اشتياق وفيكي .. جمعهم الحب والدبلوماسية وأرض النيلين: دلالات الزواج علي الطقوس السودانية ورمزية تزامنه مع اليوم العالمي للمراة

 


 

 



الخرطوم: حسين سعد
لم يكن إشتياق غفور مدير قسم الاعلام بالسفارة البريطانية بالخرطوم يدري ان الدعوة التي وجهت اليه لحضور حفل ساهر بالفلل الرئاسية علي ضفة النيل الازرق بشارع النيل شرقي العاصمة الخرطوم في نوفمبر 2016م لم يكن يدري بان الاقدار ستجمعه مع حبه وحياته التي تشبهه في كل شي،ولاحقا توجت قصة العشق الي زواج اسطوري جمع بين عادات وتقاليد وطقوس أربعة بلدان مختلفة في الزواج وهي بريطانيا -باكستان-هولندا- السودان ،كما جمع بينهم ايضا العمل في الشرق الاوسط وحب حياة الصحراء والجزيرة العربية التي عملا فيها الاثنين كمحطة من المحطات الدبلوماسية قبل ان يحضرا للعمل في السودان.
حكاية حبهما وارتباطهما بهذه المنطقة -نقصد-الجزيرة العربية التي يحوي تاريخها الكثير من قصص العشق والهيام ذات المنطقة تعيد الي الاذهان قصة حب دارت فصولها في ذات المنطقة وهي قصة حب قيس وليلي التي ظلت الاجيال ترويها جيلا بعد جيل وكتبت حولها المئات وربما الا لا ف من الروايات والقصائد والقطع الادبية المختلفة وهناك ايضا قصة جميل بثينة وعنتر وعبلة وغيرهما،في تلك الليلة الشاتية وقبل توجه الي الفلل الرئاسية أدار إشتياق محرك سيارته من منزله بضاحية العمارات وفي البال قضاء وقتا من المرح مع رصفائه من ممثلي البعثات الاجنبية ومقابلة بعض السودانيين العامليين في السلك الدبلوماسي،وعندما وصل غفور الي مكان الحفل وشروعه في مصافحة الحضور من رصفائه ومداعبتهم لكن خفقات قلبه ازدات قليلا لحظة مقابلته وتعارفه علي مديرة القسم السياسي بالسفارة الهولندية فيكي التي لم يمر علي حضورها للسودان الذي جمعهما فيه الحب والعمل والدبوماسية والوجدان المشترك والمناخ البارد شتاءا والحار صيفا وقتها سوي ثلاثة أشهر فقط . وفي حديثي مع اشتياق عن حبه لفيكي يقول ان قصة حبهما ليست عادية وهي قصة شيقة وأوضح انه حضر للعمل في السودان في سبتمبر 2014م وانه وجد السودان مختلف تماما من اي بلد اخر عمل فيه كدبلوماسي مثل بروكسل وباريس وقطر والاردن والاخيرتان عمل فيهما لفترة عامان ،وأوضح هذا الاختلاف بين محطتي الاخيرة والدول السابقة مختلف تماما من حيث التنمية والاوضاع الاقتصادية ،وعندما وصلت الخرطوم كان الجو حارا جدا ودرجة الحرارة مرتفعة ،وقتها اصابني القلق وما كنت متاكداهل سواصل عملي بالسودان وأصمد أمام الاوضاع المناخية الملتهبة، ام لا ؟ لكن تسأولاتي المتشائمة سرعان ما تبددت حيث زرت في الاسبوع الثاني من وصولي مدينة امدرمان وتحديدا امبدة التي حضرت فيها مهرجان النوبة حيث شاهدت رقصات وغناء متعدد يعبر عن تاريخ وجغرافيا وتعدد فريد اعجبتني الموسيقا والرقصات وتفاعل الناس بمختلف اتجاهاتهم السياسية والفكرية والثقافية ،قبل ذلك اليوم لم أعرف عن الثقافة السودانية عامة والنوبية وطقوسها،وتيرة الحياة الشيقة في السودان مضت علي نسق معرفي مع إطلالة كل صباح جديد وفي الاسبوع الرابع ومع حلول عطلة عيد الاضحي شاركت ولاول مرة في تبادل الزيارات والتهاني والتبريكات للسودانيين في منازلهم فالسودانيون شعب كريم ومضياف ومتسامح وودود ، وكما قلت من قبل ان السودان مقارنة مع الدول السابقة التي عمل فيها مستوياته الاقتصادية أقل لكن شعبه كريم وعلاقاته الانسانية متعددة ورحيمة ،لذلك انا راضي عن فترة عملي في السودان وخدمة شعبه الطيب المضياف وقد استفدت كثيرا وتحسنت لغتي العربية والدارجية السودانية،وخلال هذه الفترة زرت جميع المناطق السياحية بالسودان وكذلك أقاليمه بما في ذلك دارفور وكادوقلي وابيي وشرق السودان والشمالية عبر هذه الزيارات (شفت تقاليد مختلفة) كذلك استفدت من جلوسي مع الصحفيين والاعلاميين السودانيين بحكم عملي في السفارة البريطانية هذا منحني معرفة أكثر اما الجانب الاخر والذي اجد نفسي قد احدثت فيه اختراق ايجابي وهو المجال الثقافي فقد اعدت الاسبوع البريطاني الذي توقف نحو 20 عاما بالخرطوم بمشاركة فنانيين وموسيقيين بريطانيين،وعندما قاطعة اشتياق قبل الاسترسال اكثر لمعرفة تفاصيل اللقاء الاول مع فيكي رد بسرعة قائلا:قصتنا ليست عادية وهي قصة حب من البداية ويضيف سيرة فيكي شيقة وتشابهني في كل شي هي ايضا عملت في طهران والسعودية ثم السودان باختصار-محطات عملها بالشرق الاوسط وفي مكان الحفل تعارفا وتجاذبنا أطراف الحديث كثيرا ولم نهتم بالحفل والموسيقي الحديث معها تناول تفاصيل عديدة ومهمة ،كذلك اهتماماتنا وهوايتنا كانت مشتركة، وبعد الحفل توحدت قلوبنا وهمومنا ،واول دعوة وجهتها لها كانت في زيارة قندهار بسوق ليبيا لتناول اللحوم فقد أحبت فيكي تلك الرحلة كثيرا وهي اول رحلة لنا مع بعض ثم تطورت الرحلات.وعندما قاطعة اشتياق وقلت له ان الحب والدبلوماسية حققا انتصار في وقت قصير؟ رد بثقة نعم الحب من اول نظرة والدبلوماسية تعني المرونة والاخذ والعطاء. وردا علي سؤال لماذا كان زواجكما علي تقاليد وطقوس مختلفة ؟قال ان اصوله باكستانية لذلك كانت حفلة 30 ديسمبر 2017م علي الطريقة الباكستانية،وأضاف في السودان قررنا ان نحتفل بالتزامن مع اليوم العالمي للمراة في الثامن من مارس عرفانا وتقديرا واجلالا للمراة السودانية،حيث نظمت العروس فيكي في ذات اليوم حفلة نهارية بالسفارة الهولندية خاصة بذات الفعالية قبل حضورها الي منزلها الذي استضفنا فيه الحضور في حفل عرسنا فضلا عن اتاحة فرصة لاصدقاؤنا السودانيين مشاركة فرحتنا لذلك قررنا ان تكون الحفلة علي نسق التقاليد والطقوس السودانية مائة بالمائة ،وقال :حفل الخميس لم نساهم فيه بشي فقد رتب اصدقاؤنا السودانيين كل شي هناك من تبرع بالفنانة واخر بالجرتق وطقوسه واخر تبرع بوجبة العشاء للحضور وتابع( السودانيين كرماء )،ومضي غفورللقول انه ارتداء في الحفل جلابية الحناء والحريرة ووضعت له السبحة السوداء والهلال الذهبي علي جبينه وحمل السيف ملوحا به فرحا علي الحضور الذين تجاوبوا معه بقولهم أبشر ياعريس والزغاريد تشق عنان السماء ووضعت له الضريرة وسط هتافات وتبريكاتهم وتمنياتهم لهم بالسعادة ويصف إشتياق حفلة زواجه بالفريدة من حيث الحضور الذين يمثلون جهات مختلفة سياسيين وصحفيين وفنانيين وغيرهم، في وقت ارتدت فيه العروس فستان احمرومن ثم جلسوا علي (عنقريب) مفروش بالاحمر وأمامه وضعت صينية (الجرتق) والتي وضعت عليها أواني خشبية وضعت بداخلها عطور تقلدية تفوح رائحتها العطرة بجانب البخور كما قدم الحضورهدايا تمت تعبتها في أكياس صغيرة وجميلة بداخلها قطعة حلوي وبخور تقليدي و(فتيل) صغير من الصندلية .وسط هذه الاجواء كانت اغاني السيرة والدلوكة تلهب الحماس وتجاوب البعض معها بالرقص خاصة رقصة العرضة الشعبية المشهورة في السودان ،ولفت العريس اشتياق الي انهم سوف يحتفلوا في الرابع من ابريل القادم بزواجهما علي الطريقة الهولندية .وعن مستقبلهم في المرحلة القادمة حال نقلهم الي محطات وبلدان اخري قال غفور (أنا وفيكي)رتبنا كل شي عقب إنتهاء فترة عملي بالسودان المقرر لها اغسطس القادم بينما تنتهي فترة فيكي في اغسطس من العام 2019م،هناك تقاسم وتبادل للادوار بيننا حال عدم نقلنا الي العمل في بلد واحد سأنتقل انا في الفترة الاولي لمرافقتها في مكان عملها الجديد كزوج وفي السنة التالية ستنتقل معي فيكي كزوجة وتابع(نحن متفاهمون وحياتنا متناسقة)
ختاما:
إختيار إشتياق وفيكي لحفل زواجهما بالسودان بالتزامن مع اليوم العالمي للمراة الذي له دلالات عديدة وإرتباطات خاصة بالانسانية والحقوق لجهة رد الاعتبار للمراة وتعزيز مكانتها في المجتمع وممارسة خياراتها، مثل الحصول على التعليم الجيد، والعيش في مجتمعات خالية من التمييز، وتحقيق المبادرات الخلاقة، والسعي نحو تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في مختلف دواليب الحياة والحق في الترقي في العمل والتدريب،وفي السودان إحتفلت قطاعات واسعة من الحركة النسوية والناشطيين بالفعالية العالمية،وكانت نضالات المراة وتقديرها وقفة مع الذات جسدة رمزية لاحياء أدوار المرأة التي تضيء دروب الحياة الحالكة، فبتضحياتها التي لا حدود لها يصبح العالم موحدا بأطيافه، وبنضالاتها المادية والمعنوية ستأخذ المراة حقوقها المشروعة،(إشتياق وفيكي ) أعادا في حفلهما معان عديدة أبقت علي شعلة النضال مستمرة، لجهة تحقيق المستحيل من أجل وطن يسع الجميع بالسودان ثقافيا ودينيا للثامن من مارس نكهة وطعم خاص وهو فرصة للتعبيرعن الحب للمراة ورد الاعتبار لها ، خاصة أن فئات واسعة من النساء على امتداد بلادنا تعشن تحت سياط العنف والضرب والاعتداءات المختلفة النفسية والجسدية التي ترتبط عضويا بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي..

OW9C8014.jpg

husseinsaad77@gmail.com

 

آراء