أثر غياب خليل عن المشهد السياسي
عادل الباز
26 December, 2011
26 December, 2011
26/12/2011م
خليل مات.... فليتغمد الله خليلا برحمته....اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته.
الآن وقد اختفى خليل عن مسرح السياسة السودانية فماهي تأثيرات هذا الغياب على مجمل الأوضاع السياسية بالبلاد وخاصة على دارفور؟. هنالك ثلاثة أبعاد يمكن أن يتم النظر إليها بعناية في مرحلة ما بعد غياب خليل. الأول: يتعلق بتأثيرات هذا الغياب على مستوى حركة العدل والمساواة، والثاني بانعكاساته على قضية دارفور ومستقبلها، والبعد الثالث يتعلق بأثر اختفاء خليل على الأطراف الأخرى في الصراع، أعنى تحديدا الجبهة الثورية وحركة التحرير والعدالة.
غياب قيادي في وزن خليل عن قيادة حركة ساهم في تأسيسها ونسج علاقتها الإقليمية والدولية وخلق فيها لنفسه كاريزما قيادية لسنوات بحيث فلم ينافسه أحد رغم كثرة الانشقاقات التي شهدتها حركة العدل والمساواة، مؤكد أن تداعيات هذا الغياب المفاجئ ستنعكس سلبا على الحركة وتحتاج لوقت ليس بالقصير لتستعيد توازنها فتضع على سدة قيادتها شخصية أخرى تحظى باحترام مقاتلي الحركة وتقنع الآخرين الذين ما عارفوا للحركة قائدا سوى خليل طيلة عشر سنوات. أما متى ستستعيد الحركة توازنها بعد ارتباك متوقع أن يصيبها فإن ذلك يعتمد على مدى سيطرة القيادة الجديدة على الأوضاع وبسرعة معقولة. لا يتضح لنا كيفية اختيار الحركة لقياداتها، هل تتم على أساس الانتخاب الديمقراطي أم بالأقدمية أم على أساس قبلي وجهوي؟. أيا كانت المعايير فإن اختيار قيادة جديدة من شأنه أن يسرع بتماسك الحركة، إما إذا حدث صراع حول من سيقود فإن الحركة ستضع نفسها في مهب قد يعصف بها نهائيا.
البعد الثاني: يتعلق باحتمالين: الأول أن تصعد لقيادة الحركة شخصية تؤمن بأن حل مشكلة دارفور لن تتحقق عبر البندقية وبذا ينفتح الطريق لمفاوضات جدية بين الحركة والحكومة للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي داخل أو خارج وثيقة الدوحة. الاحتمال الثاني أن تسير الحركة على طريق خليل وتواصل الحرب في دارفور وغيرها وبذا يثبت أن خيار الحرب ليس خيارا خاصا بخليل بل هو خيار جميع القيادات فتضعف فرص السلام.
البعد الثالث: يتعلق بتأثير غياب خليل على الجبهة الثورية وحركة التحرير والعدالة. الجبهة الثورية التي أسستها الحركات المتمردة في دارفور إضافة إلى الحركة الشعبية بالشمال سيكون تأثير غياب خليل عليها سلبيا من ناحية وإيجابيا من ناحية أخرى. سلبيا لأن الجبهة كانت بحاجة لرموز ونجوم في سمائها، ولكن بغياب خليل لا يكاد يظهر هناك نجم سوى ياسر عرمان، ولذا إذا تضعضعت حركة العدل والمساواة فإن ركنا مهماً في معادلة الجبهة سيكون قد سقط بسقوط وزن العدل والمساواة. الأمر الإيجابي كما قد يعتقد أفراد الجبهة الثورية أن اختفاء خليل برمزيته الإسلامية سيفتح الطريق لصعود آخرين أقرب فكريا لتيار الجبهة الثورية اليساري العلماني، وبذا تكون الجبهة قد تخلصت من رجل مثل خليل بخلفيته الإسلامية التي كثيرا ما أرقت دوائر في الغرب وخاصة بعد تشكك بعض الدوائر في علاقة خليل بالمؤتمر الشعبي الذي يقوده دكتور الترابي.
من المؤكد أن حكومة جنوب السودان ستحزن على فقد أحد أقوى حلفائها المحتملين الذي كان في طريقه إليها، بينما سترتاح تشاد لرحيل خليل الذي تمرد على سلطتها فأبعدته عن أراضيها. الحكومة السودانية رغم حالة الراحة التي تشعر بها الآن بعد غياب خليل إلا أنها لن تستطيع أن تتنفس الصعداء إلى حين معرفة اتجاهات ريح الحركة، هل ستمضي باتجاه الحرب أم باتجاه السلام؟. من المؤكد أن المؤتمر الشعبي سيمسي حزينا على فقد خليل، فطالما دافع عن حركته وعقد عليه آمالا عراضا لتغيير معادلات السلطة في المركز. يبدو أن معادلات كثيرة ستتغير باختفاء خليل عن المسرح السياسي وقد نشهد الأيام المقبلة بدايات هذا التغير حين تعلن الحركة عن قيادتها الجديدة.
عادل الباز