أصمت يا عبدالحي ندما وخوفا من الله لا خوفا من السلطات التركية

 


 

 




لم أكن يوما ولن أصبح بإذن الله من أنصار "شخصنة" النقاش السياسي. إلا أنني وجدت ان الدفاع عن الدين يستدعي تبيين التلاعب به ممن لا يخافون الله بل يخافون على مصالحهم الشخصية. لذلك اضطرت للتعليق على خطبة للسيد عبدالحي يوسف دفاعا عن صديقه الطيب مصطفى.
ولد عبدالحي يوسف بمصر وعاش بها 14 عاما ودرس بها حتى السنة الثانية المتوسطة ثم أكمل المرحلة المتوسطة بالمدرسة الانجيلية والمرحلة الثانوية بالكلية القبطية بالسودان وحصل بعدها على ليسانس شريعة من المدينة المنورة ويقيم الآن عقب فراره من السودان في كنف دولة علمانية.

دافع عبدالحي عن صديقه ومديره السابق الطيب مصطفى فقال ( أيها المسلمون عباد الله أن أخا لنا في الله في ايامنا هذه يتعرض لبلاغات تتابع يتقدم بها اهل النفاق اهل الدجل من أجل ان يكفوه عن الجهر بالحق وهو أخونا الصحفي الاستاذ الطيب مصطفى ذاك الذي سال قلمه بمداد كثير ينصر الحق يغضب لله ويرضى لله يؤاخي في الله ويعادي في الله يزيف شبهات الملاحدة و المنافقين ينافح عن دين الله يزود عن شرع الله وقد عهدناه ممن لا تأخذه في الله لؤمة لائم لا يتعصب لقبلية ولا حزبية بل ولاؤه وبراؤه في الله عز وجل. يتعرض لبلاغات من ناس بعضهم ملحد بعضهم يتبع الفكر الجمهوري الخرافي من أجل ان يسوقوه الى المحاكم يوما بعد يوما وحين بعد حين ارهابا له وتخويفا لغيره، أن واجبا على الناس جميعا ان ينصروه وان يؤازروه وان يؤيدوه وان يظهروا تضامنهم معه وأن يكثروا من الدعاء له بالتثبيت والتأييد والتسديد والتوفيق فذاك مقتضى الاخوة الايمانية، أسأل الله عز وجل ان ينصر من نصر دينه وان يخزل من خزل دينه اللهم انصر من نصر دينك واخزل من خزل دينك).

سبق للسيد الطيب مصطفى أن كتب مقال بعنوان "بين الشيخ عبدالحي يوسف ومزمل ابوالقاسم" بتاريخ 25/04/2019م جاء فيه (واحزنني ان عددا من الاقلام خاصة في الاسافير نالت من الشيخ الجليل بالرغم من علمهم انه لا تاخذه في الحق لومة لائم). وكتب قبلها في 18/07/2017م "ما سر الحملة على عبدالحي يوسف" فقال (شاهدت فيديو لدويعية ، ولا أقول رويبضة ، مغمور يتهجم فيه على الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف فدهشت والله العظيم أن بعض الصغار ممن يتصدون للدعوة إلى الإسلام لا يتورعون عن طرق كل السبل لنيل الشهرة بما في ذلك الهجوم على الدعاة الربانيين والنيل منهم......الشيخ عبدالحي اكتسب شهرة كبيرة خلال فترة قصيرة بعد عودته من الخليج وذلك من خلال برنامج (ديوان الإفتاء) الذي كان يبث عبر تلفزيون السودان وأذكر ، وقد كنت وقتها أدير التلفزيون- مدير التلفزيون-)!!!

لعبدالحي الحق وكل الحق في تمجيد صديقه ولكن من باب الورع كان ينبغي له عند تزكيته أن يقول نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحد؛ ولكنه لم يقلها أما سهوا او عدم اقتناعا بها او من باب الفهم غير الصحيح للحديث (انصر اخاك ظالما أو مظلوما)!!!

لكن ليس له الحق في إرسال رسالة لأهل السودان يقول (أن واجبا على الناس جميعا ان ينصروه...الخ)،فإن كان يقصد بالواجب هنا المعنى الشرعي أي الالزام وانه ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، - بإعتباره عميد كلية الدراسات الاسلامية- فقد أخطا في ان يلزم الناس بشيئا لم يلزمهم به الشرع!!! وكذلك فقد أخطأ في قوله (على الناس جميعا) لانه يرفع الواجب بأن يجعله فرضا عين، والكل يعلم بأن فرض الكفاية مثلا اذا قام به البعض سقط عن البقية!!! وإن كان يقصد بالواجب المعنى العام فقد أخطأ لان الواجب يختلف من فرد لاخر، وإن كان يقصد المعنى الفلسفي بإعتباره - رئيس قسم الثقافة الاسلامية بجامعة الخرطوم- فقد أخطأ أيضا لأن الواجب بحسب تعريف الفيلسوف كانط هو "القيام بعمل إحتراما للقانون". ولكن ماذا نفعل مع "متشيخ" متهم من قبل النيابة السودانية بأنه "حرامي"!!! ووشى به الرئيس المخلوع البشير وقال انه سلمه 5 مليون دولار- من أموال الشعب- فهرب عبدالحي في جنح الليل الى بلد العلمانية ولم يهرب لبلد تقام فيه الشريعة!!!

ثم نجده يصف من تقدموا ببلاغات ضد السيد الطيب مصطفي كالتالي (يتعرض لبلاغات تتابع يتقدم بها أهل النفاق أهل الدجل.....يتعرض لبلاغات من ناس بعضهم ملحد...)، لا أعلم ما هي مقاييس السيد عبدالحي لإطلاق لفظ الالحاد بهذه السهولة كلما سنحت له الفرصة، وهل للإلحاد معنى أخر عنده غير الكفر!!!

أما قوله عن السيد الطيب مصطفى (لا يتعصب لقبلية او حزبية) ففيه نظر!!! فكل الشعب السوداني يعلم علم اليقين موقف الطيب مصطفى من جنوب السودان وهو القائل في شهر اكتوبر 2010م (المقارنة بين مشكلة جنوب السودان ومشاكل السودان الاخرى كالمقارنة بين الصداع والسرطان) (افضل ان يحكم عمر البشير 100 سنة ولا يحكم عبدالواحد وعقار ..هؤلاء الاوباش لا يستحقون سوى ان يكونوا في السجون...) و كتب في 19/02/2013 (ظللنا نقول إن دولة جنوب السودان على شفا الانهيار وإنها لا تحتاج لأكثر من دفرة لتجثو على ركبتيها (وتنكفئ على قدُّومها) ولكن متى تصدِّقنا قبيلة النعام؟.... الحرب الحقيقية ... ليست مع قطاع الشمال وليست مع الحركات الدارفورية المتمردة التي تتعاون مع الشيطان الآن ضد وطنها ...إنما الحرب الحقيقية مع حكام دولة الجنوب التي تتصرف كالمجنون بعد أن أعماها الحقد الأعمى على الشمال وأهله...... أيها الناس ...أجهزوا على الحركة الشعبية ... فإن كل مشكلات السودان ستُحل تلقائياً.. سيموت القطاع العميل وتتبعه الحركات الدارفورية المتمرِّدة ...)

أنسى "شيخنا" عبدالحي كل ما لاقاه المعارضون لحكم طغمة الانقاذ من تشريد وتعذيب في بيوت الاشباح والسجون وسحق وقتل ولم يستنكره، بل إنه تعاون مع نظام الطاغية البشير فأمتلك المال والعقارات والقنوات التلفزيونية ، مما يحمل على تصديق القول بأنه أفتى للبشير بقتل ثلث الشعب السوداني!!! ويأتي الان ليتباكى ويجعل نصرة الطيب مصطفى ضد البلاغات فقط واجب على الناس جميعا أي يجعله بمثابة فرض عين!!! انه التلاعب بدين الله ليس الا، والا لماذا تهرب يا عبدالحي لتقيم في بلد علماني في حين انك تهاجم حكومة حمدوك وإتهمتها في 04/10/2019م بانها "أتت لهدم الدين...وتعمل على تطبيق العلمانية في السودان"!!! فإن كان لك شيء من الاخلاق فأرجع وواجه نيابات التحري والمحاكم وأثبت برأتك. وإن ثبتت عليك التهم فتحمل جزاء ما أقترفت يداك. والا فلتبقى حيث انت وتلتزم الصمت ندماً قبل ان تفرضه عليك السلطات التركية!!!

في ذكرى رحيل الشاعر حميد في 20 مارس 2012م

أختم ببعض أبياته
"والجابرية تظل في حالها
حلة حياتها تسر الظالم
صدفة تموت وتحيا اطفالا
***
حكم العسكر ما بينشكر
كله داردر..كلو مظالم
ماهو قدرطن تحيو همالة
مقصودين والقاصد فاهم"

wadrawda@hotmail.fr

 

آراء