السودان: حرب اليوم التالى
حسين التهامي
10 January, 2024
10 January, 2024
حسين التهامى
فى اللغة الصينية تكتب كلمة أزمة من حرفين يرمزان إلى الخطر المحدق والمهلك . غير ان الحرف الثانى يرمز ايضاً إلى الفرصة فى تحول الخطر الماثل إلى سانحة مواتية وحاضرة للنجاة والتغيير.الحرب هى تواصل السياسة عبر وسيلة الغلبة . والسياسة Politics تعنى إسقاط وسيلة العنف / التدافع War/Violence فى حل اسئلة التنوع Diversity بدلا من ردها إلى القانون Law الذى يبسط العدالة والسياسات Policy التى تستدعى الحرية والمساواة . قد نعلم ان المجتمع البشرى هو اعظم اختراع للإنسان بعد ان اكتشف انه لو ظل وحيدا فسيواجه خطر الفناء بدون الاستعانة بالآخرين وتوزيع العمل لخلق شرطى توفير الغذاء والأمن لمواجهة ظروف الطبيعة القاسية واستكمال حظوظه فى البقاء . يقع التدافع بسسب التنوع كما فى حالة الأفراد والمجتمع ، والنزاع Conflict بالسعى لضمان الموارد كما فى حالة الجماعات . وفى الأولى ينشأ القانون الذى ينظم كيفية إدارة التنوع وعندما تتسع دائرة الجماعة لتنشأ الدول تتدخل السياسة ايضاً لتنظم كيفية ادارة الصراع على الموارد لضمان بقاء الجماعات/ الدول . وهكذا فان السياسة هى إدارة التنوع داخل الجماعة وضمان توفر الموارد بين الجماعات حتى لا تقع المواجهة Confrontation بين الأطراف فى الحالتين . وعندما تعجز الجماعة عن إدارة التنوع او المجتمعات التى تشكل الدول فى ضمان الحصول على الموارد يقع العنف كما قدمت ليس بسبب عجز فعل السياسة بل استمرارا لها بوسيلة الغلبة والحرب . وحالتنا السودانية ليست بعيدة عن التوصيف أعلاه. فشل فى إدارة التنوع وتكالب دول | مجتمعات قريبة أو بعيدة جغرافيا للاستحواذ على مواردنا الغنية فى دولة السودان كما نعرفها منذ ١٨٢١م. ومن هنا فان أزمتنا شديدة التعقيد بسسب هذا الاشتباك بين العاملين الداخلى إدارة التنوع والخارجى إدارة النزاع على الموارد - انظر على سبيل المثال كارثة حرب المياه المقبلة ليس فى الإقليم ألذى نقع فيه فحسب بل العالم والتى ستؤثر على حياة ٧٠٠ مليون إنسان فى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج الفارسى وشمال أفريقيا فى الفضاء الحيوى حولنا - وتأثيرهما البالغ لدرجة الحراجة بالتهديد الوجودي فى بقاء مجتمعاتنا وبلادنا كما نعرفها . وبالنتيجة فان النظر بان مفتاح الحل عن طريق الغلبة لن يؤدى بنا إلا إلى مزيد من تناسل العنف بل يتوجب النظر فى كيفية وقف استمرار السياسة كفعل عنف وقهر إلى فعل سلام داخلى وتفاهم خارجى لندلف جميعا إلى سؤال كيف نكون ؟ بدلا عن سؤال نكون أو لا نكون. الشجاعة ليست فى الحرب فقط بل فى السلام ايضاً . وكما يقول المثل السودانى المعروف : من فش غبينته خرب مدينته. وكان يضرب فى سبيل حل المشاكل بين الزوجين حتى لا يقع الطلاق وهو خراب فالوطن أولى بالإعمار والبناء لا الهدم. وظل السودان قبل تكون حدوده الجغرافية والسياسية قبل وبعد ١٨٢١م فى حالة متواصلة ومستمرة من العنف والنزاع فى شماله وجنوبه وغربه وشرقه مع فترات سكون وكمون ريثما يلتقط الجميع انفاسهم لمواصلة العنف . وينبغى علينا جميعا ان نكف عن التظاهر بان هذه الحرب كانت مفاجئة لنا أو على حين غرة بل هى حرب الجميع ضد الجميع. جميعنا مذنبون لا استثناء لأحد . لا مركز ولا هامش فالسودان كله هامش وإنما المركز فى الخارج فى شكل استعمار حتى ١٩٥٦م وبعد ذلك التاريخ فى الوكلاء الإقليميين والمؤسسات الدولية لنهب الموارد الزراعية والمعدنية والقوة البشرية . نحن الآن فى مواجهة ذواتنا العارية وهى فرصتنا فى التفكير وإعمال النظر فى تاريخنا وليس التوقف عنده لأننا لا نملك ازاء تغييره شيئا ولكننا بالتأكيد نمتلك القدرة على تغيير الحاضر والمستقبل وصنع دولة المواطنة والسيادة ومجتمع الحرية والعدالة. والمساواة
.
حسين التهامى
husselto@yahoo.com
فى اللغة الصينية تكتب كلمة أزمة من حرفين يرمزان إلى الخطر المحدق والمهلك . غير ان الحرف الثانى يرمز ايضاً إلى الفرصة فى تحول الخطر الماثل إلى سانحة مواتية وحاضرة للنجاة والتغيير.الحرب هى تواصل السياسة عبر وسيلة الغلبة . والسياسة Politics تعنى إسقاط وسيلة العنف / التدافع War/Violence فى حل اسئلة التنوع Diversity بدلا من ردها إلى القانون Law الذى يبسط العدالة والسياسات Policy التى تستدعى الحرية والمساواة . قد نعلم ان المجتمع البشرى هو اعظم اختراع للإنسان بعد ان اكتشف انه لو ظل وحيدا فسيواجه خطر الفناء بدون الاستعانة بالآخرين وتوزيع العمل لخلق شرطى توفير الغذاء والأمن لمواجهة ظروف الطبيعة القاسية واستكمال حظوظه فى البقاء . يقع التدافع بسسب التنوع كما فى حالة الأفراد والمجتمع ، والنزاع Conflict بالسعى لضمان الموارد كما فى حالة الجماعات . وفى الأولى ينشأ القانون الذى ينظم كيفية إدارة التنوع وعندما تتسع دائرة الجماعة لتنشأ الدول تتدخل السياسة ايضاً لتنظم كيفية ادارة الصراع على الموارد لضمان بقاء الجماعات/ الدول . وهكذا فان السياسة هى إدارة التنوع داخل الجماعة وضمان توفر الموارد بين الجماعات حتى لا تقع المواجهة Confrontation بين الأطراف فى الحالتين . وعندما تعجز الجماعة عن إدارة التنوع او المجتمعات التى تشكل الدول فى ضمان الحصول على الموارد يقع العنف كما قدمت ليس بسبب عجز فعل السياسة بل استمرارا لها بوسيلة الغلبة والحرب . وحالتنا السودانية ليست بعيدة عن التوصيف أعلاه. فشل فى إدارة التنوع وتكالب دول | مجتمعات قريبة أو بعيدة جغرافيا للاستحواذ على مواردنا الغنية فى دولة السودان كما نعرفها منذ ١٨٢١م. ومن هنا فان أزمتنا شديدة التعقيد بسسب هذا الاشتباك بين العاملين الداخلى إدارة التنوع والخارجى إدارة النزاع على الموارد - انظر على سبيل المثال كارثة حرب المياه المقبلة ليس فى الإقليم ألذى نقع فيه فحسب بل العالم والتى ستؤثر على حياة ٧٠٠ مليون إنسان فى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج الفارسى وشمال أفريقيا فى الفضاء الحيوى حولنا - وتأثيرهما البالغ لدرجة الحراجة بالتهديد الوجودي فى بقاء مجتمعاتنا وبلادنا كما نعرفها . وبالنتيجة فان النظر بان مفتاح الحل عن طريق الغلبة لن يؤدى بنا إلا إلى مزيد من تناسل العنف بل يتوجب النظر فى كيفية وقف استمرار السياسة كفعل عنف وقهر إلى فعل سلام داخلى وتفاهم خارجى لندلف جميعا إلى سؤال كيف نكون ؟ بدلا عن سؤال نكون أو لا نكون. الشجاعة ليست فى الحرب فقط بل فى السلام ايضاً . وكما يقول المثل السودانى المعروف : من فش غبينته خرب مدينته. وكان يضرب فى سبيل حل المشاكل بين الزوجين حتى لا يقع الطلاق وهو خراب فالوطن أولى بالإعمار والبناء لا الهدم. وظل السودان قبل تكون حدوده الجغرافية والسياسية قبل وبعد ١٨٢١م فى حالة متواصلة ومستمرة من العنف والنزاع فى شماله وجنوبه وغربه وشرقه مع فترات سكون وكمون ريثما يلتقط الجميع انفاسهم لمواصلة العنف . وينبغى علينا جميعا ان نكف عن التظاهر بان هذه الحرب كانت مفاجئة لنا أو على حين غرة بل هى حرب الجميع ضد الجميع. جميعنا مذنبون لا استثناء لأحد . لا مركز ولا هامش فالسودان كله هامش وإنما المركز فى الخارج فى شكل استعمار حتى ١٩٥٦م وبعد ذلك التاريخ فى الوكلاء الإقليميين والمؤسسات الدولية لنهب الموارد الزراعية والمعدنية والقوة البشرية . نحن الآن فى مواجهة ذواتنا العارية وهى فرصتنا فى التفكير وإعمال النظر فى تاريخنا وليس التوقف عنده لأننا لا نملك ازاء تغييره شيئا ولكننا بالتأكيد نمتلك القدرة على تغيير الحاضر والمستقبل وصنع دولة المواطنة والسيادة ومجتمع الحرية والعدالة. والمساواة
.
حسين التهامى
husselto@yahoo.com