(أكاد لا أصدق): برضو ألحقوا الإعلام..!
لن تزول الدهشة (إلا بزوال أسبابها) ونقول مرة أخرى وثالثة ورابعة أن تلفزيون السودان وإذاعته ووكالات أنبائه والإعلام القومي الذي يملكه الشعب لا يمكن أن يستمر على هذه الطريقة القديمة.. (أكاد لا أصدق): نفس الوجوه والإدارات والمديرين التي كانوا قبل الثورة ونفس الاستضافات ونفس الاحتكار القديم لكل برامج السياسة والثقافة فكلها حكر لجماعة المؤتمر الوطني أو مَنْ يرضى عنهم؛ ويسري ذلك حتى على البرامج الدينية والمدائح النبوية ومن يتكلمون عن (نواقض الوضوء) وصلاة الغائب.. وحتى نقل صلاة الجمعة من مسجد واحد لخطيب واحد (ثقيل الظل) لا يعجبه الحق ولا أهله..!
مَنْ هو مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الآن؟! ومَنْ هو مدير وكالة السودان للأنباء؟ وماذا يفعل الآن ما أسموه تزييفاً (المركز السوداني للخدمات الصحفية) وهو يتبع (في أحسن حالاته) لـجهاز الأمن؟ ولكن مّنْ يستطيع أن (يفرز الكيمان) بين جهاز الأمن وبين المؤتمر الوطني، وبين حركتهم الإسلامية، واتحاد المرأة، وأمانة الطلاب، واتحاد الطلاب والشباب، و(الذكر والذاكرين) وهيئة تزكية المجتمع، وهيئة التضرع والدعاء.. وجماعة الأوقاف التي هرب مديرها من الاتهامات بأكل مال الحجيج وهو لا زال في بيته هانئاً إذا لم يهرب ويدّعي رياءً انه يريد أن (يجاور) في مدينة الرسول وهو الذي لم يتورّع عن أكل مال زوار بيت الله الحرام..!!
لقد أشبع تلفزيون السودان الشعب تقريعاً ومعه الإذاعات القومية والفرعية وتلفزيون الخرطوم والولايات واستمروا في هذه المهمة الخبيثة طوال ثلاثين عاماً ولم يكفيهم ذلك فأرادوا أن يواصلوا (المسيرة القاصدة) في نشر الأكاذيب واستضافة من يسلكون سلوك (الطفابيع) من الإنقاذ وأنصارها وتابعيها من كل شكل ولون، وقد طال الأمد بضيوف هذه الأجهزة الإعلامية القومية وشبه الحكومية والخاصة؛ حتى اجترأ علي مخاطبة الناس من لا يُحسنون أن يقولوا (كلمتين على بعض).. بل الغريب أن إعلام الدولة الذي يموّله الشعب كان ينقل شتائم وسخائم رموز المؤتمرجية للمواطنين.. والناس يعرفون كيف كان حالهم قبل السلطة (والفقر ليس عيباً).. فإذا بهم يعيّرون السودانيين بأنهم كانوا قبل الإنقاذ (كورجة من الشحاذين) الذين يتكوّمون على أرصفة الجوامع، وأنهم كانوا لا يجدون (عود الكبريت) فيستلفون الجمرة من الجيران.. ولم يوضح هذا العبقري الذي قال هذا السخف كيف أوقد الجيران نارهم..؟! وأنهم يقتسمون الصابونة الواحدة (أم قرشين).. ولم يسمعوا بـ(الجنريتر) ولا الكهرباء إلى أن جاءت الإنقاذ فحملتهم من الظلمات إلى النور وارتفع الدخل للفرد إلى عشرات الآلاف من الدولارات وتعالت قيمة الجنيه حتى أن (جاحدي النعمة) تطلّعوا بعد الإنقاذ لمعرفة كيف يؤكل (الهوت دوغ)..!
لقد كان ما يُسمى تمويهاً بـ"المركز السوداني للخدمات الصحفية" لسان (حيّة الإنقاذ الرقطاء) وظل منذ ميلاده الخديج يُصطاد المتحدثين ليسمم الحياة السياسية.. وكان يستجيب له كثير من أقطاب المعارضة ويبتسمون لمخبريه.. فيا لهؤلاء المعارضين الذي لا يفطنون حتى للجهة المناسبة التي يدلون فيها بتصريحاتهم..!! ماذا حدث الآن لهذا المركز الأمني الكذوب الذي يتخفّى في دهاليز الإعلام.. ومما يؤسف أنه لا زال ينشر السموم حتى الأمس..؟!
من أول الحكاية ما علاقة الأمن بإنشاء وكالات الأخبار..؟! ومن أين يتلقّى هذا المركز المال؟ وما حُكم بقائه بعد الثورة؟..؟! ها هو هذا الإعلام الكارثي يريد أن يستمر في تلميع الطيلسان وصناعة الطغيان، ومحاولة إحياء الرمم، والتسبيح ببقايا الإنقاذ ونفايات السياسة، وإغاظة الشعب، والهروب من الثورة وميادينها و(الاحتفاء بالنكرات) وابتعاث الكاميرات لتغطية استقبال فلان لعلان، وزعيط لمعيط في مطار الخرطوم ونقل لقاءات (أحزاب الضرار)...وما زالت كاميرات هذا الإعلام تتفادى ميدان الاعتصام ومشاعر المواطنين.... كما قال الملك لير (وي وي خجلا لك خجلا)..!
murtadamore@yahoo.com
////////////////