الخرطوم أنثروبوليجيا المكان والناس

 


 

 

كلام الناس

نورالدين مدني

الخرطوم أنثروبوليجيا المكان والناس

أرسل لي صديقي الأستاذ خالد عثمان رئيس تحرير "المهاجر" ومدير مطبعة التبلدي بملبورن نسخ من المهاجر وكتيب "نيل الخيرات" للإمام المجدد محمد ماضي أبوالعزائم عليه رحمة الله ورضوانه ونسخة من مجلة "الإسلام وطن" التي تصدرها مشيخة الطريقة العزمية بمصر وكتاب الخرطوم أنثروبوليجيا المكان لمؤلفه أبو عبيدة ابراهيم البقاري الصادر عن دار مدارات للنشر والتوزيع هذا العام وقدم له صديقي البروفسورد. أبو القاسم قور حامد.
يقع الكتاب في حوالي ثلثمائة صفحة من الحجم المتوسط ويتضمن سلسلة مقالات محشودة بالمعلومات والذكريات عن بعض الأسماء والمعالم البارزة بالخرطوم.
لن أسرد هنا محتويات هذا الكتاب الذي وثق لجوانب من الحياة المجتمعية والثقافية والفنية في الخرطوم لكنني سأحاول ما استعطت التوقف عند بعض ماجاء فيه من ذكريات وشجن كما في مقاله المعنون "تعال نتقادم"الذي رصد فيه المؤلف بعض المظاهر الإجتماعية والسلوك الذي بدأيتلاشى تدريجياً في رحلة التدرج الحضري.
في مقاله"لكي لاننسى" أبان المؤلف ان سكان الخرطوم القدامى تبدلوا بالهجرة والوفاة والنزوح والتزاوج وأنها أصبحت تئن وهي تحمل تدفقات المهاجرين إليها من داخل السودان وخارجه وتضخمت المباني وغابت شخصيات وأعلام وتبدلت أحوال الناس.
تضمن الكتاب بعض المعلومات المختلفة عن بعض المعالم والأماكن الشهيرة في الخرطوم وعن دور الفنون في تنشيط السياحة وحكايات اللسان وألقاب الإنسان وملامح من حي وسوق الخرطوم.
خصص الكاتب أربع مقالات ممتعة بعنوان "أنا دستوري نازل في الخرطوم ثلاثة "تناول فيها بعض الذكريات والشخصيات التي عاشت في هذا الحي العريق المتميز بموقعه الجغرافي وحسن تخطيطه العمراني والحياة المجتمعية العامرة بالأنشطة الثقافية والفنية والرياضية.
من المقالات المميزة في هذا الكتاب مقاله عن "فطور الجمعة" أفضل أيام الأسبوع حيث يؤدي فيه المسلمون صلاة الجمعة في المساجد ويتسوق فيه الناس ويشترون إحتياجات الأسرة الأسبوعية وفيه تلتئم الأسر على مائدة الفطور في البيت الكبير.
لم يقتصر المؤلف كتابته عن الخرطوم وحدها إنما كتب عن بعض المدن الأخرى خارج السودان مثل مدينة سدني ومدينة ملبورن باستراليا ومدينة القاهرة في مصر ومدينة أسمرا في إرتريا وهو يمتعنا باسلوبه الشيق حول روعة الأمكنة وحلاوة الأغنيات السودانية التي استلهم بعضها في إختيار عناونينه.
أترككم لهذا الكتاب الجامع الذي يحمد لمؤلفه توثيق بعض أبرز الأمكنة والأنشطة لأنه للأسف صدر والسودان يواجه أبشع انواع حرب المدن حيث تم تخريب الكثير من معالمه العمرانية وتسببت في خروج ملايين الأسر من منازلها مابين نازحين في الداخل وعالقين في دول الجوار في أوضاع غير إنسانية وسط مهددات معيشية وصحية مزدادة.

 

آراء