اسرائيل والانتهاك الصارخ للقانون الدولي
محمد حمد مفرح
19 March, 2024
19 March, 2024
mohammedhamad11960@gmail.com
بقلم: د. محمد حمد مفرح
٢/٢
تضمنت الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية، متهمة اسرائيل بارتكاب جريمة الابادة الجماعية Genocide ضد الفلسطينيبن بغزة، تضمنت ان اسرائيل فشلت، منذ ٧ اكتوبر ٢٠٢٣م، في منع الابادة الجماعية بغزة و في مقاضاة او كبح جماح التحريض المباشر و العلني على الابادة الجماعية هناك، ما قاد، مع استمرار الحرب، الى ارتكابها جريمة الابادة الجماعية المكتملة الأركان.
و تعرف الابادة الجماعية قانونيا بأنها(التدمير المنهجي و المتعمد لمجموعة من الناس بسبب العرق او الجنس او الاصل او الدين). و قد صنفت الابادة الجماعية كجريمة دولية في اتفاقية واففت عليها الامم المتحدة بالاجماع في العام ١٩٤٨م و وضعت موضع التنفيذ في العام ١٩٥١م.
و تعني الابادة الجماعية، بموجب المادة الثانية من الاتفاقية، أيا من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او دينية او عنصرية:
١- قتل أعضاء من الجماعه.
٢- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بالأعضاء من الجماعة.
٣- إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كلياً او جزئياً.
٤- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
٥- نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى .
و وفقا للاتفاقية المشار إليها مقرونة بالأهداف السامية للقانون الدولي الانساني Int. Humanitarian Law و القانون الدولي لحقوق الانسان Int. Human Rights Law، نصا و روحا، يمكننا التأكيد على أن ما قامت به اسرائيل يرقى الى جريمة الابادة الجماعية، حسبما ذهبت إليه جنوب افريقيا، بالنظر الى استهداف اسرائيل لغزة، انسانا و بنية تحتية و مقدرات و سائر وسائل الحياة الأخرى، و ذلك منذ ٧ أكتوبر الماضي حتى تاريخه. ذلك ان عدد القتلى و الجرحى بغزة بلغ حتى تاريخه اكثر من مائة الف شخص، الأمر الذي عمل على توفير الادلة و البينات الكافية المنشئة لنية ارتكاب جريمة الابادة الجماعية، و توافر ركنيها المادي و المعنوي.
و فيما يتصل بالدفوعات التي دفع بها الفريق القانوني الاسرائيلي بمقر المحكمة بلاهاي - هولندا، ردا على التهمة، خلال اول جلسة تم عقدها بعد تقديم التهمة، فقد انبنت فقط على أنها لم و لا تستهدف المدنيين Civilians بغزة بل تستهدف منسوبي حركة حماس التي بادرت باستهدافها في ٧ أكتوبر الماضي من خلال مهاجمتها لها و تهديدها لأمنها و قتل شعبها مع تعريض دولتها للدمار و عدم الاستقرار، ما اضطرها للقيام بما قامت و تقوم به. و قد زادت يقولها أن انتشار قيادات و اعضاء حماس في غزة و تغلغلهم داخل احيائها دفعها الى استهدافهم. هذا هو جوهر الحقائق التي تاسست عليها دفوعات اسرائيل و بنت عليها براءتها من التهمة و طلبها اسقاطها من قبل المحكمة.
و في رأيي أن ما أنبنت عليه دفوعات اسرائيل، على النحو انف الاستعراض، لا يعول عليه في تبرئة ساحتها من التهمة المنسوبة اليها كونه لا يرقى الى مستوى دحض التهمة او نفيها، بل يؤكد على نية ارتكاب الابادة الجماعية المقرونة بالوقائع و الممارسات المختلفة التي تمثل ادلة كافية و دامغة تعمل على اثبات الجريمة المشار اليها. ذلك انه، حتى و لو سلمنا جدلا، بصحة مزاعم اسرائيل، فانه، و وفقا لالتزاماتها الناشئة عن اتفاقية منع الابادة الجماعية الموضحة انفا، بل و حفاظا على شعبها المسؤولة عن أمنه قانونا، كان عليها اتخاذ خطوات و تدابير أخرى خلافا للحرب. فعلى سبيل المثال يمكن لاسرائيل أن تتقدم بشكوى لمحكمة العدل الدولية لتؤكد للعالم انها تحترم القانون الدولي و تفي بالتزاماتها الناشئة عن اتفاقية منع الابادة الجماعية. و بذا يمكن لاسرائيل، اذا ما تعاملت مع ما حدث على النحو المذكور، أن تجنب الفلسطينيبن بغزة كل ما جرى و يجرى لهم من قتل و تدمير عام، مع تجنيب المنطقة التداعيات الحالية المفتوحة على كل الاحتمالات.
أما بالنسبة لحماس فان مبادرتها بالهجوم على اسرائيل حسبما ادعت، و برغم انه كان مطلوبا من حماس، من وجهة النظر القانونية، اتخاذ تدابير أخرى لتجنب الهجوم غير محسوب العواقب على اسرائيل، الا انه يجب أن ينظر إلى هجومها كرد فعل للاستفزازات الاسرائلية الرسميةOffiical Israeli harassments المتكررة التي ظلت تقوم بها في الأقصى الشريف، و غيرها من الاستفزازات. لذا فان ما قامت به حماس لا يبرر، بحال من الاحوال، شن اسرائيل الحرب على غزة على النحو الذي نتجت و تنتج عنه الابادة الجماعية.
و تاسيسا على ما سبق تعد الادلة و البينات التي تثبت ارتكاب اسرائيل جريمة الابادة الجماعية ضد الفلسطينيبن بغزة كافية و لا سبيل لدحضها او الطعن في صحتها. كما أن عدم قيام اسرائيل بالخطوات او الترتيبات Steps or arrangements المشار إليها سابقا، أي التي طلبتها منها محكمة العدل الدولية، و المتمثلة في وقف هجماتها المتكررة على غزة و التي تعد ضرورية لعدم التمادي في ارتكاب جريمة الابادة الجماعية بحق سكان غزة، تمثل تأكيدا على ثبوت التهمة. فممارساتها و افعالها على الأرض حتى تاريخه مضافا إليها تصريحات رئيس وزرائها المتكررة و عدد من مسؤوليها علاوة على عدد مقدر من الصور و الفيديوهات و خلافه، تعمل، مجتمعة، على صحة و ثبوت التهمة التي رفعتها جنوب افريقيا، و بالتالي تثبت ارتكاب الابادة الجماعية من قبل اسرائيل ضد سكان غزة، و التي هزت ضمير الانسانية، ما تستحق معه العقوبة المناسبة.
بقلم: د. محمد حمد مفرح
٢/٢
تضمنت الدعوى التي تقدمت بها دولة جنوب افريقيا لمحكمة العدل الدولية، متهمة اسرائيل بارتكاب جريمة الابادة الجماعية Genocide ضد الفلسطينيبن بغزة، تضمنت ان اسرائيل فشلت، منذ ٧ اكتوبر ٢٠٢٣م، في منع الابادة الجماعية بغزة و في مقاضاة او كبح جماح التحريض المباشر و العلني على الابادة الجماعية هناك، ما قاد، مع استمرار الحرب، الى ارتكابها جريمة الابادة الجماعية المكتملة الأركان.
و تعرف الابادة الجماعية قانونيا بأنها(التدمير المنهجي و المتعمد لمجموعة من الناس بسبب العرق او الجنس او الاصل او الدين). و قد صنفت الابادة الجماعية كجريمة دولية في اتفاقية واففت عليها الامم المتحدة بالاجماع في العام ١٩٤٨م و وضعت موضع التنفيذ في العام ١٩٥١م.
و تعني الابادة الجماعية، بموجب المادة الثانية من الاتفاقية، أيا من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او دينية او عنصرية:
١- قتل أعضاء من الجماعه.
٢- إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بالأعضاء من الجماعة.
٣- إخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كلياً او جزئياً.
٤- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
٥- نقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى .
و وفقا للاتفاقية المشار إليها مقرونة بالأهداف السامية للقانون الدولي الانساني Int. Humanitarian Law و القانون الدولي لحقوق الانسان Int. Human Rights Law، نصا و روحا، يمكننا التأكيد على أن ما قامت به اسرائيل يرقى الى جريمة الابادة الجماعية، حسبما ذهبت إليه جنوب افريقيا، بالنظر الى استهداف اسرائيل لغزة، انسانا و بنية تحتية و مقدرات و سائر وسائل الحياة الأخرى، و ذلك منذ ٧ أكتوبر الماضي حتى تاريخه. ذلك ان عدد القتلى و الجرحى بغزة بلغ حتى تاريخه اكثر من مائة الف شخص، الأمر الذي عمل على توفير الادلة و البينات الكافية المنشئة لنية ارتكاب جريمة الابادة الجماعية، و توافر ركنيها المادي و المعنوي.
و فيما يتصل بالدفوعات التي دفع بها الفريق القانوني الاسرائيلي بمقر المحكمة بلاهاي - هولندا، ردا على التهمة، خلال اول جلسة تم عقدها بعد تقديم التهمة، فقد انبنت فقط على أنها لم و لا تستهدف المدنيين Civilians بغزة بل تستهدف منسوبي حركة حماس التي بادرت باستهدافها في ٧ أكتوبر الماضي من خلال مهاجمتها لها و تهديدها لأمنها و قتل شعبها مع تعريض دولتها للدمار و عدم الاستقرار، ما اضطرها للقيام بما قامت و تقوم به. و قد زادت يقولها أن انتشار قيادات و اعضاء حماس في غزة و تغلغلهم داخل احيائها دفعها الى استهدافهم. هذا هو جوهر الحقائق التي تاسست عليها دفوعات اسرائيل و بنت عليها براءتها من التهمة و طلبها اسقاطها من قبل المحكمة.
و في رأيي أن ما أنبنت عليه دفوعات اسرائيل، على النحو انف الاستعراض، لا يعول عليه في تبرئة ساحتها من التهمة المنسوبة اليها كونه لا يرقى الى مستوى دحض التهمة او نفيها، بل يؤكد على نية ارتكاب الابادة الجماعية المقرونة بالوقائع و الممارسات المختلفة التي تمثل ادلة كافية و دامغة تعمل على اثبات الجريمة المشار اليها. ذلك انه، حتى و لو سلمنا جدلا، بصحة مزاعم اسرائيل، فانه، و وفقا لالتزاماتها الناشئة عن اتفاقية منع الابادة الجماعية الموضحة انفا، بل و حفاظا على شعبها المسؤولة عن أمنه قانونا، كان عليها اتخاذ خطوات و تدابير أخرى خلافا للحرب. فعلى سبيل المثال يمكن لاسرائيل أن تتقدم بشكوى لمحكمة العدل الدولية لتؤكد للعالم انها تحترم القانون الدولي و تفي بالتزاماتها الناشئة عن اتفاقية منع الابادة الجماعية. و بذا يمكن لاسرائيل، اذا ما تعاملت مع ما حدث على النحو المذكور، أن تجنب الفلسطينيبن بغزة كل ما جرى و يجرى لهم من قتل و تدمير عام، مع تجنيب المنطقة التداعيات الحالية المفتوحة على كل الاحتمالات.
أما بالنسبة لحماس فان مبادرتها بالهجوم على اسرائيل حسبما ادعت، و برغم انه كان مطلوبا من حماس، من وجهة النظر القانونية، اتخاذ تدابير أخرى لتجنب الهجوم غير محسوب العواقب على اسرائيل، الا انه يجب أن ينظر إلى هجومها كرد فعل للاستفزازات الاسرائلية الرسميةOffiical Israeli harassments المتكررة التي ظلت تقوم بها في الأقصى الشريف، و غيرها من الاستفزازات. لذا فان ما قامت به حماس لا يبرر، بحال من الاحوال، شن اسرائيل الحرب على غزة على النحو الذي نتجت و تنتج عنه الابادة الجماعية.
و تاسيسا على ما سبق تعد الادلة و البينات التي تثبت ارتكاب اسرائيل جريمة الابادة الجماعية ضد الفلسطينيبن بغزة كافية و لا سبيل لدحضها او الطعن في صحتها. كما أن عدم قيام اسرائيل بالخطوات او الترتيبات Steps or arrangements المشار إليها سابقا، أي التي طلبتها منها محكمة العدل الدولية، و المتمثلة في وقف هجماتها المتكررة على غزة و التي تعد ضرورية لعدم التمادي في ارتكاب جريمة الابادة الجماعية بحق سكان غزة، تمثل تأكيدا على ثبوت التهمة. فممارساتها و افعالها على الأرض حتى تاريخه مضافا إليها تصريحات رئيس وزرائها المتكررة و عدد من مسؤوليها علاوة على عدد مقدر من الصور و الفيديوهات و خلافه، تعمل، مجتمعة، على صحة و ثبوت التهمة التي رفعتها جنوب افريقيا، و بالتالي تثبت ارتكاب الابادة الجماعية من قبل اسرائيل ضد سكان غزة، و التي هزت ضمير الانسانية، ما تستحق معه العقوبة المناسبة.