The Man Who Shot Libraty Valnce
( حين تتحول الأسطورة الى واقع …أنشر الأسطورة ) !
بالرغم من قِدم الفيلم الذى تم إخراجه و عرضه في العام 1962 الا انه رسخ في الذاكرة، ثم ازداد رسوخا بعد أن شاهدته مؤخرا ، لأنه يطرح قضايا أخلاقية و قانونية خلافية، و يؤسس لقيم بطريقة لا زالت موضع جدل و نقاش.
يقوم بالتمثيل في الفيلم كبار ممثلي هوليود في ذلك الوقت و اعلاهم أجراً و قدرة على التمثيل ، مما أعطى الفيلم زخماً و مذاقاً خاصاً.
جون وين يقوم بدور ” توم دينفون “
جيمس استوارت – ” رانسم استودارت “
لى مارفن – ” لبيرتى فالنس “
و الممثلة فيرا مايلز في دور” مالى استودارد ” زوجة رانسم استودارت لاحقا
و الممثل الأفروأمريكي وود استوردى في دور ” بومبي ” صديق توم دينفون
تبدأ احداث الفيلم عن طريق ( الفلاش باك ) عندما يقوم السناتور الأمريكي المشهور ” رانسم استودارت ” بزيارة خاطفة الى مدينة صغيرة في الغرب الأمريكي تدعى ( شنبون )، الزمن بعد نهاية الحرب الأهلية في أمريكا بين الجنوب و الشمال، و محاولات السلطة الأمريكية الجديدة تحديث مدن الغرب من خلال ربطه بالسكة حديد، توطين القانون و فرضه ثم بناء قيم جديدة للمجتمع الناهض.
عندما ينتشر خبر الزيارة في المدينة الصغيرة التي تنتظر الأحداث المثيرة لتيقظها من سباتها الدائم، تقوم أحد الصحف المحلية واسعة الانتشار في استثمار الفرصة لإجراء لقاء مع السناتور المهم، و معرفة الأسباب التي دعته للحضور لتشييع جثمان شخص مغمور يدعى ” توم دينفون ” ، و الذى لا يعرفه عدد كبير من سكان المدينة بمن فيهم رئيس التحرير . عندما يتردد السناتور في افشاء سر الزيارة يقول له رئيس التحرير بشكل صارم و قاطع ( من واجبى كما من واجبك أن تدلى و تكشف عن سبب الزيار وتنوير الرأي العام، باعتبارك تعمل في المجال العام لخدمة المواطن ) !
في تواضع و احترام يقبل السناتور حٌجة رئيس التحرير و يبدأ الحكي ، و سوف أورد القصة باختصار غير مخل حتى لا أفسد متعة من يريد مشاهدة الفيلم.
( عند تخرجي من الجامعة محاميا صغيرا، قررت أن أذهب الى الغرب الأمريكي والى هذه المدينة تحديدا طمعا في الخبرة و توطيد العدالة و القانون، منذ البداية اصطدمت ب ” لبيرتى فالنس ” الخارج على القانون ،و هو يقوم بالاعتداء و سرقة الركاب بالعربة التي نستغلها و التي تجرها الخيول، و عندما عرف ان محامى و هدفي فرض القانون ، ضربني بقسوة ثم تركني في ذلك المكان النائي التي مرت به العربة عُرضة للموت ).
يمر صدفة بالمكان الذى ترك به المحامي شخص يدعي ” توم دينفون ” مع صديقه ” بمبى ” ، و يقومون بإنقاذ المحامي الصغير و حمله الى المكان الذى تقيم فيه صديقة توم، التي تعمل على علاجه حتى تم شفاءه. يعمل المحامي في مطعم و بار ملحق بالمكان الذى تقيم فيه صديقة توم دينفون ، تنمو علاقة بين المحامى و توم دينفون مع صديقته ” مالي “، و يعمل المحامي على إقامة علاقات طيبة بسكان المدينة و إقامة مدرسة لتعليمهم القراءة و الكتابة.
يواصل المجرم ( لبيرتى فالنس ) اعتداءاته المتكررة على المحامي ،عندها يخبره صديقه توم دونفون، ان هذا المكان يحكمه قانون العنف و القوة، و اذا أراد أن يحمى نفسه عليه ان يحمل سلاحا و يدافع عن نفسه. المحامى رانسم كان في الأساس يرفض فكرة أخذ و تطبيق القانون بيده ، و لكن عند تكرار اعتداء ليبرتى فالنس قرر أن يحمل السلاح و يتعلم ضرب النار.
يتم اختيار المحامي القادم للمدينة مع رئيس تحرير الصحيفة المحلية ليقوما بتمثيل المدينة في الحكومة المحلية و ذلك بعد رفضهم لاختيار المجرم ليبرتى فالنس كممثل للمدينة . تنشب معركة بين المحامي و ليبرتى فالنس يقوم على اثرها المحامي بإطلاق النار و قتل المجرم ” ليبرتى ” فالنس ليصبح بعد الحادثة بطلا قوميا.
عندما عرض علي رانسم تمثيل المدينة في الكونجرس رفض رفضا قاطعا، عندها يخبره توم دينفون بالحقيقة ، و هى انه هو من أطلق النار من مكان خفى لقتل ليبرتى فالنس، و حتى لا يضيع ما فعله هباء، يجب عليه أن يقبل ترشيح المدينة له للكونجرس .
يضطر رانسم لقبول الترشيح، و يحظى بقبول الجميع باعتباره بطلا قوميا بعد اغتياله المجرم ليبرتى فالنس. يتدرج رانسم في الترقي داخل المؤسسات المركزية و يعمل سفيرا و حاكما و سناتور شهيراً في الكونجرس الأميركي.
يقول السناتور في نهاية حديثه ( انه جاء لتشييع جثمان الرجل الحقيقي الذى قتل ليبرتى فالنس و هدفه أن يعرف الجميع ذلك )، عندها يقوم رئيس تحرير الصحيفة المحلية ،بإلغاء اعترافات السناتور رانسم التي ادلى بها للصحيفة في النار المشتعلة في المدفئة لتحترق و يقول :
( When the legend becomes fact, print the legend )
( حين تتحول الأسطورة الى واقع انشر الأسطورة ) !
الفيلم من اخراج ” جون فورد “.
الفيلم كما ذكرت يتعرض لعدة قضايا خلافية بما في ذلك كيفية طريقة كتابة تاريخ الأمم و الأحداث، كما يتعرض من جانب آخر لبعض القضايا التي يعانى منها المجتمع الأمريكي ، أحاول أن أتعرض لها بضربات خفيفة
- يجسد الفيلم الدور الكبير الذى تلعبه الصحافة في المجتمع الأمريكي و تشكيلها للرأي العام.
- يحاول القاء الضوء على التفرقة العنصرية في المجتمع الأمريكي ، و ذلك من خلال العلاقة المعقدة بين توم دونفون و ” بمبى ” الأسود، رغم الصداقة التي تجمع بينهما و عمل بمبى في مزرعة دونفون أجيرا ، لكن هنالك بعض الفوارق القائمة بينهما، مثال لذلك منع ” دونيفون ” لبومبي التعليم مع أهالي القرية ،كذلك حرمان ” بمبى ” من حق الانتخاب و التصويت بواسطة سكان المدينة الصغيرة.
- يحاول الفيلم تجسيد سلوك المواطن الأمريكي المتمثل في حسم خلافته عن طريق العنف ، و الذى أصبح سمة تتصف به الشخصية الأمريكية حتى اليوم.
- تجسيد مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) من خلال موقف رئيس التحرير من اعترافات السناتور رانسم و القيام بحرقها، مشيرا الى أن الحقيقة التي يعرفها المواطنون بأن رانسم هو من قتل ليبرتى فالنس، يجب أن تظل تلك الحقيقة كما هي !!
- توم دينفون ارتكب جريمة بقتله ليبرتى فالنس، و حتى و لو كان الضحية مجرما، فليس هو الجهة المخولة بعقابه، كما أن كتمان السناتور لتلك الحقيقة دون البوح بها طوال هذه الفترة هو عمل غير أخلاقي.
- السؤال الأساسي الذى يطرحه الفيلم و يظل محل خلاف و جدل حتى يومنا هذا هو…….، هل يمكن بناء مجتمعاً متماسكاً من خلال إخفاء الحقائق في سبيل مصلحة أخرى أكبر ؟!!!!….في تقديري ان القيم التي قاموا بإرسائها الرواد الأوائل في المجتمع الأمريكي من امثال – رئيس التحرير – جعلت المجتمع الأمريكي يعتقد انهم الشعب الأفضل في العالم ، كما أصبح عدد كبير منهم يؤمن و يعتقد ان القوة و ليست العدالة هي التي تشكل العالم، و اصدق مثال صارخ امام أعيننا الآن و هو الرئيس الحالي للولايات المتحدة ( ترامب ) و سياساته !!
…..في اعتقادي أن المجتمعات التي تُبنى على الكذب تظل سهلة الانهيار كما أن كتابة التاريخ الحقيقي للشعوب يساعد في المستقبل على تفادى الأخطاء و تكرارها، بناء المجتمعات على قواعد صلبة و تفادى المنعرجات الصعبة ……. من الأفضل للشعوب كتابة التاريخ الحقيقي لها و ليس المزور……. التاريخ المزور لن يعيش طويلا.
عدنان زاهر
يونيو 2025
elsadati2008@gmail.com