أمـا آن لهـؤلاء وأولئك أن يستـوعـبـوا .. بقلـم: عمـر العمـر
عمر العمر
20 September, 2021
20 September, 2021
واضحٌ جليٌ وجود مخطط متعدد الأطراف يستتهدف تخذيل الشعب لجهة الرهان على سلطة مدنية من شأنها إنجاز غايات الثورة . ما لا يعرف المتامرون أن لدى الشباب صانعي الثورة مناعة ضد حملات التخذيل والإستهداف. نعم ثمة حالة غضب وسط الشباب أزاء أداء سلطة الثورة. لكن هذا الغضب مهما تصاعد لن يبلغ حافة الإحباط. فالإحباط حالة مرضية بينما الغضب هو جذوة الثورة.
الصبر على التآمر ليس أمرّ من صبر على حكومة يراها البعض ميْتةً سريريأ.
إنعاش هذه الحكومة هو الجرعة الأولى على درب الإستشفاء من اسقام التآمر و أعراضه. ذات يوم قال عبدالناصر "إذا اختلفت الثورة مع شيايها فهي على خطأ." ما قصد إليه الزعيم الراحل ولم يقله صراحةً هو التباين وقتذاك بين الشباب والسلطة .
*** *** ***
مالم تستوعب أطراف التآمر روح الشباب الديسمرييين وهم كتبوا بعرقهم ودمائهم شهادة ميلاد جيل سوداني جديد، من أبرز خصائصه رفض الوصاية السياسية من منطلق الأبوة أو الأساتذة..من أبرز ملامحه الوعي والصلابة .
جيل إنتفض في وجه نظام شمولي شرس يحتفظ لنفسه بجذوة الغضب لكن لا يسمح لها باستدراجه إلى هوة الإحباط. بوعيه الوهاج يدرك الشباب أن إنفجار الثورة لا يعني ولوج الفردوس المفقود بل هي الخطوة الحاسمة على درب بلوغ ذلك الفردوس. بصبره المكتسب عير عقود البؤس الثلاثة الأخيرة يعد هذا الجيل نفسه لسلسة من المعارك بغية ترجمة الحلم الديمقراطي واقعاً. هو جيل يعوّل على استيعاب التاريخ لا استنساخه. لذلك تتباين رؤاه تجاه ثورتي اكتوبر وإبريل عن نظرات الأباء والأساتذة . هو يرفض الأحكام القاطعة في سياق حروب الأجيال المفتعلة وربما بعضها جائرٌ على نسق "من غيرنا يعطي لهذا الشعب ....".
*** *** ***
بثقافته المفتوحة على التجارب الإنسانية يقف الجيل الماجد على ظاهرة عمليات إختطاف الثورات عبر التاريخ . لذلك هو يكبح غضبه حتى لا يخوض معارك الأخرين رغم بريق الرايات المرفوعة فوق الساحات من طراز " رفض الإقصاء أوالتهميش". , " حرية الرأي والتعبير أو التنظيم" .في الوقت ذاته يرفض الكفر بسلطة الثورة الحالية حداً يدينها باستهدافها تهميشه أو إقصائه كما يزعم كثر او ربما تومئ اليه التجربة المعيشة. لعل هذه المفارقة على وجه التحديد تستدعي السلطة إلى إعادة النظر في مجموع مقارباتها, إجراءاتها ومواقفها تجاه عدد من الأحداث وعند بعض المنحنيات ..لا يفيد الجالسين على مقاعد السلطة كما لا يثري التجربة السياسية المعافاة محاولات التبرير المجاني، الإختباء بعيداً عن بؤر الأحداث الملتهبة أو التعتيم على الخلافات الناهشة جسد الدولة الحالية. كل ذلك يراكم الأزمات ولا يفككها.هذه ممارسات من شاكلة الهروب إلى الأمام من أجل الإحتفاظ بالإمتيازات ليس بغية الحفاظ على الثورة. كلاهما الإحتفاظ بالإمتيازات والحفاظ على الثورة يستوجبان دوماً الجسارة على المواجهة.
*** *** ***
على شاغلي المناصب داخل هرم السلطة والجائلين تحت مظلة مايسمى بالحاضنة السياسية وبناة التحالفات المشبوهة ألا يغفلوا عن حقائق بالغة
الأهمية: منها أن صوت الشباب هو يعبردائما عن صور المستقبل .كما أن هذا الجيل ربما يؤجل معاركه وفق خياراته المتاحة لكنه لا يفرط في طموحاته وأحلامه. أو يكتفي بالفرجة عليها وهي تتعرض للتهشيم أو الذبول تحت أي الظروف أو الضغوط. المتنعمون بفيء السلطة كما المتآمرون لا يرغبون في تذكيرهم بالقاعدة الفيزيائية " لكل فعل رد فعل مضاد ".هي قاعدة نافذة في كل التفاعلات االحياتية . القيمة المضافة في رصيد جيل ديسمبر الفارقة بينهم وبين الآباء الغارقين في ذواتهم تتمثل في حتمية تطوير التجربة السودانية الحديثة لا تقويضها كما دأب السابقون . ثمة قناعة تزداد رسوخاً باستعصاء ثورة ديسمبر على كافة أشكال الإختطاف أو التصفية المحتملة إذ هي قيد حراسة قوامها الوعي واليقظة.
*** *** ***
حينما نعد قائمة المتهمين بالتخاذل والتخذيل لن نستثني المساومين عند فجر النصر على قيم الثورة وتشكيل سلطة جماهيرها.تلك القائمة تضم بالإضافة إلى الصاعدين إلى أروقة القرار من المجهول الجنرالات الراجفين والمرجفين.
هؤلاء هم المسؤلون اليوم أكثر من غيرهم عن فوضى الإنفلات الأمني على كل الأصعدة. على قدر تشويه هيبة الدولة يفقد هؤلاء شروط الإحترام وفروض البقاء. سيدرك هؤلاء ولو بعد حين أنهم سقطوا بالفعل من على شرفة الشرف.
لو ينظر هؤلاء وأؤلئك في شبكات التواصل الإجتماعي لعرفوا حق أقدارهم .هم لن يدركوا حتى بعد سقوطهم أن العنف لا يقوى مهما تعاظم على إطفاء جذوة الثورة أو تهشيم أحلام الشباب. فالثورة أضحت قطيعة مع الماضي بكل مظاهره وممارساته مثلما أصبحت قضية أمة تستقطب وتلهم البذل والتضحيات. من لن يسطيع مواكبة هذا الموج عليه الترجل أو امواجهة مصير الغرق.
*** *** ***
العمل الثوري مصحوبا دوماً بتجربة الصواب والخطأ لكن التوغل في الخطأ خطيئة غير قابلة للغفران كل مقاربات" إتفاق جوبا" منذ كان مشروعا حتى التوقيع كانت خطايا في حق وحدة الشعب والوطن عديد من حملة الرأي والقلم قالوا مثل هذا وأكثر لكن الباحثين عن الأمجاد المزيّفة والمكاسب الآنية مضوا في الطريق الوعر حد التوقيع على الصفقات المسمومة. ما يحدث في الشرق يحمل في جوانب منه بعضاً من ذلك الفيروس المخلّق في جوبا. لعل أؤلئك المزيفين ييدركون قبل فوات الأوان أن الأرصدة السياسية قابلة للمراكمة أو النقصان حسب المساهمات في الحقل الوطني ليس في الحسابات البنكية. كما عليهم استيعاب أن حملة الأمل أشد بأساً من الميئسين وأصحاب التفاؤل أقوى عزيمة من المثبطين فالمد الجماهيري ربما يتعرقل أو يرتبك فيخسر قوة دفعه مؤقتاً لكنه لا يفقد قوة إندفاعه الكامنة فيه مطلقاً. الدولة العاجزة عن فرض هيبتها على رعاياها دولة أقرب إلى الموت الحتمي. لا هيبة لدولة لا يشعر مواطنوها بالأمن والسلم الإجتماعي. من أبرز سمات ثورة ديسمبر نشرها الوعي بقضية العدل الإجتماعي على مدارج غير مسبوقة. لجنة تفكيك النظام البائد تمثل أحد تلك المدارج الزاهية لذلك يحاول كل أعداء الثورة المساس بها من زوايا متباينة.
*** *** ***
في السياسات القومية هناك بون شاسع بين الإرتجال ،الخطوات العشوائية على مقياس ردود الأفعال وبين الخيارات الممنهجة القائمة على الرؤى النافذة.قوام ثورة ديسمبر جماهير عابرة للأجيال ،عابرة للأيدولجيات ، عابرة للإثنيات، عابرة للجهويات. جماهيرهذا حالها لن تموت ولو واقفة.
aloomar@gmail.com