أي كـاس تجرّع حمـدوك! .. بقلـم: عمـر العمـر
عمر العمر
24 November, 2021
24 November, 2021
طوبى لكم أيها الشعب،طوبى لكم رجالاً ونساءً، طوبى للمحاربين و الأسرى والمفقودين وعائلات الشهداء العظيمة .وويل لي أنا الذي لا أزال على قيد الحياة أتجرع كأس السم الملوّث بقبول القرار وأشعر بالعار مقابل عظمة وتضحية هذا الشعب الكبير."
*** *** ***
تلك ليست كلمات على لسان عبدالله حمدوك لكنها ربما لسان حاله بعد فعلته الشائنة إذ ظللنا نحيطه بالمحبة ذاتها . لكنما ذلك تصريح الإمام الخميني حينما أعلن القبول بقرار مجلس الأمن المرقّم 598 القاضي بوقف الحرب مع العراق. مرشد الجمهورية الإسلامية أعلن الإذعان للقرار الدولي مجبراً تحت ضغط الخسائر الفادحة في حرب السنوات الثماني. الخميني أعلن قبوله في 20 يوليو 1988، أي بعد سنة تامة على صدور القرار . لذلك أسمى ذلك القبول بـ" تجرع كأس السم". منذ ذلك التريخ أصبح " تجرع كأس السم" مصطلحاً متداولا في الأوساط السياسية والبحثية يفصح عن حالات قبول القرارات الصعبة على نحو قسري في ظروف إستثنائية.
*** *** ***
ربما قبول عبد الله حمدوك بالإتفاق المعيب يشكل ضرباً من " تجرع كأس السم" حين نحسن الظن بالرجل عندما خرج علينا بالقبول غير المرتقب من محبسه الخفي الظروف. من غير المرئي للنظارة على المشهد السياسي ماجرى داخل محبس حمدوك الجبري ثم ما أفضى لقبوله المنكسر بالإتفاق المذل حتى غدا الرجل "المؤسس" كما ينعته البعض بـ الرجل "المنفسس" وفي رواية ثانية "المحلل"
*** *** ***
عندما تجرع الخميني "كأس السم "لم يكن يستهدف الإنتحار بل على نقيض ذلك قصد التشبث بالحياة والسلطة. لذلك لا نفترض البتة تجرع حمدوك" كأس السم" من منطلق الرغبة في الإنتحار. بل المنطقي الراجح تمسكه بالحياة والسلطة.
تلك المفارقة فتحت المشهد السوداني برمته على سيل جارف من الأسئلة الحارقة الملحّة دون أي محاولة من حمدوك لدرء أيٍ من تلك الأسئلة أو محاولة الإجابة على بعضٍ منها. أكثر من ذلك جاءت تصريحاته في حفل التوقيع ثم بعدها مسرفة في الخنوع والقعود حداً أصاب الثوار في الشارع بصدمة دفعت الوطن بأسره لجهة هاوية الإحباط.
*** *** ***
الشعب لم يستوعب كيف تجرأ حمدوك على منح قبلة الحياة للحركة الإنقلابية بينما هي تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت أقدام الثوار في الطرقات.
كل الشواهد تثبت لو صبر حمدوك لمات القاتل. وقتئذٍ لخرج حمدوك محمولا على الأعناق إلى مصاف رجل وطن، لي فقط رجل دولة. ما من حجة تكفي لتبرير قبول حمدوك" تجرع كأس السم" من منطلق الحرص على حقن دماء الشباب .بغض النظر عن ظروف الحبس والمحبس فقد شكل ظهور حمدوك في القصر ذاك اليوم على وجه التحديد بمثابة مكافأة سخية للقاتل . بل أنكأ من ذلك أقرب إلى إدانة القتيل. فكيف تأتى لرئيس وزراء الثورة التأهب للذهاب في ذلك الزقاق العتم بينما الباب مفتوح أمامه على إتساع الوطن للصعود إلى شرفة التاريخ .فعوضا ذلك الخروج الذليل ثمة أكثر من سبيل ممهد للإطلالة على الشعب حتو ولو أسيرا أو محرراً و شهيداً مجللاً لكن بصيرة الرجل لم تعنه كما هي العادة على استبصار الأفضل من الخيارات عند منعطفات الثورة الحرجة.
*** *** ***
مع ذلك يراهن البعض على تناول حمدوك" كأس السم" رغبة في التشبث بالثورة. تلك مشاعر ربما تتفتق في سياق رومانسيتنا الغالبة يوم حملناه إلى سدة رئاسة سلطة الثورة التنفيذية زسط إجماع شعبي عارم لم ينله قبله سوداني منذ الإمام محمد أحمد المهدي حسب توصيف استاذنا الدكتور فيصل عبد الحمن علي طه، حجتنا الحقوقية والباحث الموثّق في تاريخنا. هي رومانسية سياسية حرّضتنا غير مرة على غض الطرف عن تهاون حمدوك ، بطئه ،تلكوئه وعثراته المتعددة في غضون السنتسن الفائتتين. ذلك من حال عجزنا تجاه إيجاد سياسي يتمتع بكاريزما جاذبة طاغية بشروط ومؤهلات قيادة سلطة الثورة. لذلك سيرجئ قطاع غير قليلمن الشعب إصدار حكمه النهائي على مصيرك بعد تناوله كأس السم. ذلك حكم مصدره ومرجعيته سلطة الشارع ومحكمة الثوار. الشارع لم يعد يترقب كلاما مكرورا عن أمنيات العبور والإنتصار وأوهام المبادرات وخارطات الطريق. الشعب يريد خطوات على الأرض تفتح آفاق المستقبل المشتهى العامر بالسلم الإجتماعي والوفرة والرفاهية.
*** *** ***
في المنعطف الراهن لن يجدي حمدوك غلإلتباس بتصنع الرزانة والحكمة مثلما لن يجديه دور المظلوم وشخصية ضحية التنازع بين القوى السياسية وبينها وبين الجنرالات.
أول أحكام الشارع تصدر مع بروز التشكيل الوزاري المرتقب. ملامح تلك الإدارة الحكومية تشكل شهادة حية ترسّخ إنطباعاً أوليا قويا عما إذا كان حمدوك تناول كأسأً مترعا بالجرأة على المجابهة والجسارة على الخروج من تحت ظلال المتطاولين بكواعب هشة مزيفة أو أؤلئك المتخذين من العمل السياسي وسيلة لكسب العيش. هؤلاء لن يعينوا حمدوك لجهة تقديم كفاءات وطنية يمكن الرهان عليها لصناعة حلم المستقبل . فإن لن يفعل فهو يزيد بعد الكاس الطين بلة. فمن حكم الرئيس الأميركي النادرة رونالد رريغان قوله" الرئيس التاجح ليس من يملك قدرات النجاح بل من يحيط نفسه برجال قادرين على صنح النجاح"
aloomar@gmail.com
*** *** ***
تلك ليست كلمات على لسان عبدالله حمدوك لكنها ربما لسان حاله بعد فعلته الشائنة إذ ظللنا نحيطه بالمحبة ذاتها . لكنما ذلك تصريح الإمام الخميني حينما أعلن القبول بقرار مجلس الأمن المرقّم 598 القاضي بوقف الحرب مع العراق. مرشد الجمهورية الإسلامية أعلن الإذعان للقرار الدولي مجبراً تحت ضغط الخسائر الفادحة في حرب السنوات الثماني. الخميني أعلن قبوله في 20 يوليو 1988، أي بعد سنة تامة على صدور القرار . لذلك أسمى ذلك القبول بـ" تجرع كأس السم". منذ ذلك التريخ أصبح " تجرع كأس السم" مصطلحاً متداولا في الأوساط السياسية والبحثية يفصح عن حالات قبول القرارات الصعبة على نحو قسري في ظروف إستثنائية.
*** *** ***
ربما قبول عبد الله حمدوك بالإتفاق المعيب يشكل ضرباً من " تجرع كأس السم" حين نحسن الظن بالرجل عندما خرج علينا بالقبول غير المرتقب من محبسه الخفي الظروف. من غير المرئي للنظارة على المشهد السياسي ماجرى داخل محبس حمدوك الجبري ثم ما أفضى لقبوله المنكسر بالإتفاق المذل حتى غدا الرجل "المؤسس" كما ينعته البعض بـ الرجل "المنفسس" وفي رواية ثانية "المحلل"
*** *** ***
عندما تجرع الخميني "كأس السم "لم يكن يستهدف الإنتحار بل على نقيض ذلك قصد التشبث بالحياة والسلطة. لذلك لا نفترض البتة تجرع حمدوك" كأس السم" من منطلق الرغبة في الإنتحار. بل المنطقي الراجح تمسكه بالحياة والسلطة.
تلك المفارقة فتحت المشهد السوداني برمته على سيل جارف من الأسئلة الحارقة الملحّة دون أي محاولة من حمدوك لدرء أيٍ من تلك الأسئلة أو محاولة الإجابة على بعضٍ منها. أكثر من ذلك جاءت تصريحاته في حفل التوقيع ثم بعدها مسرفة في الخنوع والقعود حداً أصاب الثوار في الشارع بصدمة دفعت الوطن بأسره لجهة هاوية الإحباط.
*** *** ***
الشعب لم يستوعب كيف تجرأ حمدوك على منح قبلة الحياة للحركة الإنقلابية بينما هي تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت أقدام الثوار في الطرقات.
كل الشواهد تثبت لو صبر حمدوك لمات القاتل. وقتئذٍ لخرج حمدوك محمولا على الأعناق إلى مصاف رجل وطن، لي فقط رجل دولة. ما من حجة تكفي لتبرير قبول حمدوك" تجرع كأس السم" من منطلق الحرص على حقن دماء الشباب .بغض النظر عن ظروف الحبس والمحبس فقد شكل ظهور حمدوك في القصر ذاك اليوم على وجه التحديد بمثابة مكافأة سخية للقاتل . بل أنكأ من ذلك أقرب إلى إدانة القتيل. فكيف تأتى لرئيس وزراء الثورة التأهب للذهاب في ذلك الزقاق العتم بينما الباب مفتوح أمامه على إتساع الوطن للصعود إلى شرفة التاريخ .فعوضا ذلك الخروج الذليل ثمة أكثر من سبيل ممهد للإطلالة على الشعب حتو ولو أسيرا أو محرراً و شهيداً مجللاً لكن بصيرة الرجل لم تعنه كما هي العادة على استبصار الأفضل من الخيارات عند منعطفات الثورة الحرجة.
*** *** ***
مع ذلك يراهن البعض على تناول حمدوك" كأس السم" رغبة في التشبث بالثورة. تلك مشاعر ربما تتفتق في سياق رومانسيتنا الغالبة يوم حملناه إلى سدة رئاسة سلطة الثورة التنفيذية زسط إجماع شعبي عارم لم ينله قبله سوداني منذ الإمام محمد أحمد المهدي حسب توصيف استاذنا الدكتور فيصل عبد الحمن علي طه، حجتنا الحقوقية والباحث الموثّق في تاريخنا. هي رومانسية سياسية حرّضتنا غير مرة على غض الطرف عن تهاون حمدوك ، بطئه ،تلكوئه وعثراته المتعددة في غضون السنتسن الفائتتين. ذلك من حال عجزنا تجاه إيجاد سياسي يتمتع بكاريزما جاذبة طاغية بشروط ومؤهلات قيادة سلطة الثورة. لذلك سيرجئ قطاع غير قليلمن الشعب إصدار حكمه النهائي على مصيرك بعد تناوله كأس السم. ذلك حكم مصدره ومرجعيته سلطة الشارع ومحكمة الثوار. الشارع لم يعد يترقب كلاما مكرورا عن أمنيات العبور والإنتصار وأوهام المبادرات وخارطات الطريق. الشعب يريد خطوات على الأرض تفتح آفاق المستقبل المشتهى العامر بالسلم الإجتماعي والوفرة والرفاهية.
*** *** ***
في المنعطف الراهن لن يجدي حمدوك غلإلتباس بتصنع الرزانة والحكمة مثلما لن يجديه دور المظلوم وشخصية ضحية التنازع بين القوى السياسية وبينها وبين الجنرالات.
أول أحكام الشارع تصدر مع بروز التشكيل الوزاري المرتقب. ملامح تلك الإدارة الحكومية تشكل شهادة حية ترسّخ إنطباعاً أوليا قويا عما إذا كان حمدوك تناول كأسأً مترعا بالجرأة على المجابهة والجسارة على الخروج من تحت ظلال المتطاولين بكواعب هشة مزيفة أو أؤلئك المتخذين من العمل السياسي وسيلة لكسب العيش. هؤلاء لن يعينوا حمدوك لجهة تقديم كفاءات وطنية يمكن الرهان عليها لصناعة حلم المستقبل . فإن لن يفعل فهو يزيد بعد الكاس الطين بلة. فمن حكم الرئيس الأميركي النادرة رونالد رريغان قوله" الرئيس التاجح ليس من يملك قدرات النجاح بل من يحيط نفسه برجال قادرين على صنح النجاح"
aloomar@gmail.com