وذهب الذهب ….. رفيق العمر والدرب
شوقي بدري
6 September, 2024
6 September, 2024
عندما يكرم الله الانسان ينعم علية بصداقة من هو خير منه . البارحة انتقل رفيق عمري ودربي عثمان ناصر بلال الرجل الذهبي . المؤلم هو ان عثمان قد قضي آخر ايامه مثل الكثيرين من السودانيين مهاجرا ، وبعيدا عن السودان امدرمان والموردة ــ العباسية.
لعمر كامل ارتبطت بصداقة مع الرجل الذهبي الخلوق عثمان ناصر بلال طيب الله ثراه . لم يحدث أن تهاتر شتم او ،، كسر،، خاطر انسان.عثمان كان مثالا للكرم التفاني في خدمة الآخرين مضحيا دائما بماله وقته وراحته .... عثمان كان يقصد عندما يحتار الناس . من قصص الشباب المبكر أن الاخ على عبد القادر عمر الصادق سرق السيارة الامريكية وهو دون السابعة عشروسبب ،،طفقة ،،لباب السيارة اثناء الفسحة مع بعض ابناء الحارة . بما أن على كان اصغر اخوته وتخاف والدته على سلامته بشدة، خاصة بعد أن فقدت ابنها الطيار عزالدين عبد القادر شقيق اللواء الاسطورة محمد عبد القادر.عز الدين عبد القادر مات في حادث تصام طائرتين مع اسماعيل مراد ، عبد اللطيف حسن زلفو ويحمل اسم عبد اللطيف ابن الكاتب الظابط عصمت زلفوصاحب كتاب شيكان وكرري. رابعهم ومحمد الجميل .الحادث صدم كل السودان .
احتار الجميع كيف يمكن اصلاح باب السيارة حتى لا تعرف والدة على عبد القادر واهله ، ومن يحفظ السر ؟؟ الحل كان علي300 مترفي نهاية شارع الفيل مع شارع العرضة. قام عثمان ناصر باصلاح الباب بطريقة لم تظهر الطفقة . انها بركة عثمان ناصر الذي كان سعيدا كل حياته بمساعدة الناس لا يشكو ، لا يكل ولا يمل حتى عندما يطرق بابه في منتصف الليل .
بعد زواج عثمان استأجر منزلا مريحا. وفجأة يطالب صاحب المنزل بمنزله . افتى والدنا ناصر بلال الذي يعلم الناس القرآن واصول الدين في جامع الادريسي أن ينفذ طلب صاحب الدار حتى ولو سكن عثمان في الشارع لأن السكن ضد رغبة المالك يتعارض مع الاخلاق والدين .حتى بعد أن انتقل الرجل الذهبي وسكن بعيدا خلف ابونيران بعيدا عن العباسية ــ موردة وشارع الفيل ، لايصال مريض او احضار القابلة فعثمان كان اول من يقصد .والدتي كانت تحب عثمان كثيرا وحتى بعد سفرنا الى اوربا كان يتواصل معها .
لانه رجل من ذهب لم يكن له حاسدا مغبونا او عدوا. لا تفارق البسمة فمه وترسل عيناه شعاعا من الصدق الحنان والترحيب . بالرغم من ان عثمان لم يتحصل على اعلى الشهادات . الا انه كان حافظا للقرآن الشعر التاريخ واخبار المجتمع والاحداث العالمية . كان متحدثا لبقا لا يكتفي الانسان من انسه ولطف معشره .
لم يكن ينتقدني مباشرة ولكن بنظراته كنتة افهم ان لبس السكين وحمل العصا في امدرمان كما كنت اقوم به في الجنوب ليس بالامر المعقول. شياكته واهتمامه بمظهره جعلني انتقل الى عالم المدنية .
في 1963 وبعد الغداء مباشرة وفي هجير امدرمان أتى احد اشهر فتوات امدرمان الاخ احمد عبد الفراج وطرق الباب كنت وقتها مع رفيق الدرب عثمان في منزلهم . احمد عبد الفراج المعروف بقدوم زعلان احد صناديد امدرمان . كان صنوا لاسطورة امدرمان كبس الجبة في القوة . من تلك المجموعة كان راس الميت ، الاخوة الدغاميس وحبس كبس .حبس كبس الذي صار طباخ حفلات كان متواجدا في عرس عثمان والاخت سعاد . في ذلك اليوم كان قدوم زعلان مضطربا ومشوشا ، وكأنه يحمل كل هموم الدنيا . كان يعرف ان عثمان هو الوحيد الذي سيبذل كل جهده في مساعدته كعادته مع الجميع .
في ذلك الزمن الجميل كان كل انسان في محيطنا اخانا ، همنا ،مصدر سعادتنا وجزءا من حياتنا. انفرط رباط بعض براميل البنزين المحملة على شاحنة وسحقت رجل البوليس بشارة عبد الفراج شقيق احمد ، خضرعبد الفراج المعروف ب ،،كرموش ،، وشقيقتهم الداية آمنة عبد الفراج والدة الاستاذة حنان بلوبلو التي لا تحتاج لتعريف . صارت تلك المأساة تخص كل المنطقة لا نزال نذكرها ويؤرخ بها . عظمة كل السودان والعباسية خاصة انها تعطيك ما لا يحصى من الاخوات والاخوان والاهل . السودان اعطاني مثل الاغلبية اعظم الاصدقاء من شمال وجنوب السودان ، وهذا ما جعل الحياة رائعة .
كان لامي 15 مولودا كنت امازح عثمان طيب الله ثراه بأنهم اكثر منا عددا . اخوتي صاروا اخوة لاخوة عثمان . هكذا كان السودان .اخي بابكر بدري وعبد الرحمن ناصر بلال صاروا ،، فرد ،،ولاعبي كرة قدم . عند تسجيل اصابة كان عبد الرحمن ،الذي صار احد ظرفاء امدرمان يصرخ باعلى صوته ..... عباسية غسيل نضيف مكوى سيف مواعيد مظبوط . كان هذا شعار مكوجي العباسية على يافطة الدكان في ،،ام سويقو،، عند الطاحونة القديمة ودبة كيكونة .
الوالد ناصر بلال طيب الله ثراه كان خفيف الظل يداعب بطريقة راقية يحب رواية القصد الهادفة . خلق هذا روحا جميلة وسط كل الاسرة . عندما توقفت عن شرب الشاي وكنت اقول انني شعرت بصداع بسبب فقدان الشاي في اول يوم صيام في حياتي . كنت اقول انني لن اشرب الشاي في حياتي مرة اخرى، ولن اجعل بعض القش يسيطر على حياتي . وفي يوم حضرنا بعد ساعات طويلة في شاطئ النيل كعادتنا . واتحفني عثمان بكوز من مشروب مثلج وكمية ضخمة من السكر . بعد قرطعة المشروب . قال لى عثمان مبتسما ... ما قلتا ما حتشرب شاي ، القرطعتو ده كان شاي . مثل هذه الذكريات كانت احسن معين في الغربة والزمن الكعب .
اقتباس
في سنة 1963 اتي قدوم زعلان عابرا شارع السيد الفيل لصديقي عثمان ناصر الميكانيكي . لان سيارته المورس و التي هي بوكس تحتاج للاصلاح . السيارة لنقل العمال الي النقل الميكانيكي أو المخازن والمهمات الخ في بحري مقابل 150 قرش في الشهر عطبت . و بعد عبور كبري امدرمان لاحظ قدوم زعلان صوتا في العجل الخلفي من اليسار . .
و لان المورس موديل قديم فلقد تخوف صديقي عثمان بان السبب قد يكون البلي و خوفه الاكبر ان يكون البلي ( بلح ) لانه لا يتواجد بسهوله وكل البلي قد صار في شكل كرات مستديرة . .
و ذهب قدوم زعلان (احمد) للاستلقاء لا ن الوقت كان بعد الغذاء و قمت بمساعدة عثمان في رفع السياره و نزع العجل لنكتشف ان البلي ( بلح ) و مكسور فنادينا علي احمد من فوق الحائط لانه يستلقي تحت شجرة اللالوب . و عندما شاهد البلي المكسور جلس علي الارض واضعا يديه علي راسه و هو يئن و يشكو و يتسائل ماذا سيعمل مع العمال و هم عشره و التاكسي يساوي خمسه قروش طرحه للخرطوم و قرشين و نصف لبحري اي ان الموضوع سيكلف 150 قرش في اليوم . وكيف سيصل قدوم زعلان لعمله .
و فجاه يظهر حموده الصغير الذي كان قد بدأ دراسته في الصف الاول في مدرسة المؤتمر الثانويه . والدته قمر الجيل هي جارتنا المباشره في السرداريه لاننا قديما كنا نستاجر منزل خاله القائم مقام محمد مصطفي الكمالي ياورو الفريق عبود .الخالة قمر الجيل من نساء امدرمان اللائي كتبت عنهن كمحاربات امدرمان فقد ترملت في شبابها واحسنت تربية بناتها واولادها .
حموده كان في طريقه من الترزي المشهور عبدالمحمود ابوصالح في المورده حاملا اثنين من ا ا البنطلونات في سرج العجله الخلفي . انزلقت البنطلونات وشبكت في فرويل العجله و قام الجنزير مع التروس بفرمها . فتركنا السياره و ساعدنا حموده في فك العجل و الجنزير الا ان البنطلونات كانت في حاله يرثي لها . و ضحك حموده بهدوئه و طيبته وادبه المعروف و قال .... يعني الواحد اول مره في حياته داير يلبس ليه بنطلون يحصل ليهو كده ! ؟
فانتفض قدوم زعلان من الارض و شد العراقي البلدي قائلا ( الود الصغير ده بناطلينو بي تسعه و لا عشره جنيه و يضحك . انا قدوم زعلان قاعد متفن في الواطه خفف عثمان عن حمودة وافهمه انه يمكن غسل البقع بالبنزين ثم القيام برفيها ولن يظهر الضرروسيستمتع بالبناطلين .اشرق وجه حمودة وواصل طريقه الى السردارية . .
و اخيرا وجدنا البلي عند اسطي يحي صاحب الشنب الضخم في فريق فلاته و هو كذلك ميكانيكي . و بالرغم من انه طماع كالعاده طالب بمبلغ كبير الا ان قدوم زعلان كان سعيدا و يردد ( بالله شوف الشافع ده ! و الله راجل ، ده لو ولد تاني كان بكي ، و الله في رجال بتجرسوا من دي ) . و كلما تضيق الامور و تكثر المشاكل اتذكر درس حموده الصغير لقدوم زعلان الفتوه.
نهاية اقتباس
اقتباس من موضوع قديم
رفيق الدرب عثمان ناصر يتتخرج في السويد
شوقي بدري8 يونيو، 2016
فيسبوك X
' data-lazyloaded=1 data-src="https://www.alrakoba.net/wp-content/uploads/art/9512.jpg" class="attachment-full size-full wp-post-image entered error" data-main-img=1 decoding=async data-ll-status=error v:shapes="_x0000_i1025">
قبل يومين تخرج ابني عثمان . علي غيرعادة اخواته واخوانه رفض بتاتا اقامة حفلة كبيرة . حتي بعض الجيران يتوقعون الحفلة بل لقد سأل احدهم عن موعد الحفلة كما توقع .
عثمان كان شيطان المدرسة عندما كان صغيرا . اضطررت لان امكث معه في المدرسة لعدة اسابيع من الصباح الى العصر ، بعد ان غلب الجميع . ونحن في حفلة استقبال السفير موسس اكول شقيق الوزير لام اكول في الحديقة وتجمعني معهم ملكال ودماء الشلك التي يحملها عثمان واشقاءه فقوق نقور ومنوا بيج وبرونو ، اتي شاب من الجيران وهو في حالة غضب شديد . كان يقول لي ابنك يضايقني ويزعجني ويجمع اصدقاءه ويضحكون علي وانا جالس مع صديقتي في الحديقة عندما سألته …. من من ابناءي قال بدون تردد …. عثمان طبعا . قلت له كيف عرفت اسمه قال لي كل الحي يعرف اسمه . كنت اقول لعثمان ناصر الصغير انني قد اعطيته اسم الطف احبابي والرجل الذي لم يحدث ان ضايق انسانا لماذا لم يتأثر بالاسم عثمان ناصرالطف ابناء العباسية والموردة .شارع الفيل ؟
بعد مرحلة المراهقة تعرض عثمان لتغيير 180 درجة …. جبدوا الاسم .. صار عاقلا ومتزنا لدرجة انني كنت اقول له انني احن لعثمان الكارثة كما كان يقال عنه . وكنت اناديه منذ بداية طفولته ب ,,, ماج ,,, وتعني النار في لغة الدينكا والشلك والنوير والاشولي وهي كذلك اسم علم . ماج كان مشاغبا سريع البديهة يحب المقالب وهو القائد وسط رفافه .
قبل اسبوعين جاء ثلاثة من ذريتى ، وهم نضيفه ،نفيسة والطيب. وعلي الشفاه ابتسامة ، وفي العيون مكر عطوف ، والثلاثة في العشرين من العمر يجمعهم حب قوي والتصاق مميز بين اخوتهم ، وهم ليسوا بالاشقاء. وكان مع نضيفه صورتين
لم ارهم منذ زمن سحيق . الصورة الاولى تمثلني ورفيق الدرب عثمان ناصر بلال ، ونحن في شرخ الشباب والصورة الثانية بعدها ببضع سنوات، بعد رجوعي في الاجازة من براغ . وكانت لي لحية كثة وعنفقة وسوالف. وهذه الصورة تظهر علي غلاف روايتي الحنق، و نبذة عن الكاتب. وتنتهى النبذة ، ب من سكان العباسية . وبالرغم من احتجاج دكتوركمال بدري الذى صحح الكتاب ، عندما طبعناه لاول مرة في القاهرة 1971، اصريت على رايى . لان العباسية بالنسبة لي هي هوية . وهى ما جمعنى برفيق الدرب عثمان ناصر و توأم الروح احمد عبدالله المعروف ببله او جاك والطيب سعد الفكي و عز الدين أدم حسين وعبد المنعم عبد الله حسن عقباوي وأخرين . سكن معنا في العباسية تاج رأسي زميل السكن في داخلية مدرسة ملكال فقوق نقور او مصطفي عبد العاطي وقد اهديته كتابي حكاوي امدرمان ويحمل اسمه ابني فقوق نقور . رحمة علي الحيين والاموات.
الصورة الاولى كنت ابدو مختلفا عن شكلى الحالى وكنت اشبه ابني عثمان الآن . وعثمان يكره منذ صغره ان يذكر بشبهه لوالده . الصور قد اختفت او ضاعت . واحتفظت بها ام نضيفة ، كاحساس بالتميز. والصورة ماخوذة بعد حصولي علي احد كؤوس الجمهورية للملاكمة . وانا في السادسة عشر من عمري .وهذه رياضة لا اناصرها الآن.
السنة الماضية اردت ان اكتب عن الوالد ناصر ولقد ذكرته في كتاب حكاوى امدرمان، وفي مواضيع متعددة . واتصلت هاتفيا برفيق الدرب عثمان .ولاول مرة اعرف ان احبائى واهلي ومن احملهم علي اهداب عيوني وادين لهم بالكثير الكثير، هم من الفور . فمن كان يهتم فى امدرمان والعباسية قديما بقبيلتك او وضعك الاقتصادي او وظيفتل . كل هذا لا قيمة له بالمقارنة بطرحك وشخصك وقربك او بعدك من ايقاع المكان .
اخي عبد الله ناصر كان مدخلي للاسرة . وكان اسمه ينطق بالطريقة السودانية . وكان منذ طفولته يعتبر من ظرفاء العباسية والموردة . وكان في فصل شقيقي الشنقيطي في مدرسة الاحفاد . وارتباطنا كان بسبب حبنا للمغامرة وصيد السمك وحب النيل. ولكن الجندية اخذته سريعا . ولحسن حظي كان عبد الله سباحا رائعا وتاثرت به وصرت اعبر النيل سباحة وفي بعض الاحيان اكون لوحدي وفي الليل عائدا من توتي بعد توقف المركب . ولولا عبد الله لما تشجعت . كما تعلمت منه الكثير . وصرت اشحم الدراجة واعيد تركيبها في اقل من ساعة . وكانت لي دراجة جديدة لم نكن ندعها ترتاح . ونتبادل الركوب عليها حتى الي الخرطوم لتوفير اجرة الطراحة . .
كثيرا ما اتذكر عثمان ، وخاصة عندما اقود السياره . ففي احد الايام اتي رفيق الدرب بعربة كومر واخذني بدون كلام الي الفراغ جنوب نادي المريخ . ونزل من العربة وقال لي ,,سوق ,, وعندما صارعثمان معلما للسواقين في النقل الميكانيكي ، كان يقول مشجعا تلاميذه المتهيبين , عندي اخوي اسمه شوقي من اول يوم مسكته الدركسون ساق وعشق ..الحقيقة انني كنت قد قضيت الاسابيع علي ظهور اللواري في اعالي النيل . وعلي ظهور القندرانيات والتركترات . وكنا نذهب الي المدرسة بواسطة سيار ة وسائق . وكنت اتابع حركاتهم . ولكن ساكون مدانا طيلة حياتي لرفيق الدرب ، وادبه الشديد وطول باله المبالغ فيه . ومنه تعلمت بعض الميكانيكا والنجارة والكهرباء .
. عثمان تنفل في صباه بين كثير من المهن قبل ان يصير ميكانيكيا . كانت شهادته للميكانيكا من المعهد الفني تزين الديوان في منزلهم وكل الدرجات اعلي من تسعين والحضور كان 97. وكان المعهد الفني يقدم كورسات مجانيه للطلاب في المساء . ما اروع السودان قديما. عثمان كان صبي خياط وكان يقول,, ارفي ليك بنطلون لو شافو زول يقد بنطلونه عشان يرفيه . وكانت لعثمان دراية بالعدسات والكاميرات لانه عمل لفترة مع الخال محمد علي من بيت المال صاحب استديو امدرمان الذي انتقل اخيرا الي عمارة خيرات في المحطة الوسطي . الا انه وجد نفسه في الميكانيكا ..
بالرغم من حدة طبعي وميلي الي العنف وبعض الرعونة لم يحدث ابدا ان اختلفت مع رفيق الدرب . هؤلاء نوع من الناس اقرب الي الكمال. ولو لم ينعم الله علي بصداقة توئم الروح بله ورفيق الدرب عثمان والطيب سعد الفكي وآخرين فمن الممكن انني كنت ساكون قاتلا او مقتولا . وعند ما كان عثمان يصلح سيارة امام منزلهم ،اراد ان يقطع قطعة من المطاط . وهذا بحضور علي ناصر الذي كان موظفا في البريد وعبد الله ناصر ، نادي علي اشقائه عبد المنعم ، عبد الرحمن و عبد الفتاح لاحضار سكين . ولكنهم كانوا مشغولين بالدافوري . وببساطة قمت بسل سكيني وسلمتها له . رايت نظر ة الدهشة والاستغراب ، فلقد كنت وقتها في الخامسة عشر من عمري . وامدرمان كانت تخلع ثوب البادية وترتدي ثوب المدنية . الشرطة كانت تصادر الاسلحة البيضاء .وكنت متأثُرابحياة اعالي النيل وحمل عصي وفرار صغيرفي بعض الاحيان تجد القطعة الحديدية في جيبي . وعلي يد عثمان بدأت رحلة المدنية .عثمان لم يوجه كلمة جارحة لاي مخلوق . ضرب انسان كان لا يمكن ان يخطر بباله . امنا امدرمان جعلتنا بعض ابناءها .
عثمان هو الذي اخذني الي الاخ توتو رحمة الله عليه ترزي القمصان المميز . توتو هو شقيق الباهي الذي كان رائعا في خياطة البدل وقد خاط بعض البدل السفاري لاعضاء السفارة ألأمريكية وحتى السفير . وعند عبدالمحمود ابو صالح الترزي المميز في الموردة اتت البنطلونات الجميلة . عثمان كان يقص شعر اشقاءه وشملني قي تلك الخدمة . وكنت اكره جلسات الحلاق وتكون لي تفة لا تعرف المشط . وفي احدي الجلسات ولعدم ثباتي ترك المقص حفرة في شعري . صار اولاد العباسية فوق بقيادة عبد الرحيم علي حمد وسمير عبيد. ابن العم عبيد اول حكم سوداني عالمي ، يمازحوني ويعيروني بها بعد أن جلسوا خلفنا في دار الرياضة ،ولم اكن اهتم . لعثمان اخلاق الملائكة, وحتي انا الذي اشتهرت بحدة الطبع لم اكن اتجرأ ان ارفع صوتي علي عثمان..
عثمان كان يصلح السيارات امام منزلهم . وفي المساء كنا نمد وصلة كهربائية الي شارع الفيل . واساعد عثمان في عمله . واغلب العمل تطوعي ولا يتقاضي عليه اجرا . او في سيارته المورس القديمة . وبينما انا اسند خشبة يقوم عثمان بنشرها لقفل ارضية السيارة المتآكلة واصابني المنشار بقطع في اصبعي الوسطي . وقاموا بخياطته في المستشفي . ولكن صارت هنالك عقدة كلما اتحسسها اتذكر رفيق الدرب وانتشي لذكري تلك الايام
عثمان صارمدرسا في النقل الميكانيكي وعلى يديه تعلم الكثيرون قيادة السيارات والشاحنات . عندما تقرر أن يمارس بعض الفتيات قيادة السيارت وادارة الحركة . صار عثمان المدرس . بسبب اخلاقه طولة باله تفانيه في عمله والاهتمام بالآخرين قبل نفسه . بعد تخرج الدفعة الاولى كانت علوية آدم واميرة من اول من كلف بادارة المرور . الغرض كان ايجاد عنصر نسائي لتجنب تغول وخشونة رجال المرور في التعامل مع السيدات . سارت الامور بسلام الى أن شاهد الدكتاتور جعفر نميري الآنسة علوية آدم وهى تسير الحركة . غضب نميري فمن عادته أن يعارض بطريقة الطفل المدلل اى شيئ لم يطرح عليه قبل تنفيذه . قال بخشونة انتي جاية تمشي الحركة ولا توقفي الحركة . الرجل الذهبي كان جد متألم لايقاف المشروع .
الرجل الذهبي عثمان كانت له مقدرة على انجاذ الكثير. كان رجل بركة كما نقول في السودان. عازف الايقاع المشهور ابراهيم عبد الوهاب المشهور ب,,كتبا، بدأ مشاوره بصعوبة. والغريبة انه وقتها كان قد اكمل دراسته الثانوية وكان هذا ضمان وظيفة محترمة ومستقبل مضمون. اصر ابراهيم على ممارسة الموسيقى .
صار ابراهيم يخرج مع ابن الحي الفنان الكامل شرحبيل احمد . بسب عدم تواجد بونقوس كانوا يستأجرون البنقس من غريب الله صاحب متجر دنيا الفن في ميدان البوستة 50 قبرش لليلة . ابراهيم كان يتحرق لشراء بونقوس . بعد فترة اتى عثمان ومعه شاب يريد أن يبيع بنقسا بستة جنيهات وللبنفس حقيبة رائعة من الخشب المصقول من لونين مختلفين . اتفقنا ان يستلم الشاب 3 جنيهات بعدثلاثة ايام وأن يتحصل على باقس المبلغ بعد شهر . لم يكن عند ابراهيم مليما . كانت عند ابراهيم عجلة تعبانة . تكفلت باصلاحها تشحيمها غسلها في الطاحونة القديمة . واخذناها في يوم الجمعة وقلت كاتب الدلالة اننا لن نبيع باقل من ثلاثى جنيهات لأنا نحتاجها . توقف السعر عند 335 قرشا . فرحنا جدا . ولكن الفكي كاتب الدلالة يطلب 30 قرشا كاتعلب الدلالة . ولانه صديق الاخ عبد الرزاق اسحق ابن الحي اكتفى ب25 قرشا . وظهرت مشكلة جديدة فالايصال يساوي 5 قروش . ضحك رجل الدلالة وعفى لنا الشلن .... انها بركة الرجل الذهبي .
بعد شهر عاد الشاب ومعه ابراهيم وكان يريد أن يفسخ الصفقة وأن يعيد الثلاثة جنيهات . فسعر البنقس فقط 9 جنيهات والشنطة الانيقة تساوي مبلغا محترما . كنا كعادتنا نقوم باصلاح سيارة في شارع الفيل في المساء . موقف الشاب كان قويا فلم يكن عندنا بقية المبلغ لانه لم تظهر عدادات في ذلك الشهر . ونحن في الليل اين سنجد المبلغ . اخيرا اخذ عثمان دراجتي وعاد بعد نصف ساعة بالمبلغ كان قد ذهب الى جده في شارع الاربعين . اسقط في يد الشاب الذي كان على اقتناع انه سيعود بالبنقس . انها احدى كرامت الرجل الذهبي . ذلك البنقس طاف السودان مع ابراهيم وصار ابراهيم اشهر عازف ايقاع في السودان ... رحم الله الرجل الذهبي عثمان ناصر بلال الذي قدم الكثير الى من حوله ، وبارك الله في ذريته واحفادة .
تعلمت من عثمان الكثير ، كان جيدا في توصيلات الكهرباء والنجارة . الا انه كان رائعا في معاملة البشر . اتي بعض اهل الحي واحدهم يريد ان يشتري سيارة الآخر . وبعد ادارة الموتور طالبوا برأيه . الا انه احجم . وقال لي ما اعتبره قانونا . (ما تبيع ولا تشتري من صديق او اهل) . وبعد جهد تم اصلاح سيارة فقام اصحابها بتقديم 25 قرشا لعثمان . وكان صندوق السجاير الكبير يساوي20 قرشا . فاعتذر عثما ن من تقبل المال بالرغم من قولهم . نحن اهل. والرد علشان نحن اهل , الطرادة دي ودو بيها العربية المشحمة . وقال لي فيما بعد . ذي ديل ما تزعل او تزعلهم لانهم ناس الحلة ، لكن المرة الجاية تعتذر ليهم من الاول. الاسطي يحيي في فريق فلاتة اعطي عثمان 25قرشا لعمل اشتركا فيه والاجر كان 150 قرشا. وعندما قلت غاضبا ( كان ترميها ليه) كان رده اسطي يحيي ما بهمه . كان شالا و انبسط , ما برضه في ناس ذي اسطي حامد اكبر مني بي عشرين سنة بيعمل كل الشغل وما بيرض الا يديني نص القروش . الدنيا فيها الكدا والكدا .
احد اقربائي ومن الطلبة الكثيرين والذين سكنوا في منزلنا لم يكن يمتلك بنطلونا وزملائه في الاحفاد من ابناء الاثرياء لا يرتدون الا البناطلينالفاخرة في المساء في المساء .طلب قريبي من عثمان اخذه عثمان الي خياط واشتري بنطلونين من النوع الفاخر ب9 جنيهات. ووعد قريبي ان يدفع جنيها من مصروفه كل شهر. ولكن لاحظت ان وضع قريبي المالي لم يتغير . وعندما سألت عثمان اكد لي عثمان ان قريبي يدفع بانتظام . وبعد فترة لاحظت ان قريبي يتحاشي عثمان . فواجهت عثمان , قائلا انني اعرف ان قريبي لا يدفع . والرد كان .......مالو ياخ ما اخوي فيها شنو لو ما دفع ما الناس لي بعض . وناشدني متوسلا وهو يمسك بيدي عليك الله عليك الله ما تسألو !!
قريبي كان من اوائل المغتربيب وانا متأكد بأنه لم يفكر في عثمان يوما . .
صاحب عربة اجرة اصطدم بحائط وباب منزل جد عثمان من جهة امه في شارع الاربعين . وعفي الجد للسائق غلطته ورفض التعويض قائلا ( الحمد لله يا ابني مافي زول مات ولا في زول اتعوق . القروش صلح بيها عربيتك .
قبل سنوات دهست شابة تتعلم قيادة السيارة دراجة ابني فقوق نقورالذي قفز بعيدا . خرج بعض جيراني السويديون وهم غاضبون , لان لهم اطفال . وعندما رفضت الاقتراح من معلم القيادة بتعويض ثمن الدراجة كنت اردد كلام جد عثمان في العباسية ... مافي زول مات .
لقد ساعدت في صناعة ذلك الباب من الخشب والزنك عن طريق المسك والمناولة . وحملنا ذلك الباب وسرنا به وسط المرح والمزاح الي ان اوصلناة الي شارع الاربعين . ليس بعيدا من منزل فنانة السودان الاولي عشة موسي احمد ( الفلاتيه) . وقام الوالد ناصر بتركيبه .
تأثرا بالوالد اغتنيت عدة نجارة . كان عندي سراق الضهر ومنشار كبير وصغير ومنشار دوران لصناعة الطبلية المستديرة واغطية الزير وكان عندي الفارة والشنكار والجيون والكماشة والشاكوش والمفكات الكبيرة والصغيرة . وكنت استعير البريمة من الوالد . فبعد الخريف يفرق حلق الباب في بعض بيوت العباسية ولاعادته يجب اعادة الدساتير وتثبيت الحلق مع العتب .العتب هوالواح الخشب التي تحمل الطوب او البناء اعلى الباب وهو من السنط ولا يخترقه المسمارأو يأكله النمل الأبيض . والمطلوب عمل ثقب بواسطة البريمة , اكبر انجازاني كانت كشك المرطبات والجرايد في شارع الاربعين في تقاطع الاربعين وشارع مرفعين الفقرا . ولقد قمت بهذا العمل لوحدي حتى الصبة الاسمنتية . رحمة الله علي الوالد ناصر بلال.
في متتصف مارس 2016الماضي كان زواج الابن ناصر عثمان ناصر . لقد تألمت لانني لم اكن حاضرا.
في اثتاءالنقاش في الجبهة السودانبة . ذكر اسم الاعلامي احمد هارون , وهو الآن في يوغندة فقلت انه زوج ابنتي ؟ ثم وضحت ان زوجته هي امل عثمان ناصر .وهي بنت اخي عثمان
. قديما في امدرمان كنا كما قال الوالد الشاعر عبد الله البنا
كل من صادقنا اخونا
وكل كبير قومه ابونا
من المرات النادرة جدا التي غضبت فيها امي مني . لامتني قائلة ياشوقي كيف تخلي ود الملكة بدون غدا لحد العصر . لم يشفع لي اننا كنا منهمكين في تركيب حوض غسيل الايدي في البرندة وككل الناس كانت والدتي تحب عثمان كثيرا . وعندما نبه اخي خليل ان الاسم هو ود المكة وليس الملكة . كان الرد ديل اولاد ملكة وزيادة . الذي اعطي العائلة هذا الاسم هو عبد الله فعندما ذهب للمدرسة لاول مرة كان مترددا يقدم رجلا ويؤخر الاخري وكان الاولاد ينشدون بت المكة الجات تتكا امرودنا . واشار المدرس لعبد الله وصار يعرف بود المكة وانتقل الاسم لاشقائه
بعد غياب من السودان ترجلت من السيارة لاعانق صديقا. فطلب منا سائق حافلة ان نفسح الطريق . وعندما التفت كان السائق هو رفيق الدرب عثمان . فنزل من السيارة وتر ك الركاب وقفلنا الطريق.
كلما افكر في امدرمان افكر في رفيق الدرب ولهاذا قلت
مــا تكســـــرو
بعد التحية والسلام والبكاء والحنين وأحلي الكلام
وشيه الجمر بي طعم الدعاش والأهل فيهم الرضيع والنزل المعاش
والشوق بحر لا ليهو رأس ولا قعر. والناس هناك عزاز لا بعرفوا غش ولا بطر
ومع الدغش يدق الباب كو كا رو , أقوم أحمر لي سيد اللبن
أقول ليهو دق براحه يا متخلف يا ما عندك فهم
يضحك يقول إنت الزول الكان بعيد غائب وما عنده هم
أقول ليهو لبنك يطير . يضحك يقول ما ضقته ساكت بالفطير
في الزيفه ديك وين تلقاه وين ساخن مقنن بالمنين
في المورده أطلب صحن فولاً كبير ما فيه غير شمار وزيت ويمكن كمان جرجير
أحرد أقول ليه مكسرو ؟! ما قلت ليك ما تكسرو
الناس تقول سمعناك قلتا كسرو. وده فولاً سمح الكسير ما بخسرو
عاوزه حب ما تهبشو. وأحلف يأكلوا معاي وأقول عشان تاني ما تتدخلوا
في الناصيه تحت الشجره راجلاً كلس بطيخه ينسي الزول فلس
بعد الثالثه يقول, ماني قاطع ليك خدار إنت زولاً ما بحس
بطيخي كله أحمر . أدفع للتلاثه وأقع فيهم نخر
وسط البهائم أشوف لي جضعاً سخي . إتالف أقول ده ما تني؟!
يقولوا لا ده جضعاً سخي . حتي بعد فتح الخشم أقول تني
يقولوا إنت رأسك قوي أكان غلوا ودخلوا الفرن ما بستوي
والله رأسي ما قوي بس بدور أناكف ناس بتفهمني
أربعين سنه رطانه. بعيد من بله توم روحي وعثمان رفيق دربي
أفتح عيني وأشوف الكمساري يعاين ذي كأنه يسأل ماك نازل هني؟!
أغمد تاني وأقوله كو . يهزني ويقول هلو.
أعاين من الشباك وأشوف قضيب السكه الحديد لكن الأرض مغطيها الجليد
أتاري أنا حلمان ولسه بعيد من أمدرمـــــان.
#[2]
كركاسة
في اليوم الذي انتقل فيه عثمان ناصر الى جوار ربه كنت اريد ان ازف اليه خبر ولادة كمال ابن ابنه عثمان بدري .
صورة الرجل الذهبي عثمان ناصر وشوقي بدري
https://i.imgur.com/ItzHn08.jpeg
شوقي
shawgibadri@hotmail.com
لعمر كامل ارتبطت بصداقة مع الرجل الذهبي الخلوق عثمان ناصر بلال طيب الله ثراه . لم يحدث أن تهاتر شتم او ،، كسر،، خاطر انسان.عثمان كان مثالا للكرم التفاني في خدمة الآخرين مضحيا دائما بماله وقته وراحته .... عثمان كان يقصد عندما يحتار الناس . من قصص الشباب المبكر أن الاخ على عبد القادر عمر الصادق سرق السيارة الامريكية وهو دون السابعة عشروسبب ،،طفقة ،،لباب السيارة اثناء الفسحة مع بعض ابناء الحارة . بما أن على كان اصغر اخوته وتخاف والدته على سلامته بشدة، خاصة بعد أن فقدت ابنها الطيار عزالدين عبد القادر شقيق اللواء الاسطورة محمد عبد القادر.عز الدين عبد القادر مات في حادث تصام طائرتين مع اسماعيل مراد ، عبد اللطيف حسن زلفو ويحمل اسم عبد اللطيف ابن الكاتب الظابط عصمت زلفوصاحب كتاب شيكان وكرري. رابعهم ومحمد الجميل .الحادث صدم كل السودان .
احتار الجميع كيف يمكن اصلاح باب السيارة حتى لا تعرف والدة على عبد القادر واهله ، ومن يحفظ السر ؟؟ الحل كان علي300 مترفي نهاية شارع الفيل مع شارع العرضة. قام عثمان ناصر باصلاح الباب بطريقة لم تظهر الطفقة . انها بركة عثمان ناصر الذي كان سعيدا كل حياته بمساعدة الناس لا يشكو ، لا يكل ولا يمل حتى عندما يطرق بابه في منتصف الليل .
بعد زواج عثمان استأجر منزلا مريحا. وفجأة يطالب صاحب المنزل بمنزله . افتى والدنا ناصر بلال الذي يعلم الناس القرآن واصول الدين في جامع الادريسي أن ينفذ طلب صاحب الدار حتى ولو سكن عثمان في الشارع لأن السكن ضد رغبة المالك يتعارض مع الاخلاق والدين .حتى بعد أن انتقل الرجل الذهبي وسكن بعيدا خلف ابونيران بعيدا عن العباسية ــ موردة وشارع الفيل ، لايصال مريض او احضار القابلة فعثمان كان اول من يقصد .والدتي كانت تحب عثمان كثيرا وحتى بعد سفرنا الى اوربا كان يتواصل معها .
لانه رجل من ذهب لم يكن له حاسدا مغبونا او عدوا. لا تفارق البسمة فمه وترسل عيناه شعاعا من الصدق الحنان والترحيب . بالرغم من ان عثمان لم يتحصل على اعلى الشهادات . الا انه كان حافظا للقرآن الشعر التاريخ واخبار المجتمع والاحداث العالمية . كان متحدثا لبقا لا يكتفي الانسان من انسه ولطف معشره .
لم يكن ينتقدني مباشرة ولكن بنظراته كنتة افهم ان لبس السكين وحمل العصا في امدرمان كما كنت اقوم به في الجنوب ليس بالامر المعقول. شياكته واهتمامه بمظهره جعلني انتقل الى عالم المدنية .
في 1963 وبعد الغداء مباشرة وفي هجير امدرمان أتى احد اشهر فتوات امدرمان الاخ احمد عبد الفراج وطرق الباب كنت وقتها مع رفيق الدرب عثمان في منزلهم . احمد عبد الفراج المعروف بقدوم زعلان احد صناديد امدرمان . كان صنوا لاسطورة امدرمان كبس الجبة في القوة . من تلك المجموعة كان راس الميت ، الاخوة الدغاميس وحبس كبس .حبس كبس الذي صار طباخ حفلات كان متواجدا في عرس عثمان والاخت سعاد . في ذلك اليوم كان قدوم زعلان مضطربا ومشوشا ، وكأنه يحمل كل هموم الدنيا . كان يعرف ان عثمان هو الوحيد الذي سيبذل كل جهده في مساعدته كعادته مع الجميع .
في ذلك الزمن الجميل كان كل انسان في محيطنا اخانا ، همنا ،مصدر سعادتنا وجزءا من حياتنا. انفرط رباط بعض براميل البنزين المحملة على شاحنة وسحقت رجل البوليس بشارة عبد الفراج شقيق احمد ، خضرعبد الفراج المعروف ب ،،كرموش ،، وشقيقتهم الداية آمنة عبد الفراج والدة الاستاذة حنان بلوبلو التي لا تحتاج لتعريف . صارت تلك المأساة تخص كل المنطقة لا نزال نذكرها ويؤرخ بها . عظمة كل السودان والعباسية خاصة انها تعطيك ما لا يحصى من الاخوات والاخوان والاهل . السودان اعطاني مثل الاغلبية اعظم الاصدقاء من شمال وجنوب السودان ، وهذا ما جعل الحياة رائعة .
كان لامي 15 مولودا كنت امازح عثمان طيب الله ثراه بأنهم اكثر منا عددا . اخوتي صاروا اخوة لاخوة عثمان . هكذا كان السودان .اخي بابكر بدري وعبد الرحمن ناصر بلال صاروا ،، فرد ،،ولاعبي كرة قدم . عند تسجيل اصابة كان عبد الرحمن ،الذي صار احد ظرفاء امدرمان يصرخ باعلى صوته ..... عباسية غسيل نضيف مكوى سيف مواعيد مظبوط . كان هذا شعار مكوجي العباسية على يافطة الدكان في ،،ام سويقو،، عند الطاحونة القديمة ودبة كيكونة .
الوالد ناصر بلال طيب الله ثراه كان خفيف الظل يداعب بطريقة راقية يحب رواية القصد الهادفة . خلق هذا روحا جميلة وسط كل الاسرة . عندما توقفت عن شرب الشاي وكنت اقول انني شعرت بصداع بسبب فقدان الشاي في اول يوم صيام في حياتي . كنت اقول انني لن اشرب الشاي في حياتي مرة اخرى، ولن اجعل بعض القش يسيطر على حياتي . وفي يوم حضرنا بعد ساعات طويلة في شاطئ النيل كعادتنا . واتحفني عثمان بكوز من مشروب مثلج وكمية ضخمة من السكر . بعد قرطعة المشروب . قال لى عثمان مبتسما ... ما قلتا ما حتشرب شاي ، القرطعتو ده كان شاي . مثل هذه الذكريات كانت احسن معين في الغربة والزمن الكعب .
اقتباس
في سنة 1963 اتي قدوم زعلان عابرا شارع السيد الفيل لصديقي عثمان ناصر الميكانيكي . لان سيارته المورس و التي هي بوكس تحتاج للاصلاح . السيارة لنقل العمال الي النقل الميكانيكي أو المخازن والمهمات الخ في بحري مقابل 150 قرش في الشهر عطبت . و بعد عبور كبري امدرمان لاحظ قدوم زعلان صوتا في العجل الخلفي من اليسار . .
و لان المورس موديل قديم فلقد تخوف صديقي عثمان بان السبب قد يكون البلي و خوفه الاكبر ان يكون البلي ( بلح ) لانه لا يتواجد بسهوله وكل البلي قد صار في شكل كرات مستديرة . .
و ذهب قدوم زعلان (احمد) للاستلقاء لا ن الوقت كان بعد الغذاء و قمت بمساعدة عثمان في رفع السياره و نزع العجل لنكتشف ان البلي ( بلح ) و مكسور فنادينا علي احمد من فوق الحائط لانه يستلقي تحت شجرة اللالوب . و عندما شاهد البلي المكسور جلس علي الارض واضعا يديه علي راسه و هو يئن و يشكو و يتسائل ماذا سيعمل مع العمال و هم عشره و التاكسي يساوي خمسه قروش طرحه للخرطوم و قرشين و نصف لبحري اي ان الموضوع سيكلف 150 قرش في اليوم . وكيف سيصل قدوم زعلان لعمله .
و فجاه يظهر حموده الصغير الذي كان قد بدأ دراسته في الصف الاول في مدرسة المؤتمر الثانويه . والدته قمر الجيل هي جارتنا المباشره في السرداريه لاننا قديما كنا نستاجر منزل خاله القائم مقام محمد مصطفي الكمالي ياورو الفريق عبود .الخالة قمر الجيل من نساء امدرمان اللائي كتبت عنهن كمحاربات امدرمان فقد ترملت في شبابها واحسنت تربية بناتها واولادها .
حموده كان في طريقه من الترزي المشهور عبدالمحمود ابوصالح في المورده حاملا اثنين من ا ا البنطلونات في سرج العجله الخلفي . انزلقت البنطلونات وشبكت في فرويل العجله و قام الجنزير مع التروس بفرمها . فتركنا السياره و ساعدنا حموده في فك العجل و الجنزير الا ان البنطلونات كانت في حاله يرثي لها . و ضحك حموده بهدوئه و طيبته وادبه المعروف و قال .... يعني الواحد اول مره في حياته داير يلبس ليه بنطلون يحصل ليهو كده ! ؟
فانتفض قدوم زعلان من الارض و شد العراقي البلدي قائلا ( الود الصغير ده بناطلينو بي تسعه و لا عشره جنيه و يضحك . انا قدوم زعلان قاعد متفن في الواطه خفف عثمان عن حمودة وافهمه انه يمكن غسل البقع بالبنزين ثم القيام برفيها ولن يظهر الضرروسيستمتع بالبناطلين .اشرق وجه حمودة وواصل طريقه الى السردارية . .
و اخيرا وجدنا البلي عند اسطي يحي صاحب الشنب الضخم في فريق فلاته و هو كذلك ميكانيكي . و بالرغم من انه طماع كالعاده طالب بمبلغ كبير الا ان قدوم زعلان كان سعيدا و يردد ( بالله شوف الشافع ده ! و الله راجل ، ده لو ولد تاني كان بكي ، و الله في رجال بتجرسوا من دي ) . و كلما تضيق الامور و تكثر المشاكل اتذكر درس حموده الصغير لقدوم زعلان الفتوه.
نهاية اقتباس
اقتباس من موضوع قديم
رفيق الدرب عثمان ناصر يتتخرج في السويد
شوقي بدري8 يونيو، 2016
فيسبوك X
' data-lazyloaded=1 data-src="https://www.alrakoba.net/wp-content/uploads/art/9512.jpg" class="attachment-full size-full wp-post-image entered error" data-main-img=1 decoding=async data-ll-status=error v:shapes="_x0000_i1025">
قبل يومين تخرج ابني عثمان . علي غيرعادة اخواته واخوانه رفض بتاتا اقامة حفلة كبيرة . حتي بعض الجيران يتوقعون الحفلة بل لقد سأل احدهم عن موعد الحفلة كما توقع .
عثمان كان شيطان المدرسة عندما كان صغيرا . اضطررت لان امكث معه في المدرسة لعدة اسابيع من الصباح الى العصر ، بعد ان غلب الجميع . ونحن في حفلة استقبال السفير موسس اكول شقيق الوزير لام اكول في الحديقة وتجمعني معهم ملكال ودماء الشلك التي يحملها عثمان واشقاءه فقوق نقور ومنوا بيج وبرونو ، اتي شاب من الجيران وهو في حالة غضب شديد . كان يقول لي ابنك يضايقني ويزعجني ويجمع اصدقاءه ويضحكون علي وانا جالس مع صديقتي في الحديقة عندما سألته …. من من ابناءي قال بدون تردد …. عثمان طبعا . قلت له كيف عرفت اسمه قال لي كل الحي يعرف اسمه . كنت اقول لعثمان ناصر الصغير انني قد اعطيته اسم الطف احبابي والرجل الذي لم يحدث ان ضايق انسانا لماذا لم يتأثر بالاسم عثمان ناصرالطف ابناء العباسية والموردة .شارع الفيل ؟
بعد مرحلة المراهقة تعرض عثمان لتغيير 180 درجة …. جبدوا الاسم .. صار عاقلا ومتزنا لدرجة انني كنت اقول له انني احن لعثمان الكارثة كما كان يقال عنه . وكنت اناديه منذ بداية طفولته ب ,,, ماج ,,, وتعني النار في لغة الدينكا والشلك والنوير والاشولي وهي كذلك اسم علم . ماج كان مشاغبا سريع البديهة يحب المقالب وهو القائد وسط رفافه .
قبل اسبوعين جاء ثلاثة من ذريتى ، وهم نضيفه ،نفيسة والطيب. وعلي الشفاه ابتسامة ، وفي العيون مكر عطوف ، والثلاثة في العشرين من العمر يجمعهم حب قوي والتصاق مميز بين اخوتهم ، وهم ليسوا بالاشقاء. وكان مع نضيفه صورتين
لم ارهم منذ زمن سحيق . الصورة الاولى تمثلني ورفيق الدرب عثمان ناصر بلال ، ونحن في شرخ الشباب والصورة الثانية بعدها ببضع سنوات، بعد رجوعي في الاجازة من براغ . وكانت لي لحية كثة وعنفقة وسوالف. وهذه الصورة تظهر علي غلاف روايتي الحنق، و نبذة عن الكاتب. وتنتهى النبذة ، ب من سكان العباسية . وبالرغم من احتجاج دكتوركمال بدري الذى صحح الكتاب ، عندما طبعناه لاول مرة في القاهرة 1971، اصريت على رايى . لان العباسية بالنسبة لي هي هوية . وهى ما جمعنى برفيق الدرب عثمان ناصر و توأم الروح احمد عبدالله المعروف ببله او جاك والطيب سعد الفكي و عز الدين أدم حسين وعبد المنعم عبد الله حسن عقباوي وأخرين . سكن معنا في العباسية تاج رأسي زميل السكن في داخلية مدرسة ملكال فقوق نقور او مصطفي عبد العاطي وقد اهديته كتابي حكاوي امدرمان ويحمل اسمه ابني فقوق نقور . رحمة علي الحيين والاموات.
الصورة الاولى كنت ابدو مختلفا عن شكلى الحالى وكنت اشبه ابني عثمان الآن . وعثمان يكره منذ صغره ان يذكر بشبهه لوالده . الصور قد اختفت او ضاعت . واحتفظت بها ام نضيفة ، كاحساس بالتميز. والصورة ماخوذة بعد حصولي علي احد كؤوس الجمهورية للملاكمة . وانا في السادسة عشر من عمري .وهذه رياضة لا اناصرها الآن.
السنة الماضية اردت ان اكتب عن الوالد ناصر ولقد ذكرته في كتاب حكاوى امدرمان، وفي مواضيع متعددة . واتصلت هاتفيا برفيق الدرب عثمان .ولاول مرة اعرف ان احبائى واهلي ومن احملهم علي اهداب عيوني وادين لهم بالكثير الكثير، هم من الفور . فمن كان يهتم فى امدرمان والعباسية قديما بقبيلتك او وضعك الاقتصادي او وظيفتل . كل هذا لا قيمة له بالمقارنة بطرحك وشخصك وقربك او بعدك من ايقاع المكان .
اخي عبد الله ناصر كان مدخلي للاسرة . وكان اسمه ينطق بالطريقة السودانية . وكان منذ طفولته يعتبر من ظرفاء العباسية والموردة . وكان في فصل شقيقي الشنقيطي في مدرسة الاحفاد . وارتباطنا كان بسبب حبنا للمغامرة وصيد السمك وحب النيل. ولكن الجندية اخذته سريعا . ولحسن حظي كان عبد الله سباحا رائعا وتاثرت به وصرت اعبر النيل سباحة وفي بعض الاحيان اكون لوحدي وفي الليل عائدا من توتي بعد توقف المركب . ولولا عبد الله لما تشجعت . كما تعلمت منه الكثير . وصرت اشحم الدراجة واعيد تركيبها في اقل من ساعة . وكانت لي دراجة جديدة لم نكن ندعها ترتاح . ونتبادل الركوب عليها حتى الي الخرطوم لتوفير اجرة الطراحة . .
كثيرا ما اتذكر عثمان ، وخاصة عندما اقود السياره . ففي احد الايام اتي رفيق الدرب بعربة كومر واخذني بدون كلام الي الفراغ جنوب نادي المريخ . ونزل من العربة وقال لي ,,سوق ,, وعندما صارعثمان معلما للسواقين في النقل الميكانيكي ، كان يقول مشجعا تلاميذه المتهيبين , عندي اخوي اسمه شوقي من اول يوم مسكته الدركسون ساق وعشق ..الحقيقة انني كنت قد قضيت الاسابيع علي ظهور اللواري في اعالي النيل . وعلي ظهور القندرانيات والتركترات . وكنا نذهب الي المدرسة بواسطة سيار ة وسائق . وكنت اتابع حركاتهم . ولكن ساكون مدانا طيلة حياتي لرفيق الدرب ، وادبه الشديد وطول باله المبالغ فيه . ومنه تعلمت بعض الميكانيكا والنجارة والكهرباء .
. عثمان تنفل في صباه بين كثير من المهن قبل ان يصير ميكانيكيا . كانت شهادته للميكانيكا من المعهد الفني تزين الديوان في منزلهم وكل الدرجات اعلي من تسعين والحضور كان 97. وكان المعهد الفني يقدم كورسات مجانيه للطلاب في المساء . ما اروع السودان قديما. عثمان كان صبي خياط وكان يقول,, ارفي ليك بنطلون لو شافو زول يقد بنطلونه عشان يرفيه . وكانت لعثمان دراية بالعدسات والكاميرات لانه عمل لفترة مع الخال محمد علي من بيت المال صاحب استديو امدرمان الذي انتقل اخيرا الي عمارة خيرات في المحطة الوسطي . الا انه وجد نفسه في الميكانيكا ..
بالرغم من حدة طبعي وميلي الي العنف وبعض الرعونة لم يحدث ابدا ان اختلفت مع رفيق الدرب . هؤلاء نوع من الناس اقرب الي الكمال. ولو لم ينعم الله علي بصداقة توئم الروح بله ورفيق الدرب عثمان والطيب سعد الفكي وآخرين فمن الممكن انني كنت ساكون قاتلا او مقتولا . وعند ما كان عثمان يصلح سيارة امام منزلهم ،اراد ان يقطع قطعة من المطاط . وهذا بحضور علي ناصر الذي كان موظفا في البريد وعبد الله ناصر ، نادي علي اشقائه عبد المنعم ، عبد الرحمن و عبد الفتاح لاحضار سكين . ولكنهم كانوا مشغولين بالدافوري . وببساطة قمت بسل سكيني وسلمتها له . رايت نظر ة الدهشة والاستغراب ، فلقد كنت وقتها في الخامسة عشر من عمري . وامدرمان كانت تخلع ثوب البادية وترتدي ثوب المدنية . الشرطة كانت تصادر الاسلحة البيضاء .وكنت متأثُرابحياة اعالي النيل وحمل عصي وفرار صغيرفي بعض الاحيان تجد القطعة الحديدية في جيبي . وعلي يد عثمان بدأت رحلة المدنية .عثمان لم يوجه كلمة جارحة لاي مخلوق . ضرب انسان كان لا يمكن ان يخطر بباله . امنا امدرمان جعلتنا بعض ابناءها .
عثمان هو الذي اخذني الي الاخ توتو رحمة الله عليه ترزي القمصان المميز . توتو هو شقيق الباهي الذي كان رائعا في خياطة البدل وقد خاط بعض البدل السفاري لاعضاء السفارة ألأمريكية وحتى السفير . وعند عبدالمحمود ابو صالح الترزي المميز في الموردة اتت البنطلونات الجميلة . عثمان كان يقص شعر اشقاءه وشملني قي تلك الخدمة . وكنت اكره جلسات الحلاق وتكون لي تفة لا تعرف المشط . وفي احدي الجلسات ولعدم ثباتي ترك المقص حفرة في شعري . صار اولاد العباسية فوق بقيادة عبد الرحيم علي حمد وسمير عبيد. ابن العم عبيد اول حكم سوداني عالمي ، يمازحوني ويعيروني بها بعد أن جلسوا خلفنا في دار الرياضة ،ولم اكن اهتم . لعثمان اخلاق الملائكة, وحتي انا الذي اشتهرت بحدة الطبع لم اكن اتجرأ ان ارفع صوتي علي عثمان..
عثمان كان يصلح السيارات امام منزلهم . وفي المساء كنا نمد وصلة كهربائية الي شارع الفيل . واساعد عثمان في عمله . واغلب العمل تطوعي ولا يتقاضي عليه اجرا . او في سيارته المورس القديمة . وبينما انا اسند خشبة يقوم عثمان بنشرها لقفل ارضية السيارة المتآكلة واصابني المنشار بقطع في اصبعي الوسطي . وقاموا بخياطته في المستشفي . ولكن صارت هنالك عقدة كلما اتحسسها اتذكر رفيق الدرب وانتشي لذكري تلك الايام
عثمان صارمدرسا في النقل الميكانيكي وعلى يديه تعلم الكثيرون قيادة السيارات والشاحنات . عندما تقرر أن يمارس بعض الفتيات قيادة السيارت وادارة الحركة . صار عثمان المدرس . بسبب اخلاقه طولة باله تفانيه في عمله والاهتمام بالآخرين قبل نفسه . بعد تخرج الدفعة الاولى كانت علوية آدم واميرة من اول من كلف بادارة المرور . الغرض كان ايجاد عنصر نسائي لتجنب تغول وخشونة رجال المرور في التعامل مع السيدات . سارت الامور بسلام الى أن شاهد الدكتاتور جعفر نميري الآنسة علوية آدم وهى تسير الحركة . غضب نميري فمن عادته أن يعارض بطريقة الطفل المدلل اى شيئ لم يطرح عليه قبل تنفيذه . قال بخشونة انتي جاية تمشي الحركة ولا توقفي الحركة . الرجل الذهبي كان جد متألم لايقاف المشروع .
الرجل الذهبي عثمان كانت له مقدرة على انجاذ الكثير. كان رجل بركة كما نقول في السودان. عازف الايقاع المشهور ابراهيم عبد الوهاب المشهور ب,,كتبا، بدأ مشاوره بصعوبة. والغريبة انه وقتها كان قد اكمل دراسته الثانوية وكان هذا ضمان وظيفة محترمة ومستقبل مضمون. اصر ابراهيم على ممارسة الموسيقى .
صار ابراهيم يخرج مع ابن الحي الفنان الكامل شرحبيل احمد . بسب عدم تواجد بونقوس كانوا يستأجرون البنقس من غريب الله صاحب متجر دنيا الفن في ميدان البوستة 50 قبرش لليلة . ابراهيم كان يتحرق لشراء بونقوس . بعد فترة اتى عثمان ومعه شاب يريد أن يبيع بنقسا بستة جنيهات وللبنفس حقيبة رائعة من الخشب المصقول من لونين مختلفين . اتفقنا ان يستلم الشاب 3 جنيهات بعدثلاثة ايام وأن يتحصل على باقس المبلغ بعد شهر . لم يكن عند ابراهيم مليما . كانت عند ابراهيم عجلة تعبانة . تكفلت باصلاحها تشحيمها غسلها في الطاحونة القديمة . واخذناها في يوم الجمعة وقلت كاتب الدلالة اننا لن نبيع باقل من ثلاثى جنيهات لأنا نحتاجها . توقف السعر عند 335 قرشا . فرحنا جدا . ولكن الفكي كاتب الدلالة يطلب 30 قرشا كاتعلب الدلالة . ولانه صديق الاخ عبد الرزاق اسحق ابن الحي اكتفى ب25 قرشا . وظهرت مشكلة جديدة فالايصال يساوي 5 قروش . ضحك رجل الدلالة وعفى لنا الشلن .... انها بركة الرجل الذهبي .
بعد شهر عاد الشاب ومعه ابراهيم وكان يريد أن يفسخ الصفقة وأن يعيد الثلاثة جنيهات . فسعر البنقس فقط 9 جنيهات والشنطة الانيقة تساوي مبلغا محترما . كنا كعادتنا نقوم باصلاح سيارة في شارع الفيل في المساء . موقف الشاب كان قويا فلم يكن عندنا بقية المبلغ لانه لم تظهر عدادات في ذلك الشهر . ونحن في الليل اين سنجد المبلغ . اخيرا اخذ عثمان دراجتي وعاد بعد نصف ساعة بالمبلغ كان قد ذهب الى جده في شارع الاربعين . اسقط في يد الشاب الذي كان على اقتناع انه سيعود بالبنقس . انها احدى كرامت الرجل الذهبي . ذلك البنقس طاف السودان مع ابراهيم وصار ابراهيم اشهر عازف ايقاع في السودان ... رحم الله الرجل الذهبي عثمان ناصر بلال الذي قدم الكثير الى من حوله ، وبارك الله في ذريته واحفادة .
تعلمت من عثمان الكثير ، كان جيدا في توصيلات الكهرباء والنجارة . الا انه كان رائعا في معاملة البشر . اتي بعض اهل الحي واحدهم يريد ان يشتري سيارة الآخر . وبعد ادارة الموتور طالبوا برأيه . الا انه احجم . وقال لي ما اعتبره قانونا . (ما تبيع ولا تشتري من صديق او اهل) . وبعد جهد تم اصلاح سيارة فقام اصحابها بتقديم 25 قرشا لعثمان . وكان صندوق السجاير الكبير يساوي20 قرشا . فاعتذر عثما ن من تقبل المال بالرغم من قولهم . نحن اهل. والرد علشان نحن اهل , الطرادة دي ودو بيها العربية المشحمة . وقال لي فيما بعد . ذي ديل ما تزعل او تزعلهم لانهم ناس الحلة ، لكن المرة الجاية تعتذر ليهم من الاول. الاسطي يحيي في فريق فلاتة اعطي عثمان 25قرشا لعمل اشتركا فيه والاجر كان 150 قرشا. وعندما قلت غاضبا ( كان ترميها ليه) كان رده اسطي يحيي ما بهمه . كان شالا و انبسط , ما برضه في ناس ذي اسطي حامد اكبر مني بي عشرين سنة بيعمل كل الشغل وما بيرض الا يديني نص القروش . الدنيا فيها الكدا والكدا .
احد اقربائي ومن الطلبة الكثيرين والذين سكنوا في منزلنا لم يكن يمتلك بنطلونا وزملائه في الاحفاد من ابناء الاثرياء لا يرتدون الا البناطلينالفاخرة في المساء في المساء .طلب قريبي من عثمان اخذه عثمان الي خياط واشتري بنطلونين من النوع الفاخر ب9 جنيهات. ووعد قريبي ان يدفع جنيها من مصروفه كل شهر. ولكن لاحظت ان وضع قريبي المالي لم يتغير . وعندما سألت عثمان اكد لي عثمان ان قريبي يدفع بانتظام . وبعد فترة لاحظت ان قريبي يتحاشي عثمان . فواجهت عثمان , قائلا انني اعرف ان قريبي لا يدفع . والرد كان .......مالو ياخ ما اخوي فيها شنو لو ما دفع ما الناس لي بعض . وناشدني متوسلا وهو يمسك بيدي عليك الله عليك الله ما تسألو !!
قريبي كان من اوائل المغتربيب وانا متأكد بأنه لم يفكر في عثمان يوما . .
صاحب عربة اجرة اصطدم بحائط وباب منزل جد عثمان من جهة امه في شارع الاربعين . وعفي الجد للسائق غلطته ورفض التعويض قائلا ( الحمد لله يا ابني مافي زول مات ولا في زول اتعوق . القروش صلح بيها عربيتك .
قبل سنوات دهست شابة تتعلم قيادة السيارة دراجة ابني فقوق نقورالذي قفز بعيدا . خرج بعض جيراني السويديون وهم غاضبون , لان لهم اطفال . وعندما رفضت الاقتراح من معلم القيادة بتعويض ثمن الدراجة كنت اردد كلام جد عثمان في العباسية ... مافي زول مات .
لقد ساعدت في صناعة ذلك الباب من الخشب والزنك عن طريق المسك والمناولة . وحملنا ذلك الباب وسرنا به وسط المرح والمزاح الي ان اوصلناة الي شارع الاربعين . ليس بعيدا من منزل فنانة السودان الاولي عشة موسي احمد ( الفلاتيه) . وقام الوالد ناصر بتركيبه .
تأثرا بالوالد اغتنيت عدة نجارة . كان عندي سراق الضهر ومنشار كبير وصغير ومنشار دوران لصناعة الطبلية المستديرة واغطية الزير وكان عندي الفارة والشنكار والجيون والكماشة والشاكوش والمفكات الكبيرة والصغيرة . وكنت استعير البريمة من الوالد . فبعد الخريف يفرق حلق الباب في بعض بيوت العباسية ولاعادته يجب اعادة الدساتير وتثبيت الحلق مع العتب .العتب هوالواح الخشب التي تحمل الطوب او البناء اعلى الباب وهو من السنط ولا يخترقه المسمارأو يأكله النمل الأبيض . والمطلوب عمل ثقب بواسطة البريمة , اكبر انجازاني كانت كشك المرطبات والجرايد في شارع الاربعين في تقاطع الاربعين وشارع مرفعين الفقرا . ولقد قمت بهذا العمل لوحدي حتى الصبة الاسمنتية . رحمة الله علي الوالد ناصر بلال.
في متتصف مارس 2016الماضي كان زواج الابن ناصر عثمان ناصر . لقد تألمت لانني لم اكن حاضرا.
في اثتاءالنقاش في الجبهة السودانبة . ذكر اسم الاعلامي احمد هارون , وهو الآن في يوغندة فقلت انه زوج ابنتي ؟ ثم وضحت ان زوجته هي امل عثمان ناصر .وهي بنت اخي عثمان
. قديما في امدرمان كنا كما قال الوالد الشاعر عبد الله البنا
كل من صادقنا اخونا
وكل كبير قومه ابونا
من المرات النادرة جدا التي غضبت فيها امي مني . لامتني قائلة ياشوقي كيف تخلي ود الملكة بدون غدا لحد العصر . لم يشفع لي اننا كنا منهمكين في تركيب حوض غسيل الايدي في البرندة وككل الناس كانت والدتي تحب عثمان كثيرا . وعندما نبه اخي خليل ان الاسم هو ود المكة وليس الملكة . كان الرد ديل اولاد ملكة وزيادة . الذي اعطي العائلة هذا الاسم هو عبد الله فعندما ذهب للمدرسة لاول مرة كان مترددا يقدم رجلا ويؤخر الاخري وكان الاولاد ينشدون بت المكة الجات تتكا امرودنا . واشار المدرس لعبد الله وصار يعرف بود المكة وانتقل الاسم لاشقائه
بعد غياب من السودان ترجلت من السيارة لاعانق صديقا. فطلب منا سائق حافلة ان نفسح الطريق . وعندما التفت كان السائق هو رفيق الدرب عثمان . فنزل من السيارة وتر ك الركاب وقفلنا الطريق.
كلما افكر في امدرمان افكر في رفيق الدرب ولهاذا قلت
مــا تكســـــرو
بعد التحية والسلام والبكاء والحنين وأحلي الكلام
وشيه الجمر بي طعم الدعاش والأهل فيهم الرضيع والنزل المعاش
والشوق بحر لا ليهو رأس ولا قعر. والناس هناك عزاز لا بعرفوا غش ولا بطر
ومع الدغش يدق الباب كو كا رو , أقوم أحمر لي سيد اللبن
أقول ليهو دق براحه يا متخلف يا ما عندك فهم
يضحك يقول إنت الزول الكان بعيد غائب وما عنده هم
أقول ليهو لبنك يطير . يضحك يقول ما ضقته ساكت بالفطير
في الزيفه ديك وين تلقاه وين ساخن مقنن بالمنين
في المورده أطلب صحن فولاً كبير ما فيه غير شمار وزيت ويمكن كمان جرجير
أحرد أقول ليه مكسرو ؟! ما قلت ليك ما تكسرو
الناس تقول سمعناك قلتا كسرو. وده فولاً سمح الكسير ما بخسرو
عاوزه حب ما تهبشو. وأحلف يأكلوا معاي وأقول عشان تاني ما تتدخلوا
في الناصيه تحت الشجره راجلاً كلس بطيخه ينسي الزول فلس
بعد الثالثه يقول, ماني قاطع ليك خدار إنت زولاً ما بحس
بطيخي كله أحمر . أدفع للتلاثه وأقع فيهم نخر
وسط البهائم أشوف لي جضعاً سخي . إتالف أقول ده ما تني؟!
يقولوا لا ده جضعاً سخي . حتي بعد فتح الخشم أقول تني
يقولوا إنت رأسك قوي أكان غلوا ودخلوا الفرن ما بستوي
والله رأسي ما قوي بس بدور أناكف ناس بتفهمني
أربعين سنه رطانه. بعيد من بله توم روحي وعثمان رفيق دربي
أفتح عيني وأشوف الكمساري يعاين ذي كأنه يسأل ماك نازل هني؟!
أغمد تاني وأقوله كو . يهزني ويقول هلو.
أعاين من الشباك وأشوف قضيب السكه الحديد لكن الأرض مغطيها الجليد
أتاري أنا حلمان ولسه بعيد من أمدرمـــــان.
#[2]
كركاسة
في اليوم الذي انتقل فيه عثمان ناصر الى جوار ربه كنت اريد ان ازف اليه خبر ولادة كمال ابن ابنه عثمان بدري .
صورة الرجل الذهبي عثمان ناصر وشوقي بدري
https://i.imgur.com/ItzHn08.jpeg
شوقي
shawgibadri@hotmail.com