الإنتخابات في بيتنا!
27 September, 2009
الفاضل حسن عوض الله
سطر جديد
الإنتخابات القادمة والمرتقبة هي خامس تجربة إنتخابية ديمقراطية طوال ما يقارب ستين عاماً هي عمر دولة السودان المعاصر. كانت أول إنتخابات ديمقراطية في ديسمبر 1953م، ثم تلتها إنتخابات مارس 1958م ثم جاء العهد العسكري الأول بقيادة الفريق إبراهيم عبود ومكث في الحكم لست سنوات إلى أن أطيح به في ثورة أكتوبر 1964م والتي أعقبتها ثالث إنتخابات ديمقراطية في 1965م، وكانت التجربة الإنتخابية الرابعة والأخيرة في 1968م.
أن تولد في بيت يشتغل عائله بالسياسة فهذا يعني أن توطن نفسك منذ نعومة أظفارك على (عنت البيت السياسي) حين يصبح البيت والأب والأبناء ملكاً مشاعاً للناخبين والمواطنين.. لا يُغلق بابه المتواضع طوال الليل والنهار، وأن توطن نفسك أيضاً حتى وأنت طفل على ضريبة العمل السياسي من إعتقالات وسجون تطال رب الأسرة في مختلف الحقب العسكرية التي توالت على البلاد.
خاض والدي هذه الإنتخابات الأربع في دائرته الأثيرة وهي دائرة أمدرمان الغربية وفاز في المرات الأربع على رجال من خيرة أبناء هذا الوطن ظل يكن لهم وداً واحتراماً لا يتبدل. في إنتخابات 1953م كان منافسه السيد/ محمد صالح الشنقيطي ولعل النكتة التي راجت على لسان عمنا الشنقيطي تؤكد مناخ التسامح الذي كان يسود الأجواء السياسية في تلك الفترة. كان عمنا الشنقيطي (يعتب) عقب إنتهاء الإنتخابات جراء إصابته بالروماتيزم فسأله بعض أصحابه عن السبب فرد باسماً عليهم (كسرني باك الهلال).. في إشارة إلى أن والدي كان من مؤسسي نادي الهلال وعضواً في أول تيم له. وإنتخابات 58 خاضها في منافسة عمنا السيد/ ميرغني حمزة وكان عمي علي عوض الله متزوج من كريمة السيد ميرغني حمزة، إلا أن هذه العلاقة وتنافس الإنتخابات لم يولد أي حساسية بين الرجلين فظل والدي يجل السيد/ ميرغني حمزة ويستشيره في كثير من الأمور السياسية بما له من خبرة وفيرة في دنيا السياسة والتنمية الاقتصادية.
وفي إنتخابات 65 و 68 كان منافس والدي الأثير هو الأستاذ فاروق أبو عيسى مرشح الحزب الشيوعي إلى جانب أعمام أفاضل أذكر منهم العم حسن صبري والعم عوض الصائغ والأستاذ الشفيع إبراهيم سعيد مرشح جبهة الميثاق الإسلامي، وكانوا كلهم أول من يطرق باب المنزل للتهنئة عقب إعلان نتائج الإنتخابات.
هذه الخواطر جالت برأسي ونحن على أعتاب الإنتخابات القادمة.. خواطر تسمعت بعضها يُروى في ذلك البيت السياسي الذي ولدت فيه، إذ كانت الإنتخابات الأولى قبل مولدي وفي الثانية كنت طفلاً يحبو، وآمل بعد هذه السنوات الطوال أن نرى ذاك المناخ من التسامح السياسي يسود الإنتخابات المرتقبة.