كتبت هذا العمود قبل أربعة أعوام في صحيفة الشاهد "رحمة الله عليها" وأشعر أنني يمكنني أن أنقل بعض فقراته دون تغيير. لقد كانت - وما زالت - أخطاء الحركة الشعبية واضحة جدا، ومنذ غياب الواثق الكمير وغيره من الأخيار من المشهد كان واضحا أنها تنحدر نحو درك سحيق ... قبل فترة كتب فايز السليك مقاله الصاخب الساخن، ولكنه قبل أربع سنوات كان من أشد المتحمسين للحركة ورموزها السياسية، بل كان القلم الأشرس في هذا الصدد.
عمودي كان بعنوان (الواثق كمير ، كيف أخبارك؟!) وقلت فيه: لم أكمل قراءة مقال الواثق الكمير بعنوان (هل تم تهميش قطاع الشمال؟) ... في حقيقة الأمر هذا المقال الإنجليزي الرصين يحتاج إلى وقت هاديء و لحظات استجمام بعد استحمام و ثياب نظيفة و رقيقة ، إنه مقال يذكرك بمتعة القراءة و (البحبتة) بين السطور و بين الصفوف (هل همشت قيادة قطاع الشمال الواثق كمير؟) ...!
مقال الواثق تشعر فيه بانه صوت عقل وسط ضجة و لغط و إساءات و شجار عنيف ، ليس بالضروري أن تتفق مع مفرداته و خلاصاته. أنا شخصيا قد لا أتفق معه فكريا، لأن الواثق ينتمي إلى تيار العلمنة الكاملة للسودان تحت عنوان السودان الجديد، و هذه العلمنة مستحيلة و ضارة بالمنطقة العربية و الأفريقية حسب تقديري ، إنها دعوة لإضرام نار الإرهاب في المنطقة و إنقلاب على الديموقراطية من داخل التيار الديموقراطي ..!
نصيحتي للسيد الواثق و الرفيق عرمان و السيد باقان و كثيرون ممن يختلفون حول النتائج السياسية و يتفقون على المقدمات العلمانية أن يختطوا لنفسهم طريقا فيه (علمانية) سودانية مهذبة غير استئصالية ، علمانية محايدة إزاء الطرح الإسلامي ... تخلي بينه و بين الجماهير ...!
العلمانية ... لحم راس و خشوم بيوت يا سيدنا الواثق ... و لكن علمانية الحركة الشعبية و قطاع الشمال بالتحديد (متطرفة) فكريا حتى و لو كان روادها لديهم أخلاق سياسية عادية و الدخول عليهم سهل و مناقشتهم و منازعتهم سهلة و لو في الطريق العام ... لأنهم و ببساطة سودانيين ولكن هذه (السودانوية) في الشق السياسي لهم فقط ..!
علمانية دعاة السودان الجديد الآن عائق امام الوحدة، لأنهم عبئوا أنفسهم و عبئوا الجنوبيين ضد الشريعة الإسلامية و توقعوا أن ينجحوا في الإطاحة بها أو الإطاحة بالنظام الذي يمثلها ، و لما حانت ساعة تقرير المصير زجوا بالقضية و جعلوها من مبررات الإنفصال ... و ربما توهموا أنها يمكن أن تكون كرتا ممتازا للضغط تحت شعار (علمنة الشمال مقابل الوحدة) ... أو (علمنة العاصمة – الخرطوم - مقابل الوحدة) ، فالقصد هو إذلال المشروع و الحركة الإسلامية و إبرازها في موقع المهزوم ..!