إدارة الموارد والاقتصاد الأَزْرَق
د. نازك حامد الهاشمي
10 March, 2022
10 March, 2022
يَعْرِفْ الاقتصاد الأَزْرَق بأنه الإدارة الجيدة للموارد المائية، وحماية البحار والمحيطات والبحيرات والأنهار بشكل مستدام للحفاظ عليها من أجل الأجيال الحالية والقادمة. وتتسارع أهمية (الاقتصاد الأَزْرَق) كلما زاد الضغط السكاني على بلدان العالم مع التزايد المستمر لعوامل نقص الموارد المائية، مع زيادة الاهتمام بكل ما يتعلق بالاستخدام المستدام للموارد المائية والحفاظ عليها. حيث يسهم الاقتصاد الأَزْرَق في توجيه النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش وخلق فرص العمل، مع مراعاة كافة قواعد وسلوكيات ضمان احترام البيئة والتنوع الحيوي (البيولوجي).
وتغطي البحار والمحيطات أكثر من ثلاثة أرباع سطح الكرة الارضية، إلا أن التغيرات المناخية والبيئية وما تسببه من تلوث باتت تعرض البحار والمحيطات لأنواع مختلفة من المخاطر، وتتأثر بذلك سلبا الكائنات البحرية المائية مثل مصائد الأسماك، التي تمثل أحد وسائل العيش لكثير من سكان الأرض، ودافعا اقتصاديا مهما. لذلك يُعنى الاقتصاد الأزرق بعدد من المجالات المائية المرتبطة أساساً بالمياه مثل توليد الكهرباء من طاقة المياه والسياحة البحرية وأنشطة الصيد للأسماك والكائنات البحرية الأخرى، بل وحتى بأنشطة التعدين في البحار والمحيطات.
ويرجع مفهوم "الاقتصاد الأزرق" إلى الاقتصادي البلجيكي (غونتر باولي)،وورد ذكره أيضا في مخرجات مؤتمر "ريو +20" عام 2012، التي أكدت على ضرورة صون الإدارة المستدامة للموارد المائية، استنادا إلى فرضية أن النظم البيئية السليمة للمحيطات هي أكثر إنتاجية، وأشد وجوبا من أجل استدامة الاقتصادات القائمة على المحيطات. وأشارت تقديرات في ذلك المؤتمر إلى أن "الاقتصاد الأَزْرَق" سينمو بضعف معدلات نمو الاقتصاد التقليدي حتى عام 2030م، وربما يزيد المعدل إذا تنامت اتجاهات اللجوء إلى البحار والمحيطات في توليد الطاقة وتحلية المياه.
كما يتمثّل الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030 م،الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام2015م، في الحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية من التلوث واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة للموارد، فضلًا عن معالجة آثار زيادة حمضية المحيطات والآثار المترتبة على تغير المناخ، حيث أن إدارة موارد المياه هي من أهم العناصر لتحقيق مستقبل مستدام للأجيال القادمة. ومعلوم الآن أن مياه البحار هي التي توفر وتنظم عمليات الأمطار والطقس والمناخ والأكسجين الموجود في الهواء، وبها قدر كبير من غذائنا، وهي التي تجعل كوكب الأرض صالحًا لسكن البشر. كذلك يحث الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030م بشكل خاص على "تنظيم الصيد على نحو فعال، وإنهاء الصيد المفرط، والصيد غير القانوني، وغير المبلغ عنه وغير المنظم، وممارسات الصيد المدمر. ويتطلب تحقيق هذا الهدف بذل جهود كبيرة لزيادة الوعي وتبصير المجتمع بالآثار السلبية لأنشطة الصيد غير القانونية وغير المبلغ عنها وغير المنظمة. هذا بالإضافة إلى الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لضمان استدامة مصائد الأسماك، وعدم تعرضها لخطر شديد بسبب تلك الأنشطة غير القانونية.
كذلك برزت الأسماك كسلعة هامة لتحقيق الأمن الغذائي ومصدراً حيوياً للغذاء والعمالة والترفيه والتجارة والاقتصاد في عالم يتسارع فيه نمو السكان، ويستمر الجوع، وتتناقص فيه فرص العمل وكسب العيش. ولتعزيز الأمنالمائي على خلفية تزايد الطلب وندرة المياه، وتزايد عدم اليقين، وزيادة الظواهر الجوية الشديدة العنف، وفق التقرير ادارة الموارد المائية – مجموعة البنك الدولي- سيتطلب توفير الغذاء لتسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050م زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 60%، وزيادة استهلاك المياه بنسبة 15%. وإلى جانب هذا الطلب المتزايد، تشير التقديرات إلى أن 40٪ من سكان العالم يعيشون في مناطق تندر فيها المياه، وأن حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي معرض لهذا التحدي. وبحلول عام 2025 م، يتوقع أن يعيش حوالي 1.8 مليار نسمة في مناطق أو بلدان تعاني ندرةً مطلقةً في المياه. لذا فإنه من الضروري إنشاء نظم للمعلومات من أجل رصد الموارد، واتخاذ القرارات في ظل حالة عدم اليقين، وتحليل الأنظمة، وإنشاء نظام للتنبؤ والإنذار خاص بالأرصاد الجوية
كما ينبغي على البلدان التي تسعى للاستثمار في الموارد المائية، وتلك التي لديها موارد مائية أن تقوم بتعزيز المؤسسات، وإدارة المعلومات، وتطوير البنية التحتية (الطبيعية والمادية) لهذا المورد المهم. وهناك حاجة إلى أدوات مؤسسية كالأطر القانونية والتنظيمية وتسعير المياه والحوافز لتحسين تخصيص الموارد المائية وتنظيمها والحفاظ عليها. كما يجب على تلك البلدان البدء في ضخ استثمارات في التقنيات المبتكرة لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على الموارد وحمايتها وإعادة تدوير مياه العواصف ومياه الصرف وتطوير مصادر المياه غير التقليدية، بالإضافة إلى البحث عن فرص لتعزيز تخزين المياه، بما في ذلك إعادة تغذية مكامن المياه الجوفية وتحسينها. إن الأمن المائي يمثل تحديا رئيسيا ومتزايداً أمام كثير من البلدان في الوقت الراهن وفي المستقبل. ويعد تغيير المناخ من أهم مهددات الأمن المائي حيث تؤثر على إمدادات المياه وعدم انتظامها لأسباب تتعلق بتزايد وتيرة الفيضانات ونوبات الجفاف وحدتها. ويضع الجفاف، ضمن أمور أخرى، عائقاً أمام الممتهنين لمهن تعتمد على كميات سقوط الأمطار في عيشهم.
ومن جانب أخر، تعد بعض الأنشطة البشرية غير الرشيدة تجاه الموارد المائية في النظم البيئة البحرية الهشة الاستغلال المفرط والصيد غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم وممارسات الصيد المدمرة، والتلوث البحري، خاصة من المصادر البرية من مهددات الحياة البرية. ومن أجل ذلك فإن الأمر يستوجب من كل الدول ضرورة التعاون والتعامل بحسم مع كل ما يهدد الاقتصاد الأَزْرَق ليس فقط من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة، وإنما أيضا من أجل الحفاظ على موروث بيئي سليم وآمن للأجيال القادمة.
وبالنظر للقارة الإفريقية نجد أن 70% من دولها تقع على السواحل، لذلك فهي تتمتع بمزايا طبيعية مائية كبيرة وتنوع حيوي(بيولوجي) يضعها في مصاف المناطق المهمة التي تنعقد عليها آمال كبيرة في تنمية الاقتصاد الأَزْرَق. ومن أجل ذلك يضع الإتحاد الإفريقي التوجه الإنمائي الأَزْرَق ضمن أجندته لعام 2063 م، ويعتبره ضمن أولوياته في العقد القادم. ويعد ذلك النوع من الاقتصاد مصدرا رئيسيا للثروة والرخاء، وله من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ما يمكنه من أن يؤدي دورا محوريا لإنجاز الخطط التنموية الطموحة المقبلة للقارة الافريقية. ويتسم هذا المجال بأنه يتسع ليشمل العديد من القطاعات الإنتاجية التي تصب في تنمية الاقتصاد الأزرق والتي لاتقتصر على الصيد وحده، وإنما تمتد إلى السياحة والطاقة والنقل البحري والتجارة والصناعات الاستخراجية، وتربية الأحياء المائية من خلال اعتماد استراتيجية متماسكة لحماية واستخدام المياه الساحلية الإفريقية.
إن واقع ومستقبل الاقتصاد الأَزْرَق الجديد وضرورة الاهتمام به يعد أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة، وأن أهمية البحار والمحيطات بالنسبة لمستقبل التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة والأمن في إفريقيا وما وراءها أصبحت موضع اهتمام العالم. وتمتلك قارة إفريقيا حزمةً من الموارد المائية المتميزة، فبجانب ما تطل عليه من بحار ومحيطات، فإنها تمتلك عدداً من أكبر أنهار العالم، على رأسها نهر النيل، أطول أنهار القارة وأكثرها أهمية. وتأتي أهميته نتيجة مروره عبر الصحراء حيث يعتمد السكان عليه في نشاطهم الزراعي. لذلك يعتبر السودان من الدول الإفريقية الجديرة بالذكر في مجال الاقتصاد الأَزْرَق. غير أنه يعاني من مشكلات كبرى تؤثر سلبا على حجم الاستفادة الممكنة من هذا الاقتصاد، ويستوجب عليه أن يضع الاقتصاد الأَزْرَق كمحفز لتطوير السياسات والاستثمار والابتكار في دعم الأمن الغذائي، والحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد المائية. وسبل تحقيق ذلك قد تتم طريق تربية الأحياء المائية، وتعزيز السياسات والممارسات الجيدة لاستزراع السمك والنباتات البحرية بصورة مستدامة من خلال عدد من الأهداف مثل تبصير المجتمع بمفهوم الاقتصاد الأَزْرَق وأهميته ومجالات الأنشطة المرتبطة به، وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على بيئة الأنهار و البحار المستدامة للتخفيف من حدة الفقر، وزيادة الأمن الغذائي، وحماية النظم البيئية ، ومعالجة تراجع التنوع الحيوي البيئي، والعمل على تعزيز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030م المتعلق بالحياة تحت الماء. والأمر الأهم هو تسخير إمكانات رأس المال الأَزْرَق عبر الانظمة والتشريعات، وزيادة وعي صناع القرار في الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص بأهمية هذا النوع من الاقتصاد.
nazikelhashmi@hotmail.com
//////////////////////////
وتغطي البحار والمحيطات أكثر من ثلاثة أرباع سطح الكرة الارضية، إلا أن التغيرات المناخية والبيئية وما تسببه من تلوث باتت تعرض البحار والمحيطات لأنواع مختلفة من المخاطر، وتتأثر بذلك سلبا الكائنات البحرية المائية مثل مصائد الأسماك، التي تمثل أحد وسائل العيش لكثير من سكان الأرض، ودافعا اقتصاديا مهما. لذلك يُعنى الاقتصاد الأزرق بعدد من المجالات المائية المرتبطة أساساً بالمياه مثل توليد الكهرباء من طاقة المياه والسياحة البحرية وأنشطة الصيد للأسماك والكائنات البحرية الأخرى، بل وحتى بأنشطة التعدين في البحار والمحيطات.
ويرجع مفهوم "الاقتصاد الأزرق" إلى الاقتصادي البلجيكي (غونتر باولي)،وورد ذكره أيضا في مخرجات مؤتمر "ريو +20" عام 2012، التي أكدت على ضرورة صون الإدارة المستدامة للموارد المائية، استنادا إلى فرضية أن النظم البيئية السليمة للمحيطات هي أكثر إنتاجية، وأشد وجوبا من أجل استدامة الاقتصادات القائمة على المحيطات. وأشارت تقديرات في ذلك المؤتمر إلى أن "الاقتصاد الأَزْرَق" سينمو بضعف معدلات نمو الاقتصاد التقليدي حتى عام 2030م، وربما يزيد المعدل إذا تنامت اتجاهات اللجوء إلى البحار والمحيطات في توليد الطاقة وتحلية المياه.
كما يتمثّل الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030 م،الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام2015م، في الحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية من التلوث واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة للموارد، فضلًا عن معالجة آثار زيادة حمضية المحيطات والآثار المترتبة على تغير المناخ، حيث أن إدارة موارد المياه هي من أهم العناصر لتحقيق مستقبل مستدام للأجيال القادمة. ومعلوم الآن أن مياه البحار هي التي توفر وتنظم عمليات الأمطار والطقس والمناخ والأكسجين الموجود في الهواء، وبها قدر كبير من غذائنا، وهي التي تجعل كوكب الأرض صالحًا لسكن البشر. كذلك يحث الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030م بشكل خاص على "تنظيم الصيد على نحو فعال، وإنهاء الصيد المفرط، والصيد غير القانوني، وغير المبلغ عنه وغير المنظم، وممارسات الصيد المدمر. ويتطلب تحقيق هذا الهدف بذل جهود كبيرة لزيادة الوعي وتبصير المجتمع بالآثار السلبية لأنشطة الصيد غير القانونية وغير المبلغ عنها وغير المنظمة. هذا بالإضافة إلى الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لضمان استدامة مصائد الأسماك، وعدم تعرضها لخطر شديد بسبب تلك الأنشطة غير القانونية.
كذلك برزت الأسماك كسلعة هامة لتحقيق الأمن الغذائي ومصدراً حيوياً للغذاء والعمالة والترفيه والتجارة والاقتصاد في عالم يتسارع فيه نمو السكان، ويستمر الجوع، وتتناقص فيه فرص العمل وكسب العيش. ولتعزيز الأمنالمائي على خلفية تزايد الطلب وندرة المياه، وتزايد عدم اليقين، وزيادة الظواهر الجوية الشديدة العنف، وفق التقرير ادارة الموارد المائية – مجموعة البنك الدولي- سيتطلب توفير الغذاء لتسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050م زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 60%، وزيادة استهلاك المياه بنسبة 15%. وإلى جانب هذا الطلب المتزايد، تشير التقديرات إلى أن 40٪ من سكان العالم يعيشون في مناطق تندر فيها المياه، وأن حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي معرض لهذا التحدي. وبحلول عام 2025 م، يتوقع أن يعيش حوالي 1.8 مليار نسمة في مناطق أو بلدان تعاني ندرةً مطلقةً في المياه. لذا فإنه من الضروري إنشاء نظم للمعلومات من أجل رصد الموارد، واتخاذ القرارات في ظل حالة عدم اليقين، وتحليل الأنظمة، وإنشاء نظام للتنبؤ والإنذار خاص بالأرصاد الجوية
كما ينبغي على البلدان التي تسعى للاستثمار في الموارد المائية، وتلك التي لديها موارد مائية أن تقوم بتعزيز المؤسسات، وإدارة المعلومات، وتطوير البنية التحتية (الطبيعية والمادية) لهذا المورد المهم. وهناك حاجة إلى أدوات مؤسسية كالأطر القانونية والتنظيمية وتسعير المياه والحوافز لتحسين تخصيص الموارد المائية وتنظيمها والحفاظ عليها. كما يجب على تلك البلدان البدء في ضخ استثمارات في التقنيات المبتكرة لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على الموارد وحمايتها وإعادة تدوير مياه العواصف ومياه الصرف وتطوير مصادر المياه غير التقليدية، بالإضافة إلى البحث عن فرص لتعزيز تخزين المياه، بما في ذلك إعادة تغذية مكامن المياه الجوفية وتحسينها. إن الأمن المائي يمثل تحديا رئيسيا ومتزايداً أمام كثير من البلدان في الوقت الراهن وفي المستقبل. ويعد تغيير المناخ من أهم مهددات الأمن المائي حيث تؤثر على إمدادات المياه وعدم انتظامها لأسباب تتعلق بتزايد وتيرة الفيضانات ونوبات الجفاف وحدتها. ويضع الجفاف، ضمن أمور أخرى، عائقاً أمام الممتهنين لمهن تعتمد على كميات سقوط الأمطار في عيشهم.
ومن جانب أخر، تعد بعض الأنشطة البشرية غير الرشيدة تجاه الموارد المائية في النظم البيئة البحرية الهشة الاستغلال المفرط والصيد غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم وممارسات الصيد المدمرة، والتلوث البحري، خاصة من المصادر البرية من مهددات الحياة البرية. ومن أجل ذلك فإن الأمر يستوجب من كل الدول ضرورة التعاون والتعامل بحسم مع كل ما يهدد الاقتصاد الأَزْرَق ليس فقط من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة، وإنما أيضا من أجل الحفاظ على موروث بيئي سليم وآمن للأجيال القادمة.
وبالنظر للقارة الإفريقية نجد أن 70% من دولها تقع على السواحل، لذلك فهي تتمتع بمزايا طبيعية مائية كبيرة وتنوع حيوي(بيولوجي) يضعها في مصاف المناطق المهمة التي تنعقد عليها آمال كبيرة في تنمية الاقتصاد الأَزْرَق. ومن أجل ذلك يضع الإتحاد الإفريقي التوجه الإنمائي الأَزْرَق ضمن أجندته لعام 2063 م، ويعتبره ضمن أولوياته في العقد القادم. ويعد ذلك النوع من الاقتصاد مصدرا رئيسيا للثروة والرخاء، وله من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ما يمكنه من أن يؤدي دورا محوريا لإنجاز الخطط التنموية الطموحة المقبلة للقارة الافريقية. ويتسم هذا المجال بأنه يتسع ليشمل العديد من القطاعات الإنتاجية التي تصب في تنمية الاقتصاد الأزرق والتي لاتقتصر على الصيد وحده، وإنما تمتد إلى السياحة والطاقة والنقل البحري والتجارة والصناعات الاستخراجية، وتربية الأحياء المائية من خلال اعتماد استراتيجية متماسكة لحماية واستخدام المياه الساحلية الإفريقية.
إن واقع ومستقبل الاقتصاد الأَزْرَق الجديد وضرورة الاهتمام به يعد أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة، وأن أهمية البحار والمحيطات بالنسبة لمستقبل التنمية الاقتصادية والبشرية المستدامة والأمن في إفريقيا وما وراءها أصبحت موضع اهتمام العالم. وتمتلك قارة إفريقيا حزمةً من الموارد المائية المتميزة، فبجانب ما تطل عليه من بحار ومحيطات، فإنها تمتلك عدداً من أكبر أنهار العالم، على رأسها نهر النيل، أطول أنهار القارة وأكثرها أهمية. وتأتي أهميته نتيجة مروره عبر الصحراء حيث يعتمد السكان عليه في نشاطهم الزراعي. لذلك يعتبر السودان من الدول الإفريقية الجديرة بالذكر في مجال الاقتصاد الأَزْرَق. غير أنه يعاني من مشكلات كبرى تؤثر سلبا على حجم الاستفادة الممكنة من هذا الاقتصاد، ويستوجب عليه أن يضع الاقتصاد الأَزْرَق كمحفز لتطوير السياسات والاستثمار والابتكار في دعم الأمن الغذائي، والحد من الفقر والإدارة المستدامة للموارد المائية. وسبل تحقيق ذلك قد تتم طريق تربية الأحياء المائية، وتعزيز السياسات والممارسات الجيدة لاستزراع السمك والنباتات البحرية بصورة مستدامة من خلال عدد من الأهداف مثل تبصير المجتمع بمفهوم الاقتصاد الأَزْرَق وأهميته ومجالات الأنشطة المرتبطة به، وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على بيئة الأنهار و البحار المستدامة للتخفيف من حدة الفقر، وزيادة الأمن الغذائي، وحماية النظم البيئية ، ومعالجة تراجع التنوع الحيوي البيئي، والعمل على تعزيز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف الرابع عشر من أهداف التنمية المستدامة 2030م المتعلق بالحياة تحت الماء. والأمر الأهم هو تسخير إمكانات رأس المال الأَزْرَق عبر الانظمة والتشريعات، وزيادة وعي صناع القرار في الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص بأهمية هذا النوع من الاقتصاد.
nazikelhashmi@hotmail.com
//////////////////////////