القمة الإفريقية التاسعة والعشرون، التي اختتمت أعمالها يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أجازت قراراً يدعو لتبني خطة لإعادة إصلاح الاتحاد الإفريقي وبناء قدراته، بحيث يستطيع أن يؤدي المهام التي تتطلع الدول الإفريقية لإنجازها،
وكان في مقدمة الخطة قرار يقضي بأن تدفع كل دولة دعماً لموارد الاتحاد المالية يساوي اثنين في الألف من قيمة وارداتها، حتى تتوفر للاتحاد الاعتمادات المالية التي تعينه على تمويل أنشطته، اعتماداً على موارده الذاتية، بدلاً من الاعتماد على أميركا وأوروبا لتمويل ميزانيته السنوية،
وقد كان الضعف المالي أهم أسباب تخلف الاتحاد الإفريقي، ولكن مشكلة الاتحاد أكثر تعقيداً من ذلك، ولعل أهمها انعدام الإرادة السياسية، وعدم وضوح الرؤية، وانعدام الحكم الراشد، وانتشار الحكم السلطوي في معظم دول القارة،
وقد تحدث بعض الأعضاء عن أوجه القصور هذه قبل عامين، عندما تبنى الاتحاد ما عرف باسم (أجندة 2063) لنهضة إفريقيا، كان ذلك في دورة الانعقاد الرابعة والعشرين المنعقدة في 30/31يناير 2015، إذ أجازت تلك القمة (أجندة 2063)، وهى خطة لتنمية اقتصادية اجتماعية سياسية، تهدف إلى إحداث نهضة غير مسبوقة في القارة خلال الخمسين عاماً الممتدة من 2014 إلى 2063،
وقد انبنت هذه الخطة على شعارات تعكس حماساً أكثر منها على خطة عمل واقعية، ولكن القمة الإفريقية أكدت في إطار إجازتها لهذه الأجندة تطلعها لأن تضع حداً للنزاعات المسلحة في القارة، في موعد أقصاه عام 2020، وأصبح هذا الالتزام هو البند الأهم في الأجندة الإفريقية لأنه – لو تحققق – لهيأ لإفريقيا مناخاً آمناً مستقراً خالياً من الاحتراب والاقتتال، حتى تستطيع دول القارة أن توجه كل مواردها لإعادة بناء مجتمعاتها، بدلاً من الصرف على أسباب الدمار لتلك المجتمعات،
وبات الآن عام 2020 على بعد عامين منا، وما زالت الحروب الأهلية تدور في كثير من أنحاء القارة، وفشلت كل مجهودات الاتحاد الإفريقي في إحلال السلام في مناطق ملتهبة مثل جنوب السودان وليبيا وإفريقيا الوسطى وغيرها،
بل لم تتوفر للاتحاد الإمكانات التي يمكن من خلالها أن ينشئ وأن يمول قوات لحفظ السلام، وكل القوات التي ينشرها الاتحاد تمولها الدول الغربية، والقمة التي انتهت بالأمس أثيرت فيها قضية الالتزام بجعل العام 2020 عام النهاية للحروب الأهلية في القارة، وأشار المتحدثون إلى ضرورة الالتزام بما تقرر ضمن أجندة 2063، من ضرورة أن تصمت المدافع في كل أنحاء إفريقيا في موعد أقصاه ذلك العام،
وفي هذا الإطار حث رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد كل القادة الأفارقة على مضاعفة الجهد لتنفيذ مطلب صمت المدافع في إفريقيا حسب الموعد الذى حددوه (2020)، وذكرهم بأن هذا الالتزام لن يتحقق ما لم تتوفر لديهم الإرادة السياسية والعزيمة الصادقة لوضع حد نهائي للحروب الداخلية في إفريقيا، واختتم حديثه قائلاً:
لو راجعنا موقفنا لاتضح لنا أننا نسرف في الأقوال التي لا تصاحبها أعمال، وقد أصدرنا عشرات القرارات دون أن ننجح في تنفيذها.
لقد لخص حديثه الأزمة الإفريقية، فكل القادة الأفارقة يسرفون في الحديث وفي الوعود وفي اتخاذ القرارات التي لا يعتزمون تنفيذها، ومن حقنا أن نشك في إمكانية تنفيذ أي جزء من أجندة 2063، أو حتى رؤية 2020 المتعلقة بالسلام في إفريقيا،
وستظل الحروب الأهلية تحصد الأرواح كما يحدث اليوم في شتى أنحاء القارة الإفريقية
من ليبيا شمالاً إلى جنوب السودان،
ما دامت الدول الإفريقية تعيش أنظمة استبدادية سلطوية !!