آلية الأفندي عبد الله حمدوك للفشل الوطني!!
عبدالغني بريش فيوف
19 August, 2021
19 August, 2021
اشرت في مقال سابق لي عن موضوع المبادرة التي أطلقها الدكتور عبد الله حمدوك في وقت سابق من هذا العام، بعد أكثر من عامين كرئيس للوزراء في السودان، اشرت الى ان الوضع الصعب الذي يعيشه السودان في كافة المجالات، لا يحتاج لمبادرات أيا كان نوعها، بل يحتاج لاستراتيجية شاملة واضحة المعالم، ولقائد شجاع قوي يثق في نفسه ويتخذ قرارات صعبة ويتحمل تبعاتها.
السيد حمدوك تولى رئاسة الوزراء قبل ما يزيد على عامين، وما زال يقدم مبادرة تلو الأخرى، مع تفاقم المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية من دون أن تلوح في أفقه بارقة أمل. ففي الوقت الذي تتوالى فيه المصائب على السودان من كل الجهات، نرى الافندي الدولي عبد الله حمدوك يطلق بكل استهتار وبرودة دم مبادرة سياسية ضم آليتها شخصيات سودانية على طرفي نقيض من كل شيء ما يعيق فرص نجاحها.
الشيء المضحك في الموضوع، هو ان السيد حمدوك قدم قبل شهر تقريبا مبادرة سياسية لمعالجة المشكلة الاثيوبية في إقليم (تيغري)، ومبادرة أخرى لحل الصراع في جنوب السودان، وربما هناك مبادرات أخرى منه في الطريق لحل مشكلات دول أخرى، بينما يغوص السودان في مستنقع الأزمات العميقة التي تحتاج إلى معجزة سماوية لينجو منها، نراه يهب لمساعدة الآخرين في حل أزماتهم، وكأن مبادراتهم "الوطنية" الكثيرة التي طرحوها قد نجحت في إعادة السلام والأمان والطمأنينة إلى ربوع بلادهم، وقضت على الأزمات والصراعات الداخلية وأصبح السودان بفضل سياساتهم الحكيمة ومبادراتهم القيمة جنة ديمقراطية في المنطقة، حتى يجرؤوا على طرح مبادرات أخرى لحل منازعات الدول وإحلال السلام فيها.
يوم الاحد 15/8/2021م، أعلن حمدوك تشكيل آلية وطنية برئاسة اللواء معاش فضل الله برمة ناصر وعضوية آخرين للمساعدة في خلق توافق عريض لحماية الانتقال وتنفيذ مبادرة رئيس الوزراء. وقال حمدوك في مؤتمر صحفي مساء اليوم بمجلس الوزراء، إن تشكيل الآلية تم بعد تشاور عريض لعكس التنوع والتعبير عن ثراء الساحة السياسية، والهدف هو تمثيل أكبر عدد من المجتمع السوداني وقطاعاته المختلفة، وهي جسم يسعى لتحقيق أكبر قدر من التوافق داخل المجتمع السوداني وتوقع ان تدفع المبادرة خلال شهرين بمقترحات عملية ممكنة التنفيذ في محاور المبادرة السبعة.
وقال حمدوك “أخضعنا المبادرة للحوار بشكل مفصل مع السودانيين داخل وخارج البلاد، وهذا منحنا فرصة لتطوير المبادرة، فهي مبادرة ملك للشعب السوداني ومن حقه أن يتعامل معها بالإضافة او الحذف، وتحاورنا مع المجتمع الدولي، وكل الردود كانت إيجابية".
واضاف د. حمدوك انه طرح المبادرة خارطة طريق إلى الأمام بسبب عدم النجاح في خلق المشروع الوطني المتوافق عليه، فهذه فرصة تاريخية، وحال استطاعتهم توظيفها بشكل جيد سيتمكن السودان من الخروج من الأزمة التاريخية التي تواجه، مبينا ان وجود بعض قيادات الادارة الاهلية بالمبادرة لخصوصية الادارة الاهلية وهي موجودة في كل العهود.
عزيزي القارئ..
تكونت آلية حمدوك من 71 شخصية سودانية، لخلق ما سماه الرجل بالمشروع الوطني المتوافق عليه، ولكن ما ان تم نشر أسماء الآلية حتى اعتذر بعضهم لكل له سببه منهم:
1/الناظر ترك يعتذر عن المشاركة ضمن الآلية الوطنية لتنفيذ مبادرة حمدوك:
في البداية اتقدم بالشكر والعرفان لرئيس الوزراء السيد عبد الله حمدوك وكابينة قيادته الأفاضل للثقة في شخصي، واؤكد حاجة بلادنا الملحة فعلاً الى مبادرة وطنية شاملة يصيغها الجميع والى تضافر جميع القوى الفعلية لإيجاد آلية وطنية تضم قيادات حقيقية للبلاد، وقد وددنا ان تنطلق هذه المبادرة الى افاق الحل دون ان ترجع الى مربع الخلاف بإدراج بعض الشخصيات وثيقة الصلة بأصل الخلاف.
2/مني اركو مناوي حاكم دارفور:
قال مناوي في تغريدة على «تويتر» عقب إعلان أسماء العضوية: "ورد اسمي ضمن آليات تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء التي دعمناها وعلقنا عليها أملنا في أن تكون مبادرة وطنية تنفتح على تمثيل حقيقي لمكونات الشعب السوداني، إلا أنها جاءت على هوى مستشاره السياسي".
ناظر البني عامر يعتذر عن المشاركة في آلية تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء
أعتذر ناظر عموم قبائل البني عامر، على إبراهيم دقلل، من المشاركة في آلية تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك، وأوضح أنه لا يمكنه أن يُشارك في آلية لمبادرة لم يكن طرفا في نقاشات مضمونها ومحتواها.
وقال دُقلل في بيان صحفي اليوم (لا يمكننا المشاركة في آلية لمبادرة صادرة من رئيس الوزراء وفي ذات الوقت لم ينظر في قضايانا التي وضعناها أمامه مكتوبة).
وأوضح دقلل أنهم استمعوا للمبادرة ومضمونها عبر المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء عند إعلانه المبادرة وقال (ثم قرأنا مضمونها من الصحف فكان رأينا أنها لم تكن مبادرة شاملة ولم تحتو على محاور واضحة لجمع الصف الوطني ولم تتطرق لمرتكزات معالجة القضايا الملحة ذات الأولوية المتمثلة في الانفلات الأمني والتشظي المجتمعي وخطاب الكراهية الذي مزق المجتمع لاسيما بشرق السودان) وأضاف (هي قضايا محورية لا يمكن القفز عليها للنظر في قضايا أدنى أولويه فلا يستقيم الظل والعود أعوج).
اعتذار وانسحاب الشخصيات الثلاث من آلية حمدوك، ستعقبه حتما انسحابات واعتذارات أخرى، وذلك لاستحالة نجاح هذه المبادرة، لأنها مبادرة سياسية بلا مصداقية، وأنها تنطلق من إحساس حمدوك الـمتزايد بالخطر الـمحدق عليه. كما انها جاءت بعد سلسلة من الإخفاقات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، وولخ.
من خلال متابعة ردود الأفعال على هذه المبادرة، لوحظ عجز هذه المبادرة عن صنع أوهام جديدة لدى الأكثرية الساحقة من السودانيين. الجميع تقريبا قابل الـمبادرة بنوع من الفتور والتندر بعد أن أصبحت لا تعني شيئا له، ولِـمّا لا فخبرة الـمبادرات السابقة تقول: إن تلك الـمبادرات لـم تنبع من حاجة الشعوب للحل، بل اخترعت للتمويه وتبرير الفشل والاخفاق والهروب إلى الأمام، ولهذا السبب سرعان ما انتهت وظيفتها ووضعت على الرف وانتهت من حيث بدأت. هكذا كان حال كل المبادرات المقدمة.. فلـماذا يصدق الناس مبادرة حمدوك إذن؟
مبادرات حمدوك لا تتوفر فيها عوامل النجاح والجدية والمصداقية، ولذلك ستكون فاشلة قبل ان تباشر الآلية المذكور أعمالها، إذ ان فشل الحكومة وفشل مؤسسات الدولة والتمزق الموجود، واخفاق الحكومة في الملف الأمني والخدمي، والفساد المتفشي وانعدام المتابعة منذ نجاح الثورة، كلها من أسباب فشل هذه المبادرة.
مهما أظهر السيد عبد الله حمدوك نواياه الحسنة فيما يطرحه من أوهام سياسية، فإنها لا تخرج عن احتمالين اثنين: إما أنه أخفق في ترتيب البيت السوداني وعجز تماما عن مواجهة أزماته الداخلية والخارجية الخانقة، لذلك يحاول تقديم هذه المبادرة، أو أن مصلحته السياسية تكمن في إثارة الأزمات وإشغال الرأي العام بمثل هذه المبادرات العقيمة.
وفي الختام، نسأل السيد حمدوك هذا السؤال.. بالله يا حمدوك، هل تصدق ان تنجح مبادرة رئيس آليتها فضل الله برمة ناصر الذي ساهم وحزبه بصورة كبيرة في خلق الأزمات التي يعاني منها البلاد منذ الاستقلال المزيف؟
bresh2@msn.com