على خلفية بيان الجيش…إلى أين يسوقنا الإخوان المسلمون؟

 


 

 

بحسب بيان رئيس وفد الجيش بعد اللقاء التشاوري بجدة، وذكره بعدم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية على المشاركة في منبر جنيف، الأمر الذي يعتبر ديدناً للوفود الممثلة للجيش المؤتمر بأمر الاخوان المسلمين في السودان – المؤتمر الوطني، فإخوان السودان لا تطلب منهم الحضور إلى بهو القاعات المفتوحة لنقاش قضية إنهاء الحرب، لأنهم يعلمون علم اليقين أن نهايتهم وتوابعهم – الحركات المسلحة – تكمن في وقف اطلاق النار، الذي يعني تمهيد الطريق للحكم المدني وتجنيب البلاد شر العسكرة، والحزب المحلول للإخوان لن يستجيب لأي داعي من دعاة "لا للحرب"، لإدراكه التام بأن الحياة الطبيعية بعد اسكات صوت البندقية لن تأتي به مجدداً إلى بهو القصر، فالبندقية كانت الحارس الأمين لجوقة هذا الحزب المتطرف، طيلة الفترة التي قضاها وهو يمارس السلطة من برج عال وعاجي، ورموزه على دراية تامة بأنهم منبوذين من الناس، ولم يكن استمرار حكمهم وسلطانهم إلّا بسبب أمرين، الأول البطش وتركيع المجتمع بكل الأساليب غير الأخلاقية، والثاني شراء الذمم بموارد الثروات البترولية والحيوانية والزراعية، وما رئيس وفد الجيش هذا إلّا واحد من الذين قبضوا ثمن تضامنهم مع مشروع إعادة فلول النظام البائد، حتى أن ثقافة الرأي العام في حقبة سيطرة جماعة الهوس الديني على جهاز الدولة، تخللتها هذه الأجندة المنحرفة المؤيدة لعنصر الابتزاز المادي في القضايا المصيرية، فحينما عرض الحاكم المزعوم لدارفور موقفه الحيادي للبيع لقوات الدعم السريع، رفض طلبه القائمون على أمر القوات التي لقنت كادر المؤتمر الوطني العنيف الدرس البليغ، لقد رفضوا هذا العرض غير الأخلاقي الذي تقدم به رئيس الحركة المنهارة، التي لولا قائد الدعم السريع لما اتيحت لها فرصة الصعود على أكتاف مواطني الإقليم مرة ثانية.
تماطل قيادة الجيش وتخاذلها في تلبية الدعوات الدولية والإقليمية الساعية لوضع حد للحرب في السودان، يضعها في عزلتين – دولية وإقليمية، والأهم من ذلك صحوة بعض المواطنين الظانين بجيشهم خيراً، من غفوة الموافقة على منح هذا الجيش شيكاً على بياض، ودخولهم حلبة صراع جدلية أهلية قيادة الجيش لامتلاك زمام قضية سلام واستقرار الوطن، وهذا بطبيعة الحال سيفتح الأبواب على مصاريعها لقيادة الدعم السريع لكي تكون الأمل للمواطن المسكين المنادي بوقف الحرب، لأنها أثبتت تفوقها على صنوها في إبداء الشجاعة وحسن النية والجدية في تحقيق حلم الشعب السوداني، ألا وهو التوصل لوقف إطلاق النار، لأن الشعور العام لغالب الناس باحتمالية استمرار الحرب اللعينة، يضعهم مباشرة في صف الطرف الذي يجاهر بأولوية وقف اطلاق النار، خاصة وأن هذا الطرف المرجح لكفة ميزان الجلوس للتوصل للحل، هو المنتصر عسكرياً والمتقدم ميدانياً في جميع المحاور، غرباً ووسطاً وشرقاً وشمالاً، فرهان فلول النظام الاخواني البائد على التنظيم العالمي، الذي يتمتع بشبكة قوية جعلت من حرب غزة محور اهتمام العالم، لن يجدي نفعاً مع الحالة السودانية المتجاوزة للمحيطين العربي والإسلامي، فالبعد الافريقي اصبح من الأبعاد الفاعلة لوضع حد لنهاية الحرب، ومهما اجتهد قائد الجيش في تتبع خطوات قائد الدعم السريع، بالانتباه للمحور الافريقي أخيراً ومتأخراً بزيارته لرواندا، إلّا أن قائد الدعم السريع قد سبق قيادة جيش الاخوان الضالعين في جرائم الإبادة الجماعية في السودان، في هذا المضمار، فالاتحاد الافريقي لن يحيد عن موقفه الداعم لخط الثورة السودانية، المندلعة من أجل الدولة المدنية وتحقيق شعار العسكر للثكنات، فالإخوة الأفارقة والجيران العرب قد استوعبوا نقاط ضعف النظام البائد.
الحل يكمن في تنازل وتواضع الجماعة الإخوانية، وضرورة اتباعها لنهج براغماتية حزب العدالة والتنمية التركي، الذي لم يحمل السلاح في وجه مواطنيه، ولم يعترض على نسق الدولة العلمانية، بل بدأ بالبلديات المدنية وقبل أن يكون خادماً للمجتمع، لا ناهباً متغطرساً لموارده، وأن تقبل بأن تجلس في المقاعد الخلفية (كنبة الطيش)، فالجماعة الاسلاموية السودانية، جماعة انتهازية لا مبادئ وطنية تلجمها، لذلك أصبحت (ملطشة) لمن يسوى ومن لا يسوى، وهذا مصير كل من دخل عالم السياسة من باب الفساد والإفساد، فما تهيأ لهذه الجماعة لم يتهيأ لأي حزب ولا تنظيم، ولا لأي جهة منذ أن نال السودان (استقلاله)، فإسلاميو ماليزيا الواقعيون حولوها لكبرى اقتصاديات النمور الآسيوية، في ظرف عقد ونصف العقد من الزمن، وإخوان تركيا ارتقوا بها لمصاف العظام في مجال التجارة الدولية، أما ذات الجماعة الاخوانية في مصر وتونس أخفقت نسبة لمطامعها اللامحدودة، فتمت السيطرة عليها بواسطة رئيسين، أحدهما براغماتي والآخر علماني يدين بالولاء لتعاليم أبو رقيبة مؤسس الجمهورية التونسية، وأصبحت الجماعة مشرّدة بين السجن والنفي والأحكام القضائية العادلة، أما بخصوص جماعتنا الإخوانية السودانية، فهي بحاجة إلى إبداء موقف أكثر قوة، والظرف الحالي واللحظة التاريخية الحاضرة بحاجة لاستنهاض همم المكتوين بنار جرائم الطيران الحربي المدمر لبيوت المواطنين، وثرواتهم الحيوانية والطبيعية الممتدة على مد بصر الرائي غرباً وشمالاً وجنوباً وشمالاً، إنّ الجرائم المرتكبة بحق المواطنين من كتائب الفلول الإرهابية يجب أن تشعل ثورة عارمة تطيح برؤوس الفتنة المتغلغلين في المواطنين، من أمثال الناجي الأول والناجي الثاني، وإني أحسبهما هالكين ولا حظ لهم من النجاة.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء