aminoo.1961@gmail.com
بقلم: أمين الجاك عامر – المحامي
في سبعينيات القرن الماضي، كان مشهد دلالة السمك في مدينة ود مدني لوحةً اقتصاديةً متكاملة؛الصيادون يصطفون بقفافهم، والدلال ينادي على البضاعة، والمشترون يزايدون حتى تُباع الأسماك بأعلى سعر، ثم يأخذ الدلال نصيبه عيناً حسب الكمية المباعة – سمكة أو سمكتين – فيخرج الجميع راضين بنصيبهم من الرزق.
تلك الآلية البسيطة والعادلة في البيع والتسعير تصلح اليوم أن تكون نموذجاً لإصلاح سوق الذهب في السودان.
فبينما تتزايد الأخبار عن احتكار الذهب وتهريبه، ومع القرارات الأخيرة بتعيين ابنة مدينة ود مدني آمنة ميرغني سنجر في موقع المسؤولية، والحديث المتداول في وسائل الإعلام حول رغبة بعض الجهات الحكومية في الهيمنة على قطاع الذهب وإبعاد الشركات الخاصة نهائياً، تبرز الحاجة إلى حلول عملية تُوازن بين مصلحة الدولة والمنتجين.
الفكرة المقترحة هي إنشاء بورصة أو “دلالة ذهب” تعمل كسوق مفتوح لبيع الذهب عبر المزاد، تُشرف عليها الدولة وتُدار بشفافية وفق الأسعار العالمية.يشارك فيها المعدِّنون،والتجار، والمصدِّرون المعتمدون، بينما تحصل الحكومة على نصيبها من الرسوم والضرائب مباشرة دون الدخول في عمليات التعدين المكلفة. ويمكن دفع الرسوم عيناً (ذهباً) أو نقداً.
مثل هذا السوق سيُقلل من التهريب، ويُحقق سعراً عادلاً للمعدّنين، ويضمن للدولة مواردها دون احتكار أو فوضى. ويمكن إقامة هذه البورصة أولاً في مناطق الإنتاج، ثم تعميم التجربة في العاصمة والمدن الأخرى القريبة من مناطق التعدين.
إن تحويل تجربة “دلالة السمك” البسيطة إلى “دلالة ذهب” منظمة قد يكون خطوة سودانية أصيلة نحو إدارة عادلة وشفافة لأهم ثروات البلاد، وبهذا نُوصِد باب التهريب والمغامرة إلى الأبد
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم