فطومة ،، يا صوتها لما سري
المغيرة التجاني علي
15 August, 2024
15 August, 2024
المغيرة التجاني علي
mugheira88@gmail.com
فرحة عارمة تغمرني و أنا أعانق صوت فاطمة ,أبنتي الصغرى , ينساب رقراقا نديا , يتسرب عبر المسافات ويتجاوز الأمكنة , كان شعورا رائعا لا تحيطه كل عبارات الوصف و لا تبلغ عذوبته رقيق الكلمات . كان عناق صوتها أشبه بحلم جميل , و كانت تنهداتها الآسرة تمتزج مع فرحتها بعناق صوتينا عبر الأثير . أتخيل طيفها فراشة ملونة تهم أن تطير بجناحي الشوق , لتحط علي غصن شجرة التوت التي أحدثها من تحتها , وجال لحظتها في خاطري لحن جميل عبر عنه المغني مرددا ,, يا صوتها لما سري ,, عبر الأثير معطرا ,, مثل الحرير نعومة و نداوة و تكسرا.
لقد عشت مع الملايين من أبناء بلادي المنكوبة أياما قاسيات , ملؤها الشعور بالوحدة والعزلة و الكآبة وصرنا بعيدين نعيش في جزر معزولة بعد أن خربت شبكة الاتصالات بفعل هذه الحرب اللعينة فأنقطع الاتصال بيننا و بين أهلنا و عوائلنا في السودان وظللنا نعيش حالة من الخوف و القلق عليهم بعد أن عجزنا في التواصل معهم فانقطعت اخبارهم في هذا الظرف الرديء الحرج , فلم نك ندري إن كانوا علي قيد الحياة أم في عداد الأموات . لقد تسببت هذه الحرب الدائرة في إزهاق أرواح كثيرة و باتت المدن و الأرياف كلها مهددة بانتشار المعارك و الاقتتال و احداث حالة من الشلل و الانهيار الشامل للموارد و تزايدت المخاوف علي مصير العائلات .
لقد تركت فاطمة في غيبتها غير المعتادة , فراغا كبيرا يصعب ملؤه , تحس معه بفقدان معني الحياة و يجول في الخاطر شريط من الذكريات الجميلة عشناها معا ,, حكاياتها الصغيرة , لعبها , ضحكاتها , حديثها ,, رسوماتها , اناشيدها و شخبطاتها وكل لمسة حانية منها و كل بريق ومضة مفرحة من عينيها الجميلتين . صار كل ذلك شيئا من الذكري التي توقد نيران الشوق و توقظ الآلام , فلم استطع تجاهل مخاوفي بمفارقتها و صارت الأيام في غياب صوتها حزينة و مرة , تتجلي ملامحها علي وجوه الناس من حولي بائسة و كئيبة .
لقد انطبق وصف شاعرنا الفذ إدريس محمد جماع , علي صوت صغيرتي فاطمة عبر الأثير ,يجيء ناعما كالحرير , طلقا مثل الصباح , يخطر في رشاقة و ينساب في نعومة و نداوة , وقد تدفقت كلماتها الطفلة دافئة ندية خضراء , يفوح منها شذي الورد و عبير الزهور ,, فأسعدت نبراته قلبي حينما سري طبيعيا كنغمة الناي و تغريد الكنار .
كل الأمل و الرجاء و الدعوات أن تتوقف هذه الحرب اللعينة التي شوهت بلادنا و تسببت في احداث كثير من المآسي , فأودت بأرواح كثيرة من أبناء السودان وشبابه المدخر للبناء و النهضة والاعمار و شردت الملايين الي الملاجئ الجبرية, وعملت علي تدمير المنشآت الحيوية و عطلت الانتاج و تسببت في الفقر و المسغبة و جلبت البؤس و الشقاء لإنسان هذا الوطن الغالي العزيز .
mugheira88@gmail.com
فرحة عارمة تغمرني و أنا أعانق صوت فاطمة ,أبنتي الصغرى , ينساب رقراقا نديا , يتسرب عبر المسافات ويتجاوز الأمكنة , كان شعورا رائعا لا تحيطه كل عبارات الوصف و لا تبلغ عذوبته رقيق الكلمات . كان عناق صوتها أشبه بحلم جميل , و كانت تنهداتها الآسرة تمتزج مع فرحتها بعناق صوتينا عبر الأثير . أتخيل طيفها فراشة ملونة تهم أن تطير بجناحي الشوق , لتحط علي غصن شجرة التوت التي أحدثها من تحتها , وجال لحظتها في خاطري لحن جميل عبر عنه المغني مرددا ,, يا صوتها لما سري ,, عبر الأثير معطرا ,, مثل الحرير نعومة و نداوة و تكسرا.
لقد عشت مع الملايين من أبناء بلادي المنكوبة أياما قاسيات , ملؤها الشعور بالوحدة والعزلة و الكآبة وصرنا بعيدين نعيش في جزر معزولة بعد أن خربت شبكة الاتصالات بفعل هذه الحرب اللعينة فأنقطع الاتصال بيننا و بين أهلنا و عوائلنا في السودان وظللنا نعيش حالة من الخوف و القلق عليهم بعد أن عجزنا في التواصل معهم فانقطعت اخبارهم في هذا الظرف الرديء الحرج , فلم نك ندري إن كانوا علي قيد الحياة أم في عداد الأموات . لقد تسببت هذه الحرب الدائرة في إزهاق أرواح كثيرة و باتت المدن و الأرياف كلها مهددة بانتشار المعارك و الاقتتال و احداث حالة من الشلل و الانهيار الشامل للموارد و تزايدت المخاوف علي مصير العائلات .
لقد تركت فاطمة في غيبتها غير المعتادة , فراغا كبيرا يصعب ملؤه , تحس معه بفقدان معني الحياة و يجول في الخاطر شريط من الذكريات الجميلة عشناها معا ,, حكاياتها الصغيرة , لعبها , ضحكاتها , حديثها ,, رسوماتها , اناشيدها و شخبطاتها وكل لمسة حانية منها و كل بريق ومضة مفرحة من عينيها الجميلتين . صار كل ذلك شيئا من الذكري التي توقد نيران الشوق و توقظ الآلام , فلم استطع تجاهل مخاوفي بمفارقتها و صارت الأيام في غياب صوتها حزينة و مرة , تتجلي ملامحها علي وجوه الناس من حولي بائسة و كئيبة .
لقد انطبق وصف شاعرنا الفذ إدريس محمد جماع , علي صوت صغيرتي فاطمة عبر الأثير ,يجيء ناعما كالحرير , طلقا مثل الصباح , يخطر في رشاقة و ينساب في نعومة و نداوة , وقد تدفقت كلماتها الطفلة دافئة ندية خضراء , يفوح منها شذي الورد و عبير الزهور ,, فأسعدت نبراته قلبي حينما سري طبيعيا كنغمة الناي و تغريد الكنار .
كل الأمل و الرجاء و الدعوات أن تتوقف هذه الحرب اللعينة التي شوهت بلادنا و تسببت في احداث كثير من المآسي , فأودت بأرواح كثيرة من أبناء السودان وشبابه المدخر للبناء و النهضة والاعمار و شردت الملايين الي الملاجئ الجبرية, وعملت علي تدمير المنشآت الحيوية و عطلت الانتاج و تسببت في الفقر و المسغبة و جلبت البؤس و الشقاء لإنسان هذا الوطن الغالي العزيز .