اصرار القاهرة

 


 

 

الصباح الجديد –
بعد عودة رئيس مخابرات العامة المصرية عباس كامل إلى قاهرة المعز دون تحقيق اختراق يذكر في التدخل في الوضع السياسي في السودان، هاهو وزير الخارجية المصري سامح شكري يعرب مساء الأربعاء الماضي، عن تطلع بلاده إلى مزيد من التوافق الوطني السوداني، معلناً اعتزامه زيارة الخرطوم في “أقرب فرصة”.
هذه التحركات المصرية المتسارعة ، تؤكد أن القاهرة لا تنوي أن تترك العملية السياسية الحالية تمضي دون اصطحاب أجندتها، وإشراك القوى السياسية الموالية لها في أي اتفاق سياسي تتشكل بموجبه حكومة جديدة، وتشمل تلك القوى الحزب الاتحادي بزعامة الميرغني وتحالفه الجديد المسمى الكتلة الديمقراطية، وهي الكتلة التي تضم أحزابا وحركات مسلحة وسياسيين من الذين شاركوا ودعموا انقلاب 25 أكتوبر، لكنهم اختلفوا مع العسكر في تفاصيل العملية السياسية الحالية، وأعلنوا تكوين تحالف جديدة موالي للقاهرة ويتهم برعايته من قبل المخابرات المصرية.
رغم رفض الشارع السوداني والقوى الثورية، وحتى قوى الحرية والتغيير لما سمي بالمبادرة المصرية لحل الأزمة في السودان، إلا أن مصر تصر على إقحام مقترحاتها لتعديل مسار العملية السياسية الجارية بين بعض القوى السياسية وسلطة الانقلاب العسكري، وأرسلت قبل أيام رئيس مخابراتها من أجل ذلك، وتنوي الآن إرسال وزير الخارجية لذات الغرض.
من الواضح أن الحكومة المصرية لم تدرس ملف السودان السياسي بعمق وأغفلته ردحاً من الزمن وما زالت القاهرة ترى أن التعامل الأمني مع الملف هو الأنسب في حين أن الوضع الحالي في السودان أثبت فيما يدع للشك تقدم السياسي على الأمني وأن الأمن لا يصلح غير أن يكون مساعداً للعمل السياسي.
حرص القاهرة على أمنها مفهوم لكن أدواتها المجربة في السودان لم تعد صالحة وكذلك خياراتها المتعلقة بتحالفاتها التي يمكن أن تمثل صمام أمان بالنسبة لها ، فالعسكر بعد فشل إنقلابهم لم يجدوا طريقاً غير الاقرار بضرورة الحكم المدني والذين يوالونهم ويتحالفون الآن مع مصر هم سبب فشل العسكر وسقوط إنقلابهم فبالتالي ليسو بالخيار الأفضل أما الفلول فخرجوا من وجدان الشعب السوداني وما باتت لهم قوة غير الانتفاخات (الهرية) الموسمية التي تنتهي في كل مرة بدفن أجندتهم السياسية.
لو كانت القاهرة تريد اللحاق فعلاً بالتسوية السياسية السودانية عليها بدعم الاتفاق الاطاري واقناع المتحالفين لها بالانضمام وبذلك تكون فاعلة في منصة التغيير القادم وكسبت مزيد من الثقة والمصداقية عند كل القوى السياسية السودانية.
يجب أن تعترف القاهرة أنها جاءت في نهاية المطاف والخواتيم وأن أي تحركات تحسب في الاتجاه المعاكس للاتفاق الاطاري قد يوحد غالب القوى الثورية ضدها وهي رأت محصلات ذلك من قبل وما ادراك ما (ترس) الشمالية.
الجريدة

 

آراء