إلى رحاب الله العقيد نصر حسن بشير نصر بقلم: عميد(م) محمد أحمد الريح الفكى
بسم الله الرحمن الرحيم
Mohamed Elfaki [abulfaki@gmail.com]
" يا أيتها النفس المطمئنّة إرجعي الى ربك راضية مرضية ، وادخلى فى عبادى وادخلى جنتى ".
بمزيد الحزن والأسى ورضاءً بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة أخينا العقيد (م) نصر حسن بشير نصر بعد معاناة مع المرض لعدّة سنوات.
الفقيد من ضباط الدفعة الثالثة والعشرون من خريجى الكلية الحربية. إلتحق فى مستهل حياته العسكرية بسلاح المدفعية متنقلاَ فى وحداته المختلفة كما شارك مع القوات السودانية التى كانت تدعم القوات المصرية فى جبهة القتال إبان حرب أكتوبر 1973.
لكفاءته وإنضباطه وسمو خلقه تمّ إختياره من ضمن الضباط الذين ألحقوا بجهاز الأمن الوطنى بعد إنتفاضة ابريل 1985 ومن ثمّ تمت تسميته لمنصب القنصل بسفارة جمهورية السودان بجدّة حيث نذر نفسه وجهده لخدمة المواطنين السودانيين دون منٍّ أو أذى مما أكسبه سمعةً ممتازة فى مجتمعات السودانيين بالمملكة ولدى السلطات السعودية.
لقد تميّز الفقيد طوال مدّة خدمته بالبذل والعطاء ومساعدة الآخرين مع الإلتزام التام بالسلوك القويم . للفقيد علاقات ممتدّة مع زملائه وأصدقائه ومعارفه وأسرهم وأسر زملاء المرحوم والده مشاركاً فى أفراحهم وأتراحهم
لم يقعده المرض ولم يثنيه عن مداومة الإتصال فى جميع المناسبات .
لقد إتصف الفقيد بمكارم الأخلاق وبالشجاعة والكرم والوفاء والصدق فى القول والعمل فإذا ذكر الكرماء فنصر فى المقدمة وإذا ذكر الأوفياء فنصر فى المقدمة وإذا ذكر الشجعان فهو فى المقدمة وإدا ذكر الصدق والأمانة فهو فى المقدمة ومهما ذكرنا من كريم الخصال فإننا لن نوفيه حقّه.
حينما بدأ حزب الجبهة الإسلامية سياسة التخويف وإرهاب المعارضين كان الفقيد من أوائل ضحاياهم فقد تمّ إعتقاله مع شقيقه إلموظف بالسفارة القطرية وبعد فترة حفلت بالتعذيب والتجويع والتعطيش تم تقديمهم لمحاكمة صورية بتهمة التخابر مع معارضة الخارج ودولة أجنبية حشدت لها مجموعة من شهود الزور من ضعاف النفوس أصدروا عليه حكماً بالأعدام شنقاً وعلى شقيقه بالسجن.
قضى نصر عاماَ كاملاَ فى إنتظار تنفيذ الحكم محبوساَ ومقيداً فى زنازين الإعدام بسجن كوبر مع القتلة وعتاة المجرمين يستمع يومياً لصوت المشنقة وهى تهدر بإعدام أحد المنتظرين ولم يتزعزع أو ينهار,
شاءت إرادة الله الغالبة أن يتم تخفيض عقوبة الإعدام للسجن المؤبد فقضى بالسجن بضع سنين ثم تمّ الإفراج عنه وقد تمكن منه المرض بالقلب والكلى.
بعد إنتظار طويل ومحاولات عديدة تمكن الفقيد من السفر للسعودية طلباَ للعلاج.
تعطّلت كليتاه وضعف قلبه وظلّ يواجه تعقيدات العلاج بشجاعة وروح معنوية عالية إ لى أن إختاره الله إلى جواره صباح هذا اليوم .
إننى حين أنعى الفقيد إنما أنعى أخاً وصديقاً صدوقاً إرتبطت به علاقتنا لعقود من الزمان فلم نعرف له غير الإخاء الصادق والزمالة الحقة والرجولة المتناهية والثبات عند الشدائد.
اللهم يا ذا الكرم والجود هذا أخانا نصر قد أناخ ببابك ينتظر منك الرحمة، اللهم أغفر له وارحمه وأعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاَ خيراً من أهله.
اللهمّ إنه نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيراَ إلى رحمتك وأنت غنى عن عذابه فأنزل اللهمّ على قبره الضياء والنور والفسحة والسرور. اللهمّ هذا عبدك نصر قد خرج من روح الدنيا وسعتها إلى ظلمة القبر وما هو لاقيه وقد كان يشهد أنك أنت الله لا إله إلاّ أنت وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به. اللهمّ جازه بالحسنات إحساناَ وبالسيئات عفواً وغفرانا وأجعله ممّن ينادى عليه يوم العرض "كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم فى الأيام الخالية ".
اللهمّ اجعل مصائبه فى الدنيا درجته فى الآخرة ة واجعل مرضه وهمّه ونصبه كفارة لجميع ذنوبه.
اللهمّ ألهمنا وإخوانه وأخواته وزملائه وأصدقائه وعارفى فضله الصبر الجميل.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
.