ياسر عرمان: في المغيرب . . . المغيرب …. بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم

 


 

 

 

قرأت الانتقادات الحادة التي وجهها السيد باقان أموم للدكتور لام أكول بجريدة أجراس الحرية (16-5-2010). وكان عنوانها "باقان يطالب لام أكول بالتوبة". وأهم ما في التصريح أن أموم وصف حزب لام المعروف بأنه "إحدى أدوات المؤتمر الوطني لاحتلال جنوب السودان". وأضاف أنه لا يحق له الحديث عن جنوب السودان لأن شعبه قد رفضه وعليه أن يعد نفسه من جديد إذا لم يفهم قرار الشعب الجنوبي الرافض لسياسته ومنهجه بالعمالة للمؤتمر الوطني". وصفوة قول أموم هو أن يترك لام  زعزعة الاستقرار "وأن يعود للجنوبيين حتى يستفيدوا من قدراته. وعليه التوبة والعودة إلى أهله".

لو ترجمنا هذا الخطاب إلى لغة الإنتباهة البغيضة لدى (أجراس الحرية) ومن لف لفها لكانت كالتالى:

سيكون العنوان "الطيب مصطفى (أو كرتي أو حاج ماجد والعدد في الليمون) يطالب ياسر عرمان بالتوبة". ولوصف الكاتب قطاع الشمال بأنه إحدى ادوات الحركة الشعبية لاحتلال شمال السودان وتغيير هويته. ولأضاف أنه لا يحق لياسر أن يتحدث عن الشمال الحبيب لأنه لم يعط، بانسحابه هرباً إلى الأمام، الفرصة لشعب الشمال، الذي هزم الأحزاب وحده، ليرفضه ويلفظه لفظ النواة. فلو لم ينسحب ياسر للقنه الشمال درساً في مغبة العمالة للحركة الشعبية. وسيدعوه ليعيد النظر كرتين وأن يترك زعزعة استقرار الشمال "وأن يعود للشماليين حتى يستفيدوا من قدراته. وعليه التوبة والعودة إلى أهله في طابت الشمس غابت والدامر الشعديناب". وسيستشهد، كما لابد، بأغنية حمد الريح: "نحن راجعين في المغيرب في المغيرب".

واضح أننا انفصلنا قبل الاستفتاء وقوله الفصل. فلقد سمح الوحدويون منا بأن يحتكر الحديث عن الاستفتاء الإنفصاليون منا. فحديث باقان إنفصالي حتى النخاع لأن الجنوبي عنده جنوبي والشمالي شمالي ولن يلتقيا. وما بينهما إلا الشمالي الضال كياسر او الجنوبي الضال كلام الذي عليه أن "يوؤب" إلى فصيلته التي تأويه.

ولو قرأت "أجراس الحرية" عبارة باقان معربة في "الإنتباهة" لأوسعتها لكماً بيسار اليمين. ولوصفتها بالعنصرية البغيضة التي ينضح بها أناء منبر السلام العادل. ولقالت إن عهد "الصندقة" من شمال وجنوب قد ولى واصبحنا أمة واحدة خياراتها عديدة وتنوعها شديد لا تحده قبيلة ولا جهوية. ولجأوا بشيء من كلام  المرحوم قرنق في هذا المقام. كسير استشهادات. وربما وجهوا مدافعهم الثقيلة إلى مصطلح "التوبة" واستهجنوا دخوله مضمار السياسة من باب الدين. 

أما وقد قال باقان بهذا الحديث المرزول من "الإنتباهة" . . . فلا. بدلاً عن ذلك قدموه عجباً على الصفحة الأولى في أعلى اليسار. وهذه كراهية تأصلت في قطاع الشمال من لام من عيار "التركي ولا المتورك". ولم يفعل الرجل سوى أنه انشق عن حركة انتمى لها كما انشقوا هم عن حركات سبق لهم الانتماء لصفها. ومعظم القطاع تركة شيوعية أو متشيعون. ولا أعرف من طالبهم بالتوبة النصوح والعودة إلى حظيرة الأهل. فالتضييق على لام لإنشقاقه كفر  بالحرية. وقال جيفرسون، من بناة دولة أمريكا، إن الإنشقاق هو أعلى درجات الوطنية. وسمعت للأمريكان المعارضين لحرب العراق حجة ألحن. فمتى طلب منهم المؤيدون الشم للحرب "التوبة" من "كيدهم" للوطن بالتعريض بالحرب وعزل المقاتلين قالوا: إن جندنا في الميدان يعلمون أنهم يدافعون عن بلد يكفل حق الانشقاق والقول المختلف. إنهم يموتون من أجل هذا الحق أيضاً". 

في إعفاء باقان من المؤاخذة على قوله البائخ بحق لام وصاية به معروفة عند شماليّ الحركة موروثة عن الاستعمار. وفصلتها في مقال لي أخير ب"الخرطوم الجديدة". فأنظره.

 

 

 

 (IbrahimA@missouri.edu)

 

آراء