اقتصاديات الجيوش والأجهزة الامنية وبشائر الانهيار الاقتصادي (3/4)
سنوسي عبدالله ابوجولة
27 January, 2023
27 January, 2023
sanous@yahoo.com
هل حقا لا لشروط البنك الدولي وتسقط روشتة صندوق النقد الدولي؟
24 مارس 2023م
رابعا: دول العالم الثالث ودول العالم الأول والمؤسسات المالية الدولية:
المؤسستان الماليتان العالميتان، مجموعة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي تم تأسيسهما في عام 1944 في في ضاحية برنت وود في ولاية نيوهامشر في الولايات المتحدة الامريكية . المؤسستان تم تأسسيهما بناءا على دعوة موجهة من قبل مجموعة الدول الشبيهة بالأمم المتحدة، حيث كانت تلك المجموعة تمثل المجتمع الدولي بعد انهيار عصبة الأمم و حتى قيام الأمم المتحدة رسميا في عام 1945م. بالرغم من ان المؤتمر كان في أمريكا الا ان عدد الحضور كان 44 دولة. الان عدد الأعضاء هم 189 دولة. المساهمة في البنك وصندوق النقد محصورة في الدول وليس مسموحا للأفراد والمؤسسات المالية الخاصة بالمساهمة في راس المال. المقر الحالي لمجموعة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي هي واشنطون ، العاصمة الامريكية .
الأهداف العامة للبنك الدولي تتمثل في جمع راس المال، واحيانا القروض، من الدول المساهمة و من ثم اقراضها للدول الأعضاء بغرض تمويل المشاريع الضخمة و المشاريع طويلة الاجل و المستدامة و التي تدعم اقتصاد الدولة المعنية في المدى البعيد. البنك يمكنه تقديم القروض مباشرة او تقديم ضمانات لجهات أخرى تقرض الدولة العضو. البنك الدولي يتكون من خمسة شعب او منظومات او وحدات. تلك الوحدات تشمل البنك الدول للإنشاء والتعمير ومؤسسة التنمية الدولية و مؤسسة التمويل الدولة و هيئة ضمان الاستثمار و المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار. كل من هذه المنظومات له مهامه. فالبنك الدولي للإنشاء و التعمير يهدف الى إعادة تعمير المشاريع الكبيرة القائمة و كذلك الدول المتضررة من الحروب وغيرها من الكوارث. هذا الذراع يشجع القطاع الخاص بالدخول في المشاريع التي يتبناها ويدخل في المشاريع ذات العوائد الإنتاجية و يسهل المبادلات التجارية بين الدول . اما الوكالة الدولية للتنمية فمهامها هي تقديم قروض بدون فوائد او بفوائد منخفضة للدول الفقيرة ، تقديم منح مالية للدول الفقيرة و ردم الهوة في الدخل بين الشعوب داخل الدول و تحسين الحالة المعيشية عامة. مؤسسة التمويل الدولية معظم مهامها تنحصر في الخدمات الاستشارية و كيفية استفادة الدول من الموارد المحلية و المقترضة من الغير. اما هيئة ضمان الاستثمار فمهامها هي تقديم الضمانات للمقرضين المستثمرين ضد المخاطر السياسية. الذراع الخامسة و هي المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار فتنحصر مهامها في فض النزاعات بين الدول و المستثمرين الاجانب و المقرضين.
اما صندوق النقد الدولي فأهدافه يمكن ان نقول انها قصيرة الاجل . فالموسعة العالمية حددت أهداف المعلنة من صندوق النقد الدولي هي «العمل على رعاية التعاون النقدي الدولي، والحفاظ على الاستقرار المالي، وتسهيل التجارة الدولية، والحثّ على رفع معدلات التوظيف والنمو الاقتصادي المستدام، وتقليص الفقر في مختلف أنحاء العالم. هذا الأهداف تحقق عن طريق تقديم القروض النقدية قصيرة الاجل للدول المعنية لسد العجز في موازين مدفعاتها وتقديم الاستشارات اللازمة لتنمية الصادرات وترشيد الانفاق الحكومي ,ال
خامسا: هل حقا ، لا لشروط البنك الدولي و تسقط روشتة صندوق النقد ا :
البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما مؤسستان ماليتان ، يشبهان اى بنك في مدينتك. فان انت متمكن اقتصاديا و ماليا و لا تحتاج الى اى تمويل من الغير لأي مشروع استثماري ، فلا حاجة لك بالذهاب للبنك وتقديم طلب للاستدانة منه. تاريخيا جزء من الدول في العالم المتقدم استفادت من تمويل هذه المؤسسات و لكن الان فهي قليلة الاقتراض من هذه المؤسسات فهي تقترض من شعبها و من الشعوب الحليفة عن طريق اصدار سندات دين وثاقي او سندات خزينة او استثمار مباشر . فتاريخيا و حاضرا هنالك دول كثيرة استفادت من هذه المؤسسات و بنت اقتصادها و منها المانيا وفرنسا و دول اوربا الغربية واليابان و هنالك دول استفادت من التسهيلات الائتمانية و استشارات هذه الدول و لحقت بالعالم الأول مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة و استراليا وغيرها. في كل هذه الدول لم نسمع عبارة لا للبنك الدول و لا عبارة تسقط روشتة صندوق النقد الدولي. كل المشكلة و الضجيج يأتي من دول أصلا فيها فساد وسوء إدارة وغالبا أنظمة دكتاتورية. هذ الدول لا تحسن إدارة اقتصادها ومالها العام ينهبه السراق و الدكتاتور يستمر في الحكم بالكذب و الغش ولا يصارح الشعب بالحقائق الاقتصادية مقدما.. بهذا الفشل تذهب دول العالم الثالث وتقترض من هذه المؤسسات بشروط و بدل توجيه التهم و السباب لطريقة إدارة الدولة ، توجه التهم لمن اقرض الدولة. الحقيقة ان البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لم يكن لهتما جيوشا ارهبت بها دولة ما واجبرتها على الاستدانة منهما او من احداهما . هذه الدول ، ومعظمها فاشل بطبعه، يذهب بمحض ارادته للاقتراض و من ثم يسوف ويلقن الدهماء بلوم المؤسسات التي اقرضتهم.
لفهم شروط البنك الدولي وروشتة صندوق النقد الدولي علينا بتبسيط المثال. الان افرض ان بالأسرة شخص فقير، او قل ليس ميسورا او انه يمر بمتاعب مالية . بالإضافة لهذا انه مديون من قبل الغير وله عادات ضارة ومنها تبديد المال . الان افرض ان هذا الشخص اتي للأسرة و طلب منها قرضا تجميعيا حتى يعدل ويصلح حاله . من الطبيعي جدا ان تبدا الاسرة في النظر في هذا الشخص وأسلوب حياته ومشاكله و من بعد ذلك سوف تقرضه وتساعده ان التزم بتعديل حاله. فأول ما تطلب منه ان عليه اخبارهم بالمشروع الذى سوف يستثمر فيه المال. فان كان مشروعا تافها ، فأكيد لن تقرضه الاسرة المال. الامر الثاني هو ان تطلب منه حسن إدارة مشروعه وحسن الاشراف عليه ، والا لن تقرضه المال. الامر الثالث هو ان تطلب منه تأجيل ديونه القديمة الى ان تستقر حاله و الا لن تعطيه المال ، وبالأخص اذا ما استغله في فك ضائقته الدين القديم ثم يرجع للنوم. الشرط الأخير هو إيقاف تبديده للمال ، فمثلا ، اذا هو يستقل تاكسي كل يوم لزيارة الأصدقاء للتسكع ، او شراء ملابس فخمة وغالية لزوم الحفلات ، او التنقيط البذخي في الاعراس ، عليه إيقاف كل ذلك. هذه الشروط الاسرية لاحد أعضائها هي شروط طبق الأصل لشروط البنك الدولي وروشتة صندوق النقد الدولة و التي تعطياها للدول التي تقترض منها.
سادسا: ، الخلافات بين الدولة المقترضة و مؤسسات التمويل الدولية :
الخلاف بين المؤسسات المالية الدولية والدول التي تقترض منها لا حصر لها . فهنالك شروطا تشكل خلافا بين المؤسسات المالية و إدارات هذه الدول و هنالك شروطا تفرضها هذه المؤسسات تساعد النظم في الدول الفاشلة بنهب الشعب وهنا تشكل خلافا بين المؤسسات المالية الدولية و شعوب تلك الدول . من الخلافات الكبيرة. أولا : معظم الدول الفاشلة اقتصاديا هي أيضا فاشلة سياسيا وتحكمها دكتاتوريات وهذا يزيد المتاعب الاقتصادية و ما يعرف بالمخاطر السياسية واللتان بدورهما يعيقان النمو الاقتصادي في اى دولة . لحل هذه المعضلة، غالبا ما تضغط تلك المؤسسات المالية الدولية ، عن طريق المنظمات العالمية وحتى عن طريق الدول الغربية ، من اجل الانفراج السياسي في البلدان التي تقترض . الضغط يتمثل فى السماح للمعارضة بالعمل وحرية الصحافة وحرية التعبير . هذه المطالب السياسية الوجه و الاقتصادية الجوهر ، غالبا ما تغضب الدكتاتوريين وسدنتهم و مع ذلك، يقبلون بها على مضض لكي لا ينهار اقتصادهم . الاختلاف الثاني بين هذه المؤسسات التمويلية العالمية و الدول المقترضة يتمثل في راي خبراء هذه المؤسسات ، ورأى كل حصيف من اهل علم الاقتصاد وكل مثقف و العامة من غير اهل علم الاقتصاد ، ان المال الذى تتم سرقته و المال الذى يساء ادارته لا يمكنه ان ينمو. لهذا السبب نجد ان المؤسسات المقرضة تطالب الدول المقترضة بمحاربة الفساد و تبنى الشفافية ، بدء من وضع النظم الرقابية لحماية المال العام ودقة الإحصاءات الاقتصادية و الاجتماعية الى عدالة القضاء و الاحكام و القوانين و التشريعات. فالدكتاتور وسندته هم قوم فاسدون بطبيعة حكمهم و إدارة المال تتطلب عدم سرقته بالطرق المباشرة و بالطرق غير المباشرة ، و الدكتاتور و سدنته يكذبون ويدلسون و أصحاب بطولات و إنجازات وهمية وكثير منهم يشغل وظائف غير مؤهل لها و لذلك يسيئون إدارة الدولة و مالها . دفع المؤسسات الدولية هذه في اتجاه و دفع النظم السياسة الفاشلة في الاتجاه المضاد مستمر وغالبا ما تسعى أجهزة الدول الفاشلة باستعمال عدة طرق للتنديد بالمؤسسات التي مولتهم، ليس لظروف موضوعية و حماية لشعبهم، بل لانهم يريدون الفساد وإساءة إدارة أموال دولهم التي يستدنونها من الغير ، دون حسيب او رقيب و اكاذيبهم عن حجم الاقتراض و الإنجازات الوهمية ان تصدق دون تشكيك من قبل اي طرف خارجي . الاختلاف الثالث بين المؤسسات التمويلية الدولية و الدول المقترضة يتمثل في انتقاء المؤسسات التمويلية للمشاريع التي تمولها في حين ان الدول الفاشلة غالبا ما تطلب اعطاءها المال دون السؤال عن ماذا تصنع به وفى مرات تطلب تلك الدول، تمويل مشاريع ليس ذات جدوي للاقتصاد المعنى. فالدول المقترضة الفاشلة غالبا ما تريد المال لصرفه على المؤيدين وخزعبلاتهم او على مشاريع عجيبة مثل طلب تمويل إقامة مصنع للسيارات في دولة تبلغ فيها نسبة الامية 60% والباقي هم شبه اميين ولا توجد حتى طرق مسفلته في تلك الدول. قبل ان نشرح الاختلاف الرابع و ما بعده علينا فهم الية عمل هذه المؤسسات. فهذه المؤسسات مثلها ومثل اى مصرف. هي تقرضك المال وتريد ان تتأكد بانك سوف تستثمر هذه الأموال في أغراض تدر دخلا وتريد ان تتأكد ان إدارة ماليتك جيدة بحيث يمكنك رد اصل المبلغ المقترض و الفوائد الواجبة عليه ولذلك تضع شروطا و خاصة من قبل صندوق النقد الدولي. فالاختلاف الرابع يتمثل في طلب مؤسسات التمويل الدولية و خاصة صندوق النقد الدولي من الدول المقترضة برفع الدعم عن السلع ، مثل الخبز و المحروقات و الخدمات مثل الكهرباء والتعليم والصحة. رفع الدعم يخلق قلاقل ومظاهرات و يزيد من السخط الشعبي على حكومة الدولة المقترضة وحتى أحيانا صغر و تفاهة وكشف ضعف رؤساء دول هم اسود كاسرة في بلادهم.. سبب طلب صندوق النقد برفع الدعم بسيط وواضح وهو ان صندوق النقد الدولي لا يمكن ان يقرضك مالا و انت تنفقه على دعم الخبز و المحروقات و الكهرباء لأنك اذا انفقت القروض على هذه البنود فمن اين تسدد لهم قروضهم و ديونهم وفوائدها ؟ فالأمر ليس سادية من قبل صندوق النقد ورغبة فى تعذيب خلق الله و لكن بسبب تجاري مالي و اقتصادي و ائتماني بحت. فكما انت لا تود ان تقرض مالك لشخص ينفقه على زواج امرأة اخري وشراء ملابس وإقامة الحفلات و خلافه، فصندوق النقد وغيره لا يمكن ان يقرض ماله لدعم الخبر و المحروقات و اشاء اخري لا تخدم اغراضه . هذا البند هو أيضا يسبب نقمة لمناصري النظام لان كثير منهم يفقد مصدر سمين للسرقة و يتمثل في الاستفادة من السلع المدعومة و خلق ندرة وسوق اسود للتربح . الشرط الخامس الذى يشترطه صندوق النقد الدولي على الدول المقترضة هي ترشيد الانفاق الحكومي. فبغرض تحسين ميزانية الدولة وسد عجز موازناتها و توفير المال اللازم للاستثمار في المشاريع طويلة الاجل وإيجاد المال الكافي لتسديد قروض الصندوق و المقترضين الاخرين و فؤاد خدمة الدين ، يطلب صندوق النقد الدولي من الدول المقترضة تسريح العمالة الزائدة في القطاع الحكومي ووقف الصرف البذخي في مالا ينفع و الالتزام بسقوف الصرف حسب الميزانية الحكومية و التي غالبا ما تقدم لصندوق النقد الدولي قبل اجازاتها. هذا الطلب يطلق عليه في الصحافة ببرنامج التقشف. هذا الطلب و تنفيذه أيضا يؤديان الى رفض عام و قلاقل و معارضة للحكومة و لكن بصورة اقل من رفع الدعم. الشرط السادس هو طلب صندوق النقد الدولي للحكومات المقترضة بالتخلص من الشركات الحكومية الخاسرة وذلك لان خسارة هذه الشركات تتحملها الحكومة و هو ما يزيد الانفاق العام وموقف المؤسسات الغربية هذه و التي تري ان التجارة وادارة الاعمال هما ليس من مهام الحكومات و لكن من مهام القطاع الخاص. هذه الخطوة أيضا تخلق مشاكل لدى اعداد الشعب الذى يعمل بهذه الشركات واسرهم وذلك ان الخطوة الاولي من بعد بيع الشركات هذه هو تشريد اعداد كبيرة من العاملين فيها و تغيير عقود الذين بقوا بحيث يكون الخاسر الحقيقي هو العامل. و من المعلوم ان شرط صندوق النقد هذا يفتح بابا كبيرا لنهب الشعب من قبل النظام و سدنته و شركاءه من اللصوص. فالشركات الحكومية دائما يمكن التلاعب بنتائج اعمالها. فيمكن التلاعب بتكاليف انتاجها وفرض كل الضرائب الواجبة عليها و تعطيل اعمالها عن عمد و التحكم في أسعار البيع الخاصة بها فتصبح خاسرة جدا. هذا بالإضافة الى التلاعب في قيمتها السوقية عند التقييم بغرض الخصخصة. هنا يدخل اللصوص و يتلقفون هذه الشركات بثمن بخس و غالبا عن طريق قروض من بنوك الدولة او بنوك يضمن ودائعها المصرف المركزي ( من دقنه وافتل له) وتصير الشركات التي أسست من مال الشعب هي من أملاك اللصوص. هنا و مباشرة من بعد بيع الشركة الخاسرة يتم فصل العمالة الفائضة و يتم التحايل على الضرائب و الجبايات و تمنح القروض و يتم تسعير منتجاتها وفق سعر السوق وتصبح مربحة و يصبح مالكها الجديد من اعيان حزب اللصوص و يتبرع للحزب ويسب و يسخط للشعب ويصف المعارضين للدولة بالصعاليك او جوعانين ويتهمهم بالعمالة و الشيوعية... نعم هكذا ، فنحن نحفظ روشتتاهم مثل حفظنا لروشتات صندوق النقد الدولي. ولا انسي ان من بعد رفع الدعم عن الخبز في احدي الدول العربية و خرج الشعب في الشوارع ، وصف رئيس تلك الدولة و الاعلام لمظاهرات الشعب ب ( انتفاضة الحرامية). اما النميري فكان يسمي كل من يعارض تطبيقه لشروط البنك الدولي و صندوق الدولي ، وبلا فهم (بالمعارض الشيوعي المعروف).. نعم هكذا. اما الاختلاف او الشرط السابع بين الصندوق فهو خصخصة شركات الدولة. فالرأسمالية عموما وراس حربتها الدول الغربية ومؤسساتها تري ان إدارة راس المال ليس من مهام الدولة و انما من مهام القطاع الخاص و حصر مهام الدولة في سن التشريعات اللازمة و إدارة بنكها المركزي و ووزارة المالية بطريقة تسهيل عمل القطاع الخاص. فإدارة الدولة للشركات يراها هؤلاء بانها تشويه عمل السوق بما لدى الدولة من سطوة تخرق بها قواعد عمل السوق . والاغراض الأخرى لشروط الخصخصة يتمثل في توفير المال للخزينة العامة وتطبيق جهة نظر الرأسماليين المتمثلة في ان القطاع الخاص يمكنه التطور والمنافسة و مقدرته على فتح أسواق داخلية و خارجية و بذلك ينمو الاقتصاد. هذا الشرط أيضا نعمة للصوص الذين يديرون الدولة. فعن طريق التلاعب في خصخصة الشركات الحكومة يمكنهم جنى أموال لا حدود لها. الشرط الثامن صندوق النقد الدولي ، وهو شرط ساحق لذوى الدخل المحدود ، فهو تخفيض سعر العملة الوطنية للدول المقترضة بهدف ان تنخفض اسعار صادرات تلك الدولة في الأسواق العالمية و بذلك يمكنها ان تنافس و تدر للدولة المقترضة عملة اجنبية و تحسن ميزانها التجاري و تباعا ميزان مدفعاتها. الشيء المضحك ان ميزان المدفوعات يحتوي مبالغ الفوائد و الأقساط الحالة للدائنين و منهم البنك الدولي و صندوق النقد. هذا الشرط اشبه بان تطلب من احد المديونين لك بتخفيض سعر بيع بضاعته لكي يستطيع بيعها و تسديد الدين لك. الشرط التاسع هو وقف تدخل البنك المركزي للدولة المقترضة في سعر صرف العملة الوطنية. هذا الشرط يطلق عليه ( تعويم العملة) في الصحافة و غيرها. فهذا الشرط هو شبيه بالشرط الثامن. لكن في الشرط الثامن يتم تخفيض سعر صرف العملة الوطنية و ابقائها عند مستوي محدد و للحفاظ على ذلك المستوي يجب تدخل البنك المركزي، اما في التاسع فيتم ترك سعر الصرف كليا لعوامل العرض و الطلب على العملة . الشرط العاشر صندوق النقد الدولي هو تحسين وضبط الجبايات في الدولة ورفعها الى مستوي عملي و منطقي و محدد يتناسب و حجم انفاق الدولة و كذلك تشجيع العمل التجاري. هذا الشرط ممتاز ، فالدولة لا يمكنها ان تعمل بلا مال و الجبايات الكارثية مثل جبايات فكي جبريل تفطس الاقتصاد و الشعب و الحكومة و الدولة جميعا. اما الشرط الحادي عشر من قبل صندوق النقد الدولي ، وهو سبب هذا الكتيب ، إزالة التشوهات الاقتصادية الكبرى. التشوه الاقتصادي في رايهم يحدث عندما تتدخل الدولة في عمل الاقتصاد. فبيع الشركات الخاسرة و الخصخصة تصب في هذا الاتجاه. لكن في دول العالم الثالث و الدول الفاشلة و الدول الاستبدادية ظهر بعبع يهدم الاقتصاد كله من الداخل. ذاك البعبع هو دخول الجيوش و اجهزة الامن و الاستخبارات تحديدا و الشرطة و غيرها من الأجهزة الرسمية المسلحة ، السوق وترك مهامها المعروفة و العمل بالتجارة وبذلك تهدم الاقتصاد والحكومة و الدولة و الشعب. فكما ذكرنا ، فشرط البنك الدولي و صندوق النقد و المانحين بإبعاد هذه الاجهزة من الاقتصاد ليس الهدف منه كبح مقدرتها على انتاج أسلحة ترهب بها نفس المانحين ، كما تكذب أجهزة الدول المقترضة ، ولكن الهدف اقتصادي بحت. الجزء التالي من الكتيب يطرح كيف تشوه الأجهزة العسكرية الاقتصاد و تهده وتعيق نموه الدولة.
نواصل
////////////////////////
هل حقا لا لشروط البنك الدولي وتسقط روشتة صندوق النقد الدولي؟
24 مارس 2023م
رابعا: دول العالم الثالث ودول العالم الأول والمؤسسات المالية الدولية:
المؤسستان الماليتان العالميتان، مجموعة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي تم تأسيسهما في عام 1944 في في ضاحية برنت وود في ولاية نيوهامشر في الولايات المتحدة الامريكية . المؤسستان تم تأسسيهما بناءا على دعوة موجهة من قبل مجموعة الدول الشبيهة بالأمم المتحدة، حيث كانت تلك المجموعة تمثل المجتمع الدولي بعد انهيار عصبة الأمم و حتى قيام الأمم المتحدة رسميا في عام 1945م. بالرغم من ان المؤتمر كان في أمريكا الا ان عدد الحضور كان 44 دولة. الان عدد الأعضاء هم 189 دولة. المساهمة في البنك وصندوق النقد محصورة في الدول وليس مسموحا للأفراد والمؤسسات المالية الخاصة بالمساهمة في راس المال. المقر الحالي لمجموعة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي هي واشنطون ، العاصمة الامريكية .
الأهداف العامة للبنك الدولي تتمثل في جمع راس المال، واحيانا القروض، من الدول المساهمة و من ثم اقراضها للدول الأعضاء بغرض تمويل المشاريع الضخمة و المشاريع طويلة الاجل و المستدامة و التي تدعم اقتصاد الدولة المعنية في المدى البعيد. البنك يمكنه تقديم القروض مباشرة او تقديم ضمانات لجهات أخرى تقرض الدولة العضو. البنك الدولي يتكون من خمسة شعب او منظومات او وحدات. تلك الوحدات تشمل البنك الدول للإنشاء والتعمير ومؤسسة التنمية الدولية و مؤسسة التمويل الدولة و هيئة ضمان الاستثمار و المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار. كل من هذه المنظومات له مهامه. فالبنك الدولي للإنشاء و التعمير يهدف الى إعادة تعمير المشاريع الكبيرة القائمة و كذلك الدول المتضررة من الحروب وغيرها من الكوارث. هذا الذراع يشجع القطاع الخاص بالدخول في المشاريع التي يتبناها ويدخل في المشاريع ذات العوائد الإنتاجية و يسهل المبادلات التجارية بين الدول . اما الوكالة الدولية للتنمية فمهامها هي تقديم قروض بدون فوائد او بفوائد منخفضة للدول الفقيرة ، تقديم منح مالية للدول الفقيرة و ردم الهوة في الدخل بين الشعوب داخل الدول و تحسين الحالة المعيشية عامة. مؤسسة التمويل الدولية معظم مهامها تنحصر في الخدمات الاستشارية و كيفية استفادة الدول من الموارد المحلية و المقترضة من الغير. اما هيئة ضمان الاستثمار فمهامها هي تقديم الضمانات للمقرضين المستثمرين ضد المخاطر السياسية. الذراع الخامسة و هي المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار فتنحصر مهامها في فض النزاعات بين الدول و المستثمرين الاجانب و المقرضين.
اما صندوق النقد الدولي فأهدافه يمكن ان نقول انها قصيرة الاجل . فالموسعة العالمية حددت أهداف المعلنة من صندوق النقد الدولي هي «العمل على رعاية التعاون النقدي الدولي، والحفاظ على الاستقرار المالي، وتسهيل التجارة الدولية، والحثّ على رفع معدلات التوظيف والنمو الاقتصادي المستدام، وتقليص الفقر في مختلف أنحاء العالم. هذا الأهداف تحقق عن طريق تقديم القروض النقدية قصيرة الاجل للدول المعنية لسد العجز في موازين مدفعاتها وتقديم الاستشارات اللازمة لتنمية الصادرات وترشيد الانفاق الحكومي ,ال
خامسا: هل حقا ، لا لشروط البنك الدولي و تسقط روشتة صندوق النقد ا :
البنك الدولي وصندوق النقد الدولي هما مؤسستان ماليتان ، يشبهان اى بنك في مدينتك. فان انت متمكن اقتصاديا و ماليا و لا تحتاج الى اى تمويل من الغير لأي مشروع استثماري ، فلا حاجة لك بالذهاب للبنك وتقديم طلب للاستدانة منه. تاريخيا جزء من الدول في العالم المتقدم استفادت من تمويل هذه المؤسسات و لكن الان فهي قليلة الاقتراض من هذه المؤسسات فهي تقترض من شعبها و من الشعوب الحليفة عن طريق اصدار سندات دين وثاقي او سندات خزينة او استثمار مباشر . فتاريخيا و حاضرا هنالك دول كثيرة استفادت من هذه المؤسسات و بنت اقتصادها و منها المانيا وفرنسا و دول اوربا الغربية واليابان و هنالك دول استفادت من التسهيلات الائتمانية و استشارات هذه الدول و لحقت بالعالم الأول مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة و استراليا وغيرها. في كل هذه الدول لم نسمع عبارة لا للبنك الدول و لا عبارة تسقط روشتة صندوق النقد الدولي. كل المشكلة و الضجيج يأتي من دول أصلا فيها فساد وسوء إدارة وغالبا أنظمة دكتاتورية. هذ الدول لا تحسن إدارة اقتصادها ومالها العام ينهبه السراق و الدكتاتور يستمر في الحكم بالكذب و الغش ولا يصارح الشعب بالحقائق الاقتصادية مقدما.. بهذا الفشل تذهب دول العالم الثالث وتقترض من هذه المؤسسات بشروط و بدل توجيه التهم و السباب لطريقة إدارة الدولة ، توجه التهم لمن اقرض الدولة. الحقيقة ان البنك الدولي و صندوق النقد الدولي لم يكن لهتما جيوشا ارهبت بها دولة ما واجبرتها على الاستدانة منهما او من احداهما . هذه الدول ، ومعظمها فاشل بطبعه، يذهب بمحض ارادته للاقتراض و من ثم يسوف ويلقن الدهماء بلوم المؤسسات التي اقرضتهم.
لفهم شروط البنك الدولي وروشتة صندوق النقد الدولي علينا بتبسيط المثال. الان افرض ان بالأسرة شخص فقير، او قل ليس ميسورا او انه يمر بمتاعب مالية . بالإضافة لهذا انه مديون من قبل الغير وله عادات ضارة ومنها تبديد المال . الان افرض ان هذا الشخص اتي للأسرة و طلب منها قرضا تجميعيا حتى يعدل ويصلح حاله . من الطبيعي جدا ان تبدا الاسرة في النظر في هذا الشخص وأسلوب حياته ومشاكله و من بعد ذلك سوف تقرضه وتساعده ان التزم بتعديل حاله. فأول ما تطلب منه ان عليه اخبارهم بالمشروع الذى سوف يستثمر فيه المال. فان كان مشروعا تافها ، فأكيد لن تقرضه الاسرة المال. الامر الثاني هو ان تطلب منه حسن إدارة مشروعه وحسن الاشراف عليه ، والا لن تقرضه المال. الامر الثالث هو ان تطلب منه تأجيل ديونه القديمة الى ان تستقر حاله و الا لن تعطيه المال ، وبالأخص اذا ما استغله في فك ضائقته الدين القديم ثم يرجع للنوم. الشرط الأخير هو إيقاف تبديده للمال ، فمثلا ، اذا هو يستقل تاكسي كل يوم لزيارة الأصدقاء للتسكع ، او شراء ملابس فخمة وغالية لزوم الحفلات ، او التنقيط البذخي في الاعراس ، عليه إيقاف كل ذلك. هذه الشروط الاسرية لاحد أعضائها هي شروط طبق الأصل لشروط البنك الدولي وروشتة صندوق النقد الدولة و التي تعطياها للدول التي تقترض منها.
سادسا: ، الخلافات بين الدولة المقترضة و مؤسسات التمويل الدولية :
الخلاف بين المؤسسات المالية الدولية والدول التي تقترض منها لا حصر لها . فهنالك شروطا تشكل خلافا بين المؤسسات المالية و إدارات هذه الدول و هنالك شروطا تفرضها هذه المؤسسات تساعد النظم في الدول الفاشلة بنهب الشعب وهنا تشكل خلافا بين المؤسسات المالية الدولية و شعوب تلك الدول . من الخلافات الكبيرة. أولا : معظم الدول الفاشلة اقتصاديا هي أيضا فاشلة سياسيا وتحكمها دكتاتوريات وهذا يزيد المتاعب الاقتصادية و ما يعرف بالمخاطر السياسية واللتان بدورهما يعيقان النمو الاقتصادي في اى دولة . لحل هذه المعضلة، غالبا ما تضغط تلك المؤسسات المالية الدولية ، عن طريق المنظمات العالمية وحتى عن طريق الدول الغربية ، من اجل الانفراج السياسي في البلدان التي تقترض . الضغط يتمثل فى السماح للمعارضة بالعمل وحرية الصحافة وحرية التعبير . هذه المطالب السياسية الوجه و الاقتصادية الجوهر ، غالبا ما تغضب الدكتاتوريين وسدنتهم و مع ذلك، يقبلون بها على مضض لكي لا ينهار اقتصادهم . الاختلاف الثاني بين هذه المؤسسات التمويلية العالمية و الدول المقترضة يتمثل في راي خبراء هذه المؤسسات ، ورأى كل حصيف من اهل علم الاقتصاد وكل مثقف و العامة من غير اهل علم الاقتصاد ، ان المال الذى تتم سرقته و المال الذى يساء ادارته لا يمكنه ان ينمو. لهذا السبب نجد ان المؤسسات المقرضة تطالب الدول المقترضة بمحاربة الفساد و تبنى الشفافية ، بدء من وضع النظم الرقابية لحماية المال العام ودقة الإحصاءات الاقتصادية و الاجتماعية الى عدالة القضاء و الاحكام و القوانين و التشريعات. فالدكتاتور وسندته هم قوم فاسدون بطبيعة حكمهم و إدارة المال تتطلب عدم سرقته بالطرق المباشرة و بالطرق غير المباشرة ، و الدكتاتور و سدنته يكذبون ويدلسون و أصحاب بطولات و إنجازات وهمية وكثير منهم يشغل وظائف غير مؤهل لها و لذلك يسيئون إدارة الدولة و مالها . دفع المؤسسات الدولية هذه في اتجاه و دفع النظم السياسة الفاشلة في الاتجاه المضاد مستمر وغالبا ما تسعى أجهزة الدول الفاشلة باستعمال عدة طرق للتنديد بالمؤسسات التي مولتهم، ليس لظروف موضوعية و حماية لشعبهم، بل لانهم يريدون الفساد وإساءة إدارة أموال دولهم التي يستدنونها من الغير ، دون حسيب او رقيب و اكاذيبهم عن حجم الاقتراض و الإنجازات الوهمية ان تصدق دون تشكيك من قبل اي طرف خارجي . الاختلاف الثالث بين المؤسسات التمويلية الدولية و الدول المقترضة يتمثل في انتقاء المؤسسات التمويلية للمشاريع التي تمولها في حين ان الدول الفاشلة غالبا ما تطلب اعطاءها المال دون السؤال عن ماذا تصنع به وفى مرات تطلب تلك الدول، تمويل مشاريع ليس ذات جدوي للاقتصاد المعنى. فالدول المقترضة الفاشلة غالبا ما تريد المال لصرفه على المؤيدين وخزعبلاتهم او على مشاريع عجيبة مثل طلب تمويل إقامة مصنع للسيارات في دولة تبلغ فيها نسبة الامية 60% والباقي هم شبه اميين ولا توجد حتى طرق مسفلته في تلك الدول. قبل ان نشرح الاختلاف الرابع و ما بعده علينا فهم الية عمل هذه المؤسسات. فهذه المؤسسات مثلها ومثل اى مصرف. هي تقرضك المال وتريد ان تتأكد بانك سوف تستثمر هذه الأموال في أغراض تدر دخلا وتريد ان تتأكد ان إدارة ماليتك جيدة بحيث يمكنك رد اصل المبلغ المقترض و الفوائد الواجبة عليه ولذلك تضع شروطا و خاصة من قبل صندوق النقد الدولي. فالاختلاف الرابع يتمثل في طلب مؤسسات التمويل الدولية و خاصة صندوق النقد الدولي من الدول المقترضة برفع الدعم عن السلع ، مثل الخبز و المحروقات و الخدمات مثل الكهرباء والتعليم والصحة. رفع الدعم يخلق قلاقل ومظاهرات و يزيد من السخط الشعبي على حكومة الدولة المقترضة وحتى أحيانا صغر و تفاهة وكشف ضعف رؤساء دول هم اسود كاسرة في بلادهم.. سبب طلب صندوق النقد برفع الدعم بسيط وواضح وهو ان صندوق النقد الدولي لا يمكن ان يقرضك مالا و انت تنفقه على دعم الخبز و المحروقات و الكهرباء لأنك اذا انفقت القروض على هذه البنود فمن اين تسدد لهم قروضهم و ديونهم وفوائدها ؟ فالأمر ليس سادية من قبل صندوق النقد ورغبة فى تعذيب خلق الله و لكن بسبب تجاري مالي و اقتصادي و ائتماني بحت. فكما انت لا تود ان تقرض مالك لشخص ينفقه على زواج امرأة اخري وشراء ملابس وإقامة الحفلات و خلافه، فصندوق النقد وغيره لا يمكن ان يقرض ماله لدعم الخبر و المحروقات و اشاء اخري لا تخدم اغراضه . هذا البند هو أيضا يسبب نقمة لمناصري النظام لان كثير منهم يفقد مصدر سمين للسرقة و يتمثل في الاستفادة من السلع المدعومة و خلق ندرة وسوق اسود للتربح . الشرط الخامس الذى يشترطه صندوق النقد الدولي على الدول المقترضة هي ترشيد الانفاق الحكومي. فبغرض تحسين ميزانية الدولة وسد عجز موازناتها و توفير المال اللازم للاستثمار في المشاريع طويلة الاجل وإيجاد المال الكافي لتسديد قروض الصندوق و المقترضين الاخرين و فؤاد خدمة الدين ، يطلب صندوق النقد الدولي من الدول المقترضة تسريح العمالة الزائدة في القطاع الحكومي ووقف الصرف البذخي في مالا ينفع و الالتزام بسقوف الصرف حسب الميزانية الحكومية و التي غالبا ما تقدم لصندوق النقد الدولي قبل اجازاتها. هذا الطلب يطلق عليه في الصحافة ببرنامج التقشف. هذا الطلب و تنفيذه أيضا يؤديان الى رفض عام و قلاقل و معارضة للحكومة و لكن بصورة اقل من رفع الدعم. الشرط السادس هو طلب صندوق النقد الدولي للحكومات المقترضة بالتخلص من الشركات الحكومية الخاسرة وذلك لان خسارة هذه الشركات تتحملها الحكومة و هو ما يزيد الانفاق العام وموقف المؤسسات الغربية هذه و التي تري ان التجارة وادارة الاعمال هما ليس من مهام الحكومات و لكن من مهام القطاع الخاص. هذه الخطوة أيضا تخلق مشاكل لدى اعداد الشعب الذى يعمل بهذه الشركات واسرهم وذلك ان الخطوة الاولي من بعد بيع الشركات هذه هو تشريد اعداد كبيرة من العاملين فيها و تغيير عقود الذين بقوا بحيث يكون الخاسر الحقيقي هو العامل. و من المعلوم ان شرط صندوق النقد هذا يفتح بابا كبيرا لنهب الشعب من قبل النظام و سدنته و شركاءه من اللصوص. فالشركات الحكومية دائما يمكن التلاعب بنتائج اعمالها. فيمكن التلاعب بتكاليف انتاجها وفرض كل الضرائب الواجبة عليها و تعطيل اعمالها عن عمد و التحكم في أسعار البيع الخاصة بها فتصبح خاسرة جدا. هذا بالإضافة الى التلاعب في قيمتها السوقية عند التقييم بغرض الخصخصة. هنا يدخل اللصوص و يتلقفون هذه الشركات بثمن بخس و غالبا عن طريق قروض من بنوك الدولة او بنوك يضمن ودائعها المصرف المركزي ( من دقنه وافتل له) وتصير الشركات التي أسست من مال الشعب هي من أملاك اللصوص. هنا و مباشرة من بعد بيع الشركة الخاسرة يتم فصل العمالة الفائضة و يتم التحايل على الضرائب و الجبايات و تمنح القروض و يتم تسعير منتجاتها وفق سعر السوق وتصبح مربحة و يصبح مالكها الجديد من اعيان حزب اللصوص و يتبرع للحزب ويسب و يسخط للشعب ويصف المعارضين للدولة بالصعاليك او جوعانين ويتهمهم بالعمالة و الشيوعية... نعم هكذا ، فنحن نحفظ روشتتاهم مثل حفظنا لروشتات صندوق النقد الدولي. ولا انسي ان من بعد رفع الدعم عن الخبز في احدي الدول العربية و خرج الشعب في الشوارع ، وصف رئيس تلك الدولة و الاعلام لمظاهرات الشعب ب ( انتفاضة الحرامية). اما النميري فكان يسمي كل من يعارض تطبيقه لشروط البنك الدولي و صندوق الدولي ، وبلا فهم (بالمعارض الشيوعي المعروف).. نعم هكذا. اما الاختلاف او الشرط السابع بين الصندوق فهو خصخصة شركات الدولة. فالرأسمالية عموما وراس حربتها الدول الغربية ومؤسساتها تري ان إدارة راس المال ليس من مهام الدولة و انما من مهام القطاع الخاص و حصر مهام الدولة في سن التشريعات اللازمة و إدارة بنكها المركزي و ووزارة المالية بطريقة تسهيل عمل القطاع الخاص. فإدارة الدولة للشركات يراها هؤلاء بانها تشويه عمل السوق بما لدى الدولة من سطوة تخرق بها قواعد عمل السوق . والاغراض الأخرى لشروط الخصخصة يتمثل في توفير المال للخزينة العامة وتطبيق جهة نظر الرأسماليين المتمثلة في ان القطاع الخاص يمكنه التطور والمنافسة و مقدرته على فتح أسواق داخلية و خارجية و بذلك ينمو الاقتصاد. هذا الشرط أيضا نعمة للصوص الذين يديرون الدولة. فعن طريق التلاعب في خصخصة الشركات الحكومة يمكنهم جنى أموال لا حدود لها. الشرط الثامن صندوق النقد الدولي ، وهو شرط ساحق لذوى الدخل المحدود ، فهو تخفيض سعر العملة الوطنية للدول المقترضة بهدف ان تنخفض اسعار صادرات تلك الدولة في الأسواق العالمية و بذلك يمكنها ان تنافس و تدر للدولة المقترضة عملة اجنبية و تحسن ميزانها التجاري و تباعا ميزان مدفعاتها. الشيء المضحك ان ميزان المدفوعات يحتوي مبالغ الفوائد و الأقساط الحالة للدائنين و منهم البنك الدولي و صندوق النقد. هذا الشرط اشبه بان تطلب من احد المديونين لك بتخفيض سعر بيع بضاعته لكي يستطيع بيعها و تسديد الدين لك. الشرط التاسع هو وقف تدخل البنك المركزي للدولة المقترضة في سعر صرف العملة الوطنية. هذا الشرط يطلق عليه ( تعويم العملة) في الصحافة و غيرها. فهذا الشرط هو شبيه بالشرط الثامن. لكن في الشرط الثامن يتم تخفيض سعر صرف العملة الوطنية و ابقائها عند مستوي محدد و للحفاظ على ذلك المستوي يجب تدخل البنك المركزي، اما في التاسع فيتم ترك سعر الصرف كليا لعوامل العرض و الطلب على العملة . الشرط العاشر صندوق النقد الدولي هو تحسين وضبط الجبايات في الدولة ورفعها الى مستوي عملي و منطقي و محدد يتناسب و حجم انفاق الدولة و كذلك تشجيع العمل التجاري. هذا الشرط ممتاز ، فالدولة لا يمكنها ان تعمل بلا مال و الجبايات الكارثية مثل جبايات فكي جبريل تفطس الاقتصاد و الشعب و الحكومة و الدولة جميعا. اما الشرط الحادي عشر من قبل صندوق النقد الدولي ، وهو سبب هذا الكتيب ، إزالة التشوهات الاقتصادية الكبرى. التشوه الاقتصادي في رايهم يحدث عندما تتدخل الدولة في عمل الاقتصاد. فبيع الشركات الخاسرة و الخصخصة تصب في هذا الاتجاه. لكن في دول العالم الثالث و الدول الفاشلة و الدول الاستبدادية ظهر بعبع يهدم الاقتصاد كله من الداخل. ذاك البعبع هو دخول الجيوش و اجهزة الامن و الاستخبارات تحديدا و الشرطة و غيرها من الأجهزة الرسمية المسلحة ، السوق وترك مهامها المعروفة و العمل بالتجارة وبذلك تهدم الاقتصاد والحكومة و الدولة و الشعب. فكما ذكرنا ، فشرط البنك الدولي و صندوق النقد و المانحين بإبعاد هذه الاجهزة من الاقتصاد ليس الهدف منه كبح مقدرتها على انتاج أسلحة ترهب بها نفس المانحين ، كما تكذب أجهزة الدول المقترضة ، ولكن الهدف اقتصادي بحت. الجزء التالي من الكتيب يطرح كيف تشوه الأجهزة العسكرية الاقتصاد و تهده وتعيق نموه الدولة.
نواصل
////////////////////////