كيف أصبحت وسائل التواصل الإجتماعي خطراً كبيراً على الفرد والمجتمعات؟

بقلم: محمد يوسف محمد
mohamedyousif1@yahoo.com

بسم الله الرحمن الرحيم
وسائل التواصل الإجتماعي وسعت مفهوم المجتمع الذي كان يعني دائرة السكن والأهل الى مفهوم أوسع يشمل كل العالم فانت عبر هذه الوسائل تكون عضواً في مجتمع واسع ليس قريتك او مدينتك فقط ولكن منصة تجعل كل سكان العالم هم مجتمعك الجديد ويمكن أن يصبحوا لك أصدقاء ويطلعون على أفكارك وينتقدونها أو يؤيدونها ويساهمون في نشرها ويتواصلون معك، كل هذا أخرج الإنسان من الدائرة المغلقة إلى العالمية المفتوحة بدون حدود ولا شك أن لهذه الطفرة الكبيرة فوائد كبيرة وأيضاَ لها سلبيات كبيرة، فمن أهم الفوائد أنها تسهل تبادل المعلومات والمعرفة وتفتح المجال للمبدعين الذين يعيشون في مجتمعات يهيمن عليها الجهل ولا تقبل مجتمعاتهم الإبداع وذلك لنشر إبداعهم فهناك مجتمعات تعتبر الإبداع جنون أو خروج على ما وجدوا عليه آبائهم ويمارسون القمع والإرهاب لكل من يخرج من دائرة فهم عقولهم الضيقة كما فعل حراس الجهل في كل الأمم مع أنبيائهم ومبدعيهم. ومن مخاطر هذا الإنفتاح أنه كما يتيح المجال للمعرفة والإبداع فإنه في نفس الوقت يتيح الفرصة للإستخدام الضار لهذا لابد أن يتمتع المستخدم بنضج يؤهله للإستخدام وعلى قدر من الوعي يتحصن به من الوقوع ضحية الكذب والتضليل والمفاهيم الخاطئة أو يتعرض للإحتيال والإبتزاز.

والخطر الاكبر يكمن في أن هذه الشركات التي تقدم خدمات التواصل الإجتماعي بشكل شبه مجاني فانها مقابل هذا تخترق خصوصية المستخدمين وتتجسس عليهم وتجمع عنهم بياناتهم الشخصية مثل أسمائهم وتواريخ ميلادهم ومكان ميلادهم و اقامتهم الحالية ومستويات تعليمهم ومراحل دراستهم وارقام هواتف أسرهم واصدقاءهم وتتجسس على أهتماماتهم و أفكارهم السياسية والإجتماعية وسلوكهم وممارساتهم اليومية وأماكن تواجدهم وتتجسس على نشاطهم اليومي وتجمع بيانات عن المستخدمين أكثر مما يعرف أفراد أسرتهم المقيمين معهم في نفس المنزل، ومعرفة تحركات المستخدم تتم عبر نظام (GPS) الموجود في كل الهواتف والذي يسجل كل نقطة تذهب إليها أو تتواجد بها أو تمر بها في طريقك وكل ذلك يسجل في قواعد بيانات ضخمة تمتلكها شركات التواصل الإجتماعي ويمكن لشركات التواصل الإجتماعي كتابه تقرير مفصل عن أي شخص في العالم يحوي بياناتة وسلوكه وافكاره ونشاطه اليومي وحتى نشاط اصدقائه واهله.

بعد كل المخاطر سابقة الذكر هل حققت هذه الوسائل التواصل المرجو منها؟
المؤسف أن وسائل التواصل الإجتماعي فتحت باب وأغلقت باب آخر في نفس الوقت وخلقت جفوة وعزلة إجتماعية مع العالم الحقيقي الذي يتواجد فيه المستخدم فمعظم أفراد الأسرة ينشغلون بهواتفهم طوال الوقت عن الحديث مع بعضهم وينشغلون بالعالم الإفتراض الموجود داخل هواتفهم عن العالم الحقيقي الذي يعيشون فيه واصبح إستخدام هذه الوسائل نوع من الإدمان.

ومن مخاطر وسائل التواصل هذه مساهمتها في نشر الافكار الضارة والكذب والتضليل في كل المجالات بالرغم من أن الشركات المالكة لها تدعي محاربة الأفكار الضارة والإحتيال عبر مراقبة مباشرة لكل ما بكتبه المستخدمين في صفحاتهم وتتخذ إجراءات فورية وتفرض قيود على الحساب أو تحذف الحساب بشكل نهائي وتمنع المستخدم من إنشاء حساب آخر (إذا صنفت نشاط المستخدم بالمخالف لمعايير مجتمعها) والمؤسف أن هذه القيود لا تطبق بشكل سليم فعلي سبيل المثال تعتبر كلمات محددة مؤشر للمحتوي المخالف ويتم حذفه بينما لا يتم مراعاة صيغة الجملة كاملة أو الصياغ العام الذي إستخدمت فيه هذه الكلمات وهل كان الإستخدام صحيح أم إستخدام خطأ وكذلك تستند الى معايير خاطئة في تقييم محتوى الصفحات مثل عدد المتابعين أو المعجبين بالصفحة فتروج لهذه الصفحات وتضعها في المقدمة بسبب عدد المتابعين وهذا معيار غير صحيح فحتي أصحاب الأنشطة الضارة لهم متابعين ومعجبين أمثالهم يشاركونهم نفس الأفكار الضارة.. وبالمقابل فإن معايير الحظر تستند علي عدد المبلغين عن الصفحة وهذا ايضا معيار غير سليم ويمكن لأي جيهة أن تحشد مناصريها للإبلاغ عن من يخالفها في الرأي.
وهذه المعايير الغير منطقية والتي يسهل التلاعب بها أوجدت انشطة سوداء في هذا العالم الإفتراضي مثل الجيوش الإلكترونية أو الذباب الإلكتروني ومن هذه التجمعات متخصصون يتبعون لجهات رسمية أو جهات تجارية يقومون بتوصيل آلاف الهواتف يحوي كل منها عدد من الحسابات الوهمية باسماء غير حقيقية يقومون بتوصيل هذه الأجهزة بجهاز كمبيوتر واحد يتحكم فيه شخص واحد يقوم بإدارة هذه الحسابات الوهمية وتسجيل الإعجاب والمتابعة بصفحات ربما تقوم بانشطة ضارة ويروج لها ويرتفع تقييمها لدى شركات التواصل الإجتماعي وتضعها في المقدمة وتروج لمحتواها فقط بسبب هذا الاعجاب الغير حقيقي والمتابعة الغير حقيقية وبالمقابل تقوم إدارة التواصل الإجتماعي بحظر صفحات أخري وحذفها بسبب الإبلاغ عنها بواسطة هذه الحسابات الوهمية التي يمتلكها ويديرها شخص واحد.

وبسبب هذه المعايير المختلة تظل وسائل التواصل الإجتماعي تشكل مخاطر كبيرة علي عقول الناس وعلى المجتمعات وعند طريق الجيوش الإلكترونية يمكن التحكم في الرأي العام والتلاعب في توجهات المجتمعات الفكرية وسلوكياتها والنشاط السياسي والتلاعب في أنظمة الحكم وصناعة الثورات الداخلية ويتعرض المستخدمين لمخاطر الخداع والإحتيال والإبتزاز وتقف الضوابط التي تضعها الشركات المالكة لهذه الوسائل عاجزة عن حماية المستخدمين. وبسبب ضعف معايير التقييم تعجز عن حجب من يروج للمحتوى والافكار الضارة وفي نفس الوقت تحظر الصفحات التي تقدم مواد مفيدة.

هذا عدا الإختراق لخصوصية جميع المستخدمين عبر قيام شركات التواصل الإجتماعي بجمع البيانات الشخصية عن المستخدمين والتجسس عليهم كما سبق ذكره وأيضا تتيح لأصحاب الأغراض الخبيثة استخدام هذه البيانات المجموعة عن المستخدم كوسيلة تهديد وإبتزاز ترغم الأشخاص المستهدفين على فعل أشياء مخالفة للأخلاق والقانون أو إرتكاب جرائم خطيرة أو المشاركة فيها تحت التهديد بإفشاء البيانات المجموعة عنهم.
ختاماً نسال الله ان يحفظنا وإياكم من مخاطر هذه الوسائل ويجعل إستخدامنا لها بالطرق الصحيحة التي تحقق الفائدة لنا ولغيرنا دون ضرر.

Email: mohamedyousif1@yahoo.com

عن محمد يوسف محمد

محمد يوسف محمد

شاهد أيضاً

خفايا فاتورة الحرب وفاتورة السلام

خفايا فاتورة الحرب وفاتورة السلام وإنعدام الرؤية المستقبلية والتخطيط هو الذي أوصلنا لهذا الحالبقلم: محمد …