حديث البرهان يشعل الساحة السياسية

 


 

 

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن الكلمة التي القاءه الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش أمام القوى الوطنية السياسة و المجتمعية في بورتسودان.. حملت العديد من الحمولات السياسية، ذات الوزن الثقيل.. و بعث فيها رسائل متعدد للعالم و من ثم للقوى السياسية على مختلف توجهاتها، و البرهان لم يتحدث في كلمته بأنه المقاتل الذي يمتشق سيفه أو أصبعه على الزناد و يتوعد عدوه، و أنما تحدث بحنكة رجل دولة سياسي يعرف كيف يرسل إشاراته بهدوء.. و هناك فرق كبير أن يتحدث البرهان على منبر عسكري، و هو لابس البزة العسكرية و يقف بين جنوده يتوعد فيها العدو و من ناصره و وقف معه، و بين أن يتحث في منبر سياسي يتطلب الحديث الهدوء، و الخطاب الذي يقال من المنبر السياسي يطرح فيه العديد من التساؤلات، و أيضا يمارس التكتيك لكي يجعل الكل يحرك العقل للحوار أو النقد في الخطاب.. و الخطاب أيضا فيه رسائل للعالم الخارجي و باللغة التي يفهموها، فهي رسائل لكسبه و ليس معاداته..
قال في بداية حديثه أننا نريد أن نؤسس دولة تختلف عن ما كانت في السابق، أي عدم الرجوع لفترة ما قبل الحرب بكل تاريخها و إرثها السياسي.. و تصبح ما هي الرؤية المطلوبة لتأسيس دولة مغايرة، و هي فكرة مطروح الحوار حولها.. و قال البرهان أن الفترة التأسيسية سوف تتكون من كفاءات مستقلة، و أختيار لرئيس وزراء يقع عليه عبء أختيار الفريق الذي يجب أن يعمل معه ، و دون التدخل من مجلس السيادة الذي يترأسه العسكريين.. و هنا رسالة لكل القوى السياسية أن تذهب لكي تحضر نفسها للانتخابات العامة.. و الحديث بمجمله مطروح للحوار بهدف تطويره، و تقديم تصورات حوله،، لذلك أشار البرهان لضرورة أن تكون هناك مراكز للدراسات يمكن الاستفادة منها..
في قضايا الحرية قال البرهان؛ لكل شخص حرية التعبير السياسي في اتخاذ موقف من النظام السياسي القائم و نقده، و يعد هذا سلوكا ديمقراطيا.. يعد هذا الحديث مدخلا جيدا للممارسة الديمقراطية.. يجب أن لا يمنع أي شخص سوداني من تجديد جوازه و هذه حقوق معروف ديمقراطيا لا يتخذها إلا مجلس تشريعي أو القضاء.. و قال البرهان أي شخص يرفع يده من مساندة الذين اعتدوا على الوطن يجب أن يرحب به.. رغم أن البرهان وجه للوم للإسلاميين بتمييز أنفسهم في ساحة القتال، لكنه قال أن هؤلاء يقاتلون تحت راية القوات المسلحة و يجب أن لا يكونوا مجالا لمزايادات سياسية، و قال أن قحت و المؤتمر الوطني لن يرجعوا إلي الحكم في فترة التأسيس و عليهم أن يستعدوا إلي فترة الانتخابات.. و كلمة الأخيرة تبيان لعدم الإقصاء فالكل يجب أن يكونوا مشاركين في النشاط السياسي القادم..
أن قيادات إسلامية قد فهمت الرسائل التي بعثها البرهان، و تعاملت معها بحس سياسي تحكمه الخبرة.. حيث قال أحمد هارون رئيس المؤتمر الوطني ( أن الوطن مقدم على المصلحة الحزبية و هو أغلي من أن نقايضه بمغنم أو نطلب عنه ثمنا عهدنا لكم أن لا نعود إلي الحكم إلا عبر تفويضكم الانتخابي الحر) و كتب هشام الشواني ألمين السياسي لحركة المستقبل للإصلاح و التنمية معقبا على كلمة البرهان في تغريدة له في صفحته بالفيسبوك يقول فيها ( من المنطقي أن يكون الخطاب الرسمي للدولة اليوم معقولا نحو ظاهرة " عداء الدولة" من السياسيين غريزيا تبحث عن الدولة عن بقائها و نحييد ما تستطيع من خصومها و بشكل منصف الخطاب كان واضحا و لم يهادنهم و مثل هذا التكتيك يزعجهم و يفتت من قضيتهم و يضعهم في موضوع أكثر حرجا من الهجوم العشوائي" هنا الخبرة السياسية تلعب دور كبير في فهم المقصد و معرفة أتجاهات الرسائل... تختلف ردة فعلهم عن بقية الإسلاميين الذين توقفوا عند مقولة لن يعودوا للحكم، و أهملوا مقولة المشاركة في الانتخابات، و أيضا لم يعرفوا إلي أين تتجه الرسالة...!
في الجانب الأخر؛ نجد أن فهم ياسر عرمان لخطاب البرهان، يختلف عن فهم بكري الجاك.. بني ياسر ردة فعله على ما يعتقده إجابيا و يمكن أن يكون مدخلا لحوار، و هذا الفهم في حد ذاته يعد فعلا إيجابيا، و بكري الجاك مال فقط إلي الإدانة ون تمحيص للحديث و معرفة رسائله.. قال ياسر ( فالخطاب وحده غير كافي لوقف الحرب و لكنه يفتح كوه من ضوء الحوار و طرح الأسئلة الفعلية و المعقدة إذا تركنا جوانبه المتعلقة باستتابة الآخرين و على رأسهم القوى الرافضة للحرب و لندع جانبا حديث الوثيقة الدستورية و ما أدراك ما الوثيقة الدستورية تعديلا أو الغاء فهي قد شبعت موتا منذ انقلاب 25 أكتوبر) و يقول بكري الجاك في تغريدة له تحوم في الفيسبك ( أن البرهان هو من يتحاج إلي العفو عن الجرائم التي ارتكبها من فض الاعتصام و غيرها إلي حرب 15 إبريل و من الذين شردهم و قتلهم بسبب الحرب) أن بكري الجاك يغلق نوافذ الحوار و يسير على طريق التحدي.. و ربما يكون الذي أزعج بكري الجاك و عدد من قيادات تقدم.. قول البرهان القاطع بعدم عودة قيادات " تقدم" للحكم و انتظارهم للانتخابات..
قال البرهان نريد أن نصل إلي لحلول في قضيتي السلطة و الثروة، باعتبار هي مسببات للخلافات في السلطة، و إذا استطاعت النخب أن تقدم تصورات لحل هذه القضايا تكون قد مهدت الطريق للاستقرار الاجتماعي و السياسي.. هذه القضايا تفتح أبواب للحوار الوطني و أية حوار سوف يقلل بروز العنف في المجتمع.. و أكد في حديثه البرهان ليس هناك مفاوضات لوقف النار أي وقف لإطلاق النار يجب مصادرة السلاح من الميليشيا.. و هذا القول يؤكد أن الجيش عازم على الانتهاء من التمرد تماما،..أما مطالبته للأخرين أن ينسلخوا من التمرد و دعمه هي قضية أن تجعل الصراع داخل جسم خصمك.. و هي قضايا يجب الناس تدرسها بعناية و ليس من باب الانفعالات و اتخاذ المواقف السالبة و تفسير الحديث دون مقاصده.. نسأل الله حسن البصيرة...

zainsalih@hotmail.com

 

آراء