الإنتخابات مصائر البلاد والعباد؟ …. بقلم: عادل الباز
25 October, 2009
التقى رئيس الحركة الشعبية السيد سلفاكير بالسيد أبيل ألير رئيس مفوضية الانتخابات الأسبوع الماضي. جاء اللقاء على خلفية الخطاب الذي بعث به رئيس حكومة الجنوب للمفوضية عقب إعلان ترسيم الدوائر. على أن التساؤلات التي ضجّت بذهني منذ إعلان هذا اللقاء وعقب تصريحات باقان أموم جديرة بطرحها للقُراء أملا في مفاكرتهم حول المأزق الذي نحن بصدده.
إذا ظلت الحركة على موقفها من الإحصاء وترسيم الدوائر فأي مستقبل ينتظر البلاد والعباد؟. موقف الحركة حتى الآن، الرفض الكامل للإحصاء السكاني باعتباره مزوّراً والدوائر التي بُنيت عليه، فما بُني على باطل فهو باطل!!.غالبا هذا الموقف سيؤكده اجتماع المكتب السياسي للحركة اليوم بجوبا. المؤتمر الوطني يؤكد أن هذا الإحصاء حق لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومن ثم الدوائر صحيحة مائة بالمائة!!. لاحل للمعضلة يلوح في الأفق. السيد أبيل ألير لايملك حلا يقدمه للنائب الأول مع كامل التقدير. من بأيديهما الحل هما الشريكان لا غيرهما. دعونا نتأمل السيناريو المتوقع إذا رفضت الحركة التراجع عن موقفها بعدم الاعتراف بالإحصاء والدوائر.
ستقوم الحركة بسحب كافة وزرائها من الوزارت التي يتولونها، إذ لايعقل أن يبقى الوزراء في كراسيهم يتفرّجون على انتخابات هم خارج خريطتها، كما أنهم مطالبون في النهاية أن يبصموا على نتائج انتخابات لايعترفون بها أصلا. ماسيترتب على هذا الموقف هو انهيار مايُسمى بحكومة الوحدة الوطنية من أساسها. انهيار حكومة الوحدة الوطنية يعني أن اتفاقية نيفاشا أصبحت جزءاً من الماضي. تقرير المصير لاسبيل إليه إلا عبر برلمان منتخَب. وبعدم اعتراف الحركة بالاستحقاق الانتخابي يصبح تقرير المصير في خبر كان!! ولا أعرف في أي فصل من كتابه (خيانة العهود والمواثيق) سيضع أبل ألير نيفاشا؟.
هكذا ستصبح البلاد في مهب الريح، وستنفتح وقتذاك على احتمالات شتّى. أولها أن يقرر الجنوبيون أصالة عن أنفسهم من داخل البرلمان استقلال الجنوب، وقد سبق أن أشاروا لهذا، وأكد باقان هذا الاحتمال في حال عدم الاتفاق على قانون الاستفتاء. وجاء الرد من الأمين السياسي للمؤتمر الوطني أن ذلك تمرد جديد يتم التعامل معه في حينه. ونتيجة لهذا الموقف أمام حكومة المؤتمر الوطني في الشمال طريقان: إما القبول بالأمر الواقع الذي يفرضه برلمان الجنوب ومن ثم العبور لمناقشة قضايا ما بعد استقلال الجنوب، أو الدخول في نيفاشا (2) لتجنيب البلاد والعباد شرور العودة للحرب. أما الطريق الآخر هو أن يقرر المؤتمر الوطني رفض استقلال الجنوب بتلك الطريقة، ومن ثم يمضي في تعبئة البلاد للحرب، لتدور رحاها مرة أخرى شمالا وجنوبا.
السؤال الذي صعد في ذهني مرة أخرى من أين سيموّل الشريكان حربهما القادمة؟. آبار البترول ستدمرها الحرب الثانية نهائيا ولن يستفيد منها أيّ منهما. للأسف لايملك الشريكان موراد أخرى سوى النفط لتمويل جيشيهما. الجنوب يعتمد في موازنته على النفط بنسبة مائة بالمائة، فيما يمثل النفط نسبة 90% من صادرات السودان كله و60% من الميزانية العامة. قد تطمع الحركة في تمويل أصدقائها بالخارج وهيهات!! فالأصدقاء الذين عجزوا عن تمويل برامج السلام هم أعجز من تمويل الحروب!! ثم إن الزمان غير، فلم يعد العالم مستعدا لتمويل الحروب وهو مأزوم اقتصاديا. تمويل الحرب في الجنوب يعني تداعي الأمن في كل الشمال اليوغندي والكنغو، باختصار يعني تفجير المنطقة كلها. العالم يرتعد من ظاهرة بوكو حرام في الغرب الأفريقي، فكم بوكو حرام ستولد في أحراش الجنوب الأفريقي إذا اندلعت النار هناك؟.
الحكومة في الشمال لن تجد مموّلا للحرب القادمة لأنها لم تجده أصلا في الحرب الماضية. الإقليم ليس مستعدا للحرب، والدول التي ترتبط سياستها بالغرب لن تقوى على بسط يدها بالدعم. للأسف ليس للحكومة موارد أخرى كافية لمواجهة حرب عصابات طويلة الأمد، خاصة وأن جبهة دارفور لاتزال مفتوحة. الحلفاء الذين تضررت مصالحهم، وتوقف ضخ نفطهم يرزحون تحت الضغط العالمي لن يجرأوا على تمويل تكاليف حرب لايعرف أحد متى ستنتهي. يا ترى كيف سيخرج الشريكان من هذا المأزق؟. سنحاول غداً بإذن الله أن نطرح بين أيديهما حلا رغم تمام علمنا أنهما لايستمعان لعدو أو صديق!! والله غالب.