الأسلحة الليبية وأمن السودان

 


 

 



قبل بضعة أيام وإبان تطورات الأحداث الأخيرة فى ليبيا شاهدت تقريراً فى قناة سى .ان. ان. الامريكية يعكس فزع امريكا من فوضى النهب التى إجتاحت مستودعات السلاح الليبى بعد سقوط نظام القذافى ، خصوصاً وأن من بين الأسلحة المنهوبة ترسانة ضخمة من الصواريخ أرض – جو ومن بينها صواريخ (ستنجر) والتى تمثل تهديداً مرعباً للطائرات المدنية والعسكرية على حد سواء ، الى جانب صواريخ غراد الشهيرة التى تُستخدم فى حرب المدن . هذا الفزع الامريكى مبعثه الخوف من أن تطال يد (القاعدة) وغيرها من التنظيمات المدموغة أمريكياً بالإرهاب هذه الترسانة المهولة والمخيفة خصوصاً مع تنامى التهديدات فى ذكرى أحداث سبتمبر ، وايضاً مع تنامى أذرع القاعدة فى دول المغرب العربى وأفريقيا جنوب الصحراء .
إن كان لأمريكا أن تخاف وتفزع من هذا الأمر فالحيطة والتحسب يوجبان توجساً أكبر وأعمق فى السودان ، فبلادنا تملك حدوداً شاسعة ومفتوحة مع ليبيا ، الى جانب الحدود الليبية مع دولة تشاد . وقد ظلت الدولة التشادية دوماً بمثابة الفناء الخلفى لليبيا ولا يجب أن تغرننا أشهر العسل الحالية مع تشاد ، فالسياسة تتقلب بفعل تصارع الإستراتيجيات الدولية كما تتقلب الدنيا ، ومستقبل الحكم فى ليبيا ما زال على كف عفريت لا يعلم أحد أين يرسى موجه الهادر ، خصوصاً وأن سيناريو التصارع المستقبلى بين المكونات القبلية الليبية وكذلك بين التيارات الليبرالية والجماعات الأصولية الاسلامية الليبية بات إحتمالاً وارداً .
ومما يزيد من تنامى مخاوفنا هو هشاشة الأوضاع فى السودان ، فالبلاد تعانى من توترات أمنية بالغة الحدة وواعدة بالإنفجار .. فى دارفور وفى جنوب كردفان وفى أبييى وفى النيل الأزرق الى جانب التوتر المزمن فى الحدود مع دولة الجنوب الوليدة . هذه البؤر الملتهبة بلاشك ستكون بؤر إستقطاب لهذه الترسانة المتاحة والسهلة من الأسلحة ، وهو إستقطاب قد لا يحتاج الى أجندة سياسية بل من الممكن أن يزدهر فى شكل تجارة حدودية توفر أرباحاً قد لا توفرها حتى تجارة المخدرات ، فالعرض واسع ومتسع بإتساع المستودعات الليبية المفتوحة والمنهوبة ، والطلب مزدهر فى البؤر السودانية الملتهبة ، وهذا السلاح الفاتك إن وصل الساحة السودانية بمختلف جبهاتها الجهوية سيمثل نقلة نوعية مفزعة فى القتال لما يتيحه من إستهداف للمدن وللأجواء .
إن التيقظ لهذه المهددات لا يتطلب تحسباً أمنياً فقط ، فحدودنا الشاسعة والمشرعة تستعصى على المراقبة والضبط ، الأمر الذى يوجب تحسباً سياسياً لن يتحقق إلا بتفكيك هذا النهج الشمولى لدولة الحزب الواحد ، والتخلى عن الإستئثار المزمن بالقرار السياسى الملتزم دوماً بسياسات التجريب الخاسر ، فمستقبل هذا الوطن العزيز وأمنه أكبر من أن يُخضع للإقصاء والإحتكار .

fadil awadala [fadilview@yahoo.com]

 

آراء