أسرع طريقة لحل جميع المشاكل!
كلمة (أزمة) في اللغة العربية تعني الشدة والضيق، أما من الناحية الاصطلاحية، فالأزمة تعني أي مشكلة معقدة تهبط على رأس الفرد أو الشركة أو الدولة بصورة مفاجئة وتشل سير العمل وتؤدي لوقوع خسائر مادية ومعنوية إذا لم يتم حلها على وجه السرعة، ورغم أن أغلب البشر يسعون لتفادي الأزمات إلا أن بعض شركات تكنلوجيا المعلومات، الساعية لتقوية أنظمتها الأمنية الدفاعية، تبحث عن أفاعي الأزمات في جحورها إذ تطلب من القراصنة محاولة اختراق أنظمتها الأمنية وتعدهم بالحصول على جوائز بملايين الدولارات إذا نجحوا في ذلك وسببوا لها أزمة أمنية!
علم إدارة الأزمات يعني القدرة على حل الأزمة التي وقعت بالفعل في أسرع وقت ممكن عبر حلول عملية تقليدية كاللجوء للتفاوض أو حلول علمية حديثة كاللجوء لفرق العمل بغرض تخفيض الخسائر وإعادة سير العمل لوضعه الطبيعي كما يعني القدرة على التنبوء بالأزمة المحتملة الوقوع وإعداد خطط مسبقة لمواجهتها قبل أن تقع كالحصول على تغطية تأمينية مسبقة لمواجهة مخاطر الأزمة إذا وقعت، ولعل أكبر دليل على أهمية هذا العلم هو أن بعض الجامعات العالمية أصبحت تقدم مناهج إدارة الأزمات لطلاب الدراسات العليا بعد أن أصبح هذا التخصص مطلوباً بشدة في أسواق العمل بسبب قدرته على تقديم الحلول العاجلة للأزمات المختلفة، وغني عن القول إن من يلجأون للحلول العشوائية للأزمات مثل انكار الأزمة سيتعرضون لخسائر لا يمكن جبرها لأنهم سيكونون مثل أوديب في الاسطورة اليونانية الذي فقأ عينيه بأصبعيه كي لا يرى الحقيقة!
هذا نموذج طريف لحل أزمة لكنه قد يؤدي لتسبيب أزمة أخرى، فقد أقسمت إحدى الأرامل، وهي والدة إحدى الحسناوات، بأنها لن تزوج إبنتها لأي شاب إلا إذا دفع مهراً قدره 100 ألف دولار، اشتدت أزمة أحد الشباب، والذي كان مغرماً بالحسناء لكنه لا يملك سوى 30 ألف دولار فقط لا غير، فطلب الشاب من والده مساعدته في حل الأزمة وتخليصه من سخرية أصحابه الذين أكدوا للشاب أن والدة الحسناء رفضت مهراً قدره 95 ألف دولار فكيف تقبل بمهر قدره 30 ألف دولار؟! ذهب والد الشاب لأم الحسناء وطلب يد ابنتها لابنه وعرض عليها 10 ألف دولار مهراً لإبنتها ثم طلب يد والدة الحسناء وعرض عليها 10 ألف دولار مهراً فوافقت على الفور ولسان حالها يقول: سعر الجملة أرخص من سعر التجزئة! عاد العريس الوالد للعريس الإبن وأخبره بما حدث وعندها سأله العريس الإبن: لكن يا والدي أين الـ 10 ألف دولار المتبقية؟! رد عليه العريس الوالد وهو يضحك: هذه سنرضي بها والدتك! فهذه بتلك والجميع حبائب!
من الملاحظ أن مفهوم الأزمة قد يكون نسبياً لأبعد الحدود فمثلاً انقطاع الانترنت قد يسبب أزمة حقيقية بالنسبة لموظف البنك لكنه قد لا يسبب أي أزمة بالنسبة لراعي الضأن في الخلاء، وحتى الكوارث الطبيعية التي تسبب الكثير من الأزمات كالفيضانات التي تؤدي لتدمير المنازل وتشريد العائلات وإسكانها في خيام مؤقتة فهي تشكل كابوساً حقيقياً بالنسبة للكبار أما بالنسبة للصغار فهي فرصة للعب بحرية والانطلاق في جميع الاتجاهات بعيداً عن سجون الجدران الأربعة المنزلية! ولعل أكبر مفارقات الأزمة هو أن إنعدام الأزمة قد يؤدي أحياناً لتسبيب أزمة ولعل أغرب مثال لذلك هو تلك المظاهرة التي اندلعت ذات يوم في السويد عندما قام طلبة غاضبون برمي البيض على الواجهات اللامعة للمحلات التجارية احتجاجاً على النظافة المبالغ فيها ولم يتم حل تلك الأزمة إلا بعد تدخل قوات مكافحة الشغب! ومن المؤكد أن أي انسان يعتقد أن هناك طريقة سريعة لحل جميع المشاكل فهو انسان واهم وموهوم لأبعد الحدود ففي داخل كل حل لأي أزمة تُوجد مشكلة جديدة بل أن كثير من البشر، كالمحامين والاطباء ورجال الشرطة والمكانيكية، يسترزقون من مشاكل الآخرين ولسان حالهم يصيح بصمت فصيح: مصائب قوم عند قوم فوائد ولا نامت أعين الموهمين في أي مكان!!!!
menfaszo1@gmail.com