أجندة شابة لحكومة شباب 2-3 … بقلم: عادل الباز
17 June, 2010
كمال عبيد وسناء داخل أنقاض مملكة!!
أستغربت بالأمس لحديث الأستاذ سيف الدين البشير رئيس تحرير صحيفة سودان فيشن الإنجليزية الذي أعلن أنه أُصيب بالإحباط من التشكيل الذي صدرت به الوزارة!! الأستاذ سيف الدين من الجيل الذي تسنم سدة الوزارة الجديدة فكنت أتوقع أن يسعد، ولكنه غضب!!. هل كان علينا أن نصبر ليحكم السودان جيل واحد لقرن مثلا؟. كثيرون يعتقدون قوة الوزارة تكمن في تعيين نفس الوجوه التي ألفوها، ولابد لأعمارهم أن تتجاوز الستين.. ألم (تبغروا) من أوباما ولا كاميرون؟. إذا لم يصعد هذا الجيل الآن، فمتى يصعدون؟ بالأمس قلت إنني سأمحض الإخوان الذين استوزروا النصح، فأرجو أن يأخذوا نصحي على علاته، لأنه يصدر من موقع محبة ورغبة في نجاحهم.
لنبدأ بما يلينا، وزارة الإعلام. للأسف هذه ليست وزارة بالمعنى المفهوم للكلمة، بل هي أنقاض مملكة بلا ملك. يعلم السيد الوزير كمال عبيد أن هذه الوزارة بواقعها الحالي (ماليهاش لزوم أصلا). ليس لهذه الوزارة خطط ولابرامج، وتغيب عنها الرؤية للإعلام ولا كيفية تطويره ولا احتياجاته، على الرغم من سيل الكلام المجاني حول أهميته وخطره، ولكنه ظل كلاما لم يسنده واقع أبدا، لابرامج ولاخطط ولا مال.
تحتاج هذه الوزارة لصياغة رؤية جديدة لدورها، وخاصة أن معركة الوحدة لايمكن تصورها من دون حشد كافة الإمكانات الإعلامية لكسبها، لأن البديل لجهد الإعلام هو السلاح. المؤسف أن موازنة هذه الوزارة متواضعة لا، بل مخجلة، فحين كانت تحت مظلة واحدة مع وزارة الثقافة، كانت الموازنة لكليهما أقل من نصف في المائة من جملة ميزانية الدولة. وسألت ذات مرة وزير إعلام لماذا تقبلون بهذا المبلغ الضئيل الذي لايكفي لإقامة فعالية دولية ثقافية أو إعلامية واحدة؟ ضحك وقال: (هو قاعدين يدونا ليهو).
وزارة الإعلام هي الوحيدة التي ليست بها أية آليات لإنفاذ استراتيجياتها وبرامجها إذا كان لها أصلا. كل الأجهزة التي يفترض أن تكون تحت إدارتها ليست لها عليها سلطان. فالتلفزيون والإذاعة وسونا أو مجلس الصحافة، مؤسسات مستقلة تحكمها قوانين متخصصة، وتخضع لمجالس إدارات لا يستطيع وزير الإعلام أن يقرّر بشأنها، ولا حتى في مصير مديريها ولا برامجها إلا عبر رئاسته لاجتماعات مجلس إداراتها. لذا هذه الأجهزة تعيش في جزر معزولة، وفي حالة تيه إذ أنها لاتعمل وفق استراتيجية موحدة لتحقق أهداف محددة، فتأتي برامجها خبط عشواء كيفما اتفق. تعودت هذه الأجهزة في كل مرة أن تجتمع تحت هيئة واحدة وتنفض وبلا سبب ظاهر. حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها مؤسسات الإعلام أبلغ دليل لعدم وجود رؤية محددة لقضية الإعلام .
لوزارة الإعلام جسم ذو إيرادات متنوعة، هو الهيئة القومية للاتصالات، وهي الهيئة الوحيدة التي كانت الوزارة تتدخل فيها وتحرص على العلاقة معها، لأنها تملك من الإمكانات المادية مايغري الوزارة لتضعها تحت نظرها بشكل دائم. رأينا في أكثر من مرة كيف خاض وزير الإعلام السابق صراعات مريرة مع شركات الاتصال دعما للهيئة. أود أن ألفت نظر السيد الوزير والأستاذة سناء حمد لهذه الهيئة فهي دولة داخل أنقاض مملكة الوزارة، تفرض أتاوات وضرائب على شركات الاتصال والمواطنين دون أي سند من قانون، وتعمل على كيفها في استثمار أموالها ولا أحد يسألها، ولو راجعتم تقارير المراجع العام لرأيتم عجبا. أقامت هذه الهيئة صندوقا يسمى صندوق دعم المعلوماتية، وهو منطقة خطرة ممنوعة الاقتراب والتصوير، وتجري بداخلها عمليات مدهشة، نشرنا طرفا من ملفها من قبل، وسنعيد فتحه وبتفاصيل، هدية للوزيرين بمناسبة تعيينهما لعله يعينهما على معرفة تفاصيل هذه الدولة الأخطبوط، وليعلموا من أين تؤكل كتف الوزارة (كتف شنو.. كلاويها).
لابد للوزارة من صياغة رؤى لنفسها وللحقل الإعلامي بكافة قطاعاته. الإعلام الرسمي رث بما يكفي، صورة وصوت، ويحتاج لاستثمار إمكانات هائلة لينهض. كما يحتاج القطاع الخاص المهترئ لعون وزارة الإعلام، خاصة في مجال البنيات الأساسية. تحتاج الوزارة العمل على مسارين: الأول هو إصلاح ماهو قائم من مؤسسات من ناحية، ووضع استراتيجية لمستقبل العملية الإعلامية في البلاد. هنالك الكثير من الرؤى طرحها خبراء في الإعلام عن كيفية الإصلاح، ولكنها ظلت حبيسة الأدارج لأن تطوير الإعلام آخر بند كان في أجندة الوزارة.
بغير إصلاح شامل لهذه المملكة المدمَّرة ستهدر الإمكانات الشحيحة في محاولات ترميم أبنيتها وهياكلها، ولن تجدي. وستذهب كل جهود الوزراء الجدد أدراج الرياح كما ذهبت جهود السابقين. الله يعينكم يا شباب.