الأمارات وإصرارها لدعم الحرب
زين العابدين صالح عبد الرحمن
30 June, 2023
30 June, 2023
كل عام و الأمة السودانية و الشعب السوداني بخير و نسأل الله أن يجنب البلاد شرور المؤامرات و الاطماع المتربصة بالسودان، و أن يهدي شعب لصواب طريق الأمن و التنمية.
عندما أصرت كل من المملكة العربية السعودية و دولة الأمارات أن تتدخلا بصورة مباشرة في الخلافات الحادثة في اليمن لصالح مجموعة بعينها دون الأخريات، و كانتا تخافان من سلطة الحوثيين، و تريدان أن توقفا انتصار الحوثيين الذي سوف يجعل إيران في حديقتيهما الخلفية، باعتبار التواجد الشيعي الكبير في السعودية و الأمارات، و طالبت الدولتان مدد عسكري من الدول العربية و الإسلامية و لكن وجدتا دعما معنويا دون مشاركة عسكرية، السودان بسبب أزمته الاقتصادية في ذالك الوقت بات السودان هو الدولة الوحيدة التي شاركت بمقاتلين يتراوح عددهم بين 18 ألي 25 ألف مقاتل تحت راية القوات المسلحة، لكن 80% من هؤلاء المقاتلين استطاع أن يوفرهم محمد حمدان دقلو ( حميدتي) قائد مليشيا الدعم السريع، منذ ذلك الوقت أصبحت هناك علاقة وطيدة بين حميدتي و صناع القرار في أبوظبي و خاصة جهاز مخابراتها، الأمر الذي جعل جهاز المخابرات الأماراتي يتعاقد مع حميدتي لكي يقوم بإرسال مقاتلين إلي ليبيا لكي يقاتلوا مع قوات حفتر التي كانت مدعومة من دولة الأمارات. و هذا التعاقد كان خارج دائرة القوات المسلحة كمؤسسة لكن معلوم كانت هناك قيادات عسكرية مشاركة في العملية.
و بالفعل أرسل حميدتي قوات كبيرة العدد إلي ليبيا و استطاع أن يجند هؤلاء من عرب عدة دول ( تشاد – أفريقيا الوسطى – النيجر و مالي) ثم أشارت إلي حميدتي أن يستثمر أمواله في التنقيب عن الذهب و بيعه إلي الأمارات، و استطاع أن يدعم عمليات التنقيب في تشاد و أفريقيا الوسطى و النيجر. و أصبحت الأمارات تستقبل كميات كبيرة من الذهب. تقول الإحصائية أن الذهب الذي تم بيعه في دولة الأمارات من الاراضي السودانية وحدها يقدر بأكثر من 290 طن تقدر 16.3 مليار دولار أمريكي، و تصنع هذا الذهب في أسواق الأمارات كان عائد الربح في المشغولات الذهبية تقدر 4.2 مليار دولار، هذا خلاف الربح من خام الذهب. هذا الدخل الكبير الذي دخل ميزانية الدولة تريد الأمارات أن تزيده من خلال استثمارات أخرى خارج دائرة الدولة السودانية. هذا الكسب من ثروات السودان، إلي جانب الأبحاث و الدراسات التي تقدر أن الطاقة الحفورية سوف يقل الطلب عليها بعد عام 2043م حيث لا يتجاوز الطلب عليها 23% من مجموع الطاقة المطلوب في العالم، لذلك بدأت دولة الأمارات البحث عن بدائل لها، و أولها الاستثمار خارج الأمارات. و من هنا جاءت فكرة دعم مليشيا الدعم السريع، باعتبار أن الثروات في السودان ماتزال بكر.
أن انحياز مليشيا الدعم السريع لثورة ديسمبر 2018م لم تكن قناعة شخصية لقائد مليشيا الدعم السريع، أن يصبح بين يوم و ليلة من قوة قامعة للشعب إلي قوة داعمة للثورة، بل الأمارات هي التي أقنعته أن يدعم الثورة للتخلص من حكم الإنقاذ، و شاركت بفاعلية في إسقاط النظام و طلبت من رجال الاعمال الذين لهم علاقات بها دعم الاعتصام، ثم بعد 11 بريل 2019م بدأ اتصالها مع عدد من القيادات السياسية حتى لا تقدم الثورة على اختيار قيادات تقف ضد أطماع دولة الأمارات في ثروات البلاد، و استطاعت أن تمد أنفها بقوة في الوسط السياسي، و في ذات الوقت أقنعت البرهان أن حميدتي يمثل يده اليمنى في البلاد، الأمر الذي جعل البرهان يثق ثقة عمياء في حميدتي و انجز له كل مطالبه التي قدمها الغاء المادة الخامسة من قانون الدعم السريع الذي فتح الباب على مصرعيه في عمليات التجنيد، حل جهاز العمليات التابع لقوات الأمن و المخابرات، أن تكون مليشيا الدعم هي الحارس لكل المؤسسات الدستورية و الاستراتيجية، أن تكون له علاقات بالخارج دون علم مؤسسات الدولة، حتى أصبح يتعاقد لشراء السلاح مع دول خارجية. أصبحت المليشيا دولة داخل الدولة. ثم بدأت عملية الانفتاح على الإدارات الأهلية و الطرق الصوفية و شراء عربات الدفع الروباعي لهم جميعا، و أيضا تم شراء صحف، و غيرها كل هذه الأشياء تمت بمراقبة و دعم من دولة الأمارات العربية.
بدأت عملية الحل السياسي و إرجاع القوى المدنية بعد انقلاب 25 إكتوبر، بعد إقناع الولايات المتحدة و بريطانيا أن الحل السياسي يجب أن يكون هدفه إرجاع القوى السياسية التي وقع عليها الانقلاب، و الذين تم اعتقالهم دون الأخرين، كل هذه القضايا كانت تجري تحت نظر و مباركة جهاز المخابرات الأماراتي الذي يديره في الخرطوم سفير الأمارات، و عندما تعقدت عملية الوصول إلي تسليم السلطة للمجموعة المطلوبة، جاءت فكرة الانقلاب العسكري، منذ فبراير عندما ذهب حميدتي إلي الأمارات و رجع للخرطوم كان مقتنعا بفكرة الانقلاب و استلام السلطة، حيث بدأت قيادة المليشيا نقل قوات كبيرة العدد و المعدات للخرطوم، و منذ الحظات الأولى فشل الانقلاب عندما فشلت مليشيا الدعم في عملية إغتيال رئيس مجلس السيادة، الأمر الذي أضطر حميدتي بدلا أن يذهب لهيئة الإذاعة و التلفزيون معه عدد من السياسيين الداعمين للعملية ظهر منفعلا يصرخ لابد من قتل البرهان أو القبض عليه لتقديمه للمحاكمة. هذا الصراخ وحده كان كافي يؤكد أن المحاولة الانقلابية سقطت. و كان أغلبية الداعمين لها في الداخل و الخارج مقتنعين أن العملية مخطط لها تخطيطا مدقن و أن القوات الموجودة في الخرطوم قادرة على أن تعتقل كل القيادات العظيمة داخل الجيش. ظل البرهان باقي رغم الانتقادات التي توجه له بسبب دعمه السابق للمليشيا و غاب حميدتي من المشهد، و ظلت الأمارات تحرك دماها من وراء جدار.
أقتنعت الأمارات أن خططها في استلام السلطة في الخرطوم قد فشلت تماما، و بالتالي لابد لها أن تبحث عن بدائل أخرى يجعلها لا تخسر كل ما خططت له، لذلك جاءت فكرة أنقاذ المليشيا من خلال الدعوة لتفاوض بين الجانبين، و نبذ العنف، كانت الأمارت مقتنعة؛ أنه من خلال التفاوض سوف تقنع حميدتي أن يخرج من الخرطوم لكي يسمح لقواته بالتواجد في كل من كردفان و دارفور، على أن تكون قواته مسؤولة عن أمن كردفان و دارفور، إلي جانب السماح له أن ينقل كل أمواله و استثماراته إلي المنطقتين كردفان و دارفور، حتى يستطيع أن يكون قوات جديدة بمعدات عسكرية تفوق قوات الجيش. و تدعم سيطرته بقوات فاغنر. هذه الرؤية هي التي جعلت الأمارات تدعو محمد ادريس ديبي رئيس تشاد الانتقالي إلي أبوظبي، و إقناعه إذا حدث الاتفاق عبر التفاوض بين الجيش و مليشيا الدعم أن يسمح لعرب تشاد بالذهاب للسودان، و ذهابهم سوف يؤمن موقفه في السلطة و حكم تشاد، كما يجب عليه أن يسمح لقوات فاغنر على الحركة، و هؤلاء سوف يكونوا داعمين و ليس مهددين للسلطة في تشاد، و أيضا أن المعارضة التشادية سوف تغير موقفها لأنها سوف تجد مصالح في السودان. بعد زيارة ديبي إلي أبوظبي سافر محمد بن زايد إلي روسيا باعتبار أنه مدعو للقمة الاقتصادية في بطرسبرغ. لكن سبب الزيارة الحديث حول الاستثمارات في الذهب و اليورانيم في منطقتي دارفور و كردفان إلي جانب الدول الأخرى التي تحادد السودان تشاد و ليبيا و إفريقيا الوسطى، و رؤيته لبوتين يجب أن تكون فاغنر تحت غطاء السلطة الروسية مباشرة، خاصة أن الاستثمارات كبيرة و تحتاج لحماية من دولة ذات قوى باطشة، و بالفعل بدأ الضغط على فاغنر أن يوقعوا عقودا مع وزارة الدفاع الأمر الذي رفضه رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين. و بدأت بالفعل مليشيا الدعم أن تهيء الملعب لمبارة أخرى بدأ يدفع ثمنها الباهظ أبناء كتم و الجنينة و أخيرا زالنجي. هذا المخطط وصل إلي مسامع عبد العزيز الحلو لذلك يريد أن يدخل في أي عملية تفاوضية قادمة لكي يؤمن أيضا مصالح حركته. و عبد العزيز تكون وصلته هذا المخطط من قبل استخبارات دولة داعمة له.
بدأت عناصر من المليشيا و الدولة التي تدعمهم منذ الشهر الأول في الحرب الاتصال بعدد من قيادات الدول الأفريقية و منظمة الإيغاد، لكي يضغطوا على قيادة القوات المسلحة حتى ترضخ لدعوة وقف الحرب، و الجلوس للتفاوض مع مليشيا الدعم السريع، و رفض قيادات الجيش جعلت الأمارات من خلال بيادقها في المنظمات الأفريقية يهددون بأنهم سوف يجعلون الخرطوم منطقة منزوعة السلاح. حيث المال في أفريقيا أداة قوية لتغيير القناعات و حتى الصداقات بين الدول. و تشير الدلائل أنها استطاعت أن تدفع للمليشيا لكي تشترى العديد من الناشطين في الخارج لمساندة المليشيا و الوقوف ضد القوات المسلحة. إلي جانب العديد من القنوات لكي تسهم في احباط المواطنين حتى لا يدعموا الجيش، و عدد من القنوات الذين غير شعارات جمعة الغضب من رفضهم للهدنة المرفوعة و مكتوبة في شعاراتهم و ظاهرة للمشاهدين قلبتها أنهم يريددون لوقف الحرب.
لكن الذي لم تفطن له الامارات أن المليشيا بدأت تخسر منذ صدور تقرير شبكة ( CNN) الذي أعدته الصحفية المهنية السودانية في الشبكة نعمة الباقر أحمد عبد الله، و التي لفتت العالم للانتهاكات التي تقوم بها المليشيا، و ممارساتها من أجل السرقة و الاغتصاب و ترويع المواطنين و التطهير العرقي الذي يتم في دارفور، حيث بدأت الإدانات تصدر من المنظمات و بعض الدول أولها وزارة الخارجية الأمريكية، هذا التقرير قد كشف المستور و جعل دول الغرب في مواجهة مع شعوبهم. أن موسكو التي كانت تبحث لها عن تمويل يعوضها عن الحظر الاقتصادي المفروض من دول الغرب، و جب عليها أن تبحث عن استثمارات برضى الدولة و أهلها و ليست سرقة الدولة من خلال مليشيات، أن الإحراج الذي أحدثته فاغنر للرئيس بوتين كبير، كانت تريد أن تحدث حربا أهلية تعرض سلطته للخطر، في الوقت الذي تحارب فيه روسيا الغرب من خلال حربها ضد اوكرانيا. هذه دولة الأمارات التي تبحث عن مصالحها من وراء الشعوب، و التعامل مع قيادات خائنة لدولها، أول من يسئهم هي الأمارات نفسها، و الذي يبيع وطنه من اجل حفنة من الأموال لا يؤتمن على شيء. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
///////////////////
عندما أصرت كل من المملكة العربية السعودية و دولة الأمارات أن تتدخلا بصورة مباشرة في الخلافات الحادثة في اليمن لصالح مجموعة بعينها دون الأخريات، و كانتا تخافان من سلطة الحوثيين، و تريدان أن توقفا انتصار الحوثيين الذي سوف يجعل إيران في حديقتيهما الخلفية، باعتبار التواجد الشيعي الكبير في السعودية و الأمارات، و طالبت الدولتان مدد عسكري من الدول العربية و الإسلامية و لكن وجدتا دعما معنويا دون مشاركة عسكرية، السودان بسبب أزمته الاقتصادية في ذالك الوقت بات السودان هو الدولة الوحيدة التي شاركت بمقاتلين يتراوح عددهم بين 18 ألي 25 ألف مقاتل تحت راية القوات المسلحة، لكن 80% من هؤلاء المقاتلين استطاع أن يوفرهم محمد حمدان دقلو ( حميدتي) قائد مليشيا الدعم السريع، منذ ذلك الوقت أصبحت هناك علاقة وطيدة بين حميدتي و صناع القرار في أبوظبي و خاصة جهاز مخابراتها، الأمر الذي جعل جهاز المخابرات الأماراتي يتعاقد مع حميدتي لكي يقوم بإرسال مقاتلين إلي ليبيا لكي يقاتلوا مع قوات حفتر التي كانت مدعومة من دولة الأمارات. و هذا التعاقد كان خارج دائرة القوات المسلحة كمؤسسة لكن معلوم كانت هناك قيادات عسكرية مشاركة في العملية.
و بالفعل أرسل حميدتي قوات كبيرة العدد إلي ليبيا و استطاع أن يجند هؤلاء من عرب عدة دول ( تشاد – أفريقيا الوسطى – النيجر و مالي) ثم أشارت إلي حميدتي أن يستثمر أمواله في التنقيب عن الذهب و بيعه إلي الأمارات، و استطاع أن يدعم عمليات التنقيب في تشاد و أفريقيا الوسطى و النيجر. و أصبحت الأمارات تستقبل كميات كبيرة من الذهب. تقول الإحصائية أن الذهب الذي تم بيعه في دولة الأمارات من الاراضي السودانية وحدها يقدر بأكثر من 290 طن تقدر 16.3 مليار دولار أمريكي، و تصنع هذا الذهب في أسواق الأمارات كان عائد الربح في المشغولات الذهبية تقدر 4.2 مليار دولار، هذا خلاف الربح من خام الذهب. هذا الدخل الكبير الذي دخل ميزانية الدولة تريد الأمارات أن تزيده من خلال استثمارات أخرى خارج دائرة الدولة السودانية. هذا الكسب من ثروات السودان، إلي جانب الأبحاث و الدراسات التي تقدر أن الطاقة الحفورية سوف يقل الطلب عليها بعد عام 2043م حيث لا يتجاوز الطلب عليها 23% من مجموع الطاقة المطلوب في العالم، لذلك بدأت دولة الأمارات البحث عن بدائل لها، و أولها الاستثمار خارج الأمارات. و من هنا جاءت فكرة دعم مليشيا الدعم السريع، باعتبار أن الثروات في السودان ماتزال بكر.
أن انحياز مليشيا الدعم السريع لثورة ديسمبر 2018م لم تكن قناعة شخصية لقائد مليشيا الدعم السريع، أن يصبح بين يوم و ليلة من قوة قامعة للشعب إلي قوة داعمة للثورة، بل الأمارات هي التي أقنعته أن يدعم الثورة للتخلص من حكم الإنقاذ، و شاركت بفاعلية في إسقاط النظام و طلبت من رجال الاعمال الذين لهم علاقات بها دعم الاعتصام، ثم بعد 11 بريل 2019م بدأ اتصالها مع عدد من القيادات السياسية حتى لا تقدم الثورة على اختيار قيادات تقف ضد أطماع دولة الأمارات في ثروات البلاد، و استطاعت أن تمد أنفها بقوة في الوسط السياسي، و في ذات الوقت أقنعت البرهان أن حميدتي يمثل يده اليمنى في البلاد، الأمر الذي جعل البرهان يثق ثقة عمياء في حميدتي و انجز له كل مطالبه التي قدمها الغاء المادة الخامسة من قانون الدعم السريع الذي فتح الباب على مصرعيه في عمليات التجنيد، حل جهاز العمليات التابع لقوات الأمن و المخابرات، أن تكون مليشيا الدعم هي الحارس لكل المؤسسات الدستورية و الاستراتيجية، أن تكون له علاقات بالخارج دون علم مؤسسات الدولة، حتى أصبح يتعاقد لشراء السلاح مع دول خارجية. أصبحت المليشيا دولة داخل الدولة. ثم بدأت عملية الانفتاح على الإدارات الأهلية و الطرق الصوفية و شراء عربات الدفع الروباعي لهم جميعا، و أيضا تم شراء صحف، و غيرها كل هذه الأشياء تمت بمراقبة و دعم من دولة الأمارات العربية.
بدأت عملية الحل السياسي و إرجاع القوى المدنية بعد انقلاب 25 إكتوبر، بعد إقناع الولايات المتحدة و بريطانيا أن الحل السياسي يجب أن يكون هدفه إرجاع القوى السياسية التي وقع عليها الانقلاب، و الذين تم اعتقالهم دون الأخرين، كل هذه القضايا كانت تجري تحت نظر و مباركة جهاز المخابرات الأماراتي الذي يديره في الخرطوم سفير الأمارات، و عندما تعقدت عملية الوصول إلي تسليم السلطة للمجموعة المطلوبة، جاءت فكرة الانقلاب العسكري، منذ فبراير عندما ذهب حميدتي إلي الأمارات و رجع للخرطوم كان مقتنعا بفكرة الانقلاب و استلام السلطة، حيث بدأت قيادة المليشيا نقل قوات كبيرة العدد و المعدات للخرطوم، و منذ الحظات الأولى فشل الانقلاب عندما فشلت مليشيا الدعم في عملية إغتيال رئيس مجلس السيادة، الأمر الذي أضطر حميدتي بدلا أن يذهب لهيئة الإذاعة و التلفزيون معه عدد من السياسيين الداعمين للعملية ظهر منفعلا يصرخ لابد من قتل البرهان أو القبض عليه لتقديمه للمحاكمة. هذا الصراخ وحده كان كافي يؤكد أن المحاولة الانقلابية سقطت. و كان أغلبية الداعمين لها في الداخل و الخارج مقتنعين أن العملية مخطط لها تخطيطا مدقن و أن القوات الموجودة في الخرطوم قادرة على أن تعتقل كل القيادات العظيمة داخل الجيش. ظل البرهان باقي رغم الانتقادات التي توجه له بسبب دعمه السابق للمليشيا و غاب حميدتي من المشهد، و ظلت الأمارات تحرك دماها من وراء جدار.
أقتنعت الأمارات أن خططها في استلام السلطة في الخرطوم قد فشلت تماما، و بالتالي لابد لها أن تبحث عن بدائل أخرى يجعلها لا تخسر كل ما خططت له، لذلك جاءت فكرة أنقاذ المليشيا من خلال الدعوة لتفاوض بين الجانبين، و نبذ العنف، كانت الأمارت مقتنعة؛ أنه من خلال التفاوض سوف تقنع حميدتي أن يخرج من الخرطوم لكي يسمح لقواته بالتواجد في كل من كردفان و دارفور، على أن تكون قواته مسؤولة عن أمن كردفان و دارفور، إلي جانب السماح له أن ينقل كل أمواله و استثماراته إلي المنطقتين كردفان و دارفور، حتى يستطيع أن يكون قوات جديدة بمعدات عسكرية تفوق قوات الجيش. و تدعم سيطرته بقوات فاغنر. هذه الرؤية هي التي جعلت الأمارات تدعو محمد ادريس ديبي رئيس تشاد الانتقالي إلي أبوظبي، و إقناعه إذا حدث الاتفاق عبر التفاوض بين الجيش و مليشيا الدعم أن يسمح لعرب تشاد بالذهاب للسودان، و ذهابهم سوف يؤمن موقفه في السلطة و حكم تشاد، كما يجب عليه أن يسمح لقوات فاغنر على الحركة، و هؤلاء سوف يكونوا داعمين و ليس مهددين للسلطة في تشاد، و أيضا أن المعارضة التشادية سوف تغير موقفها لأنها سوف تجد مصالح في السودان. بعد زيارة ديبي إلي أبوظبي سافر محمد بن زايد إلي روسيا باعتبار أنه مدعو للقمة الاقتصادية في بطرسبرغ. لكن سبب الزيارة الحديث حول الاستثمارات في الذهب و اليورانيم في منطقتي دارفور و كردفان إلي جانب الدول الأخرى التي تحادد السودان تشاد و ليبيا و إفريقيا الوسطى، و رؤيته لبوتين يجب أن تكون فاغنر تحت غطاء السلطة الروسية مباشرة، خاصة أن الاستثمارات كبيرة و تحتاج لحماية من دولة ذات قوى باطشة، و بالفعل بدأ الضغط على فاغنر أن يوقعوا عقودا مع وزارة الدفاع الأمر الذي رفضه رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين. و بدأت بالفعل مليشيا الدعم أن تهيء الملعب لمبارة أخرى بدأ يدفع ثمنها الباهظ أبناء كتم و الجنينة و أخيرا زالنجي. هذا المخطط وصل إلي مسامع عبد العزيز الحلو لذلك يريد أن يدخل في أي عملية تفاوضية قادمة لكي يؤمن أيضا مصالح حركته. و عبد العزيز تكون وصلته هذا المخطط من قبل استخبارات دولة داعمة له.
بدأت عناصر من المليشيا و الدولة التي تدعمهم منذ الشهر الأول في الحرب الاتصال بعدد من قيادات الدول الأفريقية و منظمة الإيغاد، لكي يضغطوا على قيادة القوات المسلحة حتى ترضخ لدعوة وقف الحرب، و الجلوس للتفاوض مع مليشيا الدعم السريع، و رفض قيادات الجيش جعلت الأمارات من خلال بيادقها في المنظمات الأفريقية يهددون بأنهم سوف يجعلون الخرطوم منطقة منزوعة السلاح. حيث المال في أفريقيا أداة قوية لتغيير القناعات و حتى الصداقات بين الدول. و تشير الدلائل أنها استطاعت أن تدفع للمليشيا لكي تشترى العديد من الناشطين في الخارج لمساندة المليشيا و الوقوف ضد القوات المسلحة. إلي جانب العديد من القنوات لكي تسهم في احباط المواطنين حتى لا يدعموا الجيش، و عدد من القنوات الذين غير شعارات جمعة الغضب من رفضهم للهدنة المرفوعة و مكتوبة في شعاراتهم و ظاهرة للمشاهدين قلبتها أنهم يريددون لوقف الحرب.
لكن الذي لم تفطن له الامارات أن المليشيا بدأت تخسر منذ صدور تقرير شبكة ( CNN) الذي أعدته الصحفية المهنية السودانية في الشبكة نعمة الباقر أحمد عبد الله، و التي لفتت العالم للانتهاكات التي تقوم بها المليشيا، و ممارساتها من أجل السرقة و الاغتصاب و ترويع المواطنين و التطهير العرقي الذي يتم في دارفور، حيث بدأت الإدانات تصدر من المنظمات و بعض الدول أولها وزارة الخارجية الأمريكية، هذا التقرير قد كشف المستور و جعل دول الغرب في مواجهة مع شعوبهم. أن موسكو التي كانت تبحث لها عن تمويل يعوضها عن الحظر الاقتصادي المفروض من دول الغرب، و جب عليها أن تبحث عن استثمارات برضى الدولة و أهلها و ليست سرقة الدولة من خلال مليشيات، أن الإحراج الذي أحدثته فاغنر للرئيس بوتين كبير، كانت تريد أن تحدث حربا أهلية تعرض سلطته للخطر، في الوقت الذي تحارب فيه روسيا الغرب من خلال حربها ضد اوكرانيا. هذه دولة الأمارات التي تبحث عن مصالحها من وراء الشعوب، و التعامل مع قيادات خائنة لدولها، أول من يسئهم هي الأمارات نفسها، و الذي يبيع وطنه من اجل حفنة من الأموال لا يؤتمن على شيء. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com
///////////////////