إضاءات مكثفة: على شرف انتخابات نقابة الصحفيين السودانيين .. يحررها اليوم: حسن الجزولي
حسن الجزولي
22 August, 2022
22 August, 2022
على شرف انتخابات نقابة الصحفيين السودانيين
حررنا صحيفة يومية حائطية لمدة خمسة سنوات
* كان ذلك بمثابة مدخل للعمل الصحفي وممارسة مهنة الصحافة، حيث كانت بدايات ذلك في المرحلة الوسطى ثم الثانوية العامة فيما بعد، فنحن كنا الدفع الطلابية التي طبق فيها السلم التعليمي وقتذاك، فتحولنا من الوسطى للثانوية العامة!.
* مدرستنا كانت بيت الأمانة التي تقع خلف حوش الخليفة من الناحية الجنوبية، وكانت عبارة عن أنهر، شرق وغرب وجنوب، نحن كنا في نهر غرب حتى تخرجنا منها، ولذلك حملت صحيفتنا اسم (أخبار غرب اليومية)!، نعم كانت صحيفة حائطية يومية ولها هيئة تحرير يشرف عليها (أبو الفصل)، أنا كنت رئيس تحريرها، وكان استمرارها يتم عن طريق تولي دفعة ثانية غرب لتحريرها عندما تمتحن دفعة ثالثة غرب وتنتقل بالتالي إلى الثانوي العالي!. وهكذا كان استمرارها!. ومن الذين تعاقبوا على هيئة تحريرها كان الصديق الصحفي فيصل الباقر!.
* فكرتها كانت بتشجيع من أساتذتنا، وكانوا أساتذة لهم ارتباط بالآداب والثقافة والفنون بشكل أو آخر، ضمنهم كان كل من عيسى الحلو وفيصل مصطفى حيث كانا ضمن أشهر كتاب الرواية والقصة القصيرة ستينيات القرن الماضي، أما شيخ مصطفى نائب ناظر المدرسة فقد زامل الشاعر التيجاني يوسف بشير بالمعهد العلمي!، فلا عجب أن كانت أنشطة المدرسة الاجتماعية والثقافية حيوية وضاجة بمختلف أنواع الأنشطة الطلابية، كانت لنا جمعية أدبية كنت رئيسها في فترة من الفترات وكانت لنا جمعيات متعددة، من بينها جمعية الصحافة والتصوير والرياضة بمختلف أنشطتها إلى جانب (الاصلاح والتعمير) للكراسي والكنبات والطاولات الخشبية المعطوبة!.
* كانت (أخبار غرب اليومية) صحيفة جريئة في تجربتها وفي نقدها اللاذع لسياسات المدرسةّ!، كان هذا خطها التحريري، وبسبب ذلك فكثيراً ما تعرضت للايقاف والزجر والعقاب نتيجة لمقال أو كاريكاتير!.
* أذكر أن تم إيقافها مرة نتيجة لكاريكاتير يشير إلى أن إدارة المدرسة قد تركت مهنة التعليم وتفرغت للتجارة، حيث كان الاعداد جارياً يومها لأقامة سوق خيري للمدرسة بحدائق المقرن على عادة تلك السنوات، فتلاحظ تكدس المواد التموينية بمكتب ناظر المدرسة (كراتين صلصة، صابون، جرادل بلاستيك، كراتين بسكويت وحلويات متنوعة، صحون وكبابي وكراتين شاي وبن وخلافه) فأنجزت أنا كاريكاتيراً يظهر مكتب الناظر وعليه كل تلك المواد التموينية وكتبت تحت الكاريكاتير (الغرفة التجارية)!، فكان ذلك عرضة لزجر هيئة التحرير في طابور الصباح وإيقافها عن الصدور لمدة ثلاثة أيام!. وفي مرة تم ترتيب زيارة للعم خضر الحاوي لعرض فنونه للطلاب بالمدرسة، فكان يتولى توزيع تذاكر ذاك العرض أحد الأساتذة، فرسمنا كاريكاتيراً لأحد الآباء وهو جالس على (تبروكة) الصلاة وهو يزجر في ابنه الذي يقف أمامه طالباً مبلغ تذكرة الحاوي، حيث يقول له ( حاوي؟! طويل وعريض واقف لي زي الأبله عاوز قروش الحاوي زي الشافع)!، فاعتبرت إدارة المدرسة أن التعليق هو تعريض بالأستاذ الذي كان يوزع تذاكر الحاوي!.
* كنا نستمد شجاعتنا وخطنا التحريري من صحف تلك الفترة منتصف ستينات القرن الماضي في فترة الديمقراطية الثانية، وحدث أن دخلت الصحف السودانية وقتها في إضراب عن الصدور لمدة يوم بسبب تعرض مجلة (صوت المرأة) المتحدثة بلسان الاتحاد النسائي السودان لعقوبة مالية، فما كان من صحيفتنا سوى أن شاركت في ذلك الاضراب، حيث فوجئ قراء الصحيفة بإعلان معلق على بورد الصحيفة يقول ( تحتجب صحيفتكم اليوم عن الصدور وذلك تضامناً مع الصحف السودانية)!، وهو الموقف الذي أعجبت به كثير من صحف تلك الفترة فكتبت عنه وقدمت شكرها لهيئة التحرير!.
* ومن إشراقاتها أن أجرت حواراً مطولاً مع السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء في تلك الفترة وكانت أسئلة على قدر عقول هيئة التحرير وقتها (من نوع أجمل أكلة مفضلة عندك، لماذا تصر على ارتداء الجلباب وليس الزي الأفرنجي، فنانك المفضل، أين درست المرحلة الأولية والأوسط والثانوي، وأسئلة من هذا القبيل). وبعد عام 2005 اجتمع لفيف من هيئة تحرير تلك الصحيفة مع عدد من خريجي المدرسة وفكروا في إقامة معرض لأعداد الصحيفة التي ما نزال نحتفظ بها، وأن يفتتح المعرض السيد الصادق المهدي، حيث ستكون ضمن المعرض ردود سيادته التي بعثنا بها إليه في منتصف الستينات ولم يرد عليها وقتها، وقد أبدى عليه الرحمة الرغبة في الرد عليها بعد كل هذه السنوات!.
* رعى الله ذكريات تلك السنوات وعاشت الصحافة السودانية حرة مستقلة.
hassanelgizuli45@gmail.com
حررنا صحيفة يومية حائطية لمدة خمسة سنوات
* كان ذلك بمثابة مدخل للعمل الصحفي وممارسة مهنة الصحافة، حيث كانت بدايات ذلك في المرحلة الوسطى ثم الثانوية العامة فيما بعد، فنحن كنا الدفع الطلابية التي طبق فيها السلم التعليمي وقتذاك، فتحولنا من الوسطى للثانوية العامة!.
* مدرستنا كانت بيت الأمانة التي تقع خلف حوش الخليفة من الناحية الجنوبية، وكانت عبارة عن أنهر، شرق وغرب وجنوب، نحن كنا في نهر غرب حتى تخرجنا منها، ولذلك حملت صحيفتنا اسم (أخبار غرب اليومية)!، نعم كانت صحيفة حائطية يومية ولها هيئة تحرير يشرف عليها (أبو الفصل)، أنا كنت رئيس تحريرها، وكان استمرارها يتم عن طريق تولي دفعة ثانية غرب لتحريرها عندما تمتحن دفعة ثالثة غرب وتنتقل بالتالي إلى الثانوي العالي!. وهكذا كان استمرارها!. ومن الذين تعاقبوا على هيئة تحريرها كان الصديق الصحفي فيصل الباقر!.
* فكرتها كانت بتشجيع من أساتذتنا، وكانوا أساتذة لهم ارتباط بالآداب والثقافة والفنون بشكل أو آخر، ضمنهم كان كل من عيسى الحلو وفيصل مصطفى حيث كانا ضمن أشهر كتاب الرواية والقصة القصيرة ستينيات القرن الماضي، أما شيخ مصطفى نائب ناظر المدرسة فقد زامل الشاعر التيجاني يوسف بشير بالمعهد العلمي!، فلا عجب أن كانت أنشطة المدرسة الاجتماعية والثقافية حيوية وضاجة بمختلف أنواع الأنشطة الطلابية، كانت لنا جمعية أدبية كنت رئيسها في فترة من الفترات وكانت لنا جمعيات متعددة، من بينها جمعية الصحافة والتصوير والرياضة بمختلف أنشطتها إلى جانب (الاصلاح والتعمير) للكراسي والكنبات والطاولات الخشبية المعطوبة!.
* كانت (أخبار غرب اليومية) صحيفة جريئة في تجربتها وفي نقدها اللاذع لسياسات المدرسةّ!، كان هذا خطها التحريري، وبسبب ذلك فكثيراً ما تعرضت للايقاف والزجر والعقاب نتيجة لمقال أو كاريكاتير!.
* أذكر أن تم إيقافها مرة نتيجة لكاريكاتير يشير إلى أن إدارة المدرسة قد تركت مهنة التعليم وتفرغت للتجارة، حيث كان الاعداد جارياً يومها لأقامة سوق خيري للمدرسة بحدائق المقرن على عادة تلك السنوات، فتلاحظ تكدس المواد التموينية بمكتب ناظر المدرسة (كراتين صلصة، صابون، جرادل بلاستيك، كراتين بسكويت وحلويات متنوعة، صحون وكبابي وكراتين شاي وبن وخلافه) فأنجزت أنا كاريكاتيراً يظهر مكتب الناظر وعليه كل تلك المواد التموينية وكتبت تحت الكاريكاتير (الغرفة التجارية)!، فكان ذلك عرضة لزجر هيئة التحرير في طابور الصباح وإيقافها عن الصدور لمدة ثلاثة أيام!. وفي مرة تم ترتيب زيارة للعم خضر الحاوي لعرض فنونه للطلاب بالمدرسة، فكان يتولى توزيع تذاكر ذاك العرض أحد الأساتذة، فرسمنا كاريكاتيراً لأحد الآباء وهو جالس على (تبروكة) الصلاة وهو يزجر في ابنه الذي يقف أمامه طالباً مبلغ تذكرة الحاوي، حيث يقول له ( حاوي؟! طويل وعريض واقف لي زي الأبله عاوز قروش الحاوي زي الشافع)!، فاعتبرت إدارة المدرسة أن التعليق هو تعريض بالأستاذ الذي كان يوزع تذاكر الحاوي!.
* كنا نستمد شجاعتنا وخطنا التحريري من صحف تلك الفترة منتصف ستينات القرن الماضي في فترة الديمقراطية الثانية، وحدث أن دخلت الصحف السودانية وقتها في إضراب عن الصدور لمدة يوم بسبب تعرض مجلة (صوت المرأة) المتحدثة بلسان الاتحاد النسائي السودان لعقوبة مالية، فما كان من صحيفتنا سوى أن شاركت في ذلك الاضراب، حيث فوجئ قراء الصحيفة بإعلان معلق على بورد الصحيفة يقول ( تحتجب صحيفتكم اليوم عن الصدور وذلك تضامناً مع الصحف السودانية)!، وهو الموقف الذي أعجبت به كثير من صحف تلك الفترة فكتبت عنه وقدمت شكرها لهيئة التحرير!.
* ومن إشراقاتها أن أجرت حواراً مطولاً مع السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء في تلك الفترة وكانت أسئلة على قدر عقول هيئة التحرير وقتها (من نوع أجمل أكلة مفضلة عندك، لماذا تصر على ارتداء الجلباب وليس الزي الأفرنجي، فنانك المفضل، أين درست المرحلة الأولية والأوسط والثانوي، وأسئلة من هذا القبيل). وبعد عام 2005 اجتمع لفيف من هيئة تحرير تلك الصحيفة مع عدد من خريجي المدرسة وفكروا في إقامة معرض لأعداد الصحيفة التي ما نزال نحتفظ بها، وأن يفتتح المعرض السيد الصادق المهدي، حيث ستكون ضمن المعرض ردود سيادته التي بعثنا بها إليه في منتصف الستينات ولم يرد عليها وقتها، وقد أبدى عليه الرحمة الرغبة في الرد عليها بعد كل هذه السنوات!.
* رعى الله ذكريات تلك السنوات وعاشت الصحافة السودانية حرة مستقلة.
hassanelgizuli45@gmail.com