الخيار الصعب لانقاذ السودان !
د. زهير السراج
15 September, 2024
15 September, 2024
مناظير الاحد 15 سبتمبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* بدءاً، قد يرى الكثيرون في هذا المقال تراجعا عن مواقفي وآرائي في الحركة الاسلامية ونظام حكمها الفاسد في السودان ووقوفها وراء الحرب العبثية القذرة التي تدور في السودان الآن والسعى من ورائها للعودة الى الحكم، وهى مواقف وآراء لن تتغير ابدا، فرأيى الثابت في الحركة الاسلامية ( اللا اسلامية) انها التي دمرت السودان خلال فترة حكمها البائس (1989 – 2019)، واحطت من قدره وسرقت خيراته، ومرغت كرامة شعبه في التراب وقتلته وشردته في الأرض وحولته الى جوعى ومرضى وفقراء ونازحين ومشردين ومتسولين بسبب الحرب التي تديرها الآن. هذه مواقفي ولن تتغير أبدا، وسأظل طيلة عمري معارضا للحركة التجارية الاسلامية، وفسادها وعبثها بالدين الحنيف، وإتخاذه وسيلة لتحقيق مصالحها الرخيصة على المستويين الجماعي والفردى، باعتراف عرابها وزعيمها السابق الدكتور حسن الترابي، والكثير من أعضائها السابقين.
* غير ان الوضع القائم في السودان وتمزقه والمعاناة القاسية لشعبه، والمستقبل المظلم الذي ينتظره إذا لم تتوقف الحرب الآن ــ وأكرر الآن ــ والتي اعتقد جازماً انها لن تتوقف ابدا إذا لم تضمن الحركة الاسلامية وجودها ضمن المعادلة السياسية بعد انتهاء الحرب، ولديها من القدرة والاساليب والقوى الاقليمية التي تدعمها، على الاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة، الى ان يتم تدمير البلاد وشعبها بالكامل، مما يتطلب النظر بعقل وحكمة في الوسيلة التي يمكن ان توقف الحرب، وتحمي السودان وشعبه من الفناء!
* ورأيي في مليشيا الدعم السريع (الطرف الآخر في الحرب) لا يختلف عن رأيي في الحركة الإسلامية، ولقد افصحتُ عنه منذ تأسيسها بواسطة الحركة (عندما كان إسمها الجنجويد) والفظائع التي ارتكبتها ضد اهلنا في دارفور، وظللتُ معارضا لوجودها، ومطالبا بحلها وكتبتُ في ذلك عشرات المقالات، وهو نفس موقفي الآن، فلا يمكن لمليشيا (مهما كانت قدراتها) ان تحل محل الجيش الوطني (مهما كثرت علاته)، أو تنفرد بالحكم حتى لو انتصرتْ في الحرب، وتتسيد على شعبه بمعزل عن طوائفه الأخرى، وتصبح هى الآمر الناهي في شؤونه، فضلا عن ارتكابها من الجرائم والفظائع والأهوال ضد الشعب بما يصنفها كأحد أفظع وأسوا مجرمي الحرب في التاريخ المعاصر، ويجعل من سابع المستحيلات ان يتقبل السودانيون (والعالم) مجرد وجودها في المشهد، دعك من تسيده!
* ولكن وبما ان هذه المليشيا الوحشية ــ وأكرر هنا نفس ما قلته عن الحركة الاسلامية التي تحاربها بالتحالف مع الجيش ــ تستطيع بما لديها من القدرة والاساليب والقوى الاقليمية التي تدعمها، الاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة الى ان يتم تدمير البلاد وشبعها بالكامل، لا بد من النظر بعقل وحكمة في الوسيلة التي يمكن ان توقف الحرب قبل فوات الأوان، وحماية السودان وشعبه من الفناء .. وهو الهدف من اجل كتابة هذا المقال وتقديم مقترح او (حل) قد يعترض عليه ويجده الكثيرون صعب القبول والتطبيق، ولكنني ارجو ان ينظر اليه الجميع بعقلانية قبل معارضته او التعليق عليه، وهو في رأيي الشخصي الحل المتاح حاليا للتعامل مع المشكلة الوجودية التي يواجهها السودان وشعبه!
* يتلخص المقترح في تقديم تنازلات من كافة الاطراف السياسية وغير السياسية (مثل المراجعات والاعتراف بالاخطاء والاعتذار عنها علانية واعادة ممتلكات الدولة .. إلخ)، والسعى لحالة تصالحية ــ مثل الكثير من الحالات التصالحية التي شهدها العالم من قبل تحت مسميات مختلفة كـ(الحقيقة والمصالحة) وغيرها، لحل نزاعات الماضي والاضطرابات الداخلية والحروب الاهلية ــ تسمح بوجود كافة الاطراف المتضادة في المشهد السوداني بعد توقف الحرب، بأسس ومعايير وشروط معينة تضعها الجهة او اللجنة المختصة بعملية التصالح بعد التشاور مع الاطراف والخبراء المختصين في هذه التصالحات !
* صحيح أن هنالك الكثير من الانتقادات التي توجه لهذا النوع من الحلول والتصالح عبر لجان الحقيقة والمصالحة، لأنها قد تسمح لمرتكبي الجرائم والانتهاكات بالافلات من العقاب، باعتبار أنها جهة تصالحية وليست عقابية!
* ولكن وبما ان الخيار الآخر هو إستمرار الاضطرابات والعنف والحروب وانهيار الدولة وتفككها وضياع الشعب، فإن الحقيقة والمصالحة، رغم أنها خيار صعب، تبقى هى الخيار الوحيد والافضل بدون شك من الخيار الآخر، وهنالك الكثير من الامثلة والنماذج للدول التي لجأت إليه ونجحت في التخلص من المشاكل المعقدة التي واجهتها مثل بوليفيا وجواتيمالا وجنوب افريقيا ورواندا !
* مرة اخرى، أرجو التريث والتفكير بهدوء والنظر بعقل وحكمة الى الموضوع قبل الرفض او التعليق !
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com
* بدءاً، قد يرى الكثيرون في هذا المقال تراجعا عن مواقفي وآرائي في الحركة الاسلامية ونظام حكمها الفاسد في السودان ووقوفها وراء الحرب العبثية القذرة التي تدور في السودان الآن والسعى من ورائها للعودة الى الحكم، وهى مواقف وآراء لن تتغير ابدا، فرأيى الثابت في الحركة الاسلامية ( اللا اسلامية) انها التي دمرت السودان خلال فترة حكمها البائس (1989 – 2019)، واحطت من قدره وسرقت خيراته، ومرغت كرامة شعبه في التراب وقتلته وشردته في الأرض وحولته الى جوعى ومرضى وفقراء ونازحين ومشردين ومتسولين بسبب الحرب التي تديرها الآن. هذه مواقفي ولن تتغير أبدا، وسأظل طيلة عمري معارضا للحركة التجارية الاسلامية، وفسادها وعبثها بالدين الحنيف، وإتخاذه وسيلة لتحقيق مصالحها الرخيصة على المستويين الجماعي والفردى، باعتراف عرابها وزعيمها السابق الدكتور حسن الترابي، والكثير من أعضائها السابقين.
* غير ان الوضع القائم في السودان وتمزقه والمعاناة القاسية لشعبه، والمستقبل المظلم الذي ينتظره إذا لم تتوقف الحرب الآن ــ وأكرر الآن ــ والتي اعتقد جازماً انها لن تتوقف ابدا إذا لم تضمن الحركة الاسلامية وجودها ضمن المعادلة السياسية بعد انتهاء الحرب، ولديها من القدرة والاساليب والقوى الاقليمية التي تدعمها، على الاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة، الى ان يتم تدمير البلاد وشعبها بالكامل، مما يتطلب النظر بعقل وحكمة في الوسيلة التي يمكن ان توقف الحرب، وتحمي السودان وشعبه من الفناء!
* ورأيي في مليشيا الدعم السريع (الطرف الآخر في الحرب) لا يختلف عن رأيي في الحركة الإسلامية، ولقد افصحتُ عنه منذ تأسيسها بواسطة الحركة (عندما كان إسمها الجنجويد) والفظائع التي ارتكبتها ضد اهلنا في دارفور، وظللتُ معارضا لوجودها، ومطالبا بحلها وكتبتُ في ذلك عشرات المقالات، وهو نفس موقفي الآن، فلا يمكن لمليشيا (مهما كانت قدراتها) ان تحل محل الجيش الوطني (مهما كثرت علاته)، أو تنفرد بالحكم حتى لو انتصرتْ في الحرب، وتتسيد على شعبه بمعزل عن طوائفه الأخرى، وتصبح هى الآمر الناهي في شؤونه، فضلا عن ارتكابها من الجرائم والفظائع والأهوال ضد الشعب بما يصنفها كأحد أفظع وأسوا مجرمي الحرب في التاريخ المعاصر، ويجعل من سابع المستحيلات ان يتقبل السودانيون (والعالم) مجرد وجودها في المشهد، دعك من تسيده!
* ولكن وبما ان هذه المليشيا الوحشية ــ وأكرر هنا نفس ما قلته عن الحركة الاسلامية التي تحاربها بالتحالف مع الجيش ــ تستطيع بما لديها من القدرة والاساليب والقوى الاقليمية التي تدعمها، الاستمرار في الحرب أطول فترة ممكنة الى ان يتم تدمير البلاد وشبعها بالكامل، لا بد من النظر بعقل وحكمة في الوسيلة التي يمكن ان توقف الحرب قبل فوات الأوان، وحماية السودان وشعبه من الفناء .. وهو الهدف من اجل كتابة هذا المقال وتقديم مقترح او (حل) قد يعترض عليه ويجده الكثيرون صعب القبول والتطبيق، ولكنني ارجو ان ينظر اليه الجميع بعقلانية قبل معارضته او التعليق عليه، وهو في رأيي الشخصي الحل المتاح حاليا للتعامل مع المشكلة الوجودية التي يواجهها السودان وشعبه!
* يتلخص المقترح في تقديم تنازلات من كافة الاطراف السياسية وغير السياسية (مثل المراجعات والاعتراف بالاخطاء والاعتذار عنها علانية واعادة ممتلكات الدولة .. إلخ)، والسعى لحالة تصالحية ــ مثل الكثير من الحالات التصالحية التي شهدها العالم من قبل تحت مسميات مختلفة كـ(الحقيقة والمصالحة) وغيرها، لحل نزاعات الماضي والاضطرابات الداخلية والحروب الاهلية ــ تسمح بوجود كافة الاطراف المتضادة في المشهد السوداني بعد توقف الحرب، بأسس ومعايير وشروط معينة تضعها الجهة او اللجنة المختصة بعملية التصالح بعد التشاور مع الاطراف والخبراء المختصين في هذه التصالحات !
* صحيح أن هنالك الكثير من الانتقادات التي توجه لهذا النوع من الحلول والتصالح عبر لجان الحقيقة والمصالحة، لأنها قد تسمح لمرتكبي الجرائم والانتهاكات بالافلات من العقاب، باعتبار أنها جهة تصالحية وليست عقابية!
* ولكن وبما ان الخيار الآخر هو إستمرار الاضطرابات والعنف والحروب وانهيار الدولة وتفككها وضياع الشعب، فإن الحقيقة والمصالحة، رغم أنها خيار صعب، تبقى هى الخيار الوحيد والافضل بدون شك من الخيار الآخر، وهنالك الكثير من الامثلة والنماذج للدول التي لجأت إليه ونجحت في التخلص من المشاكل المعقدة التي واجهتها مثل بوليفيا وجواتيمالا وجنوب افريقيا ورواندا !
* مرة اخرى، أرجو التريث والتفكير بهدوء والنظر بعقل وحكمة الى الموضوع قبل الرفض او التعليق !