العلمانيون و الإسلاميون والدوران في الحلقة الإستعمارية المفرغة كأداة لتفتيت الأمة
د. صبري محمد خليل
1 October, 2024
1 October, 2024
د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلامية في جامعة الخرطوم
Sabri.m.khalil@gmail.com
ملخص المقال : إن العلمانيين والإسلاميين هما وجهان لعملة واحدة زائفة ، ساهم في صنعها الإستعمار القديم والجديد ، لتحقيق أهدافه فى المنطقة، وأهمها التفتيت " الطائفى- القبلى" للأمة . فما يطرحه الطرفين ليس دعوة " دنيوية او دينية"، بل هو دعاية سياسية ،خاضعة لقانون الحصر الثنائي - بين شعار وضده - والذى يحول دون الإلتفات إلى القضايا الأخرى، التي يطرحها الواقع . وهذا الحصر الثنائى يلزم منه الدوران فى حلقة مفرغة ، وبالتالي العجز عن حل الواقع المشاكل المتجددة . فضلا عن تفاقم الإستقطاب " الصراع "، وما يلزم منه من مزيد من التفتيت.
....
المتن التفصيلى للمقال :
دلالات مصطلحى "العلمانيين والإسلاميين" : يقصر المقال مصطلح "الإسلاميين" على دلالتين ، الأولى اصلية مضمونها أنصار مذهب التفسير السياسي للدين" الذي يطلق عليه خطأ إسم الإسلام السياسي"، الذى يختزل الدين فى بعده السياسى، ويجعل السلطة هى الأصل والدين هو الفرع،ودلاله تبعية هى أنصار المذاهب التي تتبنى الحل الذي قدمة هذا المذهب لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة،والذي لا يعبر عن الحل الإسلامي الصحيح لها ، أى علاقة إرتباط من جهة وتمييز من جهة أخرى ، و يجعلها علاقة خلط وتطابق ، كما فى مذاهب أجنبية كالكهنوت والثيوقراطية ، ومثال لها مذهب التقليد ، ومذهب الغلو فى التكفير وإستحلال الدماء".
كما يستخدم المقال مصطلح " العلمانيين" بدلالتين، الأولى أصلية مضونها أنصار الليبرالية كفلسفة طبيعية - لا دينية - ومنهج متطرف فى الفردية، ومذهب ذو أركان متعددة - أهمها العلمانية- ، والدلالة الثانية تبعية مضمونها أنصار المذاهب التي تتبنى الحل الذي قدمته لمشكله العلاقة بين الدين والدولة-، اى فصل الدين عن الدولة ، و مثال لها المذهب الماركسى، الذى يدعو - فى صيغتة الأصلية- إلى إلغاء الدين ، وليس فصله عن الدولة فقط.
وجهين لذات العملة الإستعمارية الزائفة : فكلاهما وجهين لعملة واحدة زائفة ، ساهم في صنعها الإستعمار القديم لخدمة أهدافه فى المنطقة ،وأهمها تفتيت الأمة.
العلمانية والتغريب: فقد دعم الإستعمار القديم والجديد، النخب المتغربة ، بهدف إستخدامها كأداة " محلية " لتحقيق اهدافها. والدعوة الى العلمانية فى مجتمع مسلم - كالمجتمع العربي- هو شكل من أشكال التغريب ، الذي مضمونه أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية-التي تشكل الهيكل الحضاري لهذا المجتمع - بالمفاهيم والقيم والقواعد الغربية، لتحقيق قدر من الشعور المستقر، بالانتماء إلى الحضارة الغربية.
مذهب التفسير السياسي للدين وفتنة التفرق فى الدين " النقض الطائفى لوحدة الإرادة الشعبية للأمة :فهذا المذهب يلزم منة مفاهيم بدعية، أهمها التفرق فى الدين " الشيع بالمصطلح القرانى " ( الذين فرقوا دينهم وكانو شيعا) ، وبالتالى أيضا النقض الطائفي لوحدة الإرادة الشعبية للأمة - لأن الطائفة دين أو مذهب دينى مقصور على جماعة معينة - فى حين ان الدين هو رابط روحى موحد للأمة . لذا أسس الإستعمار القديم علاقات - سرية و علنية ، مباشرة و غير مباشرة - مع جماعات تتبنى هذا المذهب، بما يضمن إستمراره، عن طريق النقض الطائفي لوحدة الإراده الشعبية للأمة ،على المستوى الوطنى، كما عبرت عنها الحركات الوطنية الإستقلالية. ولاحقا أقام الإستعمار الجديد “الامبريالي “الامريكى ايضا علاقات- سرية و علنية- بهذه الجماعات ، بهدف النقض الطائفى للإرادة الشعبية للأمة ، على المستوى القومى ، كما عبرت عنها حركة التحرر القومى من الإستعمار .
ولاحقا ساهم فى إنشاء أو تفعيل، بعض الجماعات التي تتبنى المذهب ، او صيغته التكفيرية المعلنة ، للضمان تحقيق أهدافها، فى التفتيت الطائفى - القبلى للمنطقة " مشروع الشرق الأوسط الجديد : الإمبريالى - الصهيونى ، منذ العقد السابع من القرن الماضى .
إختلاف المقدمات النظريه وإتفاق النتائج العملية : يتسق مع ما سبق ذكره من ان كلاهما اداه إستعمارية لتفتيت الأمة ، انه رغم الاختلاف بينهما ، في المقدمات النظرية - إلى درجه التناقض- إلا أن هناك اتفاق في النتائج العملية، التي تلزم من الممارسات الفعلية للطرفين- موضوعيا وبصرف النظر عن الشعارات و النوايا الذاتية - ومنها:
أولا: رد فعل متطرف : أن كلا الطرفين رد فعل معاكس في الإتجاة " إثبات أو نفي العلاقة بين الدين والدولة "، لكنه مساوي في المقدار"التطرف في إثبات العلاقة الى درجه الخلط والدمج “الإسلاميين”، أو التطرف في نفيها الى درجه الفصل”العلمانيين”" . فمرجع تطرف مذهب التفسير السياسى للدين في إثبات العلاقة بين الدين والدولة ، أنه ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة ، كرد فعل على الليبرالية والتي باستنادها إلى العلمانية تطرفت في نفى اى علاقة للدين بالدولة ،، وهو أيضا رد فعل على ممارسات الكنيسة السالبة في أوربا في العصور الوسطى.
ثانيا: عدم التعبير عن الحل الإسلامى الصحيح : أن كلا الطرفين قدم حل لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة، لا يعبر عن الحل الاسلامى الصحيح لها، والذي مضمونه أن العلاقة بينهما هي: علاقة وحدة وارتباط من جهة ، لان السلطة في الإسلام مقيده بقواعد كلية " كالشورى والعدل..." وليست علاقة خلط أو تطابق، كما يفترض خطأ هذا المذهب ، ليقارب مذاهب أجنبية كالكهنوت و الثيوقراطيه. كما انها علاقة تمييز، من جهة أخرى لان الإسلام يميز بين التشريع كوضع الهي ثابت، والاجتهاد ككسب بشرى متغير ، وليست علاقة فصل كما في العلمانية .
ثالثا: مصطلحا ” اسلامى وعلمانى او ليبرالي ” حادثان في تاريخ الأمة: ومن الناحية اللغوية فان مصطلحا ” إسلامي وعلماني وليبرالي ” حادثان في تاريخ الامه .
مصطلح إسلامى : فمن ناحية اللفظ لم يرد لفظ “ اسلامى” أو “إسلاميين” كصيغه نسب لمفرد أو جماعه من البشر ،في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح، إنما ورد لفظ مسلم ومسلمين، قال الله تعالى: (هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ) (الحج:78)، وإذا كان بعض العلماء المسلمين في مراحل تاليه لعهد السلف الصالح (رضي الله عنهم) قد استخدم مصطلح (إسلاميين)، فأنهم قد استخدموه بدلالات غير دلالاته المعاصرة التي تقتصر على فئة معينة من المسلمين ولا تمتد لتشمل كل المسلمين.
مسلمين وليس إسلاميين : وطوال التاريخ الإسلامى ، فان المسلمين استخدموا المصطلحات ألقرانيه "المسلم المسلمين" في وصف كل من التزم بأصول الدين الثابتة من أفراد وجماعات، أما الجماعات التي تلتزم بأحد المذاهب الاسلاميه،التي هي محصلة الاجتهاد في فروع الدين المتغيرة،فقد نسبوها إلى صاحب المذهب ، كالحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية في الفقه أو الاشاعره والماتريديه و الطحاويه في علم الكلام،كما نسبوا الطرق الصوفية إلى مؤسسيها”ألطريقه القادرية، الشاذليه، النقشبنديه …” ، ولم يتم استخدام مصطلح اسلامى وإسلاميين بدلالاته الحديثة في المجتمعات المسلمة، إلا في العصور الحديثة بعد ظهور الإستعمار ( أحمد الريسوني : الحركة الإسلامية المغربية ، ص17 ).أما من الناحية الدلالية فان للمصطلح دلالتين: الأولى هي الدلالة البدعية للمصطلح – وهى الدلالة الشائعة للمصطلح – وتعتبر أن المصطلح هو مصطلح شرعي توقيفي ، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة باعتبار انه أصل من أصول الدين- وهو ما يتعارض مع حقيقة أن المصطلح لم يرد في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح – كما تنطلق هذه الدلالة من أو يلزم منها ، جمله من المفاهيم والقيم والقواعد البدعيه، التي تتناقض مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الكلية،كتكفير المخالف في المذهب والكهنوت، فمصطلح “الإسلاميين” في هذه الدلالة يقارب مصطلح “رجال الدين ” ذو الدلالة الكهنوتية ، وفي هذه الدلالة يقارب أو يقابل مصطلح “الإسلاميين” مصطلح” الشيع” ، الذي استخدمه القران الكريم، للإشارة إلى ظاهرة سلبية أصابت تدين اليهود والنصارى ، وهي ظاهرة التفرق في الدين…أما الدلالة الثانية – التي استخدمها بعض العلماء المتقدمين و لم يكتب لها الشيوع – فهي دلالته الاجتهادية التي تعتبر أن مصطلح”الإسلاميين ”اصطلاح بشرى، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة، باعتبار انه فرع من فروع الدين وليس من أصوله، فمصطلح “الإسلاميين” في هذه الدلالة يقارب مصطلح العلماء بالدين “ذو الدلالة المعرفية- العلمية .
مصطلح علمانيه : هو تعريب لمصطلح اجنبى هو secularism ، والذى يدل أصله اللغوي على معنى العالم - وليس العلم - اى الدنيوى . وكذا مصطلح ليبرالي ، فهو صيغه نسب لمذهب اجنبى غربي محدث liberalism ، الذى يعنى مذهب الحرية .
رابعا : صيغ مختلفة للشعوبية المعاصرة " الاتفاق على إنكار علاقة الانتماء القومية - اللغوية غير العرقية - للأمة ": وكلا الطرفين(الإسلاميين والعلمانيين) اتخذ موقف سلبي من علاقة الانتماء العربية كعلاقة انتماء قومية - ذات المضمون الحضاري اللسانى غير العرقى - إلى أمه التكوين " الأمة العربية "، التي أوجدها الإسلام كأمة ، بعد أن كانت قبله قبائل وشعوب متفرقة، وبالتالي فكلاهما صيغ مختلفة معاصرة للشعوبية ، التي مضمونها محاولة الإرتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزء من أمه، إلى الطور الشعوبي السابق على الطور القومي” طور الأمة ”، و التي تأخذ في الأمة العربية شكل الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الاسلام، فهى مناهضة للإسلام- موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتية-
مذهب إنكار أطوار التكوين الإجتماعي : حيث تتبنى الجماعات التي تتبنى مذهب التفسير السياسي للدين، مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي - رغم ان أصوله اجنبية- والقائم على افتراضين خاطئين :
الافتراض الأول : أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو ما يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام لها :الأسرة (وهو الذى خلق لكم من أنفسكم ازواجا)،والعشيرة (وانذر عشيرتك الأقربين) .والقبيلة والشعب (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ). وأمة التكوين " الطور القومى "، حيث أشارت النصوص الى معيارى الانتماء إليها : اولا : اللسان(من تكلم العربية فهو عربي)، ثانيا : الأرض الخاصه أو الديار بالمصطلح القرانى (أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم) . الافتراض الثاني: ان الإسلام ينكر علاقات الإنتماء الى هذه الوحدات او الأطوار ، وهو ما يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام لها، ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد).
الليبرالية والتكريس لإستبدال الوجود القومي بالوجود الإقليمى " الشعوبى ": ورغم أن الليبرالية تقر - فى صيغتها النظرية الأصلية- بالأمة كوحدة تكوين اجتماعي - وان كانت تفترض خطأ انها وجود طبيعي " خالد " - إلا أنها في المنطقة العربية، تكرس لإستبدال الوجود القومي بالوجود الاقليمى، فهى هنا ذات مضمون شعوبي. ومرجع ذلك أن الاستعمار "القديم والجديد " ، الذي هو احد إفرازات الرأسمالية كنظام ليبرالي في الاقتصاد ، هو الذي يكرس التجزئة والتفتيت في الأمة ويحرسها، لضمان نهب ثروات الأمة.
خامسا: التناقض مع التدين الشعبي العربي:
هوية التدين الشعبي العربى: له نمطين :
اولا : نمط سائد : يتصف بالاتى:
ا/ سني: طبقا لمذهب الشمول الشرعى لمصطلح " أهل السنه " .
ب/ طبقا للمذهب الاشعرى عقديا " كلاميا ".
ج/ طبقا لأحد المذاهب الاربعه :المالكي/ الشافعي /الحنفي/ الحنبلي "فقهيا".
د/ مع اثر صوفي”عملى” .
ثانيا :أنماط فرعية : وتتمثل فى الاستناد إلى أحد المذاهب الكلامية والفقهية غير السنية، وقد تحولت فى مراحل تاريخيه متاخره إلى طوائف، اى مذاهب مقصوره على جماعات شعوبية أو قبلية معينة.
تناقض مذهب التفسير السياسي للدين مع التدين الشعبي العربي: فمذهب التفسير السياسي للدين يستند إلى مفاهيم مخالفة لمذهب أهل السنة ” اى مفاهيم بدعية “، ومن أهمها ان الامامه” بمعنى السلطة” أصل من أصول الدين ، وهو ما يوافق المذهب الشيعى ، ويخالف مذهب أهل السنة الذى مضمونة أن الإمامة من فروع الدين”الاجتهاديه” ،يقول الإمام الآمدي "واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات " (غاية المرام في علم الكلام : ص 363). كما أن هذا المذهب يلزم منه مفاهيم مخالفه لمذهب أهل السنة ” اى مفاهيم بدعية “، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: تكفير المخالف في المذهب: وهو ما يوفق مذهب الخوارج ، و يخالف مذهب أهل السنة، القائم على إباحة الخلاف في فروع الدين دون أصوله،يقول ابن مفلح " لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع" (الآداب الشرعية : 1/ 186).
ثانيا: القول بجواز الخروج بالسيف - اى بالقوة المسلحة ،-وهو ما يوفق مذهب الخوارج ايضا ، ويخالف مذهب أهل السنة.
تناقض الليبرالية مع التدين الشعبي العربي: أما تناقض الليبرالية مع التدين الشعبي العربي،فمصدره أن العلمانية “فصل الدين عن ألدوله”هي احد أركانها، ولا شك أن الدعوة إليها في المجتمعات المسلمة، التي يشكل الإسلام هيكلها الحضاري، هي شكل من أشكال التغريب، كما اشرنا سابقا.
سادسا: مناهضة حركة التحرر القومى من الإستعمار ورموزها : فقد إختارت جماعات تتبنى مذهب التفسير السياسي للدين، وخاصة التى تتبنى المذهب في صيغته القطبية ” التكفيرية المعلنة ”، الصدام مع الدولة في هذه المرحله ، وهى تقود معارك مصيرية،ضد الاستعمار بكل أشكاله، فى كل الساحات الوطنية والقومية والعالمية. كما اختارت شخصيات ومؤسسات ثقافية وأحزاب سياسية ليبرالية " علمانية " أن تكون أدوات بيد الاستعمار لضرب حركة التحرر القومى من الإستعمار . كما اشترك كلا الطرفان في حملة تشوية صورة ابرز رموزها -الزعيم الراحل جمال عبد الناصر - والمستمرة حتى الآن.
سابعا: تبرير تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى: كما اتفق كلا الطرفان على تبرير تطبيق النظام الإقتصادي الرأسمالي ،تحت شعارات مثل : الإنفتاح،الإصلاح ، التحرير...الإقتصادي، الخصخصة، رفع - او ترشيد - الدعم ، كركن اساسى من أركان مشروع الشرق الأوسط الجديد “الامبريالي - الصهيونى ". حل ، …ومبرر الليبراليين النظري هو أن الراسماليه هي احد أركان الليبرالية.كما يدافع اغلب الماركسيين العرب المعاصرين عن تطبيق النظام الرأسمالي انطلاقا من مبررين نظريين: المبررالأول ان الماركسيه -فى نسختها الأصلية- تقوم على ان الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية حتمى بمعنى انه يتم بدون تدخل الإرادة الانسانية، و يتحقق حين تصل الرأسمالية الى قمة تطورها .والمبرر الثانى هو محاوله التلفيق بين الرأسمالية والإشتراكية تحت شعار " اقتصاد السوق الاشتراكى". أما المبرر النظري لدفاع أنصار مذهب التفسير السياسي للدين، فهو أنهم يتبنون مذهب التفسير الرأسمالي للاقتصاد الإسلامي "الذي يطلق عليه بعضهم اسم اقتصاد السوق الراسمالى "، والذي مضمونه أن الإقتصاد الإسلامى يتطابق مع الاقتصاد الراسمالى، بينهما الحقيقة أن هناك تناقض جوهري بينهما " على كل المستويات:العقدية، المذهبية، الاخلاقيه…- " ، لا يقبل التوفيق أو التزويق أو التلفيق.
------------------
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
Sabri.m.khalil@gmail.com
ملخص المقال : إن العلمانيين والإسلاميين هما وجهان لعملة واحدة زائفة ، ساهم في صنعها الإستعمار القديم والجديد ، لتحقيق أهدافه فى المنطقة، وأهمها التفتيت " الطائفى- القبلى" للأمة . فما يطرحه الطرفين ليس دعوة " دنيوية او دينية"، بل هو دعاية سياسية ،خاضعة لقانون الحصر الثنائي - بين شعار وضده - والذى يحول دون الإلتفات إلى القضايا الأخرى، التي يطرحها الواقع . وهذا الحصر الثنائى يلزم منه الدوران فى حلقة مفرغة ، وبالتالي العجز عن حل الواقع المشاكل المتجددة . فضلا عن تفاقم الإستقطاب " الصراع "، وما يلزم منه من مزيد من التفتيت.
....
المتن التفصيلى للمقال :
دلالات مصطلحى "العلمانيين والإسلاميين" : يقصر المقال مصطلح "الإسلاميين" على دلالتين ، الأولى اصلية مضمونها أنصار مذهب التفسير السياسي للدين" الذي يطلق عليه خطأ إسم الإسلام السياسي"، الذى يختزل الدين فى بعده السياسى، ويجعل السلطة هى الأصل والدين هو الفرع،ودلاله تبعية هى أنصار المذاهب التي تتبنى الحل الذي قدمة هذا المذهب لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة،والذي لا يعبر عن الحل الإسلامي الصحيح لها ، أى علاقة إرتباط من جهة وتمييز من جهة أخرى ، و يجعلها علاقة خلط وتطابق ، كما فى مذاهب أجنبية كالكهنوت والثيوقراطية ، ومثال لها مذهب التقليد ، ومذهب الغلو فى التكفير وإستحلال الدماء".
كما يستخدم المقال مصطلح " العلمانيين" بدلالتين، الأولى أصلية مضونها أنصار الليبرالية كفلسفة طبيعية - لا دينية - ومنهج متطرف فى الفردية، ومذهب ذو أركان متعددة - أهمها العلمانية- ، والدلالة الثانية تبعية مضمونها أنصار المذاهب التي تتبنى الحل الذي قدمته لمشكله العلاقة بين الدين والدولة-، اى فصل الدين عن الدولة ، و مثال لها المذهب الماركسى، الذى يدعو - فى صيغتة الأصلية- إلى إلغاء الدين ، وليس فصله عن الدولة فقط.
وجهين لذات العملة الإستعمارية الزائفة : فكلاهما وجهين لعملة واحدة زائفة ، ساهم في صنعها الإستعمار القديم لخدمة أهدافه فى المنطقة ،وأهمها تفتيت الأمة.
العلمانية والتغريب: فقد دعم الإستعمار القديم والجديد، النخب المتغربة ، بهدف إستخدامها كأداة " محلية " لتحقيق اهدافها. والدعوة الى العلمانية فى مجتمع مسلم - كالمجتمع العربي- هو شكل من أشكال التغريب ، الذي مضمونه أن تستبدل المفاهيم والقيم والقواعد الإسلامية-التي تشكل الهيكل الحضاري لهذا المجتمع - بالمفاهيم والقيم والقواعد الغربية، لتحقيق قدر من الشعور المستقر، بالانتماء إلى الحضارة الغربية.
مذهب التفسير السياسي للدين وفتنة التفرق فى الدين " النقض الطائفى لوحدة الإرادة الشعبية للأمة :فهذا المذهب يلزم منة مفاهيم بدعية، أهمها التفرق فى الدين " الشيع بالمصطلح القرانى " ( الذين فرقوا دينهم وكانو شيعا) ، وبالتالى أيضا النقض الطائفي لوحدة الإرادة الشعبية للأمة - لأن الطائفة دين أو مذهب دينى مقصور على جماعة معينة - فى حين ان الدين هو رابط روحى موحد للأمة . لذا أسس الإستعمار القديم علاقات - سرية و علنية ، مباشرة و غير مباشرة - مع جماعات تتبنى هذا المذهب، بما يضمن إستمراره، عن طريق النقض الطائفي لوحدة الإراده الشعبية للأمة ،على المستوى الوطنى، كما عبرت عنها الحركات الوطنية الإستقلالية. ولاحقا أقام الإستعمار الجديد “الامبريالي “الامريكى ايضا علاقات- سرية و علنية- بهذه الجماعات ، بهدف النقض الطائفى للإرادة الشعبية للأمة ، على المستوى القومى ، كما عبرت عنها حركة التحرر القومى من الإستعمار .
ولاحقا ساهم فى إنشاء أو تفعيل، بعض الجماعات التي تتبنى المذهب ، او صيغته التكفيرية المعلنة ، للضمان تحقيق أهدافها، فى التفتيت الطائفى - القبلى للمنطقة " مشروع الشرق الأوسط الجديد : الإمبريالى - الصهيونى ، منذ العقد السابع من القرن الماضى .
إختلاف المقدمات النظريه وإتفاق النتائج العملية : يتسق مع ما سبق ذكره من ان كلاهما اداه إستعمارية لتفتيت الأمة ، انه رغم الاختلاف بينهما ، في المقدمات النظرية - إلى درجه التناقض- إلا أن هناك اتفاق في النتائج العملية، التي تلزم من الممارسات الفعلية للطرفين- موضوعيا وبصرف النظر عن الشعارات و النوايا الذاتية - ومنها:
أولا: رد فعل متطرف : أن كلا الطرفين رد فعل معاكس في الإتجاة " إثبات أو نفي العلاقة بين الدين والدولة "، لكنه مساوي في المقدار"التطرف في إثبات العلاقة الى درجه الخلط والدمج “الإسلاميين”، أو التطرف في نفيها الى درجه الفصل”العلمانيين”" . فمرجع تطرف مذهب التفسير السياسى للدين في إثبات العلاقة بين الدين والدولة ، أنه ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة ، كرد فعل على الليبرالية والتي باستنادها إلى العلمانية تطرفت في نفى اى علاقة للدين بالدولة ،، وهو أيضا رد فعل على ممارسات الكنيسة السالبة في أوربا في العصور الوسطى.
ثانيا: عدم التعبير عن الحل الإسلامى الصحيح : أن كلا الطرفين قدم حل لمشكلة العلاقة بين الدين والدولة، لا يعبر عن الحل الاسلامى الصحيح لها، والذي مضمونه أن العلاقة بينهما هي: علاقة وحدة وارتباط من جهة ، لان السلطة في الإسلام مقيده بقواعد كلية " كالشورى والعدل..." وليست علاقة خلط أو تطابق، كما يفترض خطأ هذا المذهب ، ليقارب مذاهب أجنبية كالكهنوت و الثيوقراطيه. كما انها علاقة تمييز، من جهة أخرى لان الإسلام يميز بين التشريع كوضع الهي ثابت، والاجتهاد ككسب بشرى متغير ، وليست علاقة فصل كما في العلمانية .
ثالثا: مصطلحا ” اسلامى وعلمانى او ليبرالي ” حادثان في تاريخ الأمة: ومن الناحية اللغوية فان مصطلحا ” إسلامي وعلماني وليبرالي ” حادثان في تاريخ الامه .
مصطلح إسلامى : فمن ناحية اللفظ لم يرد لفظ “ اسلامى” أو “إسلاميين” كصيغه نسب لمفرد أو جماعه من البشر ،في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح، إنما ورد لفظ مسلم ومسلمين، قال الله تعالى: (هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ ) (الحج:78)، وإذا كان بعض العلماء المسلمين في مراحل تاليه لعهد السلف الصالح (رضي الله عنهم) قد استخدم مصطلح (إسلاميين)، فأنهم قد استخدموه بدلالات غير دلالاته المعاصرة التي تقتصر على فئة معينة من المسلمين ولا تمتد لتشمل كل المسلمين.
مسلمين وليس إسلاميين : وطوال التاريخ الإسلامى ، فان المسلمين استخدموا المصطلحات ألقرانيه "المسلم المسلمين" في وصف كل من التزم بأصول الدين الثابتة من أفراد وجماعات، أما الجماعات التي تلتزم بأحد المذاهب الاسلاميه،التي هي محصلة الاجتهاد في فروع الدين المتغيرة،فقد نسبوها إلى صاحب المذهب ، كالحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية في الفقه أو الاشاعره والماتريديه و الطحاويه في علم الكلام،كما نسبوا الطرق الصوفية إلى مؤسسيها”ألطريقه القادرية، الشاذليه، النقشبنديه …” ، ولم يتم استخدام مصطلح اسلامى وإسلاميين بدلالاته الحديثة في المجتمعات المسلمة، إلا في العصور الحديثة بعد ظهور الإستعمار ( أحمد الريسوني : الحركة الإسلامية المغربية ، ص17 ).أما من الناحية الدلالية فان للمصطلح دلالتين: الأولى هي الدلالة البدعية للمصطلح – وهى الدلالة الشائعة للمصطلح – وتعتبر أن المصطلح هو مصطلح شرعي توقيفي ، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة باعتبار انه أصل من أصول الدين- وهو ما يتعارض مع حقيقة أن المصطلح لم يرد في القران أو ألسنه أو أقوال السلف الصالح – كما تنطلق هذه الدلالة من أو يلزم منها ، جمله من المفاهيم والقيم والقواعد البدعيه، التي تتناقض مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الكلية،كتكفير المخالف في المذهب والكهنوت، فمصطلح “الإسلاميين” في هذه الدلالة يقارب مصطلح “رجال الدين ” ذو الدلالة الكهنوتية ، وفي هذه الدلالة يقارب أو يقابل مصطلح “الإسلاميين” مصطلح” الشيع” ، الذي استخدمه القران الكريم، للإشارة إلى ظاهرة سلبية أصابت تدين اليهود والنصارى ، وهي ظاهرة التفرق في الدين…أما الدلالة الثانية – التي استخدمها بعض العلماء المتقدمين و لم يكتب لها الشيوع – فهي دلالته الاجتهادية التي تعتبر أن مصطلح”الإسلاميين ”اصطلاح بشرى، وبالتالي فانه يتم استخدامه في هذه الدلالة، باعتبار انه فرع من فروع الدين وليس من أصوله، فمصطلح “الإسلاميين” في هذه الدلالة يقارب مصطلح العلماء بالدين “ذو الدلالة المعرفية- العلمية .
مصطلح علمانيه : هو تعريب لمصطلح اجنبى هو secularism ، والذى يدل أصله اللغوي على معنى العالم - وليس العلم - اى الدنيوى . وكذا مصطلح ليبرالي ، فهو صيغه نسب لمذهب اجنبى غربي محدث liberalism ، الذى يعنى مذهب الحرية .
رابعا : صيغ مختلفة للشعوبية المعاصرة " الاتفاق على إنكار علاقة الانتماء القومية - اللغوية غير العرقية - للأمة ": وكلا الطرفين(الإسلاميين والعلمانيين) اتخذ موقف سلبي من علاقة الانتماء العربية كعلاقة انتماء قومية - ذات المضمون الحضاري اللسانى غير العرقى - إلى أمه التكوين " الأمة العربية "، التي أوجدها الإسلام كأمة ، بعد أن كانت قبله قبائل وشعوب متفرقة، وبالتالي فكلاهما صيغ مختلفة معاصرة للشعوبية ، التي مضمونها محاولة الإرتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزء من أمه، إلى الطور الشعوبي السابق على الطور القومي” طور الأمة ”، و التي تأخذ في الأمة العربية شكل الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على الاسلام، فهى مناهضة للإسلام- موضوعيا وبصرف النظر عن النوايا الذاتية-
مذهب إنكار أطوار التكوين الإجتماعي : حيث تتبنى الجماعات التي تتبنى مذهب التفسير السياسي للدين، مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي - رغم ان أصوله اجنبية- والقائم على افتراضين خاطئين :
الافتراض الأول : أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو ما يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام لها :الأسرة (وهو الذى خلق لكم من أنفسكم ازواجا)،والعشيرة (وانذر عشيرتك الأقربين) .والقبيلة والشعب (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ). وأمة التكوين " الطور القومى "، حيث أشارت النصوص الى معيارى الانتماء إليها : اولا : اللسان(من تكلم العربية فهو عربي)، ثانيا : الأرض الخاصه أو الديار بالمصطلح القرانى (أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم) . الافتراض الثاني: ان الإسلام ينكر علاقات الإنتماء الى هذه الوحدات او الأطوار ، وهو ما يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام لها، ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد).
الليبرالية والتكريس لإستبدال الوجود القومي بالوجود الإقليمى " الشعوبى ": ورغم أن الليبرالية تقر - فى صيغتها النظرية الأصلية- بالأمة كوحدة تكوين اجتماعي - وان كانت تفترض خطأ انها وجود طبيعي " خالد " - إلا أنها في المنطقة العربية، تكرس لإستبدال الوجود القومي بالوجود الاقليمى، فهى هنا ذات مضمون شعوبي. ومرجع ذلك أن الاستعمار "القديم والجديد " ، الذي هو احد إفرازات الرأسمالية كنظام ليبرالي في الاقتصاد ، هو الذي يكرس التجزئة والتفتيت في الأمة ويحرسها، لضمان نهب ثروات الأمة.
خامسا: التناقض مع التدين الشعبي العربي:
هوية التدين الشعبي العربى: له نمطين :
اولا : نمط سائد : يتصف بالاتى:
ا/ سني: طبقا لمذهب الشمول الشرعى لمصطلح " أهل السنه " .
ب/ طبقا للمذهب الاشعرى عقديا " كلاميا ".
ج/ طبقا لأحد المذاهب الاربعه :المالكي/ الشافعي /الحنفي/ الحنبلي "فقهيا".
د/ مع اثر صوفي”عملى” .
ثانيا :أنماط فرعية : وتتمثل فى الاستناد إلى أحد المذاهب الكلامية والفقهية غير السنية، وقد تحولت فى مراحل تاريخيه متاخره إلى طوائف، اى مذاهب مقصوره على جماعات شعوبية أو قبلية معينة.
تناقض مذهب التفسير السياسي للدين مع التدين الشعبي العربي: فمذهب التفسير السياسي للدين يستند إلى مفاهيم مخالفة لمذهب أهل السنة ” اى مفاهيم بدعية “، ومن أهمها ان الامامه” بمعنى السلطة” أصل من أصول الدين ، وهو ما يوافق المذهب الشيعى ، ويخالف مذهب أهل السنة الذى مضمونة أن الإمامة من فروع الدين”الاجتهاديه” ،يقول الإمام الآمدي "واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات " (غاية المرام في علم الكلام : ص 363). كما أن هذا المذهب يلزم منه مفاهيم مخالفه لمذهب أهل السنة ” اى مفاهيم بدعية “، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولا: تكفير المخالف في المذهب: وهو ما يوفق مذهب الخوارج ، و يخالف مذهب أهل السنة، القائم على إباحة الخلاف في فروع الدين دون أصوله،يقول ابن مفلح " لا إنكار على من اجتهد فيما يسوغ منه خلاف في الفروع" (الآداب الشرعية : 1/ 186).
ثانيا: القول بجواز الخروج بالسيف - اى بالقوة المسلحة ،-وهو ما يوفق مذهب الخوارج ايضا ، ويخالف مذهب أهل السنة.
تناقض الليبرالية مع التدين الشعبي العربي: أما تناقض الليبرالية مع التدين الشعبي العربي،فمصدره أن العلمانية “فصل الدين عن ألدوله”هي احد أركانها، ولا شك أن الدعوة إليها في المجتمعات المسلمة، التي يشكل الإسلام هيكلها الحضاري، هي شكل من أشكال التغريب، كما اشرنا سابقا.
سادسا: مناهضة حركة التحرر القومى من الإستعمار ورموزها : فقد إختارت جماعات تتبنى مذهب التفسير السياسي للدين، وخاصة التى تتبنى المذهب في صيغته القطبية ” التكفيرية المعلنة ”، الصدام مع الدولة في هذه المرحله ، وهى تقود معارك مصيرية،ضد الاستعمار بكل أشكاله، فى كل الساحات الوطنية والقومية والعالمية. كما اختارت شخصيات ومؤسسات ثقافية وأحزاب سياسية ليبرالية " علمانية " أن تكون أدوات بيد الاستعمار لضرب حركة التحرر القومى من الإستعمار . كما اشترك كلا الطرفان في حملة تشوية صورة ابرز رموزها -الزعيم الراحل جمال عبد الناصر - والمستمرة حتى الآن.
سابعا: تبرير تطبيق النظام الاقتصادي الراسمالى: كما اتفق كلا الطرفان على تبرير تطبيق النظام الإقتصادي الرأسمالي ،تحت شعارات مثل : الإنفتاح،الإصلاح ، التحرير...الإقتصادي، الخصخصة، رفع - او ترشيد - الدعم ، كركن اساسى من أركان مشروع الشرق الأوسط الجديد “الامبريالي - الصهيونى ". حل ، …ومبرر الليبراليين النظري هو أن الراسماليه هي احد أركان الليبرالية.كما يدافع اغلب الماركسيين العرب المعاصرين عن تطبيق النظام الرأسمالي انطلاقا من مبررين نظريين: المبررالأول ان الماركسيه -فى نسختها الأصلية- تقوم على ان الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية حتمى بمعنى انه يتم بدون تدخل الإرادة الانسانية، و يتحقق حين تصل الرأسمالية الى قمة تطورها .والمبرر الثانى هو محاوله التلفيق بين الرأسمالية والإشتراكية تحت شعار " اقتصاد السوق الاشتراكى". أما المبرر النظري لدفاع أنصار مذهب التفسير السياسي للدين، فهو أنهم يتبنون مذهب التفسير الرأسمالي للاقتصاد الإسلامي "الذي يطلق عليه بعضهم اسم اقتصاد السوق الراسمالى "، والذي مضمونه أن الإقتصاد الإسلامى يتطابق مع الاقتصاد الراسمالى، بينهما الحقيقة أن هناك تناقض جوهري بينهما " على كل المستويات:العقدية، المذهبية، الاخلاقيه…- " ، لا يقبل التوفيق أو التزويق أو التلفيق.
------------------
الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com