أكبر مفارقات جنوح السفينة ايفرغيفين!!

 


 

 

 

 

بتاريخ 23 مارس 2021م، جنحت سفينة ضخمة واحدة طولها 400 متر، هي ايفرغيفين المملوكة لشركة شوي كيسن اليابانية، في قناة السويس التي يبلغ عرضها 335 متر فتعطلت مصالح كل دول العالم بسبب احتجاز أكثر من 160 سفينة علقت شمال وجنوب القناة، وتتضمن هذه السفن 24 ناقلة نفط، وسفن تشحن سلعاً استهلاكية!!
يقول البعض إن اللغة العربية هي مثال حي لانعدام المنطق والدليل على ذلك جنوح السفينة ايفرغيفين، فالجانح في اللغة هو المائل، والجانح في اللغة هو مرتكب المخالفة القانونية الذي يقل عمره عن 18 سنة والجانح في اللغة هو أيضاً المركب الذي تمسك غاطسه ( أي قسمه المغمور في الماء) بالقاع فثبت في مكان واحد ورفض التحرك منه، ويقول آخرون، لا يوجد انعدام منطق ولا يحزنون فكل هذه المعاني انطبقت على السفينة الجانحة فهي مالت إلى جانبها وتشبثت بموقعها في عرض القناة وهي تبلغ من العمر حوالي عامين عندما جنحت فقد تم صنعها في اليابان في عام 2018م فهي مجرد طفلة بين السفن رغم ضخامتها التي سار بذكرها الركبان!!
حاولت بعض المصادر الاعلامية التقليل من خسائر هذه الأزمة العالمية لكن مصادر اعلامية أخرى ذكرت أن تكلفة الشحن البحري قد قفزت بشكل كبير، وأن تعطل الملاحة عبر القناة يكلف التجارة العالمية قرابة 400 مليون دولار في الساعة ما يعادل نحو 6.66 مليون دولار في الدقيقة، ومع تعطل الملاحة ارتفع سعر شحن الحاوية الواحدة من الصين إلى أوروبا إلى 8000 دولار، ما يساوي 4 أضعاف السعر السابق، ووفقا لتقرير وكالة "بلومبرغ" فإن الحادثة ستؤخر تسليم منتجات نفطية بقيمة نحو 10 مليارات دولار، الأمر الذي سيؤثر على أسعار النفط في الأسواق العالمية، وفي حال قررت السفن الإبحار عبر رأس الرجاء الصالح فإن المسار سيزيد بمقدار 9.65 ألف كيلومتر، وبالتالي ستزيد تكلفة نقل البضائع لاكثر من 300 ألف دولار!!
بلغ التوتر العالمي أقصى درجاته بسبب تعدد محاولات تعويم السفينة الجانحة والفشل في زحزحتها من الموقع الذي تشبثت به في عرض القناة وما أن تم الاعلان عن تحريك السفينة الجانحة بمقدار 30 درجة فقط لا غير حتى اطلقت عشرات السفن المحتجزة ابواقها ابتهاجاً بظهور أصغر ضوء في نهاية أطول نفق مظلم!! أما أبواق الفرحة العالمية الكبرى فقد انطلقت بمجرد إعلان تعويم السفينة وعودة الملاحة عبر قناة السويس إلى طبيعتها!!
يدعي البعض أن هيئة قناة السويس لم تقصر في اتخاذ اجراءات الانقاذ منذ لحظة جنوح السفينة ايفرغيفين وأنها بذلت مجهودات جبارة لتحرير السفينة الجانحة وتحريكها، بينما يدعى آخرون عكس ذلك فقد سخر كثيرون من صورة السفينة اليابانية الجانحة البالغة الضخامة والجرار المصري الوحيد الصغير القابع تحتها والذي يحاول تحريرها من القبضة الطينية دون جدوى فقد علق سياسي أوربي على هذه الصورة، التي انتشرت في جميع مواقع التواصل الاجتماعي العالمية، بقوله (لو سمحتم، هل من متبرع بجرار آخر؟!) وقال معلق آخر: النظام المصري متخصص في تعويم الجنيه وليس تعويم السفن!!
يدعي البعض أن المصريين قد نجحوا في تحرير السفينة الجانحة من قبضة الطين ومن حقهم الفخر بذلك الانجاز الاسطوري عبر إبداء أكبر قدر من الضجة والتهليل، لكن آخرين يؤكدون أن الهولنديين هم الذين حرروا السفينة الجانحة من قبضة الطين بعد أن قبضوا ملايين الدولارات وانسحبوا بهدوء وبدون تعليق وأكد هؤلاء أنه لولا الهولنديون لظلت السفينة الجانحة ايفرغيفين متشبثة بموقعها في عرض القناة المصرية االى يوم يبعثون!!
يعتقد البعض أن هذه الحادثة سببت أول اغلاق في تاريخ قناة السويس لكن آخرين يؤكدون أن قناة السويس التي تم افتتاحها في عام 1869م قد تم اغلاقها تسع مرات بسبب الحروب وبسبب حوادث السفن وأن إغلاق عام 1967م قد استمر لمدة 8 سنوات وبالتالي فإن جنوح ايفرغيفين الذي أغلق القناة لمدة أسبوع هو الحادثة الأخيرة وليست الأولى!!
يزعم البعض أن شركة شوي كيسن اليابانية ومصر لن يلزما بالتعويض لأن جنوح السفينة كان بسبب طبيعي هو سوء الاحوال الجوية وليس بسبب خطأ بشري أو فني وأن شركات إعادة التأمين هي التي ستتكبد خسائر التعويضات، ويؤكد البعض أن مصر تملك حق مطالبة الشركة اليابانية بالتعويضات، لكن آخرين يعتقدون أن الشركة اليابانية ومصر مسؤلتان وستواجهان مطالب بتعويضات ضخمة من مشغلي السفن المتضررة ومن الموردين، وإذا اضطرت مصر للمساهمة في التعويضات، فإنها ستضاف إلى الخسائر المباشرة، التي تتراكم يوما بعد يوم من جراء تعطل الملاحة في القناة علماً بأن متوسط الدخل اليومي لمصر من القناة يبلغ 15 مليون دولار أمريكي وهي أهم مصادر النقد الأجنبي على الإطلاق.
يقلل بعض السياسيين من المخاطر المستقبلية لازمة السفينة الجانحة على مصر ويعتقدون أنه لا بديل لقناة السويس إلا قناة السويس، لكن آخرين يؤكدون ظهور خطط نقل بديلة برزت مؤخراً، وأن أزمة السفينة الجانحة ستسرع تنفيذها، مثل اتفاق إسرائيل والإمارات على إحياء أنبوب إيلات- أشدود الاسرائيلي لنقل نفط الخليج إلى شرق آسيا، وأيضا خطط إسرائيل مع اليونان وإيطاليا وقبرص لبناء أنبوب لنقل الغاز من شرق المتوسط إلى أوربا، كذلك برز مخطط اسرائيل والولايات المتحدة القديم الجديد لانشاء قناة بنجريون عبر صحراء النقب المحتلة بحيث تربط بين البحر الأبيض وخليج العقبة وتطل على منافذ البحر الأحمر والمحيط الهندي وتكون بديلاً لقناة السويس وأن على مصر إذا أرادت تقليل المخاطر المستقبلية المحتملة أن تقوم بتوسيع عرض قناة السويس لأكثر من 500 متر وحفر قناة أخرى مماثلة مجاورة لها على سبيل الاحتياط وأن تقوم بتجهيز أحدث وأضخم الأوناش والقاطرات والحفارات لمنع تكرار وقوع أي إغلاق مماثل في المستقبل!!

 

menfaszo1@gmail.com

 

آراء