أحزابنا كما نعرفها وتحب
عمر العمر
8 October, 2022
8 October, 2022
كأنما نحن مغيبون أو غائبون عن الواقع .أو لعلنا مطالبون بالوقوف أمام المرايا ، نحدق فيها مليّا لنستكشف حقيقتنا . نحن أو الواقع نلتبس كثيرا من الزيف غير قادرين على الهروب من الحاضر المأزوم إلا إلى ماضٍ مهزوم .بترقب حلول من انتاج القوى السياسية فاننا لا نراهن فقط على جياد مهيضة بل نرهن مصيرنا إلى رهان خاسر. ما أسمته الصحافة الأسبوع الفائت اجتماع للقوى السياسية يبحث معالجة ازماتنا المتراكبة لهو الدليل على ذلك العجز الفادح.فالكلام عن القوى السياسية أشبه بالتشكيل التجريدي . فليس بين تلك القوى من يمتشق بناء صلبا متجانسا . حتى في حالة أخذ النبأ على محمل الجد فذلك يعني ارتهانًا للنخب التقليدية بما فيها الطائفية، الجهوية والعسكرية البيروقراطية.هي ذاتها المسؤولة عن سيرة محنتنا الطويلة الأمد.
******
في البدء عن أي قوى سياسية يتحدثون ؟ ثم عن أي رؤساء أحزاب يعنون؟ تلك أحزاب لم تتفق وهي في أفضل حالاتها قيادة وبناء أبدا على إنجاز مشروع وطني مشترك ولو على نحو مؤقت .نحن نكابد تبعات تشاكسها منذ وراثتها السلطة غداة الاستقلال. هي تتحمل مجتمعة إخفاقاتنا الفاضحة على جبهات التنمية المتباينة. كما تتحمل الفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية المصطنعة الهشة . اكثر من ذلك هي تتحمل أوزار تأجيج التفسخ القبلي ، الجهوي حد انسلاخ جزء من الشعب والوطن.هي من يتحمل إجهاض ثورة جماهيرية باسلة . بلى نظام لإنقاذ دمّر بنانا لكن تلك القوى التقليدية حرفتنا إلى هاوية بلا قرار. بفضل ضحالتها السياسية وإفلاسها الفكري ظل الشعب طوال سنة يقف أمام جدار أصم يحجب عنه رؤية اَي أمل للخروج من أزمات حياتية ضاغطة.
******
هذه القوى السياسية عجزت عن استثمار المناخ الثوري في تعميق مفهوم الوعي بالديمقراطية لانها لم تعش المخاض الثوري أصلا . فبينما استهدف الحراك الجماهيري سخي البذل والعطاء المشرب بالدم اقتلاع نظام الانقاذ ؛ بكل مؤسساته، منظوماته وأخلاقياته ،استهدفت تلك القيادات فقط استبدال شريحة طبقته العليا. لذلك ظلت جماهير الثورة تواصل بذلها عقب الانقلاب بينما لجأت قيادات القوى السياسية إلى مساومة الانقلابين .فالانقلاب ليس سوى امتداد للاستبداد ، القمع ، الفساد والاستئثار بموارد الوطن، مغانم السلطة وامتيازاتها. كأنما لم تر تلك القوى في المرحلة الانقلابية ردة رجعية عن كل أحلام التقدم والتغيير .
******
حتى عجز الزمرة الانقلابية في الخروج من مأزقها لم يحرض تلك القيادات على الاصطفاف من اجل استعادة كابينة الثورة الديمقراطية. كما لم تدفع الأزمة الاقتصادية الضاغطة على كاهل الشعب زمرة الانقلابين إلى التصالح مع الثوار لم تحرض القوى السياسية للتصالح مع التاريخ. كلاهما يلوحان بالخروج من المأزق عبر الانتخابات . اختزال الديمقراطية في الانتخابات يوصوهما بالجهل فالانتخابات ليست سوى تدبير متأخر في العملية الديمقراطية يتم بلوغه عبر تدابير متعاقبة. فالديمقراطية عملية متكاملة لا يتم إنجازها بالانتقاء المفرّق كما يستحيل تحقيقها في ظل القمع والقهر السياسي.
******
بدلًا عن مراكمة الإجراءات الديمقراطية تنادي أصوات بحرق المراحل إلى صناديق الاقتراع . في سبيل ذلك ينادي البعض بمصالحة توازي بين الشهداء و القتلة، بين المناضلين الشرفاء واللصوص الوالغين في الدماء وبين المحالين للصالح العام والمنصبين جوراً بلا مؤهلات، بين المجردين من الحقوق قسرًا و المتسلقين الناهبين المهربين المتقلبين في الحرام. هذه القيادات يخلو رصيدها التاريخي من الوفاق الوطني. علاقاتها البينية مبنية على إرث من التنافر والتدابر حد الكراهية .قواعد الاتحاديين - مثلًا- تكره أنصار حزب الأمة انطلاقا من تصنيف طائفي. هؤلاء يبادلونهم الشعور من المنطلق نفسه .كلاهما يناصبون الشيوعيين العداء لمجرد كونهم شيوعيين فقط. هؤلاء وكل أهل اليسار يقاسمون أولئك المشاعر ذاتها لأنهم من أهل اليمين .صحيح ثمة منطلقات عليها مكاسب حزبية ولكن هناك دوما مصالح وطنية عليا تعلو على المكاسب الحزبية فتجسّر الفوارق وتعبر المطبات.
******
في ظل هذا التباين و التجزئة لا يركن حزب او يبادر زعيم إلى المراجعة والتراجع من منطلق النقد الذاتي أو الانتماء الوطني العميق .كأنما كلهم معصومون.حتى حينما تمتع القادة بهالات الكاريزما .تلك فضيلة لا يمارسها حتى ادعياء الفضائل. لماذا-مثلا-يصر دعاة الاسلام على النكوص إلى مشروعهم الماحق الساحق كأنما الإسلام السياسي يسوق الشعوب حتما إلى الحياة الجحيم ليس غير.
******
لماذا يصر اصحاب ما يسمى بالمشروع الحضاري على متابعة كتابة التجربة الإسلامية فصولًا من المأساة والملهاة . أو لم يتضمن الإسلام تجارب ثورية مشرقة كتبت فصولا إنسانية بديعة؟ أما قرأ هؤلاء نهوض القرامطة في وجه الاستبداد ؟ أ وما مرت عليهم مقاومة الخوارج و من بعدهم الاسماعيلية جور السلطان. أو لم يطلعوا على معارضتهم الأوتوقراطية بالعلمانية وتوطينهم على المساواة بين الجنسين؟أليس في الإسلام مغالبة المعتزلة الفكر على النص ؟ كما مقاربة اخوان الصفا الدين بالفلسفة و مقارعة النفس بالتطهر؟ لماذا لا يسعى اخواننا إلى اضافة نصوص من حيث انتهت تلك المحاولات البهية بدلًا عن الاجتهاد في اعادة كتابة فصول ظلامية .ثم لماذا الإصرار على الجياد الخاسرة ،غير الأصيلة من اجل إعادة انتاج التجارب الفاشلة!
******
aloomar@gmail.com
******
في البدء عن أي قوى سياسية يتحدثون ؟ ثم عن أي رؤساء أحزاب يعنون؟ تلك أحزاب لم تتفق وهي في أفضل حالاتها قيادة وبناء أبدا على إنجاز مشروع وطني مشترك ولو على نحو مؤقت .نحن نكابد تبعات تشاكسها منذ وراثتها السلطة غداة الاستقلال. هي تتحمل مجتمعة إخفاقاتنا الفاضحة على جبهات التنمية المتباينة. كما تتحمل الفشل في الحفاظ على الوحدة الوطنية المصطنعة الهشة . اكثر من ذلك هي تتحمل أوزار تأجيج التفسخ القبلي ، الجهوي حد انسلاخ جزء من الشعب والوطن.هي من يتحمل إجهاض ثورة جماهيرية باسلة . بلى نظام لإنقاذ دمّر بنانا لكن تلك القوى التقليدية حرفتنا إلى هاوية بلا قرار. بفضل ضحالتها السياسية وإفلاسها الفكري ظل الشعب طوال سنة يقف أمام جدار أصم يحجب عنه رؤية اَي أمل للخروج من أزمات حياتية ضاغطة.
******
هذه القوى السياسية عجزت عن استثمار المناخ الثوري في تعميق مفهوم الوعي بالديمقراطية لانها لم تعش المخاض الثوري أصلا . فبينما استهدف الحراك الجماهيري سخي البذل والعطاء المشرب بالدم اقتلاع نظام الانقاذ ؛ بكل مؤسساته، منظوماته وأخلاقياته ،استهدفت تلك القيادات فقط استبدال شريحة طبقته العليا. لذلك ظلت جماهير الثورة تواصل بذلها عقب الانقلاب بينما لجأت قيادات القوى السياسية إلى مساومة الانقلابين .فالانقلاب ليس سوى امتداد للاستبداد ، القمع ، الفساد والاستئثار بموارد الوطن، مغانم السلطة وامتيازاتها. كأنما لم تر تلك القوى في المرحلة الانقلابية ردة رجعية عن كل أحلام التقدم والتغيير .
******
حتى عجز الزمرة الانقلابية في الخروج من مأزقها لم يحرض تلك القيادات على الاصطفاف من اجل استعادة كابينة الثورة الديمقراطية. كما لم تدفع الأزمة الاقتصادية الضاغطة على كاهل الشعب زمرة الانقلابين إلى التصالح مع الثوار لم تحرض القوى السياسية للتصالح مع التاريخ. كلاهما يلوحان بالخروج من المأزق عبر الانتخابات . اختزال الديمقراطية في الانتخابات يوصوهما بالجهل فالانتخابات ليست سوى تدبير متأخر في العملية الديمقراطية يتم بلوغه عبر تدابير متعاقبة. فالديمقراطية عملية متكاملة لا يتم إنجازها بالانتقاء المفرّق كما يستحيل تحقيقها في ظل القمع والقهر السياسي.
******
بدلًا عن مراكمة الإجراءات الديمقراطية تنادي أصوات بحرق المراحل إلى صناديق الاقتراع . في سبيل ذلك ينادي البعض بمصالحة توازي بين الشهداء و القتلة، بين المناضلين الشرفاء واللصوص الوالغين في الدماء وبين المحالين للصالح العام والمنصبين جوراً بلا مؤهلات، بين المجردين من الحقوق قسرًا و المتسلقين الناهبين المهربين المتقلبين في الحرام. هذه القيادات يخلو رصيدها التاريخي من الوفاق الوطني. علاقاتها البينية مبنية على إرث من التنافر والتدابر حد الكراهية .قواعد الاتحاديين - مثلًا- تكره أنصار حزب الأمة انطلاقا من تصنيف طائفي. هؤلاء يبادلونهم الشعور من المنطلق نفسه .كلاهما يناصبون الشيوعيين العداء لمجرد كونهم شيوعيين فقط. هؤلاء وكل أهل اليسار يقاسمون أولئك المشاعر ذاتها لأنهم من أهل اليمين .صحيح ثمة منطلقات عليها مكاسب حزبية ولكن هناك دوما مصالح وطنية عليا تعلو على المكاسب الحزبية فتجسّر الفوارق وتعبر المطبات.
******
في ظل هذا التباين و التجزئة لا يركن حزب او يبادر زعيم إلى المراجعة والتراجع من منطلق النقد الذاتي أو الانتماء الوطني العميق .كأنما كلهم معصومون.حتى حينما تمتع القادة بهالات الكاريزما .تلك فضيلة لا يمارسها حتى ادعياء الفضائل. لماذا-مثلا-يصر دعاة الاسلام على النكوص إلى مشروعهم الماحق الساحق كأنما الإسلام السياسي يسوق الشعوب حتما إلى الحياة الجحيم ليس غير.
******
لماذا يصر اصحاب ما يسمى بالمشروع الحضاري على متابعة كتابة التجربة الإسلامية فصولًا من المأساة والملهاة . أو لم يتضمن الإسلام تجارب ثورية مشرقة كتبت فصولا إنسانية بديعة؟ أما قرأ هؤلاء نهوض القرامطة في وجه الاستبداد ؟ أ وما مرت عليهم مقاومة الخوارج و من بعدهم الاسماعيلية جور السلطان. أو لم يطلعوا على معارضتهم الأوتوقراطية بالعلمانية وتوطينهم على المساواة بين الجنسين؟أليس في الإسلام مغالبة المعتزلة الفكر على النص ؟ كما مقاربة اخوان الصفا الدين بالفلسفة و مقارعة النفس بالتطهر؟ لماذا لا يسعى اخواننا إلى اضافة نصوص من حيث انتهت تلك المحاولات البهية بدلًا عن الاجتهاد في اعادة كتابة فصول ظلامية .ثم لماذا الإصرار على الجياد الخاسرة ،غير الأصيلة من اجل إعادة انتاج التجارب الفاشلة!
******
aloomar@gmail.com