أكاديميون ومثقفون يقودون حراكا للحل السياسي
زين العابدين صالح عبد الرحمن
15 May, 2023
15 May, 2023
أن الحل السياسي للأ زمة السياسية العسكرية في السودان، لا يتأتى من حالة التوصيف للأزمة التي درجت عليها القيادات السياسية، و أتباعهم من المثقفين السودانيين الذين عطلوا ملكاتهم العقلية، و رضخوا لحالة الاستقطاب الحادة الدائرة في المجتمع، و خاصة الساحة السياسية، أن الركون لعملية الاستقطاب أول ما تفعله تعطل العقل، و تجعله لا يستطيع التفكير خارج الحدود المرسومة إليه من قبل القوى السياسية، و التي لا تريده أن يفكر خارج شروطها. هذه الأزمة لم تكن وليدة مرحلة ما بعد ثورة ديسمبر 2018م، بل كانت أزمة مرحلة منذ انتخابات 1986م، و ما بعدها عندما دخلت القوى السياسية في تشاكس فيما بينها حتى وقوع انقلاب الجبهة الإسلامية القومية، حيث بدأت مرحلة جديدة من الحكم الديكتاتوري الشمولي، و استهدف القوى السياسية و أحدث فيها انشقاقات عديدة، و بدأت الحروب و النزاعات تعمق الأزمة أكثر. لذلك ليس غريبا أن تندلع الثورة من الشارع.
اندلعت الثورة و استمرت قرابة الست شهور بشعارات بسيطة التف حولها الشارع، و غاب المشروع السياسي، أن غياب المشروع السياسي يؤكد على أزمة القوى السياسية الفكرية، و أزمتها في ضعف قدراتها المعرفية التي لم تجعلها تتخذ من الفكر أداة لعملية التغيير، الأمر الذي جعل البلاد تقع في أزمات متعددة عقدت المشهد السياسي من جانب، و من جانب أخر اعطت فرص للمكون العسكري لكي يتقول على العملية السياسية. القضية الأخرى كما قال الدكتور محمد جلال هشام في لقاء مع إذاعة هلا. أن قدرات المنهج النقدي ضعفت عند النخب بسبب عملية التجهيل المنظم التي مارسها نظام الإنقاذ طوال الثلاثين عاما. لكن ضعف المنهج النقدي لم يبدأ مع الإنقاذ، إذا تتبعنا المسيرة التاريخية لكتابة التاريخ السياسي بعد الاستقلال، و من خلال تصريحات و أقول القيادات السياسية تجدهم يتخذون التبرير منهجا لهم، أي يبحثون عن شماعات يعلقون فيها أخطائهم. أنظر لكتاب السيد الصادق المهدي الذي صدر بعد انقلاب الجبهة الإسلامية 1989م ( الديمقراطية عائدة و راجحة) استخدم المنهج التبريري لكي يبريء حزب من عملية حماية الديمقراطية، حيث كان رئيسا للوزراء. و يقع على حكومته عبء حماية الديمقراطية. و هذه كانت المرة الثانية التي يقع فيها انقلاب و هو رئيس للوزراء. أن ضعف المنهج النقدي يؤكد عدم قدرة العقل السياسي أن يطرح الأسئلة الصعبة و الإجابة عليها، خاصة أن الإجابة في بعض المرات يحتاج فيها الشخص أن يفكر خارج الصندوق.
الملاحظ بعد اشتعال أوار الحرب بين القوات المسلحة و مليشيا الدعم السريع، غابت أيضا الأحزاب عن الساحة بعضها الزم نفسه الصمت تماما، و البعض الأخر وقع في دائرة الاستقطاب، الأمر الذي جعلهم جميعا في حالة أنتظار نتيجة الحرب. الأمر الذي يؤكد أن الأحزاب السياسية تقع تحت قيادات لا تملك رؤية سياسية، و هي الإشكالية المرحلة من قبل الثورة عجز العقل السياسي في تقديم أفكار بديلة عن حالة الوصف للأزمة. قبل الحرب كنت متابعا لثلاث قنوات تلفزيونية سودانية ( سودانية 24 و النيل الأزرق و البلد) درجت يوميا أن تقدم حوارات سياسية، تستضيف فيها قيادي من الحرية المركزي و من الديمقراطي و صحافي. كانت الحوارات حول الوضع السياسي الراهن، جميعهم كانوا فقط يصفون ما يجري في الساحة السياسية، دون أن يقدموا أفكارا بهدف خلق واقع جديد يخرج الجميع من دائرة التفكير النمطي الذي درجوا عليه، كان الصحافي عثمان ميرغني يقدم أفكارا لكن الجميع لم يكونوا راغبين بالأفكار في قناعة أنهم يمتلكون الحل، و أثبتت التجربة لا يمكون حتى القدر على فتح الحوار، باعتبار أن فتح الحوار نفسه يحتاج لأجندة و أفكار يتحاورون حولها، و الآن القيادات السياسية تنتظر أن تقدم الدول الأخرى أفكارا تساعد على الحل. هذا العجز النخبوي، جعل البعض يفكر في تكوين مجموعات بهدف تقديم مبادرات سياسية وطنية، مبادرات تتجاوز اسوار الأحزاب لكي تخلق حوارا وطنيا ينطلق من الإجابة على الأسئلة الصعبة.
أن الحرب قد دفعت بعض من المثقفين و الأكاديميين و الصحافيين من تيارات فكرية مختلفة في السودان أن يفكروا في تأسيس فريق عمل يتداول فكريا حول ترتيبات وقف الحرب، و الاتفاق على مشروع سياسي ما بعد حرب إبريل 2023م. بافتراض أن حرب الخامس عشر من إبريل 2023م ربما أضحت نهاية مرحلة و بداية مرحلة في السياسة السودانية، فإن مجموعة العمل هذه تستهدف طرح الأسئلة و تحديد الموضوعات و التداول حول الملفات ذات الصلة بهذا الافتراض. و تعتبر خطوة إيجابية.
كما هناك البعض أيضا في القاهرة لهم ذات الفكر لكنها ليست محصورة في قضية الحرب و وقفها. هؤلاء مشغولون أيضا بقضية إيجاد أرضية سياسية لها أهداف محددة تسعى لنجاح عملية التحول الديمقراطي، و لكن ليس من خلال الشعارات السياسية التي أثبتت فشلها، باعتبارها أداة غير فاعلة، و معطلة لعملية التفكير المفتوح، هؤلاء يريدون أن يؤسسوا رؤيتهم على قاعدتي الثقافة و الفكر. و هي ليست ببعيدة عن الأولى لأنها أيضا معنية بطرح الأسئلة و الاجتهاد بالإجابة عليها من خلال المناهج العلمية. أن الآشتغال الذهني يعتبر الخطوة التي كانت مفقودة في المراحل السابقة، حيث سيطرة فكرة السلطة على الكل، و هي فكرة صراع مستمر تعقد الأزمة أكثر مما كانت عليه. و ننتظر ما تفرزه هذه المجهودات من نتائج تعزز وحدة البلاد و الوصول لتوافق وطني يؤسس للسودان الديمقراطي. و نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
اندلعت الثورة و استمرت قرابة الست شهور بشعارات بسيطة التف حولها الشارع، و غاب المشروع السياسي، أن غياب المشروع السياسي يؤكد على أزمة القوى السياسية الفكرية، و أزمتها في ضعف قدراتها المعرفية التي لم تجعلها تتخذ من الفكر أداة لعملية التغيير، الأمر الذي جعل البلاد تقع في أزمات متعددة عقدت المشهد السياسي من جانب، و من جانب أخر اعطت فرص للمكون العسكري لكي يتقول على العملية السياسية. القضية الأخرى كما قال الدكتور محمد جلال هشام في لقاء مع إذاعة هلا. أن قدرات المنهج النقدي ضعفت عند النخب بسبب عملية التجهيل المنظم التي مارسها نظام الإنقاذ طوال الثلاثين عاما. لكن ضعف المنهج النقدي لم يبدأ مع الإنقاذ، إذا تتبعنا المسيرة التاريخية لكتابة التاريخ السياسي بعد الاستقلال، و من خلال تصريحات و أقول القيادات السياسية تجدهم يتخذون التبرير منهجا لهم، أي يبحثون عن شماعات يعلقون فيها أخطائهم. أنظر لكتاب السيد الصادق المهدي الذي صدر بعد انقلاب الجبهة الإسلامية 1989م ( الديمقراطية عائدة و راجحة) استخدم المنهج التبريري لكي يبريء حزب من عملية حماية الديمقراطية، حيث كان رئيسا للوزراء. و يقع على حكومته عبء حماية الديمقراطية. و هذه كانت المرة الثانية التي يقع فيها انقلاب و هو رئيس للوزراء. أن ضعف المنهج النقدي يؤكد عدم قدرة العقل السياسي أن يطرح الأسئلة الصعبة و الإجابة عليها، خاصة أن الإجابة في بعض المرات يحتاج فيها الشخص أن يفكر خارج الصندوق.
الملاحظ بعد اشتعال أوار الحرب بين القوات المسلحة و مليشيا الدعم السريع، غابت أيضا الأحزاب عن الساحة بعضها الزم نفسه الصمت تماما، و البعض الأخر وقع في دائرة الاستقطاب، الأمر الذي جعلهم جميعا في حالة أنتظار نتيجة الحرب. الأمر الذي يؤكد أن الأحزاب السياسية تقع تحت قيادات لا تملك رؤية سياسية، و هي الإشكالية المرحلة من قبل الثورة عجز العقل السياسي في تقديم أفكار بديلة عن حالة الوصف للأزمة. قبل الحرب كنت متابعا لثلاث قنوات تلفزيونية سودانية ( سودانية 24 و النيل الأزرق و البلد) درجت يوميا أن تقدم حوارات سياسية، تستضيف فيها قيادي من الحرية المركزي و من الديمقراطي و صحافي. كانت الحوارات حول الوضع السياسي الراهن، جميعهم كانوا فقط يصفون ما يجري في الساحة السياسية، دون أن يقدموا أفكارا بهدف خلق واقع جديد يخرج الجميع من دائرة التفكير النمطي الذي درجوا عليه، كان الصحافي عثمان ميرغني يقدم أفكارا لكن الجميع لم يكونوا راغبين بالأفكار في قناعة أنهم يمتلكون الحل، و أثبتت التجربة لا يمكون حتى القدر على فتح الحوار، باعتبار أن فتح الحوار نفسه يحتاج لأجندة و أفكار يتحاورون حولها، و الآن القيادات السياسية تنتظر أن تقدم الدول الأخرى أفكارا تساعد على الحل. هذا العجز النخبوي، جعل البعض يفكر في تكوين مجموعات بهدف تقديم مبادرات سياسية وطنية، مبادرات تتجاوز اسوار الأحزاب لكي تخلق حوارا وطنيا ينطلق من الإجابة على الأسئلة الصعبة.
أن الحرب قد دفعت بعض من المثقفين و الأكاديميين و الصحافيين من تيارات فكرية مختلفة في السودان أن يفكروا في تأسيس فريق عمل يتداول فكريا حول ترتيبات وقف الحرب، و الاتفاق على مشروع سياسي ما بعد حرب إبريل 2023م. بافتراض أن حرب الخامس عشر من إبريل 2023م ربما أضحت نهاية مرحلة و بداية مرحلة في السياسة السودانية، فإن مجموعة العمل هذه تستهدف طرح الأسئلة و تحديد الموضوعات و التداول حول الملفات ذات الصلة بهذا الافتراض. و تعتبر خطوة إيجابية.
كما هناك البعض أيضا في القاهرة لهم ذات الفكر لكنها ليست محصورة في قضية الحرب و وقفها. هؤلاء مشغولون أيضا بقضية إيجاد أرضية سياسية لها أهداف محددة تسعى لنجاح عملية التحول الديمقراطي، و لكن ليس من خلال الشعارات السياسية التي أثبتت فشلها، باعتبارها أداة غير فاعلة، و معطلة لعملية التفكير المفتوح، هؤلاء يريدون أن يؤسسوا رؤيتهم على قاعدتي الثقافة و الفكر. و هي ليست ببعيدة عن الأولى لأنها أيضا معنية بطرح الأسئلة و الاجتهاد بالإجابة عليها من خلال المناهج العلمية. أن الآشتغال الذهني يعتبر الخطوة التي كانت مفقودة في المراحل السابقة، حيث سيطرة فكرة السلطة على الكل، و هي فكرة صراع مستمر تعقد الأزمة أكثر مما كانت عليه. و ننتظر ما تفرزه هذه المجهودات من نتائج تعزز وحدة البلاد و الوصول لتوافق وطني يؤسس للسودان الديمقراطي. و نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com