اتركوا الخبز السياسي لخبازيه
كلام الناس
لاينكر أحد الدور المقدر لقوات الشعب المسلحة في الإنحياز للإرادة الشعبية وإجبار الرئيس السابق على التنحي من السلطة وتسليمها إلى الحكومة الانتقالية، لكن المؤسف ظلت العلاقة بينهم وبين قوى الحرية والتغيير والحكومة الانتقالية ملتبسة.
كان من المؤمل أن يعمل المجلس السيادي بروح واحدة وتنيسق تام لمساعدة الحكومة الانتقالية في إنجار مهامها لكن للأسف فإن بعض اعضاء المجلس السيادي من العسكريين ظلوا يدلون بتصريحات موحية برغبتهم في الهيمنة على القرار السيادي.
لست من أنصار تأجيج الخلاف بين قوى الثورة المدنية والعسكرية، يكفي الخلافات الموجودة التي نبهنا لأهمية حصرها في نطاقها السياسي دون أن تؤثر على الموقف التضامني تجاه القضايا المصيرية المتعلقة بتحديات المرحلة الانتقالية.
ليس من مصلحة إعضاء المجلس السيادي من العسكريين الانفراد بتصريحات مربكة مثل تصريحات الفريق الركن ياسر العطا عضو الوفد الحكومي لمفاوضات جوبا لصحيفة "الصيحة" حول الخلافات بين قوي الحرية والتغيير وبين الجبهة الثورية ووصفها بانها مناكفات سياسية ومكابرات ثانوية وخلافات شخصية.
معروف ان الجبهة الثورية تنظيم مستحدث خرج من تحت مظلة قوى الحرية والتغيير ليشكل جسماً ضاغطاً لتحقيق أجندة مطلبية لاتخاطب إستحقاقات السلام بل سارت في ذات الطريق الذي سلكته بعض مكونالتها مع النظام السابق بلا طائل.
أكدت المفاوضات المتعثرة مخاوفنا من أنها ستعرقل مسار عملية السلام بدلاً من دفعها نحو التحقق على أرض الواقع ووسط المواطنين، رغم وجود الإرادة السياسية لدى قوى الحرية والتغيير والحكومة الانتقالية، لذلك ظللنا نقول بأنه ليس هناك مايبرر المفاوضات خارج أرض السودان الديمقراطي.
مرة اخرى نؤكد تقديرنا التام لدور القوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز المخابرات في تامين الثورة الشعبية لكن هذا لايجعهلها وصية على الثورة لتصحيح مسارها كما جاء في تصريحات ياسر العطا لذات الصحيفة، إنما يكفي أن تؤدي دورها المهني كل في مجال تخصصه وأن تترك الخبز السياسي لخبازيه وللجماهير الثورية الأحرص على ان تحقق الحكومة الانتقالية مهامها في تحقيق السلام العادل الشامل في كل ربوع البلاد وان تبسط العدل وترفع المظالم وتحارب الفساد وتحقق الحياة الحرة الكريمة للمواطنين وتهئ المناخ الصحي لقيام الحكم المدني الديمقراطي المنشود.