آن أوان العين بالعين والسن بالسن … بقلم: الطيب مصطفى

 


 

الطيب مصطفى
6 December, 2009

 

زفرات حرى 

 

 eltayebmstf@yahoo.com

 

في الوقت الذي يعلن فيه رئيس الحركة الشعبية سلفا كير وعلى رؤوس الأشهاد من خلال قناة الجزيرة بأن الحركة لن تسمح لحزب التغيير الديمقراطي الذي يرأسه د. لام أكول بممارسة نشاطه في جنوب السودان وتمارس الحركة وجيشُها الشعبي أبشع عمليات التنكيل بخصومها السياسيين قتلاً واعتقالاً وإرهاباً تعلن الحركة على لسان أمينها العام باقان أموم أنها ستسيِّر مظاهرة يوم الإثنين القادم (غداً) في الخرطوم ومدن الشمال احتجاجاً على عدم إجازة ما سمّاه بقوانين التحول الديمقراطي!!

بالله عليكم هل رأيتم في آبائكم الأولين مثل هذه البلطجة والفهلوة والاستعباط والتضليل في حياتكم؟!

إنه مؤتمر جوبا الذي تسوق الحركةُ من خلاله بعضَ أحزاب الشمال (الإسلامية) إلى حتفها بظلفها وتوظِّفها لتحقيق أجندتها الشريرة ولا أتحدث البتة عن الحزب الشيوعي حليف الحركة ولا عن الأحزاب اليسارية أو العنصرية.

وهكذا تفلح الحركة الشعبية في استنساخ التجمع الوطني الديمقراطي البائد من جديد من خلال مسخ مشوَّه برز من بين ثنايا مؤتمر جوبا سمّاه باقان وعرمان بقوى التحالف ويدعو طائر الشؤم ونذير الإثنين الأسود باقان أموم (جماهير الشعب السوداني وجماهير الحركة الشعبية) للخروج في نفس اليوم (الإثنين) ليعيد ذكرى ذلك اليوم البغيض في ذاكرة أبناء السودان الشمالي عامة وأهل الخرطوم خاصة... يوم الإثنين الأسود ويكرر ذلك الحريق الكبير الذي لم تشهد العاصمة مثيلاً له في تاريخها الحديث.

وهكذا يحرص باقان على أن يدعو جماهير الحركة الشعبية وكذلك جماهير الشعب السوداني لعلمه أن جماهير حركته شيء آخر لا علاقة له بجماهير شعب السودان الشمالي الذي ذاق منه ومن حركته المشؤومة صنوفاً من العذاب!!

يخطئ باقان حين يظنُّ أن جماهير شعب السودان الشمالي يمكن أن تنتظم في تظاهرة واحدة مع أعدائها من جماهير الحركة الشعبية لأن ذاكرتها لا تزال (مشحونة) بذلك اليوم البغيض الذي أُريقت فيه الدماء من أجسادهم وأجساد أبنائهم..

يخطئ باقان إن ظن أنّ شعب السودان الشمالي يمكن أن ينسى أن الحركة التي تحتفل بذكرى تمرد توريت وتعتبر المجرمين الذين قتلوا أبناء الشمال في عام 5591م أبطالاً يُحتفى بهم ويكرَّمون في جنوب السودان من قِبل الحركة وقياداتها بمن فيهم رئيس الحركة سلفا كير.

هذا الأحمق يظن أن أبناء الشمال باتوا من الغباء والغفلة بحيث يلبون نداء عدوهم لإعلان الحرب على أنفسهم وأهليهم ويختلطون بجماهير الحركة الذين رأوا سلوكهم في ذلك اليوم البغيض عقب مصرع قرنق ليحققوا أجندة الحركة التي لا تسعى إلى تحول ديمقراطي ولا إجازة قوانين وإنما إلى إغراق السودان الشمالي في الفوضى بغرض نقل تمرد توريت إلى الخرطوم ونقل الحرب الأهلية والاقتتال القبلي الذي يشهده جنوب السودان إلى الشمال وتحقيق أحلام أعداء السودان الشمالي في الداخل والخارج وتحويل السودان الشمالي إلى دولة منهارة على غرار ما حدث في الصومال عقب انهيار الدولة بعد سقوط حكومة سياد بري.

بربكم عن أي تحول ديمقراطي يتحدث الحاقدان باقان وعرمان وهما اللذان يعلمان أن حركتهما تمنع جماهير الأحزاب الأخرى من مجرد التسجيل للانتخابات وتقتلهم بدم بارد وهل من دليل أكبر من منع لام أكول وحزبه من ممارسة أي نشاط سياسي وحرمان المؤتمر الوطني من أي تحرك بل وقتل قياداته ومنسوبيه؟!

إن شعب السودان الشمالي لن ينسى أن باقان أموم الذي يدعوه إلى الخروج في مسيرة الحركة الشعبية يوم الإثنين القادم هو الذي ذهب إلى أمريكا وخاطب لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي طالباً منها عدم رفع العقوبات عن شعب السودان الشمالي بل إن رئيس الحركة سلفا كير هو الذي أرسل رسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما يدعوه فيها إلى الاستمرار في التضييق على الشمال بعد أن مارس هوايته في الشكوى من الحكومة التي يتقلد فيها منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية وتشارك فيها حركته بأكبر حصة بعد شريكها الأول بينما تستأثر بالسلطة الكاملة في جنوب السودان.. فكيف بربكم يجرؤ باقان على مخاطبة أبناء الشمال الذين ظل يكيد لهم في الداخل والخارج ويطلب منهم الخروج وإعلان الحرب على أنفسهم من خلال مشاركة جماهير الحركة الشعبية التي ذاقوا من تربصها وكيدها ما تشيب لهوله الولدان؟!

إن جماهير شعب السودان الشمالي التي خرجت تدافع عن نفسها في يوم الثلاثاء المجيد بعد الحرب التي أُعلنت عليها بدون ذنب جنته في يوم الإثنين الأسود لن تبلغ من الغفلة درجة مؤازرة من يشنّون الحرب عليها ويستهدفون هُويتها وعقيدتها ووجودها.

اقرأوا بربكم هذا الخبر... فقد اجتمعت بدار الحزب الشيوعي السوداني يوم الخميس الماضي ما سمّاها الشيوعي القديم فاروق أبو عيسى الهيئة العامة للتحالف التي مثلت فيها الحركة الشعبية بياسر عرمان الشيوعي يعني (العرجا لي مُرحا) فقد اجتمع الشيوعي عرمان في دار الحزب الشيوعي ممثلاً للحركة الشعبية!! وحضر الاجتماع مندوبون عن حركة أركو مناوي الذي قبض استحقاقات اتفاقية أبوجا وجلس في القصر بدون أن يوقف الحرب ولا يزال يتمرد ضد الحكومة التي حصد ثمار مشاركته فيها بالمجان؟!.

مني أركو مناوي قال في الخبر المنشور يوم الجمعة الماضي من جوبا بعد أن اجتمع مع سلفا كير إنه يتجه للتحالف مع الحركة الشعبية في الانتخابات بل إن الرجل عبَّر من جوبا عن مخاوفه من انعدام الشفافية بدءًا من التعداد السكاني!!

شر البلية ما يضحك والله!!.. فلو خرج الرجل من مقر إقامته قليلاً لرأى سلوك الحركة وجيشها الشعبي ولشاهد نماذج من (الشفافية) والسلوك الديمقراطي تجاه الأحزاب الأخرى بما فيها المؤتمر الوطني ولرأى أمثلة حية على التحول الديمقراطي!!

إن على الحكومة بعد أن مدَّت حبال الصبر كثيراً أن تطبِّق توجيهات الرئيس البشير الذي سبق أن قال إنهم سيعمدون إلى سياسة المعاملة بالمثل والتي سماها (العين بالعين والسن بالسن) فلو أراد حزب التغيير الديمقراطي أو المؤتمر الوطني الخروج في مسيرة في جوبا لما سُمح لهما خاصة وأن هذا الأمر قد أُعلن على رؤوس الأشهاد من قِبل سلفا كير.

إن على الدولة واجب الحفاظ على أمن البلاد وأن تُعمل مبدأ المعاملة بالمثل وكفاية تهاوناً وصبراً غير جميل يمكن أن يُغرق البلاد في الفوضى ويعيد سيرة الإثنين الأسود من جديد.

إن الحركة الشعبية باتت معزولة ومبغوضة من شعب السودان الشمالي وأقولها وأكاد أجزم عليها إن كل من يتحالف معها من الأحزاب الشمالية سيخسر كثيراً في الشمال وستُعتبر مشاركته في أي نشاط سياسي خاصة المسيرات والتظاهرات التي يُخشى أن تتحول إلى مواجهات عنصرية وعمليات تطهير عرقي.. أقول ستُعتبر مشاركة أيٍّ من الأحزاب الشمالية انتحاراً سياسياً وإعلان حرب على الشمال وأهله.

أقول محذِّراً من اللعب بالنار وأدعو الحكومة ألا تتهاون بأمن الوطن والمواطنين فأمثال باقان وعرمان وأبوعيسى وغيرهم من الحاقدين ينبغي أن يتم التعامل معهم بحزم ولو كان ما تفعله الحركة وجيشُها بمعارضيها في الجنوب ممن قُتلوا وعُذِّبوا وسُجنوا يمارَس مع هؤلاء للاذوا بالصمت ولما تجرأوا وأعلنوا الحرب على الدولة وعلى شعب السودان الشمالي.

 

 

آراء