عتاب وتساؤلات مفتوحة في بريد السيد مني أركو مناوي

 


 

 

السيد مني أركو مناوي، رئيس حركة/جيش تحرير السودان، "حاكم إقليم دارفور"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما تعاظمت إرهاصات المواجهة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وعندما دنت سحائب الحرب من سماء الخرطوم، وفي لحظات الصدق من النفس، في فيديو مهم، وجهتم نصيحة غالية وصادقة للفريقين البرهان وحميدتي بعامية، قائلا فيما معناها: "أخوانا في القوات المسلحة، وأخوانا في الدعم السريع، أن الصراع المتصاعد، والذي نرى رويدا رويدا مستويات التحشيد العسكري ترتفع، والتحريض الداخلي من بعض الناس من الدولة القديمة يتزايد، ومن الهاويين للدولة الجديدة والذين يستثمرون في هذا الخلاف، نقول لكم أن هذه الخرطوم ستكمل وستفنى، قائلا، هذه الخرطوم حبيبتنا، وأرضنا، وأمنا وعاصمتنا، أن هذه الخرطوم مكاننا الذي يجمعنا كلنا، محذراً من التفريط فيها، والغناء بعد فوات الأوان: "في رمشة عين بعدوكِ يا حبيبة" مذكراً بأن المحرضين على المواجهة، لا يعرفون الحرب، وأنهم قد حاربوا بشرف بعيداً عن المدن والنساء والأطفال، وبعيداً عن المؤسسات الحيوية، في الجبال والأحراش، محذراً المحرضين والمستثمرين في الخلاف بين الرجلين، بأنهم أول من يلوذون بالفرار إذا اندلعت الحرب، وقد لا يجدون وسيلة للمغادرة والنجاة. مضيفاً أن الاستثمار في الخلاف، سيدمر البلد، وهو لا يريد تدمير البلد.
وقد ناشدتم القوات المسلحة والدعم السريع بعدم التحشيد في الخرطوم، لأنها تخص الجميع، فيها كل التاريخ، وجميع الشهداء، وكافة أمكانيات السودان،
ذاكراً، أنك لن تنصحهم بالمواجهة خارج الخرطوم، وإنما تنصحهم بعدم المواجهة، مضيفاً، "إذا أصبح الشكل عليكم فرضا، كلمونا عشان نخش وسطكم"
وهذه هي النقطة التي نود التركيز عليها، لأنها ثبتت موقفكم الحيادي مبكرا واستباقاً، في حال اندلاع مواجهة حتمية بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقد حدث إلا أنك، طرحت ما وعدتم به لحظة صدق من النفس عرض الحائط!
السيد مني، هذا الموقف، إن قدر لكم الثبوت عليه، المثابرة والإصرار على روح الوساطة، والاحتفاظ بالمسافة الأخوية بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع، لا يساورنا شك أن مجريات الحرب الحالية ستكون مختلفة، ليس لثقل قواتكم بالطبع، ولكنه بتخليكم عن الحياد، أصبحتم جزاءً من حرب، ليست حربكم، ولستم طرفا فيها في الأصل، فزدتم لها الحطب، وأضفتم لها الوقود، وساهمتم في ضراوتها، وعقّدتم من أبعادها. الحياد، الذي أعلنتم عنه مبكراً، كان سيضمن مستقبلاً لحركتم، بسهولة توفيق الأوضاع مع كافة السيناريوهات المتحملة لمآل الحرب الضروس.
السيد مني،
كم هو عار، أن يكون المرء "حجّازاً بين متحاربين، ويتضح أنه كان مخادعا، يدعي الحياد لتمكين أحد الأطراف من التقاط أنفاسه، وتعزيز قدراته القتالية، ثم فجأة، ينتقل للقتال إلى جانبه؟ من ذا الذي بإمكانه أن يسامحك في هكذا تصرف، إن كان منتصراً أو مهزوماً!
لو أنكم قد إنحزتم للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع، قد لا تجد من يلومكم، لأن الشعار الذي يرفعه قائد قوات الدعم السريع، ربما بإمكانكم القول أنه يتسق مع مانفست حركته (تحرير السودان من الهيمنة المركزية)، ولأن الفريق البرهان وأعوانه من كتائب الإسلاميين، هم من أشعل هذه الحرب، وهم من يرفضون الجلوس للتفاوض ويصرون على مواصلة القتال لمئة عام، هذه مبررات كافية لانحيازكم لصف قوات الدعم السريع، إذا غلبكم البقاء على الحياد (المخاتل).
السيد مني،
يضاف إلى ما سبق أنكم، قد خسرتم من قبل في أبوجا رفيقكم في الدرب والسلاح المناضل المبدئي عبدالواحد محمد، ووضعتم يدكم في يد قادة المؤتمر الوطني، الذين يتحكمون في قرارات قادة الجيش الحالي، قد غدروا بكم، وقتلوا قواتكم شر قتله في حي المهندسين، ثم اضطررتم مغادرة القصر الجمهوري، لاستئناف القتال مرة أخرى، فلم لا تتعظ من تلك التجربة الفاشلة؟ ولم تدخل رأسكم مرة أخرى في نفس الجحر؟ لتلدغ لا محالة لدغة أخرى، ربما تكون هذه مميتة هذه المرة،
جاء في الأثر النبوي الشريف "لا يلدغ المؤمن من جحرٍ واحدٍ مرتين"
وما المقصود "بالسودان" الذي تعاهدتم على تحريره، حسب تسمية حركتكم (حركة/ جيش تحرير السودان) وهل تم تعديل "مانفست" الحركة، قبيل الانخراط في القتال في صفوف الجيش السوداني؟
والسؤال الذي نطرحه، عليكم السيد مني أركو مناوي، ما هي مبرراتكم، لمغادرة موقف الحياد، الذي أعلنت عنه، مبكراً، وقد أشاد به العقلاء من الناس، ومن ثم تواثقت عليه مع مكونات وأطراف أخرى مهمة، بما فيها قوات الدعم السريع؟
وماذا جنيتم حتى الآن من خوض غمار الحرب في صفوف الجيش السوداني، ضد قوات الدعم السريع؟ وأنت أول من يعلم، أن كليهما قوات نظامية، بنص وثيقة ثورة ديسمبر المجيدة، ووفق قوانين القوات المسلحة السودانية؟ وكم ممن تثقون في رجاحة عقولهم، أسدوا لكم النصح، بأن هذه الحرب، ليست حربكم، وأنتم تعلمون أطرافها الظاهرة والخفية، ومن أشعل فتيلها، وما هي غاياتهم منها ومن الذي يصر عليها، ولماذا؟
هل أفلحتم في إيفاق اكتساح قوات الدعم السريع لولايات جديدة منذ أرسال قواتكم للصفوف الأمامية، نيابة عن الجيش، وإلى متى تعتقد باستطاعة قواتكم الصمود في الفاشر؟
السيد مني،
لقد رفضتم خلال مخاطبتكم المشار إليها قبيل اندلاع حرب 15 أبريل تدمير الخرطوم، إلاّ أنكم أصبحتكم سبباً في تدمير الفاشر، وقلت أن الشجعان، لا يحاربون أمام الأطفال ووسط النساء والشيوخ، وفي أحياء المدن، وإلاّ أنكم فعلتم ذلك في الفاشر!
أتنه عن خلق وتأتي مثله X عار عليك إذا فعلت عظيم
فقد بدأ التدمير الفعلي لمدنية فاشر السلطات بعد مغادرة "المشتركة" موقف الحياد، والانخراط في القتال في صفوف الجيش الفاسد، والفضيحة ستكون "أب جلاجل" إن تم تحرير الفاشر، وكل المؤشرات تؤكد قرب هذا الحدث المزلزل.
من المعلوم أن لحركة "جيم" تار قديم، وغبن مرير مع قوات الدعم السريع لم يدفن بعد، ومن حسن الطالع، خرجت حركتكم من حرب دارفور، معافاة إلى حد كبير من مثل هذه الاحتقانات السياسية، وكان الأولى أن تستثمر هذه الوضعية، لصالح أطفاء نيران الحرب، أو تقليل ضراوتها، والاحتفاظ لحركتكم بمستقبل ما بعد الحرب، لكن بكل أسف، يبدو أن د. جبريل "لعب بيكم سياسة" وأوردكم مرود الهلاك، في غير غبينة، والمال لن يعوضكم هذه الخسارة بكل تأكيد.
لا نظن أن الأوان قد فات، لتصحيح هذا الموقف، لكن الإصرار على المضي قدماً في الموقف الخاطئ، حماقة، كلفتها فاضحة. مالكم ومال ما سميت بـ "حرب الكرامة" الكيزانية المضللة!
أخوكم/ إبراهيم سليمان
المملكة المتّحدة/ 29 سبتمبر 2024
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 169//


ebraheemsu@gmail.com

 

آراء