ما إن تنتهي مفاوضات قطاع الشمال مع الحكومة السودانية إلا وتبدأ مفاوضات الشمال والجنوب، أو على الأقل ورشة "قصيرة ونشيطة" لمصطلحات ترسيم الحدود، وما إن تنتهي إلا وتبدأ مفاوضات الجنوب مع الجنوب، ويضاف إلى كل هذا لجنة "7+7"، المولود شبه الدستوري الجديد.
وربما تنشأ آلية "1+1+1"، في جنوب السودان وهي المكونة من سلفاكير ورياك مشار وممثل الإيقاد، أو أي آلية إنتقالية أخرى أو أن يكون هنالك مسار سياسي مواز وجديد في أديس أببا... مثلما ظهر مصطلح جديد وهو "ممثل المعتقلين" السيد باقان أموم... يوما ما يمكن أن يظهر مصطلح "الذين تم استدعاؤهم" ويكون لهم شراكة في السلطة وموقع وزير دولة وثلاثة معتمدين ونسبة في النفط والذهب والمنجنيز!
على مدار العام سيكون الشأن السوداني متوفرا وموجودا في أديس أبابا مع بعض العطلات، وهذه العطلات ستكون في مواقيت القمم الأفريقية والإيقاد وملتقيات الوزراء واجتماعات مجلس السلم والأمن الأفريقي ... ولكن عفوا ... السودان وجنوب السودان بند ثابت في كل هذه الاجتماعات وربما يكون هنالك ممثلون ووفود من كل الأطراف.
لقد حرص السودان وجنوب السودان على "أفرقة" الوساطة و"أقلمة" الحلول، وهذا توجه أفريقي عام ويعتبر ترياقا مضادا للتدويل والعولمة أو بالأحرى إخضاع سيادة الدول الافريقية لمجلس الأمن والمعسكر الغربي ... ولكن بالمقابل انتقم المعسكر الغربي وبالتحديد أمريكا من هذا التمرد الأفريقي السياسي بإطالة أمد الصراعات العسكرية والمشكلات الإنسانية ... وإشعالها من على البعد ورفع السقف كلما حدثت تسوية ... او كما قال الرئيس البشير في سياق العلاقات السودانية الأمريكية، تغيير قوائم المرمى كلما اقتربت الأطراف من إحراز هدف.
ما إن تم توقيع ميشاكوس إلا وأخذت قضية دارفور مسارها المرسوم، وعندما تم توقيع نيفاشا كانت الأزمة في أوجها، وعندما اقترب تقرير المصير كانت قضية الجنائية كرت ضغط لتحديد مرشح الرئاسة السوداني وقد كانت هنالك ملامح تسوية ترمي للقدوم بشخصيات محددة ومطلوبة لهذا الموقع ..!
جنوب السودان يسلك الآن ذات المسار، صدقوني ما إن تمضي التسوية بين سلفاكير ورياك مشار للأمام إلا ويتم وضع السيف على رقبتيهما لإبعادهما من الرئاسة والقدوم بمن تريد أمريكا، وإذا رفضا، يبقى السيف مسلطا والمسدس محشوا بالرصاص ومصوبا نحو الرأس ... وأن يستمروا في الحكم تحت الضغوط!
الإحتلال يا سادتي لم يعد بالجيش، إنما بـ "المباعيث" على وزن "بعاعيت"، وبالقرارات الأممية، وبإشعال الحروب بالوكالة وتضخيمها إعلاميا وترتيب عقوبات دولية عليها معلنة وغير معلنة ..!
الإحتلال لم يعد "نشيدا وطنيا إنجليزيا" أو "فرنسيا" يردده التلاميذ في طابور الصباح في مدارسهم، الإحتلال صار ورش عمل وسمنارات ومؤتمرات ومهرجانات وإعلانات ومواثيق وتوصيات يذهب لها الوزراء والمستوزرون والسفراء و"المستسفرون"، ويرددون ما يؤمرون بترديده في المنابر وعلى شاشات التلفاز ... "حكومة كانوا أم معارضة"، ثم يعودون لبلدانهم بصالات كبار الزوار "حكومة كانوا أم معارضة" ... لتوقيع إتفاقيات وتبادل ورديات الحكم والمعارضة..!
الاحتلال ... انشقاقات حزبية، وتصدعات جهوية، وعقوبات اقتصادية لا تُبقي ولا تذر ...!
الاحتلال قد يمثله بعض أركان الأنظمة "الشرعية" والاحتلال أحيانا "ثورة" و "تحرير" ... وأحيانا "تغيير" ومرة مرة "إصلاح"، هنالك بضاعة مضروبة كثيرة في السوق ..!
makkimag@gmail.com
/////////