“أيها البشير أرحل”

 


 

 


"وتمضي الأمور من جهالة إلى جهالة، حتى يغدو الفكاك من ربقتها مستحيلاً، إلا بقفزات هائلة في الخيال، أو بثورات هائلة في الروح". الكاتب المرحوم الطيب صالح
أنتهت "حلقة" النقاش الساخن وغير المباشر بين رئيس الجمهورية الفرنسي الجديد ماكروان ذو ال39 عاما ورئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية "الفريق أول" بيير دوفيلييه، التي دارت في الاسبوعيين الماضيين بتقديم الاخير إستقالته من منصبه!!!! وأصل الحكاية التي طفت على السطح إن دوفيلييه أنتقد ميزانية وزارة الدفاع علنا. فجاء رد رئيس الجمهورية بأن مثل هذا النقد يجب ألا يكون في الإعلام. إلا أن رئيس الأركان رد عليه بأنه يجب وضع الثقة في القوات المسلحة وخاصة أزاء المهام الكبرى التي تقوم بها. فحسم الرئيس ماكرون الأمر بصورة "ماكرة" قائلاً أن رئيس الأركان اذا لم يعجبه الأمر يمكنه مغادرة منصبه!!! واستمر النقاش بصورة غير مباشرة بين رئيس الجمهورية ورئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية. مرد هذا السجال الحاد هو الدفاع عن مصلحة فرنسا في المقام الأول، فكل منهم يدافع عنها من وجهة نظره ومن موقعه، وليست هناك حساسية أو مصالح شخصية في الأمر ولكنه اختلاف رؤى ووجهات نظر ليس إلا ؟؟؟

ضربت هذا المثل لأقول هل لأؤليك القوم كرامة شخصية وولاء للوطن تدفعهم للاستقالة والتخلي عن السلطة والجاه بكل سهولة تمسكاً بالموقف والرأي، أكثر من البشير و طغمته كعلي عثمان ونافع علي نافع وغندور وصولا لطه عثمان الحسين؟؟؟
بل لنا في الاخير دليل على انعدام الكرامة الشخصية والولاء للوطن والتمسك بالموقف والرأي عند طغمة حكومة الإنقاذ!!! فبين ليلة وضحاها تحول طه عثمان الحسين من مدير مكاتب رئيس جمهورية السودان إلى مستشار وزير الخارجية السعودية في سابقة لم تحدث في التاريخ!!! رغم أنه سبق لطه عثمان الحسين أن قال "أنا لست مدير مكتب الرئيس البشير بل أنا ابنه" ؟؟؟ وإني لأجزم بأن طه عثمان الحسين ما تجرأ على تلك الخيانة إلا عندما رأى أن من يقول عنه والده أي البشير وكل من حوله من مسئولي الدولة من أولهم حتى أخرهم غارقون في خيانة السودان وشعبه !!!.
إّذن إنها سياسة "المتأسلمون" وطغمة الانقاذ وحزبي المؤتمر الوطني والشعبي التي لا تؤمن بالوطن الجغرافي والتي بدأ تطبيقها مع وزير الرعاية الإجتماعية الاسبق والنائب الاول لرئيس الجمهورية الاسبق علي عثمان طه وكان هدفها إفساد الوطن بمن فيه وقتل الروح الوطنية والولاء للوطن !!! وجعل الولاء للانقاذ ولمن يدفع أكثر.
كدلالة على عدم مراجعة النفس وعدم الاعتراف بالذنب في حق الشعب وعدم الولاء للسودان لايجد أهل الانقاذ المتمسحون بالاسلام عذراً لما أحدثوه من دمار للسودان وفساد في الارض سوى القول" لسنا بأفضل من الصحابة الذين احتربوا بعد أقل من ثلاثين عاما من وفاة الرسول "ص""، بل يستمر نفس وزير الرعاية الاجتماعية الاسبق والنائب الاول لرئيس الجمهورية الاسبق علي عثمان محمد طه ورغم بلوغه سن السبعين فأنه لم يفقه شيئا ليقول في الخبر الذي نشر بتاريخ 23 يوليو 2017م "لن نعتذر عن الانقلاب...الانقاذ جاءت في ليلة مباركة نظر فيه الله لأهل السودان بعين الرضا والرحمة"، فإذا تجرأ للتقول على الله حتى في هذه السن التي يقترب فيها الانسان من القبر، فماذا يمكنه ان يكون قد فعل في سني شبابه وطيشه في حق الشعب بصورة عامة و معارضوا نظام وحكومة الانقاذ بصورة خاصة سوى القتل، ألم يشتهر بجملته "اطلق النار لتقتل shoot to kill"!!!
وكدلالة على إستمرار "الكيزان" المتمسحون بالإسلام في غيهم يعمهون حتى بين الاجيال الاكثر شباباً، تجاوب معه احد مريديه أي جعفر بانقا فقال "اني ارى بعض صغارنا يجهلون كثير من ذلك التاريخ الناصع والسيرة العطرة لصحابة القرن العشرين وهم أحياء بيننا"!!!! وقد سبقه أحد قادتهم الجدد وهو أبوبكر عبدالرازق فقال لصحيفة أول النهار في يونيو 2015م "الحركة الإسلامية نجحت فيما فشل فيه الصحابة" مضيفا "إن المسلمين الان ليس لهم حاجة لما كتبه الامام البخاري في صحيحه"!!!
قال ابن عباس "إن الله نظر في قلوب العباد فوجد أطهرها وأنقاها قلب محمد "ص" فأختاره نبيا لاخر الزمان ، ثم نظر فيها أخرى فإذا قلوب صحابته أطهرها وأنقاها فأختارهم صحابة له".
في حقيقة الأمر إن هولاء المتأسلمون ما هم إلا شريحة من دجالي القرن العشرين!!!
نعم يمكن وضع التصورات والخطط والبرامج المستقبلية لحلول اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها لما بعد الإنقاذ.أما في ظل هذا الحكم العسكري الديكتاتوري الفاسد الذي خرب البلاد وأفقر العباد. والذي يستمر في خداع الشعب وإلهائه بأمور هامشية مثل صراعات إتحاد كرة القدم. أو أخبار طه المغني أو طه "أب حرفين" وصاحب الجنسية السعودية ومدير مكاتب رئيس حكومة الانقاذ البشير. أو أن الذهب الذي يبشر به الوزير "الكاروري" من حين لآخر سيملاء أرض السودان عدلا وثراء كما ملئت ظلما وفقرا وانتهاء "بحكاية ابو القنفد والمكوة ابو ديك، ثم الخطف ونقل الأعضاء ثم التباكي على غزة ".

للأسف الشديد فإن الماسكين بزمام الامور في السودان بعيدين كل البعد عن الولاء للسودان، وبآذانهم صمم ولا يحبون الناصحين لهم ، لما يحقق خير ومصلحة السودان وأهله، قال ود الجبوري"الان كان نصحت الحكومة نصيحة عديل بيضاء ، نصيحة من القلب للقلب بقول لك هـ، تمرقا بيناتا وتقولك هـ د بتاع معارضة" ! ! ! ولكن يحبون المشجعين لهم لامتصاص مزيد من دم الشعب السوداني.
ما سبق قوله يؤكد بأن نظام الإنقاذ ومن أتى به سياسيا هم السبب الأساسي لكل هذا الانهيار الاقتصادي والخراب الاجتماعي بل واستمرار الحروب التي أدت لفصل الجنوب وستؤدي لفتنة عرقية وقبلية يمكن أن تنفجر كثارات ثم انتقامات قبلية وتنتهي بحرب أهلية مستقبلا "لا قدر الله". يعقبها تمزق البلاد الى دويلات او مناطق نفوذ قبلي وانتهاء بالصوملة.
وعليه يتوجب على كل مواطن من الشعب السوداني رفع لافتة امام منزله وعليها جملة واحدة فقط " ايها البشير إرحل"!! وهي تعني سحب الثقة من البشير الذي سبق له وان قال في شهر فبراير 2015م " أنا برحل اذا الشعب قال لي ارحل وما اداني صوتو"!!! وكلك وعد وأخلف مرتين بأنه لن يترشح لدورة رئاسية جديدة!!! وعندها نرى مدى صحة ما قاله، ومعنى الكرامة الشخصية والولاء للوطن والتمسك بالموقف والرأي!!!
أنشد أحدهم
"يا أم أَحمد دُقي المَحلبْ
جانا زَمنْ سُنونو صُفر
نَابو سَنينْ للرَحمة ضَنينْ
هَدّ ضُهور الصبروا سِنين
سَرقْ الفال و رَاحة البال
و خلّى دُرُوبْ آمالنا مُحال
و بقينا في غَابَة و نَارْ لهّابَة
و جُوَّة الغابَة وحوش نَهَّابة
خَنقوا البسمَة و حَرَقوا أحَاجي الجِدَة حَبيبَة
و دَفنوا في خور خَيباتهم فاطنة السَمحة ??????????
يا أمْ أحمد قُومي إتوضي و أكُربي صلاتِكْ
و في مُصلاتِكْ أرفًعي إيدِكْ
و أسألي رَبِكْ في دَعَواتِكْ
يَزيل الغُمَّة و يَريحْ الأمَّة
منْ النَصًبو عَلينا
و سَرَقُوا كُحُلنا مِن عِينينَا"
wadrawda@hotmail.fr

 

آراء