أبجديات أهداف التنمية المستدامة وموقع السودان منها .. الهدف الخامس: المساواة بين الجنسين (5 من 17)
د. حسن حميدة
11 December, 2023
11 December, 2023
يعمل الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات. وهذا يمكن بحصول الجنسين على حقوق متساوية في التعليم والصحة والوقاية وفرص العمل اللائق والتدرج الوظيفي إلى قمة الهرم في العمل. ويبني تحقيق هذا الهدف على ثمانية أهداف جانبية، وهي أولا: القضاء على العنف الموجه ضد المرأة بكل أنواعه. والذي يشمل الاستغلال بشكليه البدني والجنسي، متمثلا في الإبتزاز الشخصي والاتجار بالبشر. ثانيا: القضاء على التميز ضد المرأة وفي كل مكان، خصوصا في مؤسسات التعليم والعمل. ثالثا: تقاسم الواجبات الأسرية والأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر بين الزوجين الشريكين. رابعا: القضاء على العادات الضارة، المتمثلة في ختان الفتيات وتشويه الأعضاء التناسلية لهن، وزواج الأطفال، والزواج المبكر، والزواج القسري، خصوصا زواج الأقارب ذا الآثار الجينية الضارة بصحة الأجيال القادمة. خامسا: التمتع بإمكانات الصحة الجنسية والإنجابية لتنظيم النسل وتحديده من أجل صحة المرأة ووقاية الفتيات. سادسا: ضمان حق المرأة في العمل، وفرصتها في ارتقاء المناصب القيادية لصنع القرار وتنفيذه والوقوف خلفه وتبني عواقبه، ومواكبة المرأة للتكنولوجيا الحديثة، خصوصا تكنولوجيا الاتصالات ونظم المعلومات. سابعا: تمكين المرأة من حقوقها في الثروات والموارد الاقتصادية، وقبولها في ملكية الأراضي وغيره من ممتلكات، وضمان حقها في الميراث وفقا لتطوير قوانين الحقوق للأفراد السائدة في كل بلد. ثامنا: سن قوانين وتشريعات تنفذ من قبل كل البلدان، ومن أجل المساواة في حقوق وواجبات النساء والفتيات مقارنة بالرجال، خصوصا حقوق الإمتلاك.
بناءا على الإحصائيات التي تعني بهذا الهدف من منظور الأمم المتحدة للعام 2022، فأن هناك ما يقدر بحوالي 18 بلدا يحق فيه للرجل وبموجب القانون أن يمنع زوجته من العمل. وتشكل نسبة المرأة في إمتلاك الأراضي الزراعية عالميا حوالي 14 %، بيد أن 43 % من النساء يعملن في الحقول الزراعية كعاملات فقط. وهناك حوالي 60 % من النساء يعملن في الاقتصاد غير الرسمي أو الهامشي، الشيء الذي يجعلهن عرضة للفقر والعوذ. وفيما يختص بتمثيل المرأة في المناصب السياسية، فهو لا يتعدى 24 % في المتوسط، ويفوق فقط في 46 دولة نسبة 30 % من المقاعد البرلمانية المتاحة للنساء. وفي 39 بلد لا تتمتع المرأة بحقوق متساوية مع الرجل في الميراث والإمتلاك. وهناك حوالي 750 مليون إمرأة وفتاة، زوجن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة من العمر، وكل خامس فتاة يقع عليها الزواج القسري للأطفال وزواج القصر. وتقدر حالات وقوع التشويه للأعضاء التنالسية للإناث (ختان الإناث) بحوالي 200 مليون حالة تقع في 30 بلد. وتفتقد 49 دولة من دول العالم للقوانين التي تحمي المرأة من العنف المنزلي اليومي.
فيما يخص المرأة السودانية، للمرأة السودانية دور لا يستهان به في المجتمع، فهي كانت الرائدة الأولى في قيادة الجيوش في تاريخ السودان القديم، وكانت الرائدة في النهضة في أرض الحضارات داخليا، وعلى الصعيدين الأفريقي والعربي خارجيا. فاللمرأة السودانية يد خضراء في تحكمها في حياة الأسرة وواجبات المجتمع ومنذ وقت بعيد. نجد تأثير المرأة السودانية مجسم في عدة مجالات في مجتمع السودان وتطويره وسب نهضته. لمعت المرأة السودانية أيضا حديثا في نهضتها ونهضة بلادها "السودان الكبير"، وكانت الرائدة في الطب والصحة العامة والعلوم والقانون والإعلام والرياضة والسياسة والاقتصاد والإعلام الفنون وغيره من مجالات مجتمعية هامة. لقد أسهمت المرأة السودانية محليا في عدة مجالات، كالتعليم ومحو الأمية، والصحة والوقاية، ومحاربة الفقر والجوع، والتنمية الريفية والنهضة المدنية، وإرساء وترسيخ دعائم السلم والسلام في المجتمع السوداني.
وللتوثيق التاريخي، إذا راجعنا لتعريف كلمة كنداكة أو "قنداقة" كما ورد في تعريف موسوعة فيكيبيديا، نجد أنه يعتبر لقب للملكات الحاكمات أو تسمية تعني "الزوجة الملكية الأولى" في حضارة كوش الإفريقية ببلاد السودان القديم. ومن كنداكات السودان المعروفات والخالدات عبر التاريخ كل من: أمانيي شخيتو وأماني تيري وأماني ريناس وناوي داماك ومولا جيربار. وللسودان أيضا كنداكات في العصر الحديث وفي محتلف المجالات، وللمثال هنا لا للحصر كل من السيدات الكريمات: فاطمة أحمد إبراهيم، وفاطمة عبد المحمود، وإحسان محمد فخري، وزينب العبيد يوسف، وزوري سركيسيان، وخالدة زاهر الساداتي سرور، ودنيا سليمان عكاشة، وليلى زكريا عبد الرحمن، وحفية مأمون شريف، وسارة الفاضل محمود، ونفيسة أبو بكر المليك، وملكة الدار محمد عبد الله، وعائشة البشير محمد، وفاطمة أبو بكر، وعفاف صفوت، وليلى المغربي، وآسيا عبد الماجد، وأسماء حمزة بشير، وحواء جاه الرسول، وعائشة موسى أحمد إدريس، بل أيضا كل شهيدات الثورة المجيدة أمثال ست النفور أحمد ورفيقاتها في أعلى الجنان.
للسودان عهد قديم فيما يختص بدور وموقع المرأة في المجتمع السوداني. هذا العهد يحكمه في أغلب الأحيان مكان وجود المرأة، والقسط الذي تكون قد تلقته من التعليم. وهذا بغض النظر عن أي تعليم تلقته، سواء كان تعليم في الخلوة أو في الجامعة، الخطوة التي تمهد لها سبل التحصيل والنيل من معين الوعي والعلم والمعرفة. عليه يكون نصيب المرأة وحظها من القراءة والكتابة هو مفتاح لفرصتها في التمتع بالمساواة في الحقوق كالرجل. والسودان كقطر يختلف بحكم تطوره التعليمي والثقافي عبر السنين عن بقية الأقطار التي تحفه أفريقيا وعربيا. فيه يمكن لكل إمرأة متعلمة وذات خبرة في العمل أن تتبوأ أرفع مراتب العمل، وتكون قيادية لمجموعة من زملاء العمل ومن الرجال أيضا. والذين بدورهم يخضعون لرأيها، ويتبعون قراراتها، وينفذون توصياتها من دون الشعور بالدونية أو النقصان في شيء.
لقد عانى هذا الوجه المشرق للمساواة في الحقوق في الآونة الأخيرة. وكل هذا أتى بسبب الحكم الشمولي الغير عادل، الذي زج بعدد كبير من النساء المؤهلات أو المختصات لأسباب جلها عقائدية في متاهات العطالة عن العمل. وهذا على الرغم من تأهيلهن علميا وكفاءتهن عمليا، بسبب التوزيع الغير عادل للوظائف والبعثات والترقيات والتدرج المهني المتعارف عليه منذ القدم في سلم العمل والتوظيف الذي يمتع به السودان كغيره من الدول. ويكون المرجع للوصول لهذا الدرك المظلم هو التوزيع الغير عادل أو الغير منصف للمرأة بسبب الميول السياسي أو النشاط السياسي الذي يخشى النظام الشمولي من أن يطغى على المؤسسات المشتغل فيها. ولكن لهذا الشيء أن يختفي قريبا بإحلال سلام دائم وحكم أمثل للبلاد وأهلها.
وبسبب الحرب ازدادت هذه المعاناة منذ بداية الحرب في منتصف شهر أبريل المنصرم إلى هذا اليوم. هناك كثير من الفتيات اللاتي يزرن المدارس والجامعات مثل غيرهن من التلاميذ والطلاب الذكور. ومع الحرب القائمة تعطل قطاعي التعليم والتدريب كأهم عتبات الصعود للحياة العملية. بغياب عمل المؤسسات المدرسية والتعليمية للفتيات، فتحت أبواب أخرى لإهدار مقومات المرأة للنهوض والتقدم وتحقيق أوجه المساواة بين الجنسين في فرص العمل والإدارة وصنع واتخاذ القرار.
ربما أرجعت هذه الحرب نهضة المرأة في السودان لسنوات عديدة للخلف، بسبب فقدان العمل أو الزواج المبكر لمن هن في مراحل تعليمية، لم يتمكن من زيارتها أو إكمالها بسبب هذه الحرب القائمة. الشيء الذي يرمي بكثير من الفتيات في مشكلة الزواج القسري وزواج الأقارب، من أجل حفظ شرف وصون عرض الأسرة التي تنتمي إليها الفتيات، أو بسبب عجز بعض الأسر عن الإيفاء بمتطلبات شريحة من المواليد، كانت مشغولة من قبل بسبل مدارسها وتعليمها. ويكون الناتج أخيرا، الملل الذي يعالج من قبل أرباب الأسر بالزواج المبكر أو الزواج القسري للأطفال، وبه تراجع تنظيم الأسرة والنسل بالإنجاب المبكر، بعد زواج مبكر أو زواج أطفال قسري.
الحرب القائمة في السودان حاليا هي أيضا سبب الأسباب في تدهور وضع المرأة اقتصاديا وماليا. الشيء الذي يتيح الفرصة لفقدان المرأة لفرص العمل في مجالات مختلفة تساهم فيها المرأة. وبسبب الفقر يمكن أن ينتج أيضا تعرض المرأة للإبتزاز البدني والجنسي معا. الممهد الأول لطريق الاتجار بالبشر. وهذا عندما تفقد المرأة فرصتها في عمل تكتسب عن طريقه ثمن خبز عيشها اليومي. بيد أن هذا الشيء لا ينطبق على كل مرأة أو فتاة فس السودان، إلا أنه شيء أصبح أكثر شيوعا، خصوصا في المجتمعات المتفككة والمتهالكة، التي لا يوجد فيها تكافل اجتماعي كريم ومعطاة بين أفراده وأهله، على مبدأ الغني للفقير، والفقير للمسكين والمسكين للمعدم كما هو عليه الحال في مجتمع السودان، وخصوصا في أيام الحرب.
ردا على أصحاب النفوس الدنيئة والمسترزقين الذين يسوقون للفتن بين أهل السودان، بائعين للأصول والقيم، وبإسم العنف ضد المرأة، لكي تطغي الحروب في السودان وتستفحل، ولكي يتقسم السودان لدويلات ويتلاشى أبديا. وهذا بزجهم للرجل والأب السوداني في بئر العنف البدني والجنسي ضد المرأة. ونقول هنا بالمقارنة يعتبر السودان من الدول الرائدة والتي يشار إليها بالبنان في قلة العنف المنزلي ضد المرأة. الشيء الذي لا يتوافق مع بعض أنواع العنف الجنسي الذي ينتج بسبب ختان الفتيات أو الزواج المبكر لبعضهن في المناطق البدوية والمجتمعات التي ما زالت تقبع في ليالي الجهل الكالحة الظلمة. وحتى العنف البدني والجنسي الذي وقع على النساء والفتيات في ظروف هذه الحرب القائمة، فهو عنف لا علاقة له بجيش أو بوليس السودان الذي تخرج من أكاديميات تدرس في المقام الأول معنى أمن وسلامة الفرد والأسرة والمجتمع. وبعيدا عن الأنظمة، لم نسمع عمرنا في السودان أن هناك عملية اغتصاب حدثت لفتاة أو لإمرأة سودانية، وكان الجاني موظف بالبوليس أو بالجيش السوداني الذين لهم عزتهم وكرامتهم، والتي تعني في المقام الأول عزة وكرامة المواطن السوداني.
من أجل عمل خطوات حثيثة في إتجاه الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، وللوصول للمساواة بين الجنسين في السودان، لا بد لهذه الحرب القائمة والمفتعلة لتشتيت شمل السودان، متمثلا في تشتيت شمل الأفراد والأسر، من أن تتوقف فورا. الشيء الذي يمهد لنهضة المرأة في قطر ذي أهمية أقليمية واقتصادية كالسودان. وقطر كان هو الرائد في التطور والنمو في عدد من المجالات، وقبل كل شيء بسواعد سودانية وعلى يد المرأة السودانية. والتي ليست هي جديدة عهد بالتعلم والتخصص والخبرة والقيادة وإتخاذ القرار، ومن ثم الوقوف خلفه بمسؤولية وشجاعة. المرأة السودانية وكما ورد في أول المقال، هي نواة النهضة النسوية والتطور في أرض السودان الحديث والقديم، ومنذ الحضارة الكوشية والمروية، بل هي أم ملكات الحضارة النوبية في أفريقيا ككل. فلها أن تعيش في سلام وأمان، لتتمكن م دفع ضريبة الوطن من أجل النهوض بالمجتمع السوداني والرقي به إلى مراتب المجد والشرف التي يستحقها.
(نواصل في الهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية...)
E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de
المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.
بناءا على الإحصائيات التي تعني بهذا الهدف من منظور الأمم المتحدة للعام 2022، فأن هناك ما يقدر بحوالي 18 بلدا يحق فيه للرجل وبموجب القانون أن يمنع زوجته من العمل. وتشكل نسبة المرأة في إمتلاك الأراضي الزراعية عالميا حوالي 14 %، بيد أن 43 % من النساء يعملن في الحقول الزراعية كعاملات فقط. وهناك حوالي 60 % من النساء يعملن في الاقتصاد غير الرسمي أو الهامشي، الشيء الذي يجعلهن عرضة للفقر والعوذ. وفيما يختص بتمثيل المرأة في المناصب السياسية، فهو لا يتعدى 24 % في المتوسط، ويفوق فقط في 46 دولة نسبة 30 % من المقاعد البرلمانية المتاحة للنساء. وفي 39 بلد لا تتمتع المرأة بحقوق متساوية مع الرجل في الميراث والإمتلاك. وهناك حوالي 750 مليون إمرأة وفتاة، زوجن قبل بلوغ سن الثامنة عشرة من العمر، وكل خامس فتاة يقع عليها الزواج القسري للأطفال وزواج القصر. وتقدر حالات وقوع التشويه للأعضاء التنالسية للإناث (ختان الإناث) بحوالي 200 مليون حالة تقع في 30 بلد. وتفتقد 49 دولة من دول العالم للقوانين التي تحمي المرأة من العنف المنزلي اليومي.
فيما يخص المرأة السودانية، للمرأة السودانية دور لا يستهان به في المجتمع، فهي كانت الرائدة الأولى في قيادة الجيوش في تاريخ السودان القديم، وكانت الرائدة في النهضة في أرض الحضارات داخليا، وعلى الصعيدين الأفريقي والعربي خارجيا. فاللمرأة السودانية يد خضراء في تحكمها في حياة الأسرة وواجبات المجتمع ومنذ وقت بعيد. نجد تأثير المرأة السودانية مجسم في عدة مجالات في مجتمع السودان وتطويره وسب نهضته. لمعت المرأة السودانية أيضا حديثا في نهضتها ونهضة بلادها "السودان الكبير"، وكانت الرائدة في الطب والصحة العامة والعلوم والقانون والإعلام والرياضة والسياسة والاقتصاد والإعلام الفنون وغيره من مجالات مجتمعية هامة. لقد أسهمت المرأة السودانية محليا في عدة مجالات، كالتعليم ومحو الأمية، والصحة والوقاية، ومحاربة الفقر والجوع، والتنمية الريفية والنهضة المدنية، وإرساء وترسيخ دعائم السلم والسلام في المجتمع السوداني.
وللتوثيق التاريخي، إذا راجعنا لتعريف كلمة كنداكة أو "قنداقة" كما ورد في تعريف موسوعة فيكيبيديا، نجد أنه يعتبر لقب للملكات الحاكمات أو تسمية تعني "الزوجة الملكية الأولى" في حضارة كوش الإفريقية ببلاد السودان القديم. ومن كنداكات السودان المعروفات والخالدات عبر التاريخ كل من: أمانيي شخيتو وأماني تيري وأماني ريناس وناوي داماك ومولا جيربار. وللسودان أيضا كنداكات في العصر الحديث وفي محتلف المجالات، وللمثال هنا لا للحصر كل من السيدات الكريمات: فاطمة أحمد إبراهيم، وفاطمة عبد المحمود، وإحسان محمد فخري، وزينب العبيد يوسف، وزوري سركيسيان، وخالدة زاهر الساداتي سرور، ودنيا سليمان عكاشة، وليلى زكريا عبد الرحمن، وحفية مأمون شريف، وسارة الفاضل محمود، ونفيسة أبو بكر المليك، وملكة الدار محمد عبد الله، وعائشة البشير محمد، وفاطمة أبو بكر، وعفاف صفوت، وليلى المغربي، وآسيا عبد الماجد، وأسماء حمزة بشير، وحواء جاه الرسول، وعائشة موسى أحمد إدريس، بل أيضا كل شهيدات الثورة المجيدة أمثال ست النفور أحمد ورفيقاتها في أعلى الجنان.
للسودان عهد قديم فيما يختص بدور وموقع المرأة في المجتمع السوداني. هذا العهد يحكمه في أغلب الأحيان مكان وجود المرأة، والقسط الذي تكون قد تلقته من التعليم. وهذا بغض النظر عن أي تعليم تلقته، سواء كان تعليم في الخلوة أو في الجامعة، الخطوة التي تمهد لها سبل التحصيل والنيل من معين الوعي والعلم والمعرفة. عليه يكون نصيب المرأة وحظها من القراءة والكتابة هو مفتاح لفرصتها في التمتع بالمساواة في الحقوق كالرجل. والسودان كقطر يختلف بحكم تطوره التعليمي والثقافي عبر السنين عن بقية الأقطار التي تحفه أفريقيا وعربيا. فيه يمكن لكل إمرأة متعلمة وذات خبرة في العمل أن تتبوأ أرفع مراتب العمل، وتكون قيادية لمجموعة من زملاء العمل ومن الرجال أيضا. والذين بدورهم يخضعون لرأيها، ويتبعون قراراتها، وينفذون توصياتها من دون الشعور بالدونية أو النقصان في شيء.
لقد عانى هذا الوجه المشرق للمساواة في الحقوق في الآونة الأخيرة. وكل هذا أتى بسبب الحكم الشمولي الغير عادل، الذي زج بعدد كبير من النساء المؤهلات أو المختصات لأسباب جلها عقائدية في متاهات العطالة عن العمل. وهذا على الرغم من تأهيلهن علميا وكفاءتهن عمليا، بسبب التوزيع الغير عادل للوظائف والبعثات والترقيات والتدرج المهني المتعارف عليه منذ القدم في سلم العمل والتوظيف الذي يمتع به السودان كغيره من الدول. ويكون المرجع للوصول لهذا الدرك المظلم هو التوزيع الغير عادل أو الغير منصف للمرأة بسبب الميول السياسي أو النشاط السياسي الذي يخشى النظام الشمولي من أن يطغى على المؤسسات المشتغل فيها. ولكن لهذا الشيء أن يختفي قريبا بإحلال سلام دائم وحكم أمثل للبلاد وأهلها.
وبسبب الحرب ازدادت هذه المعاناة منذ بداية الحرب في منتصف شهر أبريل المنصرم إلى هذا اليوم. هناك كثير من الفتيات اللاتي يزرن المدارس والجامعات مثل غيرهن من التلاميذ والطلاب الذكور. ومع الحرب القائمة تعطل قطاعي التعليم والتدريب كأهم عتبات الصعود للحياة العملية. بغياب عمل المؤسسات المدرسية والتعليمية للفتيات، فتحت أبواب أخرى لإهدار مقومات المرأة للنهوض والتقدم وتحقيق أوجه المساواة بين الجنسين في فرص العمل والإدارة وصنع واتخاذ القرار.
ربما أرجعت هذه الحرب نهضة المرأة في السودان لسنوات عديدة للخلف، بسبب فقدان العمل أو الزواج المبكر لمن هن في مراحل تعليمية، لم يتمكن من زيارتها أو إكمالها بسبب هذه الحرب القائمة. الشيء الذي يرمي بكثير من الفتيات في مشكلة الزواج القسري وزواج الأقارب، من أجل حفظ شرف وصون عرض الأسرة التي تنتمي إليها الفتيات، أو بسبب عجز بعض الأسر عن الإيفاء بمتطلبات شريحة من المواليد، كانت مشغولة من قبل بسبل مدارسها وتعليمها. ويكون الناتج أخيرا، الملل الذي يعالج من قبل أرباب الأسر بالزواج المبكر أو الزواج القسري للأطفال، وبه تراجع تنظيم الأسرة والنسل بالإنجاب المبكر، بعد زواج مبكر أو زواج أطفال قسري.
الحرب القائمة في السودان حاليا هي أيضا سبب الأسباب في تدهور وضع المرأة اقتصاديا وماليا. الشيء الذي يتيح الفرصة لفقدان المرأة لفرص العمل في مجالات مختلفة تساهم فيها المرأة. وبسبب الفقر يمكن أن ينتج أيضا تعرض المرأة للإبتزاز البدني والجنسي معا. الممهد الأول لطريق الاتجار بالبشر. وهذا عندما تفقد المرأة فرصتها في عمل تكتسب عن طريقه ثمن خبز عيشها اليومي. بيد أن هذا الشيء لا ينطبق على كل مرأة أو فتاة فس السودان، إلا أنه شيء أصبح أكثر شيوعا، خصوصا في المجتمعات المتفككة والمتهالكة، التي لا يوجد فيها تكافل اجتماعي كريم ومعطاة بين أفراده وأهله، على مبدأ الغني للفقير، والفقير للمسكين والمسكين للمعدم كما هو عليه الحال في مجتمع السودان، وخصوصا في أيام الحرب.
ردا على أصحاب النفوس الدنيئة والمسترزقين الذين يسوقون للفتن بين أهل السودان، بائعين للأصول والقيم، وبإسم العنف ضد المرأة، لكي تطغي الحروب في السودان وتستفحل، ولكي يتقسم السودان لدويلات ويتلاشى أبديا. وهذا بزجهم للرجل والأب السوداني في بئر العنف البدني والجنسي ضد المرأة. ونقول هنا بالمقارنة يعتبر السودان من الدول الرائدة والتي يشار إليها بالبنان في قلة العنف المنزلي ضد المرأة. الشيء الذي لا يتوافق مع بعض أنواع العنف الجنسي الذي ينتج بسبب ختان الفتيات أو الزواج المبكر لبعضهن في المناطق البدوية والمجتمعات التي ما زالت تقبع في ليالي الجهل الكالحة الظلمة. وحتى العنف البدني والجنسي الذي وقع على النساء والفتيات في ظروف هذه الحرب القائمة، فهو عنف لا علاقة له بجيش أو بوليس السودان الذي تخرج من أكاديميات تدرس في المقام الأول معنى أمن وسلامة الفرد والأسرة والمجتمع. وبعيدا عن الأنظمة، لم نسمع عمرنا في السودان أن هناك عملية اغتصاب حدثت لفتاة أو لإمرأة سودانية، وكان الجاني موظف بالبوليس أو بالجيش السوداني الذين لهم عزتهم وكرامتهم، والتي تعني في المقام الأول عزة وكرامة المواطن السوداني.
من أجل عمل خطوات حثيثة في إتجاه الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة، وللوصول للمساواة بين الجنسين في السودان، لا بد لهذه الحرب القائمة والمفتعلة لتشتيت شمل السودان، متمثلا في تشتيت شمل الأفراد والأسر، من أن تتوقف فورا. الشيء الذي يمهد لنهضة المرأة في قطر ذي أهمية أقليمية واقتصادية كالسودان. وقطر كان هو الرائد في التطور والنمو في عدد من المجالات، وقبل كل شيء بسواعد سودانية وعلى يد المرأة السودانية. والتي ليست هي جديدة عهد بالتعلم والتخصص والخبرة والقيادة وإتخاذ القرار، ومن ثم الوقوف خلفه بمسؤولية وشجاعة. المرأة السودانية وكما ورد في أول المقال، هي نواة النهضة النسوية والتطور في أرض السودان الحديث والقديم، ومنذ الحضارة الكوشية والمروية، بل هي أم ملكات الحضارة النوبية في أفريقيا ككل. فلها أن تعيش في سلام وأمان، لتتمكن م دفع ضريبة الوطن من أجل النهوض بالمجتمع السوداني والرقي به إلى مراتب المجد والشرف التي يستحقها.
(نواصل في الهدف السادس: المياه النظيفة والنظافة الصحية...)
E-Mail: hassan_humeida@yahoo.de
المصدر: ترجمة معدلة من أوراق ومحاضرات للكاتب.