أري نهجا جديدا..ورؤية سياسية طموحة…وصدقا في المخاطبة..وبعدا فارقا عن الشوفانية وتمجيد الذات..ويكفي كامل إدريس الطيب..الرجل الطيب هذا الوصف الانطباعي عن ايام رئيس مجلس الوزراء الجديد،القليلة، في سدة الحكم..وتلك مؤشرات حميدة لتجربة رجل تحكمه النوايا الطيبة في خدمة بلده وأهله العزاز.
كامل الطيب…الرجل الطيب..ليس له دور في الانقلابات العسكرية..ولا شراكة في مذبحة القيادة..ولا نصيب في بيع ذهب بني عامر أو بني شنقول..ولم نسمع بأنه سرق أو خطف أو أحتل منزلا أو اعتقل مواطنا أو شرد أسرة أو خان أمانة أو( تأبط شرا)….بل جاء متفائلا ومتحفزا وراغبا في خدمة وطنه…فهو كمثل تجمع الاكاديميين والباحثين والخبراء السودانيين، الذين اتشرف بالانتماء اليهم، لا يهمه من يحكم السودان، بل كيف يحكم السودان…ومن هذه النقطة الجوهرية يجب التعامل معه…ومنحة الفرصة والثقة…فربما جاء بما عجز فيه الأولون..
الفترة الانتقالية الأولي كانت مؤلمة..ومثقلة بالصراعات الخفية والظاهرة..ورغم التقدم الذي أحرز من أهداف ثورة ديسمبر المجيدة..إلا أن ذلك لم يكن كافيا اومقنعا في نظر البعض ..ولم نتحمل بعضنا البعض ..فضاع وجه الثورة بين ضبابية المواقف والتشكيك في النوايا..وهذا ما يجب العمل علي تجنبه خلال الفترة الانتقالية( الثانية)….
أو إن شئت ، في جزئها الثاني..
اتوقع ، وبعد اكتمال مجلس الوزراء ، وقبل ممارسة المهام..أن يطرح رئيس مجلس الوزراء سياساته الجديدة في مرئياتها ومؤشراتها الدلالية، وليس بالضرورة تفاصيلها الاجرائية كما تفعل كل الحكومات الوطنية أمام شعبها حتي يكون شريكا في عملية التنفيذ…فقد سمعنا وقرأنا أن للرجل رؤية وخارطة طريق مستقبلية للسودان وتجاوز تحدياته الجوهرية واللوجستية…حسب الأولويات.
كامل إدريس..الرجل الطيب لا يملك عصا سحريا …ولا هو بدجال أو تاجر كلام.. ولكن وبحكم موقعه السابق في المنظمات الدولية..فهو يدري كيف يكون (نفعيا) عند الحاجة..و(برجماتيا) عند الطلب..ودبلوماسيا محترفا في اللعب مع( الكبار)..دون أن يفقد( إستئناسه) بمداعبة( الصغار) من الدول وحكامها…فلم تنفعنا( العنترية) السابقة في تحقيق أي شيئ حتي كرامتنا التي تعذرنا بها..فالعالم منافع ودوافع وغموض وأسرار..
وما فعله وطرحه كامل الطيب في وزارة الخارجية من أفكار ، يجب تعميمه علي كل الوزارات…كان أبرزها الدبلوماسية الهادئة في حل المشكلات..فقد اطل علينا مبشرا بنجاح هذه المنهجية مع القرار الأمريكي الذي حرم السودانيين من حق التنقل ودخول الأراضي الأمريكية..فاستطاع السودان من الانفكاك من هذه العزلة المبكرة في مسيرة الوزارة الجديدة..ثم فكرة وجود المجلس الاستشاري الذي سيرسم السياسات الخارجية بواسطة هؤلاء الخبراء القدامي من الدبلوماسيين أصحاب الخبرة والتجارب الثرة..فالشيئ نفسه يمكن تطبيقه في بقية وزارات الدولة…بحيث تكون لكل وزارة هيئة استشارية كبيت خبرة تساعد الوزير في رسم وتنفيذ السياسات من واقع الخبرة والمعرفة العلمية..
أعود وأقول..اعطوا الرجل الطيب فرصته..حتي لا نفقد ثقة علمائنا وخبرائنا وبأن بلادهم تجور عليهم ..وإن كانت عزيزة لديهم..كما قالها الشاعر العربي القديم صاحب البيت المشهور؛
بلادي وان جارت علي عزيزة
وأهلي وان ضنوا علي كرام
وهو الشريف / قتادةأبوعزيز بن إدريس والي مكة في زمن الدولة العباسية.
د.فراج الشبخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com