرية، وأمن الحدود، ومبادرات تبادل المعلومات الاستخباراتية، وآليات الأمن المجتمعية، ما يخلق بنية أمنية شاملة ومتعددة الأبعاد [6,26,27].
يشكل التعاون العسكري الثنائي والإقليمي الأساس لاستراتيجية السودان في الساحل الإفريقي، حيث يحافظ السودان على تنسيق عسكري نشط مع الدول المجاورة، خصوصًا تشاد، والنيجر، ومالي، لمراقبة الحدود، وإجراء الدوريات المشتركة، والاستجابة السريعة للتهديدات التمردية والإجرامية [6,26,27]. وتتعامل هذه العمليات مع حركة الجماعات المسلحة، وتهريب الأسلحة والبضائع المهربة، والأنشطة التمردية العابرة للحدود. وتُعزز الخطط المشتركة والتدريبات العملية القابلية للتشغيل المشترك، بما يضمن تنسيق هياكل القيادة، وبروتوكولات الاتصال، واللوجستيات بين القوات المشاركة [6,26,27]. وتشمل هذه التدريبات تكتيكات مكافحة الإرهاب، والحروب الصحراوية، والنشر السريع، ما يمكّن السودان وشركاءه من الاستجابة الفعّالة للتهديدات الأمنية المتغيرة [6,26,27].
تكمل الأطر متعددة الأطراف التعاون الثنائي من خلال توفير التنسيق المؤسسي والاستراتيجي الأوسع، مثل مشاركة السودان في مبادرات مجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي وآليات الأمن لمجموعة الساحل الخمسة، التي تسهم في جمع المعلومات الاستخباراتية الجماعية، والتخطيط العملياتي عبر الحدود، وأنظمة الإنذار المبكر المشتركة [6,26,27]. وتمكن هذه المنصات السودان من المشاركة في حملات مكافحة التمرد المشتركة، وعمليات الأمن الإنساني، واستجابات منسقة للكوارث، ما يعزز دوره كشريك موثوق في جهود الاستقرار الإقليمي [6,26,27].
يشكل دمج نظم الاستخبارات والمراقبة مكونًا حاسمًا في استراتيجية السودان العسكرية، إذ تتم مراقبة المناطق الحدودية باستخدام شبكات المعلومات البشرية، والمخبرين المحليين، والمراقبة الفضائية، والطائرات بدون طيار (UAV)، وأنظمة المراقبة الإلكترونية [6,26,27]. وتُشارك البيانات في الوقت الفعلي مع الشركاء الإقليميين للكشف عن تحركات المتمردين، ومسارات التهريب، والهجمات المحتملة عبر الحدود، كما يمتد تنسيق الاستخبارات إلى الشركاء الخارجيين، لا سيما المستشارون الروس الذين يقدمون الخبرة الفنية والإرشاد الاستراتيجي في تحليل أنماط التهديد والتخطيط العملياتي [26,27].
تشكل قدرات الاستجابة السريعة والنشر التكتيكي عنصرًا أساسيًا للتعامل مع بيئة الأمن المتقلبة في الساحل الإفريقي. تعمل القوات السودانية بوحدات متنقلة قادرة على الاستجابة بسرعة للتوغلات التمردية والمواجهات الحدودية والحوادث الأمنية في المناطق النائية، مع تدريب على الحروب الصحراوية، وتكتيكات مكافحة التمرد، والعمليات المشتركة مع القوات المجاورة [6,26,27]. ويضمن التنسيق مع الدعم الجوي والوحدات الميكانيكية والقوات شبه العسكرية تغطية شاملة للمناطق الحدودية الاستراتيجية، بينما تمكّن اللوجستيات من إجراء عمليات مستمرة على فترات طويلة في التضاريس الصعبة [6,26,27].
تكمل آليات الأمن المجتمعية الاستراتيجيات العسكرية التقليدية، إذ يتفاعل السودان مع السلطات القبلية المحلية، وقادة المجتمع، ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز الوعي بالوضع الأمني، وتسوية النزاعات، وجمع المعلومات عن الأنشطة التمردية أو الإجرامية [6,26,27]. وتساهم هذه الشراكات المحلية أيضًا في حل النزاعات حول الموارد الطبيعية مثل المياه، وأراضي الرعي، والأراضي الزراعية، مما يقلل احتمال تصعيد النزاعات المحلية إلى أزمات أمنية واسعة. وتشمل برامج المشاركة المجتمعية التدريب، والمساعدات التنموية، ودعم سبل العيش، ما يساعد على منع تجنيد المتمردين ويعزز التماسك الاجتماعي [6,26,27].
يلعب الدعم العسكري الخارجي دورًا مهمًا في تعزيز قدرات السودان، حيث يوفر المستشارون والمتعاقدون الروس التدريب، والدعم في التخطيط الاستراتيجي، والإرشاد العملياتي للعمليات المعقدة لمكافحة التمرد والاستجابة السريعة [26,27]. كما تدعم مشاريع البنية التحتية الصينية، بما في ذلك تحسين الممرات النقلية ومراكز اللوجستيات، القدرة على التنقل العسكري وسلاسل الإمداد والنشر الطارئ، مما يمكن القوات من الاستجابة بفعالية للتهديدات الطارئة [26,27]. ويضمن تنسيق الدعم الخارجي مع المبادرات الثنائية والإقليمية تعزيز القدرات العملياتية دون تقويض السيادة السودانية أو خلق تبعية.
إدارة الموارد ودمج الأمن جانب حيوي آخر، إذ ترتبط العمليات العسكرية بحماية البنية التحتية الحيوية، ونقاط المياه، والممرات التجارية، والمناطق الزراعية، التي تكون عرضة لاستغلال المتمردين والشبكات الإجرامية [6,26,27]. ومن خلال تأمين هذه الموارد، يحافظ السودان على الاستقرار الداخلي ويعزز الثقة الإقليمية ويسهل التعاون عبر الحدود، مع مراعاة التحديات البيئية مثل التصحر والهجرة الموسمية لضمان قابلية العمليات الأمنية للتكيف والاستدامة.
تتنوع النتائج الاستراتيجية والنفوذ الإقليمي لتعاون السودان العسكري والأمني، حيث يعزز السودان دوره كفاعل أمني محوري في الساحل الإفريقي من خلال الجمع بين المبادرات الثنائية ومتعددة الأطراف، والمجتمعية، والمدعومة خارجيًا [6,26,27]. وتزيد قدرة السودان على ربط الاستراتيجيات العسكرية والاستخباراتية والاجتماعية والبيئية من نفوذه في أطر الأمن الساحلية، ما يضعه كحلقة وصل رئيسية في تشكيل الاستقرار الإقليمي قصير وطويل الأمد [6,26,27].
في الختام، يمثل التعاون العسكري والأمني للسودان في الساحل الإفريقي نموذجًا لاستراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد، تدمج العمليات التقليدية وشبه العسكرية، ونظم الاستخبارات والمراقبة، والمشاركة المجتمعية، والتنسيق الإقليمي، والدعم الخارجي [6,26,27]. وتمكّنه هذه المقاربة من مواجهة التهديدات العابرة للحدود بفعالية، وتأمين الموارد والبنية التحتية الحيوية، وتعزيز التعاون الإقليمي، وتقوية النفوذ الجيوسياسي عبر الساحل، مع ضمان مساهمة التدخل العسكري والأمني في الاستقرار المستدام والتنمية والتكامل [6,26,27].
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم