إستدعاء سفراء إسرائيل .. لتهنئتهم !! … بقلم: علي يس
21 February, 2010
معادلات
• في الوقت الذي يؤدي فيه وزير الخارجية البريطانية دورهُ السخيف في المسرحية البلهاء ، ويمثل دور المخدوع الغاضب ، ويتحدث عن "الإهانة" التي أُلحقت ببريطانيا بفعل الموساد الذي قام ب"تزوير" وثائق سفر بريطانية لينفذ بها عمليته القذرة في اغتيال المبحوح ، في هذا الوقت ، تُعلنُ معظم الأنظمة العربية تواطؤها بالصمت المسرور ، وتترك المتحدث باسم الحكومة الصهيونية يتحدث بلسانها حين يقرر بمنتهى الوقاحة أن دولاً عربية كبرى – ذكرها بأسمائها – تبارك هذه العملية التي استهدفت اغتيال عنصر من عناصر حركة حماس (الإرهابية)!! .. ولم يفتح الله على أيٍ من هذه الدول العربية المسلمة التي يتغنى ساستها ومشايخها بضرورة تحرير المسجد الأقصى والصلاة فيه ، لم يفتح الله على أيٍّ منها بكلمة واحدة تكذب بها – مجرد تكذيب خجول – ماورد على لسان ذلك الصهيوني مما يؤكد أن دول الإتحاد الأوربي وأمريكا ليست وحدها المتآمرة ، بل العرب أول المتآمرين على حماس وأول المباركين عملية اغتيال المجاهد محمود المبحوح ، ولا أستبعد أبداً – والله – أن تكون مخابرات عربية ضالعة في تفاصيل العملية !!
• هذا يؤكدهُ بشكل خاص الصمت العربي تجاه المسرحية الإسرائيلية- الأوربية المفضوحة ، في حين يُبدي الإعلام العربي فرحاً ساذجاً ب"وقوع" إسرائيل وفضيحتها الدولية ، ويهلل ويقرع الطبول ، مستعظماً استدعاء وزير الخارجية البريطاني سفير إسرائيل في بريطانيا !! ، ويبدي شماتةً بلهاء بخبر غضب كل من النمسا وأيرلندا وفرنسا من استخدام إسرائيل وثائق سفر تخصها في عملية الإغتيال !!
• والمغفل وحدهُ هو من يظن أن مسرحيات استدعاء سفراء إسرائيل في تلك الدول الأوربية يُمكن أن تُشكل أي تهديد لإسرائيل ، فاستدعاء أولئك السفراء يتم فقط لتهنئتهم على نجاح العملية ، فالذي لا يُريد العرب أن يفهموه (وهُو ما يفهمُه ويُباركهُ بعض زعمائهم ، رغباً أو رهباً ) هو أن أمريكا والإتحاد الأوربي ما وُجدا على هذه الأرض إلا لحماية إسرائيل ورعاية أمنها ، ولن يجرؤ أحدٌ في تلك الدول ، بالغاً ما بلغ ، على أن يرفع وجهه في وجه السفير الإسرائيلي ، ولن يجرؤ أي من وزراء خارجية دول الإتحاد الأوربي أو أمريكا على مجرد الإحتجاج ، إذا ما بصق السفير الإسرائيلي في وجهه ، أُقسم على ذلك ..
• لو وجدت على هذه الأرض دولةٌ عربية واحدة صادقة في دعواها الغيرة على أُولى القبلتين وثالث الحرمين ، فهي تلك الدولة التي تستخدم حقها المشروع في منع كل من يحمل وثيقة سفر بريطانية أو فرنسية أو أيرلندية أو نمساوية من دخول أراضيها ، فالذي ثبت دون أدنى شك ، حتى الآن ، هُو أن جوازات سفر الدول المذكورة يحملها – عادةً – عناصر الموساد الذين يُنتدبون لإنجاز عمليات اغتيال أو تخريب ، بل لو وجدت دولة عربية واحدة صادقة في زعمها الحرص على تحرير الأرض العربية والمسجد الأقصى ، فهي تلك الدولة التي تطالب سفراء تلك الدول الأوربية لديها ، بتقديم ما يُثبت أنهم ليسوا من ضمن عناصر الموساد ، وعبءُ الإثبات هذا يقع عليهم ، ما دامت وثائق سفر دولهم مطية سهلة للقتلة والمخربين ..
• تقول لي : لم تتخذ دولةٌ عربيةٌ واحدة ، حتى اللحظة ، هذا الإجراء الطبيعي والضروري؟؟ لماذا ، تظنهم ، لم يفعلوا؟؟
• هل ينتظرون نتيجة التحقيقات التي تجريها بريطانيا والدول الأُخرى التي استخدمت جوازات سفرها في العملية ؟؟ إذاً فاعلم يا هداك الله ،أنهم سوف ينتظرون طويلاً ، واعلم ، يا شيخ ، أن أسوأ ما يُمكن أن يجري لإسرائيل جراء هذه التحقيقات المزعومة ، هُو أن تُضطرَّ إسرائيل إلى الإعتذار ، وأن تُضطَرَّ حُكومات تلك الدول إلى قبول ذلك الإعتذار ، ثم التكفير عن إهانتها إسرائيل وإحراجها ، بتقديم مزيد من الدعم لإسرائيل ، ومزيد من الحصار للمقاومة الفلسطينية !! ثم اعلم ، بعد ذلك ، أن قادة العرب سوف يظلون على صمتهم الخائف ، حتّى يستبدلهم الله بقومٍ أعزّةٍ على الكافرين أذلَّةٍ على المؤمنين ، يبدءُون يتنظيف صفوف الأُمَّة ممن لا يزيدونها إلاّ خبالاً..
• تتظاهر بالحيرة ، يا مولانا ، من مواقف الدول العربية المسماة (الكُبرى) تجاه حركة حماس ، وحركات المقاومة الأُخرى ، الموسومة بالإرهاب أمريكياً وأوربياً ؟؟ تملؤك الدهشة حين تجد أن المكافأة التي كنت تتوقعها لأبطال حماس و بواسل حزب الله من الدول المسلمة العربية الحريصة على استنقاذ الأقصى ، حين تجد أن المكافأة التي استحقها أولئك الأبطال قد جاءت معكوسة ؟؟ لا تندهش ، واعلم أن ما تفعلهُ حماس وحزب الله يُشكل صفعات لتلك الدول العربية قبل أن يشكل صفعةً لإسرائيل !! فحين قاتلت الدول العربية مجتمعة ، باسم تحرير فلسطين ، حين قاتلت إسرائيل ثلاث مرات عادت مهزومة (لا تقل لي أنها انتصرت في أكتوبر 73 ، فالتاريخ اللاحق كشف لنا أن أكتوبر كانت أعظم هزائم العرب في وجه إسرائيل ) .. الدول العربية مجتمعة ، بقياداتها المرتعدة ، انهزمت أمام إسرائيل ثلاث مرات ، فكيف تأتي "شراذم" من مقاتلي حماس و مقاتلي حزب الله لتهزم إسرائيل ؟؟ كيف يفعَلُ هؤلاءِ العُزَّلُ القِلَّة الذين لا يستندون إلى دولةٍ ولا صولجان ، ما عجزت عنهُ أكثر من عشرين دولةٍ بجيوشها وترساناتها وجنرالاتها ونفطها ؟؟ ألا يؤكد ذلك أن تلك الدول كانت في هزائمها كلها متواطئة مع العدو؟؟ ذلك ما لا يروق كشفه ، وذلك ما يكشفه – يومياً – مجاهدو حماس وأبطال حزب الله ، وذلك ما ظلت تُثبته كل يوم أولئك الفتيات اللائي تفجِّرن أنفسهن أشلاءً ، استشهاداً في سبيل الله ، فيكون جزاؤهن على هذا الفضح المؤزر لقادة الأُمة ، غضباً عليهن ، ووصفاً لهن ب"الإرهاب" ، فالتاريخ العربي الحديث كله مريبٌ مريبْ.. والغافلُ حقَّاً ، من ظنَّ الأشياءَ هي الأشياءْ..
ali yasien [aliyasien@gmail.com]