إخوان السودان وإيران – ساقان في منطال…!! بقلم: إسماعيل عبدالله

 


 

 

المثل السوداني:(ساقان في منطال) يضرب حينما يستحيل الاستغناء عن علاقة بين طرفين، عندما تكون مصيرية كمصير ساقي الرجل الواحد داخل نفس المنطال الأوحد، وهي علاقة أبدية لا فكاك منها مهما عصفت بها العواصف، ومهما تبنى طرفاها التقية و(فقه السترة) والانحناء للعاصفة، هكذا هي تحالفات تنظيمات الإسلام السياسي، فالنظام البائد في السودان ومع بداية عهده فرش الأرض بالورود وحف جنبات الطرقات بالزهور والرياحين، ترحاباً بمقدم الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، مطلع تسعينيات القرن المنصرم، وذات النظام الإخواني في السودان وقبل نهايته طرد التمثيل الإيراني من البلاد بغية مغازلة المحور الخليجي، عشماً في الدعم الاقتصادي لتدارك ما آل إليه الحال من تدهور معيشي مريع، أدى في خاتمة المطاف لاندلاع ثورة شعبية عارمة في شهر ديسمبر من العام ألفين وثمانية عشر، وما لبث ذات النظام الإخواني ممثلاً في قائد الجيش وزمرته التي أوعزت إليه بإشعال حرب أبريل، أن أعلن عن عودة علاقته مع ملالي النظام الإيراني عساه أن يجد الدعم العسكري، الذي يعيد توازن القوى بميدان المعركة التي خسرها على أعلى المستويات، بأن فقد السيطرة التامة على العاصمة الوطنية بمؤسساتها السيادية، وما غاب عن حسبان بقايا النظام البائد الذين حازوا على نيل لقب الفلول بامتياز، هو أن الحرب لا يتم كسب نتائجها بامتلاك الأسلحة المتطورة والذكية، لا، إنّ العاملين الرئيسيين للفوز بالمعركة هما، الغبن (الغبينة) أو الدافع القتالي، والقيادة الرشيدة، وليس كما نرى من خطل الإخوان المسلمين وضياع الهدف والرؤية، ولو كان الأمر سهلاً لما تركوا ترسانة سلاح مصنعي اليرموك وجياد لقمة سائغة في فم من يصفونهم بالمتمردين.
فلول النظام البائد المستندون على قائد الجيش الذي يدين بكامل الولاء للحزب المحلول رغبة ورهبة، خسروا المعارك العسكرية والسياسية والدبلوماسية، نسبة للمكابرة والغرور الزائف الذي يغطيهم من شعر رأسهم حتى أخمص إصبع من أصابع قدميهم، وهذه أزمة تميزت بها تنظيمات الإسلام السياسي التي لا ترى أبعد من أرنبة أنفها، والتي تختزل المشهد العام في إطارها التنظيمي بعيداً عن مصير الدولة ومصالحها، وأكبر الدلالات على ذلك تتجسد في المشهد السوداني والفلسطيني واللبناني والليبي، فهذه البلدان ابتلاها رب الكون بجماعات إرهابية متطرفة اتخذت من الدين وسيلة للوصول للحكم، ثم البطش بالشعوب المستنجدة بعمر بن الخطاب، المتجول ليلاً باحثاً عن الأم الساهرة من أجل اطفالها الجوعى، فإذا بهذه الشعوب المقهورة يتولى أمرها (أمير للمؤمنين) غير العمرين، أمير متعطش للاستحواذ على بيت مال المسلمين بخبزه ودقيقه، ليترك تلك الأم الساهرة لتلقى حتفها تحت أزيز الطائرات الحاملة لقذائف الموت، بدلاً من جوالات الدقيق المحمولة على ظهر أمير المؤمنين، فالخير قد فارق البلدان التي سطا على ملكها الأمويون الجدد (حركات الإسلام السياسي)، المكتنزون للمال والمهربون للموارد الاقتصادية خارج حدود (دولة الإسلام) ادخاراً ببنوك (دول الكفر)، فهذه الازدواجية المعيارية في فكر الإسلام السياسي، هي ما أفشل مشروعي الملالي بإيران والإخوان بالسودان في توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة، للمواطن المظلوم القاطن لهذين البلدين الذين ابتلاهما رب العباد بهذين الدائين الألدين، وفي الحالة السودانية نرى البعير الأجرب الإخواني قد لفظته كل القطعان، فكلما ذهب شرقاً او غرباً مستنجداً هرعت منه دواب الأرض، وصار حائراً لا أمل له سوى العودة للمُراح وللعشق القديم، كما يقول الشاعر: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى...فما الحب إلّا للحبيب الأول.
الدبلوماسية الإخوانية بقيادة نصير داعش وزير خارجية الفلول علي الصادق، أدخلت نفسها في جحر ضب خرب، بإعادة علاقتها بالنظام الإيراني، ومن سوء حظ فلول النظام البائد أن توقيت اندلاع حرب غزة بين إسرائيل وحماس جاء بُعيد عودة العشيقين لسابق عهدهما، ما جعل الباب مفتوحاً على مصراعيه لفتح الملف القديم المتجدد لعمليات نقل السلاح لحماس عبر البحر الأحمر، وهذا الملف وحده جدير بأن يحرّك العالم لحسم مشروع الاخوان المسلمين في السودان بالعزم المطلوب، ووضع الحد اللازم لأولئك المختطفين لقرار الجيش من الموالين لتنظيم الإخوان – قطر السودان، ومن دلائل انسداد الآفاق على تحالف الجماعات الإسلامية المتطرفة في البلاد، هو دق ناقوس خطر الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط من جديد، وارتفاع مستوى جهوزية وتأهب المجتمع الدولي لمواجهة الموجة الجديدة من تسونامي التطرف، وهذه المرة بطريقة أشرس وأكثر تدقيقاً وتمحيصاً لبؤر الإسناد اللوجستي، وكما هو معلوم أن رموز النظام البائد تربطهم علاقات أزلية بكل بؤر الإرهاب الدولي والإقليمي، وسجلات أرشيفهم المحلي والعالمي ناضحة بجرائمهم المرتكبة والأخرى المخفقة، فمن منا لا يذكر المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك؟، فأجهزة مخابرات بلدان الجوار الإفريقي تمسك بحيثيات الخطة التي مولها وأشرف عليها أنصار النظام البائد، الذين اطلق سراحهم مشعلو الحرب من السجون، وجميعكم على دراية تامة بماهية من فجّر المدمرة الأمريكية (كول)، وليس بخاف عنكم أيضاً الذين دمروا سفارتي الولايات المتحدة بكينيا وتنزانيا.

إسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com

 

آراء