الإمام الصادق المهدي … يعني الرئيس المصري السابق محمد مرسي

 


 

 

 


18/6/2019م

بسم الله الرحمن الرحيم
نعي أليم

توفى الرئيس المصري السابق الدكتور محمد مرسي أثناء محاكمته بصورة درامية هزت ضمير الأمة.
نحن في السودان لا نعتبر علاقاتنا بأهلنا في مصر علاقات مع جهة أجنبية، فما بيننا من أواصر الصلة لا يسمح لنا بذلك. إن العلاقة بين شعبينا متداخلة مع ما نراعي من ضوابط السيادة الوطنية.
كذلك نحن في السودان وقعنا ضحايا حركة انقلابية ذات مرجعية أخوانية فعلت ببلادنا الأفاعيل، وبنا ككيان سياسي، سلطت علينا أنواعاً من البطش.
مع ذلك لم نتعامل معهم بالمثل بل بالضوابط الإسلامية (لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰۖ)[1].
وعندما احتدم الاستقطاب السياسي في مصر أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي رحمه الله التقيناه في 2 مايو 2013م بعد أن التقينا خصومه السياسيين آنذاك، وطلبنا منه تجنباً للمواجهات المتوقعة: إلغاء الإعلان الدستوري الصادر في نوفمبر 2011م، وتعديل بعض نصوص الدستور المقترح التي تحفظ بسببها ممثلو مواطنين ذوي وزن اجتماعي معتبر، وتكوين حكومة ذات مشاركة عريضة؛ ومقابل ذلك تتصالح معهم جبهة الإنقاذ المعارضة. تقبل الاقتراحات بإيجابية ووعد باعتبارها ولكن قيادة الأخوان رفضت.
استدل بهذا الموقف على طبعه الخلوق واستعداده للتعامل الإيجابي مع الآخر.
إن للحركة الأخوانية وجوداً داخل مصر التي ولدت فيها، وخارجها وفيها تيارات أهمها تيار عبرت عنه الهيئة التشريعة للأخوان التي أجازت الاغتيالات ثأراً وأصدرت نداء الكنانة والمطالبة بالقصاص. عارض هذا النهج الأستاذ إبراهيم منيب نائب المرشد وأمين التنظيم الدولي فتخلى عن مطلب القصاص، ورفض العنف ضد الدولة، وشبه الداعين له بشباب محمد الذين خرجوا عن الشيخ حسن البنا باتهام تعاونه مع السلطة.
الحركة الأخوانية بل كافة الحركات ذات الاجتهاد الفكري لا يصلح التعامل معها بالنهج الأمني وحده، بل بالتصالح إن هي أبدت استعداداً لمراجعات تؤكد نبذ العنف، وقبول التعددية السياسية، والاحتكام الحر للديمقراطية كما فعلت حركات ذات مرجعية أخوانية في بلاد أخرى.
إن وفاة د. محمد مرسي في الظروف المأسوية سوف تؤدي لاستقطاب حاد، ولكن يمكن كذلك أن تؤدي لنهج تصالحي جديد، ففي كل أزمة فرصة. ويمكن لمنتدى الوسطية العالمي أن يحقق توسطاً في هذا المجال، كما سوف يسعى لوساطة لصلح سني شيعي، ولصلح بين دول مجلس التعاون الخليجي، ولصلح في اليمن، فهذه الخصومات وما يتبعها من حروب تؤذي أطرافها ويستغلها أعداء الأمة للنيل منها.
رحم الله د. محمد مرسي وأحسن عزاء أسرته وزملائه وكافة مؤيديه.
يا أهلنا في كل مكان: أعداء أمتنا يراهنون على استغلال خلافاتنا لتمزيق أمتنا، وواجبنا أن نتصدى لتلك الخلافات لإزالتها بالحزم والعزم وقاعدة إن (الصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ)[2].


________________________________________
[1] سورة المائدة الآية (8)
[2] سورة النساء الآية (128)

 

آراء