بيان من الجبهة السودانية للتغيير حول تطورات الوضع السياسي الراهن

 


 

 



يا جماهير شعبنا العظيم.
ظللنا نتابع وبقلق بالغ، ما يحدث على الساحة السياسية السودانية، من اعتداءات على الحريات العامة، والخاصة، وتكميم الأفواه، واغلاق ومصادرة الصحف،  وحجب المواقع الإلكترونية، وتعذيب وارهاب معارضي الكلمة والرأي، والفساد الذي شمل كل مرافق الدولة، وتصعيد الحل الأمني والعسكري في المناطق الثائرة التي حمل أهلنا فيها السلاح. مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها الشعوب السودانية قاطبة.
فضلا عن المخططات الشيطانية، والتآمرية، لشق الصفوف الثائرة من قبل أجهزة النظام، الساقط الشرعية، بحق الشعوب السودانية، التي قدمت تضحيات جسيمة في سبيل إسقاط هذا النظام الشمولي الدكتاتوري، لاستعادة وهج ثورتي أكتوبر وأبريل، ولتصحيح مسار أجهزة الدولة السودانية، التي انهارت بفعل السياسات التدميرية التي انتهجها النظام الإسلاموي الطفيلي، وما زال ينتهجها في عنجهية وإصرار في إقصاء الآخر، للحفاظ على الثروة والسلطة، واحتكارها لمصلحته، حتى أصبحت الدولة السودانية فاشلة بكل المقاييس. الأمر الذي أدى إلى ظهور نتائج ثلاث:ـ
١ـ إزدياد عزلة النظام داخليا، وخاصة وسط جماهيره، والمؤيدين له، والمستفيدين منه. فضلا عن العزلة الإقليمية، والدولية، والتي تمثلت في عدم دعمه اقتصاديا، وسياسيا.
٢ـ أزمة النظام الداخلية أدت إلى تفاقم صراع الأجنحة، كما ظهر ذلك جليا في مؤتمر الحركة الإسلامية الذي عُقد مؤخرا، وما أعقبه من المحاولة الإنقلابية التي قادها أبناء الحركة الإسلامية أنفسهم في إطار صراع التمكين.
٣ـ إن هدف ما يسمى بالحركة الإسلامية من إدارة هذه الصراعات ـ بما فيها الجناح الذي يدعي الإصلاح ـ هو الإستمرار في الحكم بنسخة إسلامية معدلة هدفها الأساسي هو المحافظة على مكتسبات الحركة الإسلامية عامة، وذلك بالالتفاف على تصاعد الحركة الجماهيرية وامتصاص السخط الشعبي المتصاعد بوتائر متسارعة.  
يا جماهير شعبنا الأبية.
تعلمون أن ثورة الحرية، والعدالة، والكرامة التي قادها الشباب، في كل مدن السودان ضد دكتاتورية الجبهة الإسلامية القومية، هي إمتداد للثورات التي انطلقت في دارفور، وجبال النوبة، وجنوب النيل الأزرق، وشرق السودان، ليدفع أبناء تلك المناطق أثمانا باهظة حتى ينعم السودان كله بالديمقراطية، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية المتوازنة.  
وبالرغم من التضحيات التي قدمتها تلك الشعوب، وما زالت تقدمها من خلال مئات الآلاف من شهداء الحرية والكرامة، وعشرات الآلاف من الجرحى، والمعاقين الذين بذلوا نفوسهم، ودمائهم الزكية مهرا للحرية، إلا أن هذه الثورة لن تكتمل، ولن تصل إلى مراميها، إلا إذا انتفضت وثارت كل الشعوب السودانية في باقي مناطق السودان الأخرى، وصعدت من نضالها السلمي، وعصيانها المدني، لاقتلاع النظام وتوابعه من جذورهم، لإقامة الدولة الديمقراطية الحديثة بمرجعية تفصل الدين عن الدولة، لتكون المواطنة فيها الأساس، ولتسود دولة القانون التي لا تميز طائفة عن أخرى، ولا يعلو فيها فرد أو جماعة على الدستور والقانون.
يا جماهير شعبنا الصابرة.
إن لتصاعد أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، والأزمة المعيشية الطاحنة ومضاعفاتها الاجتماعية والصحية، كأمراض سوء التغذية، وفقر الدم، والوبائيات كالحمى الصفراء وغيرها. إضافة إلى عناصر نقص الأساسيات الضرورية في الغذاء، والدواء، والكساء، والتعليم العام، بل أن الاحباط واليأس، وتنامي مشاعر السخط، والتذمر، والبطالة، الفقر والعوز ليست سوى تجليات أزمة النظام في أقصى مراحلها. وبالرغم من عجز النظام، وحالة شلله التام في حل تلك الأزمات، إلا أن رد الفعل الشعبي، والحركة الجماهيرية بكل تنظيماتها، واتجاهاتها ما زالت محدودة وضعيفة.
وفي المقابل نجد أن المعارضة التقليدية ما زالت تتأرجح، وتتذبذب في مواقفها تجاه النظام وعدم مقدرتها، بل وفشلها التام في استيعاب هذا السخط الشعبي، وتنظيمه، وتوجيهه للثورة على هذا النظام لإسقاطه. ويحق لنا أن نتساءل هل قوى الإجتماع الوطني، حقا قد أفلحت في توسيع وتعميق جو المعارضة ضد هذا النظام؟، الاجابة يثبتها الواقع في عجز قوى الإجماع الوطني، وتأثيرها السلبي على مسار الحركة الجماهيرية. كما أن الجماهير والشعوب لا تنتفض بالإشارة أو بالإمارة أو بالرغبات الذاتية.
يا جماهير شعبنا المصادمة.
إن إسقاط النظام ليس شعارا فاقدا للمحتوى والمضمون، بل هو فعل إيجابي تحركه إرادة صادقة نحو التغيير لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة. كما أن الدعوة إلى إسقاط السلطة فقط مع المحافظة على مؤسساتها ومكتساباتها السياسية، والاقتصادية، والأمنية، وكذلك الدعوة لترحيل كل المشاكل والقضايا التي أدت إلى عدم الاستقرار السياسي سيعيدنا إلى متوالية الفشل التي أعقبت ثورتي أكتوبر/أبريل. والمخرج في نظرنا، نحن في الجبهة السودانية للتغيير، هو إسقاط هذا النظام، والبيئة الحاضنة التي أفرزته، واستئصال جذوره. ولن يتم ذلك إلا بتعبئة الجماهير وتنظيمها، وإشراكها، وتمليكها برنامج المرحلة القادمة، وتسليحها بالوعي للمحافظة على مكتسباتها، حتى يمكنها أن تقطع حبل الإلتفاف على ثورتها، ومنع تجييرها لصالح القوى الرجعية، وسارقي ثورات الشعوب.
يا جماهير شعبنا الثائرة.
ندعوكم في الجبهة السودانية للتغيير أن تتحالف، جماهير التغيير، من المنظمات الشبابية، وقوى الهامش المدنية، والمسلحة، والإتحادات الطلابية، والنقابات العمالية، والمهنية، والإتحادات النسوية، ومنظمات المجتمع المدني، والشرفاء في القوات النظامية المختلفة في الخدمة وخارجها، والمفصولين تعسفيا، وكل القوى الحية من الشعوب السودانية التي تضررت من هذا النظام، بأن ينظموا أنفسهم لإسقاطه وإسقاط مؤسساته، لأن ذلك هو السبيل الوحيد نحو الغد المشرق، والمحافظة على ما تبقى من دولة السودان جغرافية وبشر.

عاش نضال الشعب السوداني.



د. أحمد عباس أبو شام.
رئيس الجبهة السودانية للتغيير.
يوافق يوم ٢٥ نوفمبر ٢٠١٢م، لندن

 

آراء