أسئلة اليوم الموعود!!
19 July, 2009
عادل الباز
بحسب المعارضة سينتهي أجل الحكومة لتصبح منذ اليوم غير قانونية وغير دستورية فاقدة للشرعية!! حسناً هذا عُلم ثم ماذا بعد؟ ماهي خيارات المعارضة التي أعدّتها منذ أن أعلنت أن الحكومة فاقدة للشرعية؟. دعت لحكومة قومية وأرسلت هذه الدعوة لنائب الحكومة الأول، ثم دعت المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بالحكومة، ثم أعلنت أنها ستتقدم بدعوى إلى المحكمة الدستورية. هذه هي الخطوات التي قامت بها المعارضة.لننظر في مآل هذه الخطوات وجدواها. النائب الأول استكثر الرد على المعارضة التي ظل يدعوها لجوبا، لمؤتمر عام تأجل أكثر من مرة. لابد أن المعارضة ستحترم نفسها ولن تخاطب النائب الأول مرة أخرى، وبذا فإن هذا الباب أو فرصة انضمام الحركة لمسعى المعارضة يكون قد أُغلق تماما.
دعت المعارضة المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بالحكومة بعد هذا اليوم التاسع من يوليو. للأسف لم تعلن دولة في العالم نيتها لسحب اعترافها بالحكومة حتى هذه الليلة التي أكتب فيها المقال عشية الثامن من يوليو، وسنرى ما إذا كانت ستُقدم دول على مثل هذه الخطوة وتغلق سفارتها وترحل منذ اليوم.
المعارضة لوّحت باللجوء للمحكمة الدستورية في مبتدأ أمرها ولكنها تراجعت بالأمس في منتدى السياسة والصحافة عن تلك الدعوة. الى هنا يتضح أن المعارضة ليس بيدها كرت معلن للتعامل مع عدم شرعية الحكومة. بالأمس أعلنت المعارضة أنها ستدرس خيارات عدة، وبما أن هذه الخيارات لم تتبلور بعد فإن كل الاحتمالات تظل مفتوحة في المستقبل. ولكن السؤال الذي يورّقني لماذا انتظرت المعارضة هذا اليوم لتدرس خياراتها؟ هذا اليوم ينبغي أن يكون للفعل فكيف تسمح معارضة تحترم نفسها لحكومة فاقدة للشرعية أن تتصرف في أمور البلاد والعباد دون أن تحرك ساكنا، وتنكفئ على نفسها لتدرس وضعا كان معلوما منذ أمد بعيد، كان ينبغي أن يكون هذا اليوم للفعل وليس للتأمل في (الكافات)؟أكثر ما أقلقني أن موقف المعارضة يرتب عليها، وخاصة المعارضة المندمجة في الحكومة مواقف سياسية وأخلاقية ستتحول لامتحان عسير يختبر مدى مصداقية هذه القوى. مثلا على المعارضة أن تكف عن مطالبتها بتعديل القوانين أو حل مشكلة دارفور أو تطبيق اتفاقية السلام، فهذه ينبغي أن تكون من مطالب الماضي، إذ ليس معقولا أن تطالب المعارضة بعد اليوم حكومة فاقدة للشرعية أن تشرعن لها الحياة السياسية أو تصدر لها قوانين تتمتع بالنزاهة والحيدة، ولا أن تطالب الحكومة بالحريات، فالحكومة التي افقتدت مشروعيتها ابتداءً ليست مؤهلة سياسيا وأخلاقيا بالحريات!!.
سيرتب هذا الوضع على المعارضة التي هي داخل أُطر الحكومة وأعني الوزراء والولاة ونواب البرلمانات المختلفة أن يتقدموا في هذا الصباح باستقالاتهم للأجهزة التي ينتمون إليها، فليس أخلاقيا أن يعلنوا عدم شرعية الحكومة ثم يبقوا في مؤسساتها. هذا سيجعل المعارضة في وضع مضحك لا أظنه يليق بمعارضة تحترم نفسها وشعبها. وحتى لانستعجل الأمر فإن هذا الموقف سيتضح صباح الغد، وإن غدا لناظره قريب. سأبعث اليوم بالمحرّرين ليقفوا على أبواب البرلمانات ومجلس الوزراء وبعض الوزارات التي تحتلها المعارضة وسنوافيكم بالخبر اليقين. مَن قدّم استقالته، ومن نام على الخط، ومن سيخون حزبه ويبقى فى منصبه كما فعل آخرون من قبلهم، ومن سيتخذ الموقف الذي يليق به وحزبه؟. أرجو ألا تستعجلوا.
سيرتب هذا الوضع على المعارضة إعلان موقفها النهائي ومنذ الآن من الانتخابات، بمعنى أن تعلن مقاطعتها التامة لها. ولا أتصوّر بعد موقف المعارضة هذا أن تمضي لتجهيز نفسها للانتخابات، فلم تعد الانتخابات تعنيها في شيء من قريب أو بعيد. فمنذ صباح اليوم بحسب المعارضة فأفعال الحكومة وممارساتها غير شرعية، وهي غير مؤهلة لإقامة انتخابات نزيهة أم غير نزيهة. ليس للمعارضة اليوم من مطلب سوى ذهاب هذه الحكومة.
يعني هذا الوضع أن المعارضة وضعت نفسها أمام خيارين لاثالث لهما: الأول هو أن توافق هذا الحكومة غير الشرعية برأي المعارضة فتحل نفسها وتسلم البلد لحكومة قومية أو حكومة تكنوقراط وكفى الله المؤمنين القتال.
الخيار الثاني إذا عصلجت الحكومة ولا شك أنها فاعلة بلا أدنى ريب، فأمام المعارضة خيار واحد هو الانتفاضة ولا أعرف هل ستكون سليمة أم مسلحة. ياترى هل المعارضة مستعدة للأخذ بهذا الخيار والمضي به لآخر الشوط؟ وهل ستقود الانتفاضة لإسقاط الحكومة فقط، أم أنها ستمضي لإسقاط الوطن نفسه؟ قبل هذا وفوق ذلك ياترى ماذا فعلنا بانتفاضتين في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي؟ هل كانت التجربة مغرية ومثمرة لدعوة الشعب مرة أخرى لإعادة تكرارها الآن؟ سأترك لكم الإجابة.. المعارضة قبل الحكومة!!