أَيَّا هَذَا الكَائِنُ البَشَرِيّ!!

 


 

 

شعر

د. أحمد جمعة صديق

أَيَّا هَذَا الكَائِنُ البَشَرِيّ
مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَنِي وَأَنَا فِي آخِرِ الْعُمُرِ
سِتُّونَ قَدْ وَلَتْ وَسَبْعٌ بَعْدَهَا تَجْرِي
وَأَرَاكَ بِكُلِّ شَبَابِكَ الْغَضِّ، تَقْتَفِي أَثَرِي
أَرَاكَ فِي حلِي وَفِي سَفَرِي
وأراك في نومِي وفي سَهَري
أَرَاكَ فِي الزَّهْرِ وَنَسَائِمِ الْفَجْرِ
وفِي ساعةِ السَّحَرِ
فِي أَغْرِودُةِ الطَّيْرِ
وَفِي هَمْسَةِ الشَّجَرِ

جَمِيلٌ كَيْفَمَا تَخْطُو، تَخْطَفُ فطنةَ الْعَقْلِ
وَتُعْجِبُنِي إِذَا تَمْشِي عَلَى مَهَلٍ،على مَهَلِ
وَإِذ تَخْطُو عَلَى عَجَلٍ، عَلَى عَجَلٍ
تَتَمَايَلُ الْأَرْدَافُ مِنْ ثَقَلِ
وَفِي الصَّدْرِ كَثِيبَانِ مِنَ الرَّمْلِ
عَلَيْهِمَا، عَسِيبَانٍ مِنَ النَّخْلِ
ولأَجْلِكَ يَّا طَوِيلَةَ الْخُصَلِ
سَأَمْزُقُ الْأَوْرَاقَ
وَأَنْكُرُ كُلَّ مَا مَضَى بي مِنْ دَهْرِي
سَأَمْزُقُ شَهَادَةَ (التَّسْنِينِ)، أَوَلَمْ يَخْطُهَا بَشَري؟
فَعَسَاهُ أَخْطَأَ الْأَرْقَامَ حِينَ قَدَّرَ لي
مَا فَاتَ مِنْ عُمُرِي
أوَ لَعَلَّهُ استغلَ جهالةَ الصِغَرِ
فدَوّنَ لي ما شَاءَ مِنْ عُمرٍ وخطّاه بالحبرِ
سَأَمْزُقُ كُلَّ مَا عِندِي مِنَ أوْرَاقِي وَمِنَ صُّوَرِي
فَمَنْ غَيْرِي أَنَا يَدْرِي كَمْ لِي مِنَ الْعُمُرِ؟
وَسَأَمْزُقُ أَيْضاً وَثِيقَةَ السَّفَرِ
وَالرَّقْمَ الْوَطَنِيَّ إِذْ لَمْ يَرْفِدْنِي فِي أَمْرِي
حينَ لجأتُ من بلدي الى بلدٍ،
يُدَاوِلُنِي قَدَرِي
فيُسْلِمني مِنْ بَرٍّ إِلَى بَحْرٍ
وَمِنْ بَدْوٍ إِلَى حَضَرٍ
سَأَنْكُرُ وَطَنِي، سَأَنْكُرُ وَطَنِي!
وَسَأَجْعَلُ مِنْ عَيْنَيْكَ لِي وَطَناً
فَفِي عَيْنَيْكَ مَرَافِئُ السِّحْرِ
عَيْنَاكَ هُمَا وَطْرِي وَغَايَةُ الْأَمْرِ
أَيَّا امَرْأَةً تُفَجِّرُ يَنَابِيعاً مِنَ الشِّعْرِ
وأَدْرِي، ولَا أَدْرِي،،،
أَفِي خَدَّيْكَ أَمْ عَيْنَيْكَ يَكْمُنُ قَدَرِي
أبَيْنَ يَدَيْكَ أَوْ شَفَتَيْكَ أَوْ فِي خُصْلَةِ الشَّعْرِ
أَيَّا (إِسْرَاءُ)، وتَسْرِي بِنَا الْأَيَّامُ بَيْنَ الْكَرِّ وَالْفَرِّ
فَلَا أَدْرِي أَأَنَا عَلَى أَثَرِكِ أَمْ أَنْتِ عَلَى أَثَرِي
لَكِنْ - حتماً - تَشَابَكَتْ أَقْدَارُنَا أَبَدَاً
لنهايةِ الدَّهْرِ
فسِري هو سرُكِ وسرُكِ هو سِرْي
وقَدَرِي هُوَ قَدَرُك وَقَدَرُكِ هُوَ قَدَرِي


aahmedgumaa@yahoo.com

 

آراء